يُعتبر كسب ثقة مديرك وبقية زملائك في مكان العمل أمراً أساسياً لبناء مهنة ناجحة.
لهذا السبب، كتب مؤسس «أمازون» جيف بيزوس أن القادة الجيدين «يكسبون الثقة»، كجزء من قائمة الشركة الشهيرة المكونة من 16 مبدأ للقيادة. وعلى الرغم من أنها تبدو بسيطة نسبياً، إلا أنها إرشادات غالباً ما «يخطئ الناس فيها»، وفقاً للرئيس التنفيذي للشركة آندي جاسي، الذي حل مكان بيزوس في هذا الدور عام 2020، وفقاً لشبكة «سي إن بي سي».
قال جاسي، في مقطع فيديو نشرته «أمازون» عبر الإنترنت، في وقت سابق: «إنهم يخلطون أحياناً بين اللطف مع بعضهم أو التماسك الاجتماعي أو عدم تحدي بعضهم في الاجتماعات. هذا ليس ما نعنيه».
وكسب ثقة من حولك لا يعني مجرد أن تكون لطيفاً وترفض الرد عندما تعتقد أن شخصاً آخر مخطئ، كما يشير جاسي. ولا يتعلق الأمر أيضاً بمحاولة التستر على أخطائك أو التقليل من شأنها.
ويوضح جاسي: «ما نعنيه بكسب الثقة هو أن تكون صادقاً وأصيلاً ومباشراً وتستمع باهتمام ولكن تتحدى باحترام إذا كنت لا توافق، ثم تقدم ما قلت إنك ستقدمه... إذا كنت تريد كسب الثقة: (إذا قلت إنك تمتلك شيئاً، قدمه. إذا كنت تمتلك شيئاً ولا يسير على ما يرام، فكن ناقداً لذاتك وأصلحه)».
ترجع هذه النصيحة إلى قلب ما كتبه بيزوس في قائمة «أمازون» لمبادئ القيادة؛ حيث أشار إلى أن القادة الجيدين يجب أن «يتحدثوا بصراحة»، مع «الانتقاد الذاتي بصوت عالٍ، حتى عندما يكون القيام بذلك محرجاً».
وفقاً لجاسي وبيزوس، فإن الصراحة، خاصة إذا كنت لا تتفق مع شخص ما باحترام، تُظهر مستوى من الصدق والتفكير. تُظهر الأبحاث أن الاعتراف بأخطائك، مع تقديم حلول قوية، ينم عن مستوى من التواضع والنزاهة وحتى الشجاعة، وهو ما يقطع شوطاً طويلاً في بناء الثقة للقادة.
شارك جاسي مثالاً عندما قاد فريق التسويق في «أمازون» في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. خلال «اجتماع دام ست ساعات»، قدّم خطة تشغيل الفريق إلى بيزوس والمديرين التنفيذيين الآخرين باستخدام عرض تقديمي مكون من 220 شريحة.
قال جاسي: «بعد نحو 10 شرائح، قاطعني جيف وقال لي إن كل الأرقام خاطئة.. لقد فوجئت».
ثم شرع بيزوس في «تحليل» الأرقام الموجودة، وأدرك جاسي أن مؤسس «أمازون» كان على حق.
وتابع جاسي: «شعرت بالحرج بالطبع.. وقلت له: (أنت على حق. هذه الأرقام خاطئة). فقال: (حسناً، لماذا يجب أن أصدق أي شيء آخر في هذا العرض التقديمي إذا كان هذا خطأ؟)».
اعتذر جاسي لبيزوس ووعده بأن الشرائح المتبقية ستكون خالية من الأخطاء. وبشكل عام، وصف الموقف بأنه «تجربة تعليمية جيدة».
بدلاً من التذمر أو التهجم على بيزوس بسبب انتقاده له علناً، رأى جاسي أن الخطأ فرصة لإظهار تواضعه وقدرته على التعلم والتحسن في المستقبل. وساعدت كل هذه السمات في بناء الثقة. في نهاية المطاف، قام بيزوس بترقية جاسي ليكون أحد كبار مستشاريه، ثم عيّنه لاحقاً في منصب الرئيس التنفيذي للشركة.