مطالبات بالاهتمام بحصون مصر الأثرية على شاطئ البحر المتوسط

بعد انتهاء أزمة «طابية الدخيلة» في الإسكندرية

إعادة المدافع إلى طابية الدخيلة بعد هدم أجزاء منها (الباحث وائل عزب)
إعادة المدافع إلى طابية الدخيلة بعد هدم أجزاء منها (الباحث وائل عزب)
TT

مطالبات بالاهتمام بحصون مصر الأثرية على شاطئ البحر المتوسط

إعادة المدافع إلى طابية الدخيلة بعد هدم أجزاء منها (الباحث وائل عزب)
إعادة المدافع إلى طابية الدخيلة بعد هدم أجزاء منها (الباحث وائل عزب)

سرعان ما تحوّل خبر هدم «طابية الدخيلة» الأثرية في محافظة الإسكندرية (شمال مصر) إلى دعوة لقراءة وحصر تاريخ الحصون و«الطوابي» الأثرية التي تمتد على شاطئ البحر المتوسط، وهي دعوة وجدت صداها بشكل واسع على صفحات المهتمين بالآثار على مواقع «التواصل» التي تابعت توابع خبر هدم طابية الدخيلة، وصولاً لتواصل مسؤولين من وزارة السياحة والآثار، في محاولة لاستيعاب الأزمة.

وقام وائل عزب، الباحث المهتم بالتاريخ السكندري، بتخصيص منشور على صفحته الشخصية على «فيسبوك»، يؤكد فيه تواصل مسؤولين من وزارة الآثار معه بعد نشره لاستغاثة عبر صفحته تفيد بهدم أجزاء من طابية الدخيلة ونقل مدفعين منها، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط»: «بعد التفاعل الكبير مع صور هدم الطابية التي نشرتها عبر مواقع التواصل، تمت الاستجابة بإعادة مدافع الطابية إلى أماكنها، مع إلزام هيئة ميناء الإسكندرية بترميم ما هدم من الطابية، وهي تحديداً أجزاء (المراية - ومحراب مسجد الطابية)، كما تم الالتزام بترميم مبنى الطابية الذي يقع على البحر».

وكانت منطقة آثار الإسكندرية قد قامت بنقل مدفعين أثريّين، الأربعاء، من منطقة الدخيلة (غرب الإسكندرية) إلى منطقة كوم الناضورة الأثرية، ويزن كل مدفع منهما 9 أطنان تقريباً.

طابية الدخيلة في أثناء هدم أجزاء منها (صفحة الباحث وائل عزب على فيسبوك)

ويقول وائل عزب إن عدد الطوابي التي تم تسجيلها في مدينة الإسكندرية، وفقاً للوثائق، هو نحو 25 طابية، ويضيف: «ما تبقى منها حتى الآن سبع طوابٍ؛ منها طابية (باب شرق)، وطابية (قايتباي)، و(المرابطة) بسيدي محمد العجمي، وهي التي نزل بها نابليون بونابرت خلال حملته على مصر، ومن بعده فريزر، وهناك طابية (النحاسين)، وطابية (أم غبيبة)، وطابية (صالح)، إلى جانب طابية (الدخيلة) التي تم إنقاذ هيكلها الرئيسي بعد القيام بهدم أجزاء منها، فقد تم هدم المراية، ومحراب جامع الطابية وخندق أسفلها».

مؤكداً أن «الجزء الأساسي من الطابية موجود على البحر، وهو ما أنقذناه بسبب حملة السوشيال ميديا؛ إذ يوجد جزء من الارتباط النفسي بطابية (الدخيلة)، فهي تقع على البحر في مكان يعدّ متنفساً للمواطنين البسطاء بجوار حي المكس».

يضيف الباحث السكندري: «جميع تلك الطابيات مسجلة بوصفها آثاراً منذ عام 1968، ينتمي بعضها للعصر المملوكي، وبعضها تم تجديده في العصر العثماني، أو تم إنشاؤه في هذا العصر، وأحدثها يعود إلى عام 1840؛ أي ما يقدر بـ200 سنة».

ويشير إلى أن حركة الاهتمام بالاعتداء على طابية «الدخيلة» كشفت مدى «اهتمام الناس برصد تاريخ الإسكندرية المهمل، لا سيما أن طبيعة المدينة الساحلية تجعل هناك احتياجاً باستمرار لترميمها والاهتمام بها، وهناك طابيات مهملة تماماً على طول شاطئ البحر المتوسط، وبدأ مواطنون عاديون بتصوير طابيات منها ونشر صورها، أملاً في الالتفات إليها».

ويلفت الدكتور زياد مرسي، المحاضر الزائر في قسم الآثار بجامعة الإسكندرية وعضو لجنة التراث في محافظة الإسكندرية، إلى أن جزءاً من أزمة إهمال الحصون والطابيات على ساحل البحر المتوسط هو أنها «مُوزعة بين عدة جهات، منها وزارة السياحة والآثار والهيئات العمرانية المختلفة؛ فهناك طوابٍ تحولت من الجيش الملكي بعد ثورة 1952 لمعسكرات تدريب مثلاً، ومنها ما أزيل من أجل القيام بتوسعات، وهناك عدد كبير منها مهجور من منطقة أبو قير (غرباً) وحتى محافظة دمياط (شرقاً).

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد طابية معروفة باسم طابية (عرابي)، وهي عبارة عن مخزن مهجور وورشة للمراكب، وبعضها غير مُسجل، ولا أحد يعرف عنها شيئاً، وحتى المُسجل منها يُعامَل بإهمال، فلا تجاورها مثلاً يافطة تشير إلى أنها أثر مسجل، أو بها حراسة، أو سور».

مطالبات بالاهتمام بطوابي وحصون مصر الأثرية على البحر المتوسط ( صفحة الباحث وائل عزب على فيسبوك)

«الطوابي حصون دفاعية بُنيت لتضم أبراج رصد لصدّ أي تدخل لعدو على خط الساحل ومراقبة المراكب، لذلك فقيمتها التاريخية مهمة للغاية»، وفق مرسي الذي يشير إلى أنه «منذ تداول خبر هدم أجزاء من طابية الدخيلة، وهناك حركة من الأسئلة وتبادل المعرفة حول حصون مصر الأثرية تنتعش عبر الصفحات المهتمة بالتوعية الأثرية، وأعتقد أن هذا الحراك بدأ ينمو منذ فترة مع الاهتمام بالجولات الإرشادية داخل المجتمع السكندري التي تشمل جولات في المناطق التاريخية، ما جعل الناس تدرك أنها مُحاطة بأماكن ذات قيمة كبيرة، وتلك الجهود يقودها متخصصون وهواة ومهتمون بالتاريخ».

إعادة المدافع إلى طابية الدخيلة بعد هدم أجزاء منها (الباحث وائل عزب)

ويطالب مرسي بـ«تكوين فرق عمل تتشكل من أثريين ومعماريين ومتخصصين في الترميم لتوثيق تلك الطوابي وحصرها»، لافتاً إلى «قرب إصدار كتاب جديد يتناول تاريخ طوابي الإسكندرية العثمانية للباحثة الفرنسية كاترين ماخينيك سيصدر عن (مركز الدراسات السكندرية)».


مقالات ذات صلة

«وسام فلسطين» لرئيس «الآثاريين العرب»

يوميات الشرق الدكتور محمد الكحلاوي يتسلم نجمة الاستحقاق الفلسطينية من السفير دياب اللوح (اتحاد الآثاريين العرب)

«وسام فلسطين» لرئيس «الآثاريين العرب»

منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، نجمة الاستحقاق ووسام دولة فلسطين للدكتور محمد الكحلاوي، رئيس المجلس العربي للآثاريين العرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الكشف الأثري في جبَّانة أسوان بجوار ضريح الأغاخان (وزارة السياحة والآثار)

جبَّانة أسوان ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية عالمياً في 2024

جاءت جبَّانة أسوان الأثرية المكتشفة بمحيط ضريح الأغاخان في مدينة أسوان (جنوب مصر) ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق واجه الآثاريون مشاقَّ في الوصول إليها والتنقيب في أسرارها وفك رموزها (واس)

مدوَّنة سعودية لحفظ تراث 14 قرناً من نقوش الجزيرة العربية

بعد أن بقيت النقوش القديمة محفوظة على الصخور وبطون الأودية في الجزيرة العربية أضحت تلك الكنوز التاريخية متاحة من خلال مدونة لغوية أطلقتها السعودية للوصول إليها.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)

«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

مسيرة مهنية فذّة للبروفيسور سعد الراشد في مجال الآثار ودراسات الحضارة والنقوش في الجزيرة العربية انطلاقاً من جوهرة أعماله في استكشاف طريق الحج من الكوفة إلى مكة

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض «حضارة مصر القديمة» في الصين يتجاوز المليون زائر

حققت المعارض الأثرية التي تقيمها مصر مؤقتاً في الخارج أرقاماً «قياسية» خلال العام الماضي 2024، وفق ما أعلنته وزارة السياحة والآثار.

محمد الكفراوي (القاهرة )

12 ألف «إسترليني» لكفيف جُرحت مشاعره بطرده من عمله

المخبز دفع الثمن (مواقع التواصل)
المخبز دفع الثمن (مواقع التواصل)
TT

12 ألف «إسترليني» لكفيف جُرحت مشاعره بطرده من عمله

المخبز دفع الثمن (مواقع التواصل)
المخبز دفع الثمن (مواقع التواصل)

نال رجلٌ كفيف كان قد أُقيل خلال مدة الاختبار في مخبز، وسط مزاعم بأنه ارتكب أخطاء، مبلغَ 18 ألفاً و500 جنيه إسترليني؛ منها 12 ألفاً بسبب جرح مشاعره. ووفق «بي بي سي»، فقد خلُصت «محكمة العمل» إلى أنّ مخبز القرية في كودبوث، بمقاطعة ريكشام، لم يبذل جهداً كافياً لاستيعاب إيان ستانلي؛ ففُصل بعد 6 أسابيع من مدة الاختبار الأولية التي تستمرّ 3 أشهر. وزعمت الشركة، التي تُشَغِّل 170 موظّفاً في المخبز، أنّ السبب هو الصحة والسلامة، وأن الإنتاج قد تأثّر، وسط خطر حدوث أضرار للآلات.

وأيَّدت القاضية، ريان بريس، ادّعاء ستانلي الذي سُجِّل كفيفاً وشُخِّص بـ«متلازمة باردت بيدل» عام 2010، بأنه تلقّى «معاملة غير مؤاتية» في طرده من عمله بسبب إعاقته، بعدما عمل في مصنع لمدة 18 عاماً قبل أن يقبله مخبز القرية. وإذ استمعت المحكمة إلى رؤسائه، وهم يعلمون بأمر إعاقته، قال مدير النوبة الليلية، كيفن جونز، إنه تلقّى تقارير بأنّ ستانلي كان يرتكب أخطاء تشمل تحطيم رفوف الخبز في الآلات، وإسقاط الأرغفة، وعدم تنظيف الصواني بشكل صحيح. وقد كُلِّف بمَهمَّات مختلفة، منها قياس درجة حرارة الخبز، لكنه واجه صعوبة في قراءة مقياس الحرارة. كما واجه مشكلات في استخدام لوحة مفاتيح صغيرة للدخول.

ووجدت المحكمة أنه كان ينبغي منحه مزيداً من الوقت لمعرفة مُخطَّط المصنع والإجراءات الأخرى. أما القاضية بريس، فقالت: «خلصنا إلى أنّ مَنْح المدعي مزيداً من الوقت للتعرُّف إلى العمليات والناس وبيئة المصنع، أمكن أن يصبح خطوة عملية فعالة».

بدوره، قال مدير مخبز كودبوث، توم بريز، إنّ الشركة لا تستطيع توظيف شخص بصفة خاصة لمساعدة ستانلي حتى على المدى القصير. ورفضت المحكمة هذا الرد. كما رفضت الحجة القائلة إنّ مسائل الصحة والسلامة من العوامل المهمّة في هذه القضية؛ لأنه سُمح لستانلي بمواصلة العمل 6 أسابيع من دون إجراء تقويم للصحة والسلامة.