حذَّرت أبحاث كثيرة من تناول الطعام خلال مشاهدة التلفزيون، مشيرة إلى أن هذا التصرف يضر بالصحة؛ حيث يدفع الأشخاص لتناول الأطعمة غير الصحية والسكريات، وذلك خلال جلوسهم لفترة طويلة دون أي حركة أو نشاط.
ولكن ماذا لو اختار الشخص تناول أطعمة صحية، مثل الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة خلال مشاهدة التلفزيون؟ هل سيجنبه ذلك الضرر الصحي الذي لطالما ربطه العلماء بتناول الطعام أمام الشاشات؟ هذا ما أوضحه تقرير جديد لشبكة «بي بي سي» البريطانية.
وأشار التقرير إلى أن الدراسات السابقة أظهرت أن تناول الطعام خلال مشاهدة التلفزيون ليس جيداً لنا، بغض النظر عما نأكله. ويرجع السبب في ذلك إلى ما يلي:
قلة الحركة وكمية الطعام
هناك كثير من الأبحاث التي تُظهر وجود صلة بين مشاهدة التلفزيون وارتفاع خطر الإصابة بالسمنة، ويرجع ذلك إلى حد بعيد إلى طول مدة الجلوس أمامه، وقلة الحركة، وانخفاض حرق السعرات.
ولكن مشاهدة التلفزيون قد تؤثر أيضاً على كمية الطعام التي نتناولها. وتقول مونيك ألبلاس، الأستاذة المساعدة في علوم الاتصال بجامعة أمستردام، إن التشتت هو من النظريات الرائدة وراء سبب تناولنا مزيداً من الطعام خلال مشاهدة التلفزيون.
قد يكون هذا لأنه عندما ننجذب إلى حبكة مثيرة، لا ندرك الإشارات الجسدية التي تخبرنا أننا ممتلئون، مما قد يؤدي إلى إفراطنا في تناول الطعام دون أن ندري.
وهناك أيضاً بحث يشير إلى أننا لا نتذكر ما تناولناه عندما نستهلك الطعام أمام التلفزيون، ونكافح لتقدير الكمية التي تناولناها بدقة، مما قد يعني أننا نأكل أكثر لاحقاً.
ووجدت دراسة أجرتها ألبلاس أن الناس يقضون وقتاً أطول في تناول الطعام عندما يفعلون ذلك خلال مشاهدة التلفزيون.
تشتت الانتباه
هناك سبب آخر قد يجعلنا نأكل أكثر خلال مشاهدة التلفزيون، وهو أن مذاق الطعام قد يكون مختلفاً عندما لا نولي كثيراً من الاهتمام لما نأكله.
ويقول فلور فان مير، الباحث في علوم البيانات في مركز أبحاث سلامة الغذاء في هولندا، والذي حقق في تناول الطعام خلال تشتت الانتباه، إن السبب في تناول مزيد من الطعام خلال مشاهدة التلفزيون، هو أن تشتت الانتباه يجعلنا أقل رضا عن مذاق الطعام، مما يدفعنا لتناول كثير من الأطعمة الأخرى السريعة وغير الصحية لإرضاء مزاجنا.
حالتنا العاطفية
تلعب حالتنا العاطفية أيضاً دوراً كبيراً في سلوكياتنا الغذائية.
وهناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أننا قد نختار تناول أطعمة أكثر «لذة»، مثل الشوكولاتة أو السكريات، إذا كنا نشاهد شيئاً يجعلنا حزانى، مقارنة بمشاهدة شيء يجعلنا سعداء.
الإعلانات
لقد وجدت الأبحاث أن التعرض لإعلانات الأطعمة يمكن أن يزيد من استهلاك الأشخاص للأطعمة غير الصحية؛ خصوصاً الأطعمة فائقة المعالجة، والتي ترتبط بالسمنة وأمراض أخرى، بما في ذلك أمراض القلب.
وتقول فرناندا راوبر، الباحثة في مركز البحوث الوبائية في التغذية والصحة بجامعة ساو باولو في البرازيل: «لقد وجدت دراسات كثيرة أن الأطفال أكثر عرضة لتناول الأطعمة فائقة المعالجة عند مشاهدة التلفزيون».
وتضيف أن هذا يرجع جزئياً إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة غالباً ما يُنظر إليها على أنها أكثر ملاءمة للأكل، خلال مشاهدة التلفزيون. ولكن التعرض المتزايد للإعلانات الخاصة بهذه الأنواع من الأطعمة يرتبط أيضاً بزيادة الاستهلاك. ويبدو أن التأثيرات تزداد إذا كان الأطفال يعانون من السمنة بالفعل «ربما لأن لديهم حساسية متزايدة للإعلانات الغذائية»، حسب قولها.