الزواج المثالي «أسطورة»... خبراء يشرحون السبب

لماذا لا يوجد زواج مثالي؟ (أ.ف.ب)
لماذا لا يوجد زواج مثالي؟ (أ.ف.ب)
TT

الزواج المثالي «أسطورة»... خبراء يشرحون السبب

لماذا لا يوجد زواج مثالي؟ (أ.ف.ب)
لماذا لا يوجد زواج مثالي؟ (أ.ف.ب)

هل سبق لك أن وجدت نفسك مفتوناً بالرومانسيات التي لا تشوبها شائبة والتي يتم تصويرها في الأفلام والروايات، حيث يتنقل الأزواج بسهولة في الحياة من دون جدال أو دمعة واحدة؟

هذه الصورة المثالية للزواج المثالي آسرة، ولكن ذلك يضع أيضاً معياراً نادراً لا تلبيه الزيجات الواقعية. الحقيقة هي أن الزواج، مثل أي علاقة إنسانية حقيقية، معقد بشكل جميل وغير كامل بطبيعته.

فبحسب ما قال خبراء في تقرير لموقع «باور أوف بوزيتيفتي»، فهم سبب عدم وجود زواج مثالي يمكن أن يحرر الأشخاص. فهو يسمح للأزواج بوضع توقعات أكثر واقعية، والعمل على مواجهة التحديات معاً، وتقدير العيوب الفريدة التي تجعل علاقتهم حقيقية.

فهم النقص في الزواج

وفق التقرير، فإن وجود شخصين متميزين لهما خلفيات وأفكار وعواطف هما جوهر أي زواج. هذا المزيج من الشخصيات هو ما يجعل كل علاقة فريدة من نوعها ولكنه يقدم أيضاً مجموعة من التحديات. لا يوجد شخصان متفقان تماماً في جميع عاداتهما ورغباتهما ومعتقداتهما، ويمكن أن تؤدي هذه الاختلافات إلى سوء الفهم والصراعات.

وأوضح أن الزواج لا يقتصر فقط على مشاركة الأفراح والنجاحات، بل يتعلق الأمر أيضاً بإدارة الخلافات، ودعم بعضنا بعضاً خلال أدنى مستويات الحياة التي لا مفر منها، مشيراً إلى أنه غالباً ما تنشأ العيوب في العلاقة من هذه الاختلافات ذاتها، واحتضان هذه العيوب يتضمن الاعتراف بأن التغيير أمر ثابت، وأن التواصل هو المفتاح.

أسطورة الزواج المثالي

وأكد التقرير أن البحث عن زواج مثالي أمر غير واقعي، ويمكن أن يضر بصحة العلاقة، وقال: «عندما يضع الأزواج الكمال معياراً لهم، فإنهم يعرضون أنفسهم لخيبة الأمل، وقد يتجاهلون الصفات الحقيقية التي تجعل علاقتهم مميزة ودائمة».

وأضاف أن فهم أنه لا يوجد زواج مثالي هو أمر متحرر، ويحول التركيز من محاولة تلبية معيار بعيد المنال إلى العمل على ما هو مهم حقاً - بناء اتصال قائم على التفاهم والاحترام والدعم المتبادل.

ووفق التقرير، يؤكد المستشارون في كثير من الأحيان على أهمية احتضان العيوب في الزواج. ويشجعون الأزواج على النظر إلى التحديات على أنها فرص للنمو وتعزيز العلاقة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الجدال حول القرارات المالية إلى مناقشة أعمق حول قيم وأولويات كل شريك، مما يعزز التفاهم المتبادل.

التواصل قلب الزواج النابض

وشدّد التقرير على أن التواصل الفعال هو حجر الزاوية في أي زواج قوي، وهو الوسيلة التي يعبّر من خلالها الشركاء عن احتياجاتهم ورغباتهم واهتماماتهم، ويتعاملون مع تعقيدات حياتهم المشتركة. ومع ذلك، حتى في الزيجات الأكثر انسجاماً، يمكن أن يتعثر التواصل في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى سوء الفهم والاستياء.

وتابع: «أحد الأخطاء الشائعة هو افتراض أن شريكنا يفهم أفكارنا ومشاعرنا من دون التواصل الصريح. ويمكن أن يؤدي هذا الافتراض إلى توقعات وإحباطات لم تتم تلبيتها».

وأعطى مثالاً أنه إذا شعر أحد الشركاء بأنه مثقل بالمسؤوليات ويحتاج إلى مزيد من الدعم، فيجب عليه التعبير عن هذه الحاجة بوضوح. ومن دون هذا الانفتاح، قد يظل الشريك الآخر غير مدرك للمسألة، ويمكن أن يتصاعد التوتر بصمت.

ولفت التقرير إلى وجود تحد آخر هو كيف نتواصل، وقال: «الكلمات التي تقال في حالة الغضب أو الإحباط يمكن أن تسبب جروحاً عميقة، ويعد تعلم التعبير عن المشاعر بهدوء واحترام أمراً بالغ الأهمية، حتى أثناء الخلاف. يتضمن ذلك الاستماع النشط، حيث تسمع حقاً وتحاول فهم وجهة نظر شريكك بدلاً من التخطيط للرد التالي».

وشرح أن التواصل الفعال لا يقتصر على التحدث فقط، بل يتعلق الأمر أيضاً بخلق بيئة يشعر فيها كلا الشخصين بالأمان لمشاركة مشاعرهما العميقة. ولا تتطور شبكة الأمان هذه بين عشية وضحاها، بل يتم نسجها من خلال التفاعلات اليومية التي تبني الثقة والاحترام.

وغالباً ما يؤكد المستشارون على أهمية المحادثات المنتظمة والمتعمدة حول الأمور المهمة، ويمكن لهذه المناقشات أن تمنع القضايا البسيطة من التفاقم إلى صراعات كبيرة والحفاظ على توافق العلاقة مع تطور ونمو كلا الشريكين، بحسب التقرير.

حل الصراعات

الصراع هو جزء طبيعي من أي زواج، ورغم الجهود الحثيثة التي يبذلها كلا الشريكين، فإن الخلافات تنشأ بسبب الاختلافات في الرأي وسوء الفهم والتوقعات المتناقضة، وفق التقرير.

وفسر أن إدراك أن الصراع ليس علامة على فشل الزواج، بل هو جانب طبيعي لأي علاقة هو أمر بالغ الأهمية، موضحاً أن كيفية إدارة الأزواج لهذه الصراعات تحدد قوة زواجهم وطول عمره. يتضمن الحل الصحي للصراعات كثيراً من الاستراتيجيات الرئيسية.

أولاً، من المهم التعامل مع الخلافات بقصد حلها بدلاً من الفوز بها.

ثانياً، يمكن أن يكون التوقيت هو كل شيء عند معالجة النزاعات. إن اختيار لحظة يكون فيها الشريكان هادئين وغير مشتتين بسبب الضغوط الأخرى يمكن أن يؤدي إلى مناقشات أكثر إنتاجية.

ثالثاً، يمكن أن يساعد استخدام عبارات تشرح شعورك في تقليل الموقف الدفاعي في المحادثات. على سبيل المثال، قل: «أشعر بالألم عندما تتجاهل مكالماتي» بدلا من قول: «أنت تتجاهل مكالماتي دائماً».

وذكر أن معرفة الوقت المناسب لأخذ قسط من الراحة أثناء جدال محتدم يمكن أن يمنع تصاعد الصراع.

التعاطف والتفهم

التعاطف والتفهم عنصران أساسيان في الزواج الصحي، فهما يسمحان للشريك بالتواصل مع مشاعر وتجارب شريكه، مما يعزز رابطة أعمق وبيئة داعمة، وفق التقرير.

وشرح التقرير أن التعاطف يعني أن تضع نفسك مكان شريكك، وأن تفهم مشاعره ووجهات نظره من دون إصدار أحكام عليه. وهذا لا يعني بالضرورة الاتفاق معه، ولكن الاعتراف بمشاعره على أنها صحيحة ومهمة. على سبيل المثال، إذا كان أحد الشريكين منزعجاً من إلغاء إجازة، فقد لا يشعر الآخر بخيبة الأمل نفسها، ولكن يمكنه تقديم الراحة وإبداء التفهم.

التخلص من الواقع الزائف للزواج المثالي

ختم التقرير موضحاً أن احتضان حقيقة أنه لا يوجد زواج مثالي يسمح للأزواج بالتركيز على ما يهم حقاً، وهو النمو معاً طوال حياتهم. فلا يكمن جمال الزواج في تحقيق الكمال، بل في خوض رحلة الحياة معاً، بكل صعودها وهبوطها، والاعتزاز بالارتباط الفريد بين الأزواج.


مقالات ذات صلة

«الإرهاق الأبوي»... خطر يهدد الوالدين والأطفال... ما أسبابه؟

يوميات الشرق يعد «الإرهاق الأبوي» مهماً لأنه لا يؤثر سلباً على الوالدين فقط ولكن على الأطفال أيضاً (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الإرهاق الأبوي»... خطر يهدد الوالدين والأطفال... ما أسبابه؟

في عام 2015، قدم علم النفس مفهوم «إرهاق الوالدين» أو «الإرهاق الأبوي». وانتشر هذا المفهوم بسرعة، ولاقى صدى واضحاً لدى الآباء في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق هناك حالات يمكن ألا يكون فيها الودّ أمراً مرحباً به (أرشيفية)

4 حالات يكون التعامل فيها بـ«ودّ» زائد «أمراً سلبياً»

كون «الود» سمة بارزة في شخصيتك يحمل دلالات إيجابية للغاية. لكنّ هناك حالات خاصة جداً يمكن ألا يكون فيها الودّ أمراً مرحباً به، حتى إنه قد يكون أمراً مستهجناً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق 5 ثوانٍ قد تنقذ زواجك (أرشيفية - رويترز)

5 ثوانٍ قد تنقذ زواجك

أظهرت دراسة حديثة أن التوقف لمدة 5 ثوانٍ فقط يمكن أن يكون مفتاحاً لتخفيف حدة الخلافات بين الأزواج، ومنع تصاعدها إلى مشاجرات أكبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كلما كان الرضا مرتبطاً بالشخصية قلّ تفاعلها مع تجارب الحياة (جامعة إدنبره)

السعادة ترتبط بسماتنا الشخصية أكثر من تجاربنا الحياتية

ناقشت دراسة إلى أي مدى تعكس مشاعر السعادة والرضا من نحن، وإلى أي مدى ترتبط بسماتنا الشخصية، وليس تجاربنا الحياتية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الرؤساء السامّون يفلتون من فظائعهم... بأدائهم العالي

الرؤساء السامّون يفلتون من فظائعهم... بأدائهم العالي

ما الخط الفاصل بين ما يعدّه الناس رئيساً مسيئاً، وبين الشخص الذي يطبق ببساطة «الحب القاسي»؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».