ما تأثير الانفصال وطلاق الآباء على الأطفال؟

ضحايا نزاعات كيدية بين الأمهات والآباء

صورة تعبيرية من «بيكسباي»
صورة تعبيرية من «بيكسباي»
TT

ما تأثير الانفصال وطلاق الآباء على الأطفال؟

صورة تعبيرية من «بيكسباي»
صورة تعبيرية من «بيكسباي»

ما إن يقرر الأزواج الطلاق حتى تبدأ حلقات انتقامية في مسلسل صراع الأقوى لا ينتهي، في المنزل وأروقة المحاكم، إذ يحشد كل طرف قواه من أجل محاربة الطرف الآخر، وانتهاز أي فرصة لكسب الجولة، من دون اعتبار لمصلحة الأبناء، ضحايا صراع آبائهم، والذين يدفعون ثمنه من خلال استقرارهم النفسي والاجتماعي ومستقبلهم الشخصي.

الأزواج الذين يتسمون بالصراع الشديد يصعب التعامل معهم بشكل كبير، فبعضهم يكون عدائياً، وبعضهم الآخر قد يكون عنيفاً. هؤلاء الأزواج يركزون بشكل كبير على الصراع، لدرجة أن المختص المعالج قد لا يتمكن من الحصول على فرصة للتحدث معهم. ولكن عندما يجلب الأزواج الذين يتسمون بالصراع الشديد أسلوبهم في الصراع إلى عملية الطلاق، يصبح التعامل معهم أكثر صعوبة.

تتفاوت الدراسات، لكن وفقاً لمقال نشر في مجلة «سيكولوجي توداي» فإن 20 في المائة من جميع الانفصالات تتسم بالصراع الشديد. أشار المقال إلى أن «الصراع الشديد» هو مصطلح غامض وشامل، يشير إلى الأزواج المطلقين الذين يتشاجرون بطريقة تختلف عن المعتاد، وأضاف أن الأزواج الذين يتسمون بالصراع الشديد يمكن تعريفهم بثلاثة أبعاد:

1- البُعد الموضوعي: الأزواج الذين يتشاجرون حول مسائل على غرار الممتلكات وحضانة الأطفال.

2- بُعد التكتيكات: الطريقة التي يحاول بها الأزواج حل المشكلات، سواء من خلال العدوان اللفظي، والإكراه الجسدي، أو عبر الإطار القانوني.

3- البُعد السلوكي: درجة المشاعر السلبية والعداء التي تصدر عن الزوجين، والتي قد يجري التعبير عنها بشكل علني أو سري. وقد وجد البحث الذي أجراه صاحب المقال أن كثيراً من الأزواج المطلقين الذين يتسمون بالصراع الشديد ينقلون صراعهم إلى مرحلة ما بعد الطلاق، والتشارك في تربية الأطفال. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعطيل الزيارات، وتشجيع الأطفال على اختيار طرف معين، وعموماً التسبب في زيادة التوتر لجميع أفراد الأسرة.

بعض الأزواج الذين يتسمون بالصراع الشديد يجعلون أطفالهم يتوسطون في خلافاتهم، في حين يقوم آخرون بإعطائهم دوراً أبوياً. جميع هذه العوامل قد تسهم في أن يواجه الأطفال مشكلات في العلاقات في المستقبل. ووفقاً لمركز «بيو للأبحاث»، فإن الأطفال الذين نشأوا مع والدين يتسمان بالصراع الشديد كانوا أكثر عرضة لأن تكون لديهم زيجات تتسم بالصراع الشديد أيضاً.

وبغض النظر عن مدى وعي الآباء بتأثير الصراع الشديد على أطفالهم، يصعب عليهم كبح سلوكهم تجاه بعضهم البعض، خاصة في عملية الطلاق. لكن كثيراً من الآباء المطلقين يريدون فعل كل ما بوسعهم لتجنيب أطفالهم الألم الزائد، لكن يبدو أنهم غير قادرين على التحكُّم في سلوكهم. حتى الأزواج الذين أقسموا على أن يكون انفصالهم سلمياً في مرحلة ما من عملية الطلاق، يفقدون الرؤية والسيطرة، ويتحوّل الأمر إلى معركة.

وفيما يلي بعض الأسباب التي تجعل من الصعب جداً تقليل درجة العداء في عملية الطلاق في العلاقات ذات الصراع الشديد:

1- الأسرة الأصلية: الأبناء الذين نشأوا مع آباء يتسمون بالصراع الشديد، خصوصاً أولئك الذين شهدوا عملية طلاق آبائهم العنيفة، يكونون معرضين لخطر تكرار هذا الاضطراب في زيجاتهم وحياتهم الشخصية. هؤلاء الأطفال نشأوا في منطقة حرب، والمعركة هي ما يعرفونه.

2- اختيار الشريك: الأبناء الذين نشأوا مع آباء يتسمون بالصراع الشديد قد يختارون شريكاً يُشبه والدتهم أو والدهم دون وعي. في كلتا الحالتين، يحصلون على مقاتل ماهر لمساعدتهم في تكرار نمط علاقة والديهم، حتى لا يحتاج أي من الشريكين إلى تغيير غير مألوف. إذا كان كلا الشريكين من عائلات مطلقة، فإن هناك فرصة أكبر لأن تنتهي العلاقة بانفصال شديد الصراع.

3- المحتوى: غالباً ما يتشاجر الأزواج حول القضايا أو المواضيع نفسها التي تشاجر حولها آباؤهم. على سبيل المثال، إذا كان والدا أحد الشريكين يتشاجران حول المال، فقد يكون لدى أطفالهما تاريخ من مشكلات المال. إذا كان السياق يتعلق بالجنس، فمن المحتمل أن يواجه الزوجان صراعاً مشابهاً مع الجنس. حتى الطلاق قد يكون شكلاً من أشكال التكرار.

4- العملية: من خلال التركيز على المحتوى، من المحتمل أن يهمل الزوجان اللذان يميلان إلى الصراع الشديد الاهتمام الكافي لعملية علاقتهما أو الديناميكية التفاعلية. لكن الشجار حول المحتوى غالباً ما يؤدي إلى حجج دائرية نادراً ما تكون قابلة للحل، تماماً كما كانت نادراً ما تكون قابلة للحل في أسرة أصل كل شريك. من المرجح أن يؤدي تعديل العملية إلى إيقاف الصراع الشديد. وينهي الأزواج بشكل روتيني علاقتهم، ويختارون الإطار القانوني عند الطلاق.


مقالات ذات صلة

هل تعيش وشريكك في حالة صراع مستمر؟ 5 استراتيجيات تساعدك

يوميات الشرق عندما لا يتحدث الناس بطرق ناضجة فإنهم مع مرور الوقت يصبحون عدائيين (رويترز)

هل تعيش وشريكك في حالة صراع مستمر؟ 5 استراتيجيات تساعدك

إذا كنت وشريكك في حالة صراع مستمر، يمكنك الاستفادة من استراتيجيات محددة تساعدك في تخطي الأزمات المتكررة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق ضمن العلاقات الرومانسية تظهر الحاجة إلى الاستقلالية في الرغبات والتفضيلات الخاصة بكل فرد (رويترز)

الخلافات الزوجية: 3 أسباب أساسية مشتركة

لا يختلف أحد على فكرة أن جميع الأزواج يتجادلون من وقت لآخر، ولكن هل تساءلت يوماً ما إذا كانوا يميلون جميعاً إلى الجدال للأسباب نفسها؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق اعتماد مبدأ تجنب المواجهة بين الشريكين قد يخلق هوة ضخمة (رويترز)

4 أكاذيب كبيرة قد تدمّر علاقتك مع شريكك... احذرها

يمكن للخداعات الخفية والماكرة أن تؤدي ببطء إلى تآكل أساس الثقة، مما يدمر حتى أكثر العلاقات حيوية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق النجمة الأميركية جينيفر لوبيز برفقة زوجها السابق الممثل بن أفليك (رويترز)

بعد طلاقها من بن أفليك... جينيفر لوبيز تكسر صمتها

تحدثت النجمة الأميركية جينيفر لوبيز بصراحة عن طلاقها من بن أفليك بعد زواج دام عامين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

«لا يمكنني التحمل بعد الآن»... 4 علامات واضحة على ضرورة إنهاء العلاقة

يبرز طبيبٌ العلامات الأربع الأساسية التي تشير إلى أن الوقت قد حان لترك العلاقة، بحسب تقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
TT

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية»، التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بتونس، إذ حصل الفيلم المصري القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري على جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير، وحاز مدير التصوير مصطفى الكاشف على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، فيما فاز المؤلف الموسيقي هاني عادل بجائزة أفضل موسيقى تصويرية عن الفيلم اللبناني «أرزة»، ومنحت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة التي ترأسها المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد تنويهاً خاصاً لفيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» من إخراج خالد منصور.

يتناول الفيلم القصير «أحلى من الأرض» عالم الفتيات المغتربات من خلال قصة طالبة جامعية تقيم بدار للمغتربات بالقاهرة، وفي أحد الأيام تقدم شكوى ضد زميلتها المقيمة معها بالغرفة، ما يؤدي إلى تصاعد الأحداث على نحو غير متوقع؛ والفيلم من بطولة سارة شديد، وحنين سعيد، ونسمة البهي، وأحمد إسماعيل.

وحاز مدير التصوير الشاب مصطفى الكاشف - نجل المخرج الراحل رضوان الكاشف - على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، وكان الفيلم قد شهد عرضه الأول بقسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» خلال دورته الـ77، وهو من إخراج الصومالي محمد الهراوي.

وكان مصطفى الكاشف قد وصف العمل في هذا الفيلم بأنه من أكثر الأفلام صعوبة في تصويرها، وذكر في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أنه قضى 4 أشهر بالصومال، وكانت معظم المشاهد تصور خارجياً في درجات حرارة مرتفعة للغاية، كما اخترقت الرمال الكثيفة معدات التصوير، وتم إصلاحها عدة مرات، مؤكداً أنه تحمس للفيلم لشغفه بالتجارب الفنية المختلفة.

وتُعد جائزة «أفضل موسيقى» التي حازها الفنان والمؤلف الموسيقي هاني عادل عن الفيلم اللبناني «أرزة» هي ثالث جائزة يحصل عليها الفيلم، بعد أن فاز بجائزتي «أفضل ممثلة» و«أفضل سيناريو» في مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45.

دياموند بو عبود تحمل جائزة زوجها المؤلف الموسيقي هاني عادل (إدارة المهرجان)

وصعدت بطلته الفنانة اللبنانية «دياموند بو عبود» على المسرح لتسلم جائزة زوجها الفنان هاني عادل، معبرة عن سعادتها بها لأنه بذل جهداً كبيراً بالفيلم، وسعادتها بالنجاح الذي حققه الفيلم في المهرجانات التي شارك بها.

وبعد مشاركته بمسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الرابعة وفوزه بجائزة لجنة التحكيم، حصل فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» على تنويه خاص من لجنة تحكيم قرطاج، وكان الفيلم قد حظي بإقبال كبير عند عرضه بكل من «البحر الأحمر» وقرطاج، ونفدت تذاكره بمجرد طرحها، وهو من بطولة عصام عمر، وركين سعد، وأحمد بهاء، وسماء إبراهيم.

المخرج خالد منصور يتسلم التنويه الخاص (إدارة المهرجان)

ويُعد «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» أول الأفلام الطويلة لمخرجه خالد منصور، الذي شارك في كتابته مع السيناريست محمد الحسيني، ومن إنتاج محمد حفظي، والناقدة رشا حسني في أول أعمالها بصفتها منتجة، وكان قد شهد عرضه الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي، وتدور أحداث الفيلم من خلال حسن، الشاب الثلاثيني الذي يخوض رحلة لإنقاذ كلبه بعدما تورط في حادث خطير، ويواجه تهديدات تمس حياة الكلب صديقه الوحيد.

وعَدّ الناقد طارق الشناوي ما حققته الأفلام المصرية في «أيام قرطاج السينمائية» بأنها جوائز مستحقة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن موسيقى فيلم «أرزة» التي قدمها هاني عادل تستحق الجائزة لبراعتها في التعبير عن المواقف الدرامية بالفيلم، كما رأى أن مدير التصوير مصطفى الكاشف بات مطلوباً في أفلام عالمية، لافتاً إلى أنه يستحق تكريماً؛ كونه مدير تصوير شاباً لكننا لم نمنحه ما يستحق في ظل تحقيقه نجاحاً عالمياً.

ويلفت الناقد المصري، الذي حضر «أيام قرطاج»، إلى أن الفيلم الروائي القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري الذي فاز بجائزة «التانيت الفضي» قد رفضت الرقابة في مصر التصريح بعرضه في الدورة الماضية من مهرجان «الجونة»، ويصف ذلك بـ«(الأمر الغريب)؛ إذ يُفترض أن يكون هامش الحرية في الأفلام القصيرة أكبر».

لقطة من الفيلم القصير «أحلى من الأرض» المُتوج بـ«التانيت الفضي» (إدارة المهرجان)

ويشير الشناوي إلى ملمح رصده بالمهرجانات الدولية يتمثل في تطابق جوائز الأفلام الطويلة بنسبة 90 في المائة بين مهرجاني «البحر الأحمر» وقرطاج؛ فقد تطابقت جائزتا «التانيت الذهبي» مع «اليسر الذهبي» وحصل عليها الفيلم «الذراري الحُمر» نفسه، كما حاز الفيلم الفلسطيني «إلى أرض مجهولة» على جائزتي «اليسر الفضي» و«التانيت الفضي»، وفاز فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان البحر الأحمر قبل حصوله على «تنويه في قرطاج»، مؤكداً أن ذلك يُعد شهادة للمهرجانين معاً، فهي تؤكد مصداقية جوائز البحر الأحمر، وانحياز لجنة تحكيم قرطاج برئاسة هاني أبو أسعد للأفضل حتى لو تطابقت نتائجه مع نتائج «البحر الأحمر».