دراسة: ميكروبات الجهاز الهضمي تقلل من التفاعل الاجتماعي

هناك ميكروبات مفيدة تؤثر في كل من صحتنا وسلوكياتنا (جامعة يوتا)
هناك ميكروبات مفيدة تؤثر في كل من صحتنا وسلوكياتنا (جامعة يوتا)
TT

دراسة: ميكروبات الجهاز الهضمي تقلل من التفاعل الاجتماعي

هناك ميكروبات مفيدة تؤثر في كل من صحتنا وسلوكياتنا (جامعة يوتا)
هناك ميكروبات مفيدة تؤثر في كل من صحتنا وسلوكياتنا (جامعة يوتا)

كشفت دراسة أجريت في جامعة يوتا الأميركية للعلوم الصحية، عن أدلة جديدة تُظهر أن الميكروبات التي تعيش في أمعاء البشر تؤثر على سلوكياتهم.

ووجد الباحثون أن المشكلات الهضمية المتكررة يمكن أن تقلّل من السلوك الاجتماعي، وهو تأثير يستمر حتى بعد تراجع أعراض الجهاز الهضمي. وأثبت المشاركون في الدراسة أنهم قادرون على تخفيف تلك الأعراض والتغييرات السلوكية عن طريق إدخال أنواع معينة من البكتيريا المفيدة (الميكروبيوم) في أمعاء البشر.

تقول الدكتورة جين راوند، عالمة الأحياء الدقيقة في جامعة يوتا، وقائدة الفريق البحثي، في بيان صحافي نشر، الجمعة، على موقع «ميديكال إكسبريس»: «أعتقد أن هذه خطوة علاجية مهمة حقاً، لأنه يمكننا الآن البدء في تطوير علاجات جديدة باستخدام الكائنات الحية التي نعرف أنها آمنة».

وتوضح نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة «نيتشر كومينيكيشين»، أنه من الممكن التأثير على الصحة والسلوك من خلال التلاعب بميكروبيوم الأمعاء (البكتيريا المفيدة) بطريقة علاجية آمنة.

ولأن العلماء ما زالوا يحاولون فك طلاسم العلاقة بين مشكلات الجهاز الهضمي وسلوكيات مرضى التوحد، بدأت جين راوند وفريقها دراستهم من خلال التحقيق في التأثير السلوكي لمشكلات الجهاز الهضمي لدى مرضى التوحد.

وقام الدكتور غاريت براون، وأحد أفراد الفريق البحثي، بدراسة الفئران المصابة بحالة التهابية تسمى التهاب القولون، التي تسبّب الألم والإسهال وتلف الأمعاء، حيث تبين أنه غالباً ما يصاحب الإمساك والإسهال وآلام البطن صراعات اجتماعية وسلوكيات متكررة تحدد طبيعة الحالة المرضية.

وبعد جولات عدّة من التهاب القولون، سمح لأعراض الحيوانات بأن تهدأ قبل إجراء الاختبارات السلوكية، ويلاحظ غاريت براون أن «هناك شيئاً خاصاً بالتواصل الاجتماعي وليس فقط شعوراً بالألم».

ويفسر الباحثون الأمر عادّين أن «الإحجام عن الاختلاط الاجتماعي الذي لاحظوه في الفئران يذكرنا بالإعاقات الاجتماعية المرتبطة بالتوحد لدى البشر. وبما أن تجاربهم تشير إلى أن المشكلات الصحية في الأمعاء قد تؤدي إلى تغييرات في السلوك الاجتماعي، فقد تساءلوا عمّا إذا كانت الميكروبات الموجودة هناك متورطة في الأمرين».

للتحقيق في الأمر، جمع غاريت براون عينات من البراز من الأشخاص المصابين بالتوحد وكذلك من آبائهم أو أشقائهم؛ ومن ثمّ وضع العينات المليئة بالميكروبات في القناة الهضمية للفئران، حيث أظهر مزيج الميكروبات المفيدة التي جُمعت من الأفراد الطبيعيين أنه ذو تأثير وقائي من المرض.

ويوضح براون: «لقد تمكنا من انتقاء الميكروبات التي اعتقدنا أنها قد تلعب أدواراً مهمة في مقاومة التهاب القولون الحاد».

وتؤكد جين راوند على أن الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي حدّدت كائنات حية دقيقة معينة داخل البشر يمكن أن تخفف من العجز السلوكي المرتبط بإجهاد الجهاز الهضمي ومشكلاته الصحية، مضيفة: «هذا مثال على أن هؤلاء المرضى يفتقدون إلى الميكروبات المفيدة (الميكروبيوم) في جهازهم الهضمي، مما يؤدي إلى الإصابة بتلك الأعراض».

وترى جين راوند أن «اكتشاف تأثيرات أنواع البكتيريا المفيدة خطوة مهمة نحو علاجات شخصية تستهدف تلك الأمراض». وتضيف: «في يوم من الأيام، سنكون قادرين على تحليل ميكروبيوم الأمعاء بسرعة، لنقول للمريض: مرحباً، أنت تفتقد هذا الميكروب المفيد والمهم، ونحن سنعيده إليك».


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.