تركيا تسعى إلى معالجة مشكلة الكلاب الشاردة بعد تكاثر ضحايا هجماتها

ناشطة في مجال الرفق بالحيوان تزور مأوى للكلاب الشاردة في إسطنبول (رويترز)
ناشطة في مجال الرفق بالحيوان تزور مأوى للكلاب الشاردة في إسطنبول (رويترز)
TT

تركيا تسعى إلى معالجة مشكلة الكلاب الشاردة بعد تكاثر ضحايا هجماتها

ناشطة في مجال الرفق بالحيوان تزور مأوى للكلاب الشاردة في إسطنبول (رويترز)
ناشطة في مجال الرفق بالحيوان تزور مأوى للكلاب الشاردة في إسطنبول (رويترز)

شكّل مشهد صُوَّر خلال الشتاء في كاديكوي، في الجانب الآسيوي من إسطنبول، لكلب يندفع في اتجاه امرأة كبيرة السن ويتسبب بسقوطها على الطريق قبل أن يتدخل المارّة بشجاعة لإنقاذها، مادةً تداولها مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي في تركيا بكثافة.

واثار مقطع الفيديو هذا، معطوفاً على صور العضّات البالغة التي أصيبت بها فتاة صغيرة من أنقرة، والتي انتشرت أيضاً على الشبكات الاجتماعية، مخاوف من عدوانية بعض الكلاب الشاردة التي ضاق السكان ذرعاً بالأخطار الناجمة عنها.

وتمكنت جمعيات تسعى إلى «شوارع خالية من الكلاب» من إقناع الحكومة بسنّ مشروع قانون يتيح مكافحة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في كل أنحاء تركيا، أثار ملاحظات كثيرة.

ناشطون في مجال الرفق بالحيوان خلال احتجاج على انتشار الكلاب الشاردة في إسطنبول (رويترز)

وقدّرت الحكومة عدد هذه الكلاب بنحو أربعة ملايين، بينما كان وزير الزراعة قال عام 2022 انه يصل إلى عشرة ملايين، وبلغ الأمر بالرئيس رجب طيب إردوغان نفسه أن أعرب الأربعاء عن قلقه في هذا الشأن.

ولاحظ أن لدى تركيا «مشكلة مع الكلاب الضالة، وهي مشكلة غير موجودة في أي دولة متقدمة»، مشيراً إلى زيادة حالات داء الكلب التي تصنفها منظمة الصحة العالمية على أنها «عالية الخطورة»، وحوادث المرور بسبب الكلاب (3544 خلال السنوات الخمس الأخيرة) فضلا عن 55 حالة وفاة وأكثر من خمسة آلاف جريح.

وينصّ مشروع القانون الذي وضعه حزب العدالة والتنمية الحاكم، على وجوب القبض على أعداد كبيرة من الكلاب وخَصيِها ووضع شرائح إلكترونية تحت جلدها، وإعدامها بواسطة القتل الرحيم في غضون 30 يوماً إذا لم يتم تبنيها.

والنقطة الأخيرة خصوصاً هي التي تثير جدلاً كبيراً في تركيا إذ تعيد إلى الأذهان ما يُعرف بـ«مأساة جزيرة الحظ السعيد (Hayirsiz Ada)». ففي عام 1910، جمعت السلطات العثمانية 60 ألف كلب سائب (وفقاً للتقديرات) في اسطنبول وأرسلتها إلى هذه الجزيرة الصخرية الجرداء في وسط بحر مرمرة حيث التهم بعضها بعضاً.

* الرفق بالحيوان

ويستهول الناشطون في مجال الرفق بالحيوان ما حصل عام 1910 والذي يبيّن أن فكرة إعدام الكلاب الضالة ليست جديدة، ويخشون حصول «مجزرة كلاب» تحت غطاء القتل الرحيم.

ومن هذا المنطلق، دعا نائب رئيس اتحاد حقوق الحيوان (هايكونفيد) الدكتور حيدر أوزكان عبر صحيفة «دوفار» إلى اعتماد حلّ التعقيم الفعّال، مع العلم أن «لا ملاجئ حيوانات في 1100 من 1394 بلدية في تركيا».

وتنظّم تظاهرة الأحد في اسطنبول للاحتجاج على تضمين القانون إجراء القتل الرحيم، وللمطالبة باعتماد التعقيم لمنع الحيوانات من التكاثر.

ويلزم القانون المرعيّ الإجراء منذ عام 2021 البلديات إنشاء مواقع إيواء، ويمنحها مهلة لذلك تختلف باختلاف حجمها. لكنّ دعاة الرفق بالحيوان ينتقدون محدودية الإمكانات المخصصة لتنفيذ القانون.

ودفع تصاعد الجدل وزير الزراعة إبراهيم يوماكلي إلى تأكيد «إمكان ضبط انتشار الكلاب الشاردة من خلال تعقيم 70 في المائة منها في عام واحد». لكنه أشار إلى أن المعدّل السنوي لتلك التي عُقِّمَت بلغ 260 ألفاً خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

مأوى للكلاب الشاردة في إسطنبول يضم نحو 300 كلب (رويترز)

وشدّد إردوغان على ضرورة «الانتقال إلى أساليب أكثر جذرية»، مبدياً قلقه من الانعكاس السيئ لهذه الظاهرة على صورة تركيا الخارجية، وحضّ على التعقيم وحملات التبني لتجنب «الانتقال إلى المرحلة التالية».

وأعربت نقابة الأطباء البيطريين التركية عن معارضتها إدراج أي خطط للقتل الرحيم في القانون، مستنكرةً عدم استشارتها. واعتبرت في بيان أن «القتل ليس حلاً»، مؤكدةً أن «خفض عدد الكلاب ممكن في وقت قصير بواسطة التعقيم الفعّال».

ورفض إردوغان أن «يشكك أحد في رأفة» حكومته، مذكّراً بأن الأساليب السابقة «لم توفّر حلاً». وأضاف: «علينا حل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن لجعل الشوارع آمنة للجميع، وخصوصاً للأطفال».

وفي الانتظار، يحتدم الجدل بين رافضي قتل الكلاب ومؤيديه، ويُبرز دعاة هذا الحل قصصاً مرعبة عن مهاجمة كلاب ضالة أطفالاً وكباراً في السن في شوارع المدينة، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وروى سائح على دراجة هوائية يطلق على نفسه اسم «فرانك 1936»، عبر منصة «إكس»، أنه صرف النظر عن عبور تركيا بسبب هجمات الكلاب على عجلتَي وسيلة تنقلّه. وكتب: «الدراجة الهوائية تجعل (الكلاب) مجنونة».


مقالات ذات صلة

تركيا تؤكد استمرار خططها لاقتناء صواريخ «ميتور» رغم معارضة اليونان

شؤون إقليمية الصاروخ «ميتور» جو - جو (إعلام تركي)

تركيا تؤكد استمرار خططها لاقتناء صواريخ «ميتور» رغم معارضة اليونان

أكدت تركيا استمرارها في خطط اقتناء صواريخ «ميتور» التي تثير اعتراضات من جانب اليونان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي بإندونيسيا 12 فبراير 2025 (أ.ف.ب) play-circle

إردوغان: خطة ترمب بشأن غزة تهديد كبير للسلام العالمي

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الخميس، إن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير الفلسطينيين من غزة تشكل تهديداً كبيراً للسلام العالمي.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يناقش مع نظيره التركي المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره التركي هاكان فيدان، الأربعاء، المستجدات الإقليمية والجهود المبذولة حيالها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية أنصار رئيس بلدية إسطنبول أمام أكرم إمام أوغلو رافعين لافتة كبيرة تحوي صورة له مع عبارات: «لا نجاة لك وحدك... إما أن نكون معا أو لا نكون» خلال إفادته في تحقيقين أمام النيابة الأسبوع قبل الماضي (إ.ب.أ)

رئيس بلدية إسطنبول يواجه الحبس والحظر السياسي في محاكمتين

سيحاكم رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو في قضيتين أمام محكمتين مختلفتين في 11 أبريل المقبل يواجه فيهما عقوبات بالحبس وحظر نشاطه السياسي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تركيا رفعت القيود المفروضة على الصادرات إلى سوريا (إ.ب.أ)

وزارة التجارة التركية ترفع قيود التجارة والعبور مع سوريا

قالت وزارة التجارة التركية، الثلاثاء، إن تركيا رفعت القيود المفروضة على الصادرات إلى سوريا وعمليات العبور (الترانزيت) عبر مناطقها الجمركية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

سلوك يجعلك تبدو أقل أماناً نفسياً من الآخرين... ابتعد عنه

التحدث عن نفسك بشكل مبالغ فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية (رويترز)
التحدث عن نفسك بشكل مبالغ فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية (رويترز)
TT

سلوك يجعلك تبدو أقل أماناً نفسياً من الآخرين... ابتعد عنه

التحدث عن نفسك بشكل مبالغ فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية (رويترز)
التحدث عن نفسك بشكل مبالغ فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية (رويترز)

يحب الناس التحدث عن أنفسهم. خلال المواعيد، وفي مكان العمل، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ستسمع غالباً الآخرين يحاولون جعل أنفسهم يبدون مثيرين للإعجاب.

يقول آدم غرانت، عالم النفس التنظيمي في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا الأميركية، إن هذا نادراً ما ينجح.

يوضح غرانت، الذي درس السلوك البشري لأكثر من 20 عاماً، بما في ذلك «الكثير من الأبحاث حول الترويج للذات»، «في الغالب، يكون التفاخر بإنجازاتك غير فعال وغالباً ما يكون له نتائج عكسية؛ لأن الناس لا يعدّونك مصدراً موثوقاً لما أنت عبقري فيه».

قد يؤدي التحدث عن نفسك بشكل مبالغ فيه إلى نتائج عكسية: «إن بث النجاحات باستمرار ليس علامة على النجاح»، كما كتب غرانت على موقع «لينكدإن» الشهر الماضي.

ويضيف: «إنه علامة على انعدام الأمان النفسي. يتحدث الأشخاص غير الآمنين عن انتصاراتهم فقط... يتفاخرون لجذب الانتباه».

الطريقة الحقيقية لعدم إعطاء فكرة أنك متباهٍ هي أن تطلب من الآخرين أن يتحدثوا نيابة عنك، كما يقول غرانت: «تريد حقاً أن يمدحك الآخرون؛ لأنهم أكثر مصداقية، وهذا لا يشكك في شخصيتك».

يمكنك القيام بذلك من خلال تنمية علاقات قوية مع الأشخاص من حولك، سواء على المستوى الشخصي أو المهني. في مكان العمل، على سبيل المثال، قد تساعد مديرك في تدريب الموظفين الجدد، أو تساهم بانتظام بأفكار إبداعية في اجتماعات فريقك. عندما تكون على وشك الترقية، يمكن لرئيسك أن يوصي بك بسهولة بصفتك شخصاً مفيداً ومبدعاً.

تسمي ليزا سكيت تاتوم، الرئيسة التنفيذية لمنصة التدريب المهني Landit، هؤلاء الأشخاص «الرعاة».

توضح تاتوم، إنهم يستطيعون التحدث عن نقاط قوتك وقدراتك عندما لا تكون موجوداً.

وتضيف: «لم أكن لأصل إلى ما أنا عليه اليوم لولا الأشخاص الذين آمنوا بي... الذين رأوا شيئاً فيّ واغتنموا الفرصة، والذين ساعدوني في رؤية أشياء لم أكن أعرف حتى أنها ممكنة».

وإذا كنت في موقف يتطلب الترويج لنفسك، مثل مقابلة عمل أو مراجعة أداء، يوصي غرانت بالتحدث عن أي جوائز وإنجازات يمكنك إثباتها.

بدلاً من قول إنك الشخص الأكثر لياقة بدنياً في عائلتك، على سبيل المثال، قل إنك أكملت ماراثون مدينة نيويورك مرتين. ويشرح غرانت: «تأكد من مشاركة الأشياء التي يمكن التحقق منها بشكل موضوعي، بدلاً من التفاخر بأنك عبقري أو أفضل متحدث عام في تاريخ العالم».

ثم اذكر التحديات التي واجهتها على طول الطريق، مثل العثور على المساحة المناسبة أو بناء قدرتك على التحمل. وكتب الخبير على «لينكدإن»: «الأشخاص الآمنون منفتحون بشأن إخفاقاتهم أيضاً».