نور الغندور لـ«الشرق الأوسط»: الجرأة تكمن في الفكرة... والسينما أساسُها القصة

الفيلم الخليجي «شهر زي العسل» يمنحها فرصة البطولة السينمائية الأولى

الفنانة نور الغندور (خاص «الشرق الأوسط»)
الفنانة نور الغندور (خاص «الشرق الأوسط»)
TT

نور الغندور لـ«الشرق الأوسط»: الجرأة تكمن في الفكرة... والسينما أساسُها القصة

الفنانة نور الغندور (خاص «الشرق الأوسط»)
الفنانة نور الغندور (خاص «الشرق الأوسط»)

توصف الفنانة الشابة نور الغندور غالباً بالجرأة في أعمالها الخليجية. فالمُشاهد اعتاد رؤيتها في أدوار الفتاة المُنطلقة والمنفتحة والمتمرّدة أحياناً؛ وهذه ملامح شخصيتها في الفيلم الجديد «شهر زي العسل»، من بطولتها سينمائياً للمرّة الأولى؛ الذي طرحته منصة «نتفليكس» هذا الأسبوع، وتصدَّر قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة في السعودية ودول خليجية أخرى.

إنه التجربة السينمائية الأولى لنور الغندور التي رافقت الجمهور في الدراما التلفزيونية. تصفه «نتفليكس» بأنه «فيلم كوميدي رومانسي كويتي»، وقد أحدث جدلاً فور طرحه بالنظر إلى جرأته كما رأى البعض، خصوصاً في ظلّ شح الأفلام الرومانسية ضمن الصناعة السينمائية الخليجية المرتكزة غالباً على القصص الاجتماعية والكوميدية، أو المُستلهمة من الموروث.

الأدوار الجريئة

تتحدّث نور الغندور لـ«الشرق الأوسط» عن موقفها من الأدوار الجريئة: «الجرأة تكمن في طرح الفكرة أو الموضوع. في النهاية، نحن لا نمثّل أنفسنا ولا مجتمعات معيّنة، بل شخصيات تكاد تكون موجودة في أكثر من مجتمع وبلد»، مؤكدةً أنّ «الرسالة الفنية ليست موجهة بشكل مباشر إلى دولة أو شعب أو شخص، بل لكل مَن يشاهد العمل، خصوصاً أنّ العِبرة تكمن دائماً في نهاية الفيلم أو القصة. ما نقدّمه لا يشبهنا كأشخاص، بل يشبه الشخصية والظروف المحيطة بها، وكيف تتخلّص منها أو تعالجها».

تؤدّي نور الغندور في «شهر زي العسل» دور شابة رياضية نابضة بالحياة يتركها حبيبها ليتزوّج بأخرى، فتقرّر الزواج سريعاً للتسبُّب بمضايقته. هنا، تتدخّل صديقتها أمل (آسيا) وزوجها وائل (مهدي برويز)، لتدبير زواج «نور» (نور الغندور) برجل الأعمال الجادّ والتقليدي «حمد» (محمود بوشهري)، من دون أن يعرفا أنّ لكل منهما دافعه الخاص لخوض هذه التجربة، فتنكشف الحقائق خلال شهر العسل.

من كواليس تصوير فيلم «شهر زي العسل» (خاص «الشرق الأوسط»)

تقاطع العفويّة

وعن تقاطعها مع الشخصية، تجيب: «عفويتها تشبهني، بمعنى أننا نتشابه في 10 في المائة فقط. لكن بالتأكيد لو كنتُ مكانها، فلن أتصرّف على طريقتها. من غير الممكن أن أورّط شخصاً للانتقام من آخر».

في الدور، تقدّم نور الغندور مشاعر مختلطة ضمن شخصية الفتاة ذات الرؤية العبثية للأمور، فتعزف على وتر الأضداد ما بين زوجين يحملان طباعاً مختلفة، مما يتسبّب بمشكلات ومواقف طريفة تجعل من استمرار هذا الزواج مسألة صعبة؛ إلا أنه وسط كل هذه الفوضى تُبنى بينهما روابط غير متوقَّعة.

يتناول الفيلم قصة زوجين يرتبطان بدافع المصلحة (الشرق الأوسط)

سنة أولى سينما

وعن تجربتها السينمائية الأولى، واختلافها عن الدراما التلفزيونية، تقول: «الفارق يكمن في أنه من المهم جداً، ومنذ بداية الفيلم إلى نهايته، أن نكون قادرين على شدّ المُشاهد والتأكُّد من عدم شعوره بالملل. بمعنى أن يكون إيقاع العمل صحيحاً والأداء التمثيلي غير مبالغ فيه، لتظهر الساعتان (مدّة الفيلم) بشكل محبوك، ولا يفقد المُشاهد شغف المتابعة». وتضيف: «سعيدة بأن تكون تجربتي السينمائية الأولى مع (نتفليكس) وشركة (إيغيل فيلمز) اللبنانية للإنتاج؛ فقد قدّمتا لي جميع العناصر المُساعِدة على أن يظهر الفيلم بهذا الشكل على مستوى الإنتاج، والاهتمام، وتوفير المتطلّبات اللازمة لتوفير كامل الراحة للممثلين».

تتوقّف عند رؤيتها للأفلام الخليجية، ومدى جاذبيتها للجمهور: «كل قصة حلوة تجذب، وليست للأمر علاقة بلهجة أو جنسية أو بلد، فالأهم دائماً هي القصة»، مؤكدةً أنّ للخليجيين شغفاً عالياً بالفنّ، وينتظرهم مستقبل واعد في هذه الصناعة.

يُذكر أنّ فيلم «شهر زي العسل» هو من تأليف إياد صالح، وإخراج إيلي السمعان، ويضمّ نجوماً منهم، نور الغندور ومحمود بوشهري وآسيا، وغيرهم.


مقالات ذات صلة

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.