فيكتوريا عون صرخةُ الشباب ضدَّ التحرُّش

الممثلة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»: السكوت هو العيب

فيكتوريا عون سفيرة حملة لبنانية تناهض التحرُّش (حسابها الشخصي)
فيكتوريا عون سفيرة حملة لبنانية تناهض التحرُّش (حسابها الشخصي)
TT

فيكتوريا عون صرخةُ الشباب ضدَّ التحرُّش

فيكتوريا عون سفيرة حملة لبنانية تناهض التحرُّش (حسابها الشخصي)
فيكتوريا عون سفيرة حملة لبنانية تناهض التحرُّش (حسابها الشخصي)

ما احتمل عدم إحداث تغيير قبل 20 عاماً، أصبح أثره اليوم مضموناً. سبق أن كُمَّت أفواهٌ شاءت فَضْح مُتحرّش، وأُمِرت بالسكوت. فالمجتمع جلّاد يهوى الحُكم الجاهز. عُمر الممثلة اللبنانية فيكتوريا عون 19 عاماً، وهذا مُتعمَّد لاختيارها سفيرة حملة تُطالب بعقاب المتحرّشين. هذه السنّ مرآة جيل شجاع، يُسمّي الأشياء بأسمائها، يعرّي المسكوت عنه، ويُطالب بالعدالة.

أجابت بـ«نعم» على الفور حين اتصلت جمعية «روّاد الغد» تسألها أن تكون صوتها المؤثّر. تُخبر «الشرق الأوسط» أنّ مواقع التواصل تستطيع إحداث الوَقْع، إنْ وُظِّفت، للتوعية ولفت النظر، ودورها اليوم يصنع الفارق في كيفية مقاربة إشكاليات الحياة. لم تتردَّد لتكون صرخة المراهقين في وجه الأذى والتفلُّت غالباً من العقاب. حملات التوعية توقظ جرأة المواجهة وتتسبّب بعدوى قول الحقيقة.

تقول إنّ شهرتها (تعدُّها في بداياتها) تتيح إصغاء الآخرين إلى صوتها. «على الضوء المُلقى أن يُشكّل إفادة. كثر يتابعونني، وأعلم أنه من الواجب تقديم مادة مهمّة. نشأتُ على التأثّر بفنانات من العالم أصبحن سفيرات لقضايا إنسانية. من الضروري توظيف الشهرة لخير ما. هي ليست مجرّد دور في مسلسل أو شخصية درامية تلقى التصفيق. أنا في سنّ حسّاسة حيال أي سوء يمكن التعرُّض له. التحرُّش قضية مُلحَّة، فكوني سفيرة حملة تدعو إلى عدم السكوت، يجعلني أشعر بجدوى شهرتي».

تأتي هذه الحملة بعد مأساة عصابة «تيك توك» في لبنان وصدمة التفاصيل. المرعب أنّ ما يُخفى قد يكون أعظم. بالنسبة إلى فيكتوريا عون، «الهدف أن يستبعد الضحايا احتمال التستُّر على المتحرّشين. يفعلون ذلك بذريعة الضغط الاجتماعي الذي يبدأ من العائلة. اليوم، يتغيَّر تعريف (التابو). في الماضي، صعُب على حملات التوعية إنتاج الأثر المطلوب. فبعض المجتمع كان عنيداً حيال التغيير، ولم يتقبّل تفكيك عناده. مواقع التواصل إن أحسنّا توظيفها، تجعل الصرخة أعلى وتُطلقها على نطاق واسع. مع الانفتاح وتكثيف المحاولة، نصل».

العمر شرطُ الحملة. ترى أنّ سنّها تُسرِّع تمرير الرسالة بلا افتعال وتكلُّف: «أبناء جيلي ومَن هم على عتبة المراهقة يتأثّرون بصوت على مسافة قريبة من أصواتهم. وجدت الحملة أنّ ممثلة تبلغ 25 عاماً مثلاً، لن تشكّل المحاكاة المطلوبة تماماً. أسعدني أنني أوظّف سنّي لإحداث التغيير. شيئاً فشيئاً أُراكم المعرفة حيال القضايا الإنسانية، فأكبُر على فَهْم العالم. في لبنان، لدينا مشكلاتنا. لا يمكن التعامل مع مواقع التواصل على أنها مساحة للتباهي الشخصي طوال الوقت. بملابسنا وأدوارنا وأضوائنا وكيف نمضي أيام الصيف منسلخين عن الواقع. الأزمات تدفعنا إلى اتّخاذ موقف مما يجري ومحاولة إيجاد حل. أُمثِّل والناس يشيرون إليَّ، فتلك فرصتي لإظهار دوري في الحياة».

صرخة لكسر الصمت (بوستر الحملة)

بمفردات سهلة تضمن وصولها إلى المراهقين، تنطق فيكتوريا عون بالحُكم على المتحرِّشين. المواربة شأنٌ من الماضي، فالعصر يُحرِّض على المواجهة. تُعلي الحملة الصوت على الصمت، والفعل على اليأس. «العيب الوحيد هو السكوت»، تُشدّد سفيرتها. «سكوت الأهل على آلام أبنائهم، والمجتمع على البشاعة بذريعة شرف المرأة وإلحاق العار بعائلتها».

قُبح الفعل لم يعد مصوَّباً فقط على النساء، بعد كشف تجاوزات تمسُّ الجنس الآخر. صبيان وفتيات تتوجّه إليهم الحملة بصوت فيكتوريا عون قائلة «اصرخوا وبلّغوا». الأجساد ليست أهدافاً لمجرمين ومرضى اعتادوا الإفلات من العقاب؛ لأنَّ المجتمع متواطئ والقانون رخو. تنزع الشريط اللاصق عن فمها ليفعلوا الشيء نفسه. لينزعوا خوفهم. تنازلاتهم. والإدانة الجاهزة. نزعُها صمتها بداية الخلاص.

تمنح نفسها للدور وتعطي المطلوب؛ لكونها ممثلة تألفُ الكاميرا. تقول: «لا تصل رسالة بلا إحساس صادق. فالممثل المجرَّد من إحساسه سيتعثّر أمام المشهد. لم أتعرَّض لتحرُّش، بل شعرتُ بآلام الضحايا حين فكّرتُ بهم وبوَقْع الأذى الكبير على أرواحهم وأجسادهم». أحياناً لا يُشفى. يُعلِّم طوال العمر.


مقالات ذات صلة

السجن17 عاما و20 جلدة لمصفف شعر ياباني أدين بالاغتصاب في سنغافورة

آسيا كيتا سيكون أول ياباني يُحكم عليه بالجلد بالعصا في سنغافورة (رويترز)

السجن17 عاما و20 جلدة لمصفف شعر ياباني أدين بالاغتصاب في سنغافورة

حُكم على مصفف شعر ياباني بالسجن 17.5 سنة و20 جلدة بالعصا في سنغافورة، بسبب ما وصفه القاضي بالاعتداء «الوحشي والقاسي» واغتصاب طالبة قبل 5 سنوات.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
آسيا واحد من بين كل 10 شباب في اليابان وقع ضحية للتحرش الجنسي (أ.ف.ب)

استطلاع: واحد من بين كل 10 شباب في اليابان يتعرض للتحرش

أظهر استطلاع أجرته الحكومة اليابانية الخميس أن واحداً من بين كل 10 شباب في اليابان وقع ضحية للتحرش الجنسي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم رجل يمر عبر لافتات «الإنتربول» في معرض «الإنتربول» العالمي بسنغافورة في 2 يوليو 2019 (رويترز)

«الإنتربول» يعلن توقيف 219 شخصاً في 39 دولة بتهمة الاتجار بالبشر

أعلن «الإنتربول»، الاثنين، أن 219 شخصاً أوقفوا في إطار عملية واسعة النطاق ضد الاتجار بالبشر نُفّذت بشكل مشترك في 39 دولة.

«الشرق الأوسط» (ليون )
أفريقيا نساء ينتحبن على مقتل أحد عمال الإغاثة الذين أعدمهم مسلحون إرهابيون في مدينة مايدوغوري شمال شرقي نيجيريا في 23 يوليو 2020 (رويترز)

«العفو الدولية»: نساء تعرضن للإساءة في زنزانات الجيش النيجيري

قالت منظمة العفو الدولية، الاثنين، إن عشرات النساء والفتيات الصغيرات احتُجزن بشكل غير قانوني، وتعرضن للإساءة في مرافق الاحتجاز العسكرية النيجيرية.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
يوميات الشرق واحد من كل ثمانية أطفال في العالم عرضة من دون رضاه لمواد إباحية على الإنترنت (رويترز)

«جائحة مستترة»... 300 مليون طفل تعرضوا لانتهاكات جنسية على الإنترنت العام الماضي

كان واحد من كل ثمانية أطفال في مختلف أنحاء العالم في 2023 عرضة من دون رضاه لالتقاط أو نشر مواد مصورة ذات طابع جنسي له، أو لمشاهدة محتوى من هذا النوع.

«الشرق الأوسط» (إدنبره)

«قمة الهرم»... معرض يحكي قصة الحضارة المصرية

الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم»  (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم» (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

«قمة الهرم»... معرض يحكي قصة الحضارة المصرية

الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم»  (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

حظي المعرض الأثري «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة»، الذي أقيم في متحف مدينة شنغهاي بالصين، الجمعة، بإقبال جماهيري كبير، وفق ما أعلنه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، الدكتور محمد إسماعيل خالد، مؤكداً وصول عدد التذاكر المبيعة حتى يوم الافتتاح إلى 250 ألف تذكرة.

ويضم المعرض 787 قطعة أثرية، تمثل عصوراً مختلفة في الحضارة المصرية القديمة، جرى اختيارها من المتاحف المصرية، ومن مواقع البعثات الأثرية، لتحكي قصة الحضارة المصرية القديمة منذ نشأتها.

المعرض تضمن قطعاً أثرية تعبر عن مراحل مختلفة من الحضارة المصرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ومن بين القطع التي يضمها المعرض تماثيل للملوك رمسيس الثاني، وإخناتون، وتوت عنخ آمون، وأمنمحات الثالث، ومرنبتاح، والمعبودات المصرية مثل أوزيريس، وإيزيس، وباستت، وحتحور، إضافة إلى مجموعة من الأساور الذهبية والمرصعة بالأحجار والأواني والتيجان والخراطيش الملكية.

ويضم المعرض قطعاً أثرية تعبر عن فكرة العالم الآخر لدى المصري القديم، ومنها مجموعة متميزة من التوابيت الخشبية الملونة والأواني الكانوبية، كما يضم مجموعة من مكتشفات البعثة المصرية بمنطقة آثار سقارة، بوصفها «أكبر جبانة أثرية في مصر»، ويعرض منها عدد من التوابيت الملونة والمومياوات الحيوانية المحنطة.

توابيت وقطع أثرية مختلفة في معرض «قمة الهرم» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

واعتبر أمين عام المجلس الأعلى للآثار «هذا المعرض هو الأكبر منذ عام 2003، رغم أنه ليس الأول من نوعه في الصين»، لافتاً في بيان، السبت، إلى أن المعرض «سيساهم بشكل كبير في الترويج للمقصد السياحي المصري، لا سيما منتج السياحة الثقافية في السوق الصينية الذي يعد من أهم الأسواق المستهدفة».

وقد جرى توزيع القطع الأثرية على 3 قاعات رئيسية بمتحف شنغهاي القومي، هي قاعة «أرض الفراعنة»، و«أسرار سقارة» و«عصر توت عنخ آمون»، وتضمنت فلسفة العرض إظهار تفاصيل الحياة اليومية لدى المصريين القدماء.

ووصف الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار هذه المعرض بأنها «مهمة، لأنها تزيد من الدخل المادي للآثار»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المعارض أيضاً تسهم في زيادة عدد السائحين من دولة مثل الصين عدد سكانها بالمليارات»، وأشار إلى معرض أثري آخر في ألمانيا، ووصفه بـ«وسيلة لتنمية العلاقات مع هذه الدول ولتشويق الجمهور أيضاً للحضور إلى مصر ومشاهدة الآثار على أرض الواقع».

ولفت إلى أن «هناك متاحف عالمية تشترك فيما بينها بالقطع التي لديها، وتقيم معارض للحضارة المصرية، والأفضل هو أن نقيم نحن هذه المعارض مع استخدام بعض القطع وعدم خروج قطع أخرى، مثل مجموعة توت عنخ آمون التي لا أرجح خروجها من مصر».

وأقامت مصر كثيراً من المعارض الأثرية في الخارج، كان أحدثها معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» الذي زار عدة مدن حول العالم منذ عام 2021، حتى وصل إلى محطته الخامسة في مدينة كولون الألمانية في 14 يوليو (تموز) الحالي، ويضم 180 قطعة أثرية.

وعدّ مدير متحف مكتبة الإسكندرية الدكتور حسين عبد البصير معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» في شنغهاي «مهماً للتعريف بالحضارة المصرية القديمة»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعارض الأثرية المصرية في الخارج توفر للجمهور العالمي فرصة الاطلاع على تاريخ مصر العريق، ومشاهدة فنونها وآثارها، من خلال عرض قطع أثرية فريدة تحكي معلومات تاريخية مهمة عن مصر وحضارتها».

معرض «قمة الهرم» في شنغهاي يجذب الجمهور (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأشار إلى أن «هذه المعارض تسهم في دعم السياحة المصرية وتسويق الوجهات السياحية»، موضحاً: «عندما يزور الناس معرضاً للآثار المصرية في بلدهم، سيضعون مصر ضمن خطط رحلاتهم لمشاهدة الآثار في مواقعها الأصلية، ما يزيد من تدفق السياح إلى مصر، ويعزز الاقتصاد المحلي المصري».

وتوقع عبد البصير أن يجذب معرض «قمة الهرم» عدداً كبيراً من الزوّار، خصوصاً مع إعلان الوزارة عن أعداد مبدئية للحجز وصلت إلى 250 ألف تذكرة. كما أنه «سوف يساعد في تكوين صورة إيجابية ودائمة عن مصر في أذهان الزوار الصينيين والدوليين».