مَن يستهلك اللحوم أكثر... الرجال أم النساء؟

كلّما ساوت الدولة بين الجنسين تعمَّقت الاختلافات

اللحم أبعد من وجبة (شاترستوك)
اللحم أبعد من وجبة (شاترستوك)
TT

مَن يستهلك اللحوم أكثر... الرجال أم النساء؟

اللحم أبعد من وجبة (شاترستوك)
اللحم أبعد من وجبة (شاترستوك)

يأكل الرجال اللحوم غالباً أكثر من النساء، لكنّ دراسة جديدة رأت أنّ هذا التوجّه غير شائع في جميع أنحاء العالم.

وعلى عكس الافتراضات الشائعة في دول عدّة، لا اختلاف جوهرياً بين الجنسين عندما يتعلّق الأمر باستهلاك اللحوم، وفق دراسة نشرتها دورية «ساينتفيك ريبورتس»، ونقلتها «وكالة الأنباء الألمانية».

ويبدو أنه كلّما تطوَّرت الدولة وساوت بين الرجال والنساء، تعمَّقت الاختلافات بشأن استهلاك اللحوم.

وكتب باحثون بقيادة كريستوفرو هوبوود من «جامعة زيوريخ» أنه غالباً ما يُفتَرض أنّ الاختلافات بين الجنسين تتراجع مع زيادة المساواة، لكنّ مزيداً من البحوث أظهر العكس.

يفسّر هوبوود وزملاؤه ذلك بالقول: «لدى الأشخاص في دول تضمن مساواة أكبر بين الجنسين مزيد من الفرص لتناول ما يرغبون فيه، فثمة قدرة مالية أكبر وضغط أقلّ بسبب توزيع الأدوار».

فمثلاً، يمكن لزوجين أن يفضّلا أحياناً أصنافاً مختلفة عندما يتناولان الطعام معاً؛ إذ إنّ المال متوفّر لتحقيق تلك الرغبات. ونظراً إلى أنّ اللحم مرتفع التكلفة نسبياً، يميل أشخاص في الدول الأكثر فقراً إلى تناول كمية أقل منه نتيجة الاضطرار لذلك، وفق هوبوود. أما إذا كان في استطاعتهم تحمُّل تكلفة اللحوم ولديهم حرّية الاختيار، فإنّ الرجال بصورة أساسية هم مَن سيختارون تناول اللحم أو النقانق أو الدجاج.

وأوضح هوبوود أنّ «النساء في الدول الأغنى ربما يتناولن قدراً من اللحوم أقل مما يتوقّعه المرء بسبب التأثير العام لثراء تلك الدول والمساواة بين الجنسين».

وفي الوقت عينه، فإنّ «المستويات الأعلى للمساواة بين الجنسين والتطوُّر قد يعطيان النساء حرّية أكبر لاختيار تناول لحوم أقل من المعتاد، وربما يتيحان للرجال أيضاً فرصة شراء اللحوم وتناولها بصورة أكثر من المعتاد».

واستطلع الباحثون لإتمام دراستهم آراء أكثر من 20 ألف شخص من 23 دولة عبر الإنترنت بشأن عدد المرات التي يتناولون فيها اللحوم؛ شمل مشاركين من أميركا الشمالية والجنوبية وأوروبا وآسيا.

جاءت النتائج مذهلة: ففي الهند والصين وإندونيسيا، لوحظت اختلافات قليلة في استهلاك اللحوم بين الرجال والنساء. وسُجِّلت أكبر اختلافات بين الدول التي شملها الاستطلاع في ألمانيا. مع ذلك، اعترف الباحثون بأنّ 23 دولة تُعد «رقماً متواضعاً». ولم يسألوا في دراستهم عن أسباب استهلاك اللحوم بالتحديد. مع ذلك، يفسّرون أنه في كثير من الثقافات يرتبط استهلاك اللحوم بالرجولة والفحولة.

وفي بعض الأماكن، يُنظر للرجال الذين يتّبعون نظاماً غذائياً نباتياً على أنهم أقل جاذبية من الذين يأكلون كل شيء. لذلك، فإنّ عدد مرات تناولهم للحوم يعتمد أيضاً على الأعراف الثقافية.


مقالات ذات صلة

كيف يؤثر السكر الغذائي على صحة الدماغ؟

صحتك تم ربط السكريات المضافة خصوصاً المشروبات المحلّاة بالسكر بالسكتة الدماغية (د.ب.أ)

كيف يؤثر السكر الغذائي على صحة الدماغ؟

هل سمعت من قبل أن السكر سامّ وقاتل، ويضرّ بصحتك العامة؟ في الحقيقة، السكر مهم لوظائف الدماغ الصحية، لكن هناك بعض التفاصيل الدقيقة التي يجب أن تعرفها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك ما مقدار منتجات الألبان التي يجب استهلاكها؟

جدل حولها... ما هي حصة الألبان المفيدة للإنسان؟

يقول عدد متزايد من الباحثين والأطباء إن الشخص يحتاج إلى كمية أقل من منتجات الألبان مما يعتقد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عامل في أحد المحال التجارية بكوريا الجنوبية يضع أكياس المعكرونة سريعة التحضير على الأرفف (وكالة يونهاب الكورية الجنوبية)

كوريا الجنوبية: ارتفاع الصادرات الغذائية إلى 6.2 مليار دولار في 6 أشهر

أظهرت بيانات في كوريا الجنوبية ارتفاع صادرات البلاد من المواد الغذائية وما يتعلق بها من سلع بنسبة 5.2 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (سيول)
صحتك ما الفرق بين «أرفيد» والنزق بالطعام؟ (رويترز)

اضطراب أكل يتعلّق بتركيبة الطعام أو لونه أو رائحته... ماذا نعرف عن «أرفيد»؟

يرهق بعض الأولاد والديهم عندما يتعلّق الأمر بالطعام، فمنهم من لا يتناول إلا أصنافاً محددة جداً، وأحياناً لا يتخطى عددها أصابع اليد الواحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ما هي أفضل وأسوأ الأطعمة لمرضى السكري؟... خبراء يجيبون

ما هي أفضل وأسوأ الأطعمة لمرضى السكري؟... خبراء يجيبون

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون مرض السكري، فإن مقولة «الغذاء دواء» صحيحة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
TT

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)
الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)

تُبرز عشرات القطع الأثرية المُستخرجة من أرض غزة، هوية القطاع الذي يعاني الحرب منذ نحو سنة، من خلال معرض في سويسرا بعنوان «تراث في خطر».

ويستضيف متحف جنيف للفنون والتاريخ معرضاً يضمّ 44 قطعة من غزة، مملوكة للسلطة الفلسطينية، من بينها جِرار وتماثيل صغيرة وشواهد مقابر ومصابيح زيت، إلى جانب بضع عشرات من القطع الأثرية الأخرى من السودان وسوريا وليبيا.

ورأت أمينة المعرض الذي يُقام من 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إلى 9 فبراير (شباط) المقبل، بياتريس بلاندان، أنّ «هذه المعروضات جزء من روح غزة، إنها الهوية»، مؤكدة أنّ التراث «هو في الواقع تاريخ هذا القطاع، وتاريخ الناس الذين يسكنونه».

وتشكّل القطع الـ44 جزءاً من مجموعة واسعة تضم أكثر من 530 قطعة محفوظة داخل صناديق في حظيرة آمنة بجنيف منذ عام 2007، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

هذه المعروضات جزء من روح غزة (أ.ف.ب)

ويُقام المعرض بمناسبة الذكرى الـ70 لتوقيع معاهدة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلّح، ويركّز على مسؤولية المتاحف في حماية الممتلكات الثقافية بمواجهة التدمير والنهب والصراعات، ويذكّر بأنّ التدمير المتعمد للتراث يُعَدُّ جريمة حرب.

ولاحظ عضو السلطة التنفيذية لمدينة جنيف، ألفونسو غوميز، أنّ «القوى الظلامية أدركت أنّ الممتلكات الثقافية هي مسألة حضارية؛ لأنها لم تتوقّف يوماً عن الرغبة في تدمير هذا التراث، كما هي الحال في الموصل».

أما مدير متحف جنيف للفنون والتاريخ، مارك أوليفييه والر، فأسف لكون «معتدين كثر يعمدون في حالات النزاعات إلى المسّ بالتراث الثقافي؛ لأنّ ذلك يعني طبعاً محو هوية شعب وتاريخه». لكنه شدَّد على أنّ «ثمة متاحف وقواعد واتفاقات تحمي هذا التراث لحُسن الحظّ».

ودفعت المواقع الثقافية ثمناً باهظاً منذ الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة رداً على العملية التي نفذتها حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

التراث هو تاريخ الناس الذين يسكنون القطاع (أ.ف.ب)

ورصدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) أضراراً لحقت بـ69 موقعاً ثقافياً منذ بداية الحرب حتى 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية، من بينها 10 مواقع دينية و7 أثرية، و43 مبنى ذا أهمية تاريخية و/أو فنية، و6 نصب، ومستودعان للأغراض الثقافية، ومتحف واحد.

وشدّد المتحف على أنّ «القيمة التراثية لقطع غزة المحفوظة في جنيف تبدو أكبر»؛ نظراً إلى أنّ التراث الثقافي الفلسطيني أصبح راهناً «ضحية للتدمير أكثر من أي وقت مضى».

وأُحضرت هذه الآثار التي توضح جوانب من الحياة اليومية المدنية والدينية من العصر البرونزي إلى العصر العثماني، إلى جنيف عام 2006 لعرضها في معرض بعنوان «غزة على مفترق طرق الحضارات»؛ افتتحه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وكانت هذه القطع ملكاً للسلطة الفلسطينية ولرجل الأعمال الفلسطيني جودت الخضري الذي باع تلك العائدة إليه عام 2018. لكنّ هذه القطع التي كان من المقرّر أن تشكل في المستقبل مجموعة المتحف الأثري في غزة، بقيت لـ17 عاماً عالقة في جنيف؛ إذ لم يتسنَّ يوماً توفير الظروف الملائمة لإعادتها إلى القطاع بأمان.

المسّ بالتراث محو هوية شعب وتاريخه (أ.ف.ب)

علّقت بلاندان: «في الوقت الذي كان مقرراً فيه نقلها مجدّداً إلى غزة، طرأت سيطرة (حماس) على القطاع، وحصلت توترات جيوسياسية بين فلسطين وإسرائيل». ولاحظت أنّ هذه العرقلة التي شاءتها الظروف أتاحت في الواقع إنقاذ قطع «ذات أهمية كبرى»، في حين «دُمِّرَت كامل مجموعة الخضري الخاصة التي بقيت في غزة».

وتعهّدت سلطات جنيف بموجب اتفاق تعاون جديد وقّعته في سبتمبر الماضي مع السلطة الفلسطينية الاعتناء بهذا التراث لأطول مدة ممكنة.

وسبق لمتحف جنيف للفنون والتاريخ أن استُخدم عام 1939 ملجأ لأهم كنوز متحف برادو وعدد من المجموعات الكبرى الأخرى في إسبانيا التي أخرجها الجمهوريون الإسبان من بلدهم بالقطار.

واستضافت جنيف العام الماضي معرضاً للأعمال الأوكرانية. كذلك دعمت سويسرا، بالتعاون مع دول أخرى، أكثر من 200 متحف في أوكرانيا، لمساعدتها في الحفاظ على مجموعاتها بعد الغزو الروسي في فبراير 2022.