علماء يغيّرون جنس فئران عن طريق التلاعب بالجينات !

علماء يغيّرون جنس فئران عن طريق التلاعب بالجينات !
TT

علماء يغيّرون جنس فئران عن طريق التلاعب بالجينات !

علماء يغيّرون جنس فئران عن طريق التلاعب بالجينات !

قام مجموعة من العلماء بتخليق فئران ذات كروموسومات (Y) أنثوية عن طريق حذف 6 جزيئات صغيرة فقط؛ حيث اكتشفوا أن إزالة جزيئات معينة من الفئران النامية يمكن أن يعكس جنسها تمامًا من ذكر إلى أنثى.

وتتمتع كروموسومات الثدييات بتأثير كبير على تطور الفرد كذكر أو أنثى، لكن دراسة جديدة كشفت أن سحب هذه الكروموسومات الجنسية يمكن تجاوزه بواسطة جزيئات صغيرة تسمى microRNAs. وأظهرت الدراسة الجديدة، التي نُشرت في الـ7 من مايو (أيار) بمجلة «Nature Communications»، أن حذف الجينات الموجودة خلف جزيئات microRNA محددة يمكن أن يحول الفئران الذكور إلى إناث في الرحم، ما يؤدي إلى انعكاس جنسي كامل.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قال المؤلف المشارك في الدراسة رافائيل خيمينيز أستاذ علم الوراثة بجامعة غرناطة «لم نتوقع أن تكون النتائج مذهلة كما هي... فبعد 20 عامًا من المسودة الأولى تم اكتشاف (تغيير الدافع الجنسي) بدماغ الفأر الذكر الذي يدفع الرغبة الجنسية لديه إلى أقصى حد؛ إذ يعتمد تحديد الجنس في الثدييات على توازن دقيق بين مجموعات الجينات المتضادة (مجموعة تدفع إلى تطور الخصائص الأنثوية مثل المبيضين وأخرى تنتج الخصائص الذكورية مثل الخصيتين).

وفي وقت مبكر من تطور الحيوان، تميل المقاييس بطريقة أو بأخرى، ما يؤدي إلى سلسلة من الخطوات لا رجعة فيها تنتهي بتطور أي من مجموعتي الأعضاء الجنسية». وذلك وفق ما ذكر موقع «لايف ساينس» العلمي.

من جانبه، قال فرانسيسكو باريونويفو المؤلف المشارك في الدراسة أستاذ علم الوراثة بجامعة غرناطة «في مرحلة مبكرة جدًا من التطور، تتمتع جميع الثدييات بالقدرة على أن تكون ذكرًا أو أنثى؛ حيث يؤدي الجين المسمى SRY، والذي يوجد فقط على كروموسوم Y، إلى إثارة سلسلة من الأحداث التي تشكل الخصيتين. فيؤدي غياب الجين لدى الأفراد الذين لديهم كروموسومات X فقط إلى تكوين المبايض. ويعرف العلماء الكثير عن الجينات المشاركة في صنع البروتينات اللازمة لهذه العمليات. لكن جزءًا كبيرًا من الحمض النووي للثدييات (بما في ذلك حوالى 98 % من الجينوم البشري) لا يرمز لأي بروتينات، لذلك لم يكن العلماء متأكدين من الدور الذي تلعبه هذه الجينات الأخرى في تحديد الجنس، إن وجدت».

وفي هذا الاطار، تم تحويل هذه الامتدادات من المواد الوراثية، التي تعتبر منذ فترة طويلة (الحمض النووي غير المشفر)، إلى جزيئات تسمى «الحمض النووي الريبي غير المشفر» بدلا من البروتينات. ويمكن أن يؤثر الحمض النووي الريبي (RNA) على العديد من العمليات البيولوجية؛ فحوالى ربع هذه الجزيئات عبارة عن جزيئات microRNA، والتي يمكنها الارتباط بالعديد من الجينات وتنظيم مستويات نشاطها.

ومن بين الآلاف من جزيئات الرنا الميكروي المعروفة، ركز الفريق على مجموعة من ستة جزيئات معروفة بتفاعلها مع الجينات المشاركة في تحديد الجنس؛ فحذفوا هذه الجزيئات من أجنة الفئران النامية التي تحتوي إما على كروموسومات XY أو XX. ولقد طورت الفئران XX المبايض، كما هو متوقع، لكن الفئران XY أظهرت علامات مبكرة لتطور الرحم وكان لديها مبيض لا يمكن تمييزه عن تلك الموجودة في الفئران XX.

من جانبها، بيّنت أليسيا هورتادو المؤلفة الأولى للدراسة باحثة ما بعد الدكتوراه بالمركز الأندلسي لعلم الأحياء التنموي بإشبيلية «لقد رأينا الغدد التناسلية تحت المجهر وكانت مليئة بالإشارة لهذه العلامة الأنثوية. ولتأكيد النتائج، كررنا التجارب عدة مرات باستخدام استراتيجيات مختلفة لحذف microRNAs. ولكي تتطور الخصيتان بشكل صحيح في الحيوانات XY، يجب أن يتم تصنيع البروتين الذي يصنعه جين SRY بكميات مناسبة وفي الأوقات المناسبة». وتابعت «وجد الباحثون أن غياب 6 microRNAs في الفئران XY تسبب في إنتاج هذا البروتين بعد حوالى 12 ساعة من الموعد الطبيعي. وهذا بدوره يؤثر على إنتاج بروتين مختلف ضروري لنمو الأعضاء الجنسية الذكرية. وفي نهاية المطاف، أدت سلسلة الأحداث هذه إلى عكس جنس الفئران».

بدوره، علق سيرج نيف أستاذ الطب الوراثي والتنمية بجامعة جنيف الذي لم يشارك في الدراسة بقوله «هذه النتائج تتوافق بشكل جيد للغاية مع ما نعرفه، إلا أنها تكشف طبقة أخرى من التعقيد... إنها لبنة إضافية في فهمنا لعملية تحديد الجنس برمتها في الثدييات». وخلص الى القول «في حين أن الدراسة قد أجريت فقط على الفئران، إلا أن الـmicroRNAs الستة الرئيسية موجودة في جميع الفقاريات ويعود تاريخها إلى الفقاريات الأولى، منذ حوالى 500 مليون سنة. لذلك، من المحتمل جدًا أن تعمل هذه المجموعة من الرنا الميكروي بشكل مشابه في الثدييات الأخرى أيضًا، بما في ذلك البشر». وفق قوله.


مقالات ذات صلة

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

صحتك البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

كشفت دراسة أميركية أنّ أنواعاً من البكتيريا في الفم قد تفاقم خطر الإصابة بسرطانات الرأس والرقبة بنسبة تصل إلى 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك كيف نحصل على أكبر قدر من العناصر الغذائية؟ (رويترز)

تناول الحديد مع الفيتامين «C»... كيف تدمج العناصر الغذائية لأكبر قدر من الاستفادة؟

من المهم جداً اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة والعناصر الغذائية، لكن كيفية تناول هذه العناصر الغذائية تلعب دوراً في الحصول على أكبر فائدة ممكنة منها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مقاطع ممارسة «الكرومينغ» انتشرت بشكل واسع على «تيك توك» (رويترز)

إلى المراهقين... احذروا هذه الممارسة الخطيرة على «تيك توك»

هذا الانتشار قد يكون نتيجة شيوع مقاطع الفيديو التي تعرض هذه الممارسات على المنصة الشهيرة بين الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تعرف على أفضل 10 دول في العالم من حيث جودة الحياة (رويترز)

الدنمارك رقم 1 في جودة الحياة... تعرف على ترتيب أفضل 10 دول

أصدرت مجلة «U.S. News and World Report» مؤخراً تصنيفها لأفضل الدول في العالم بناءً على جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.