تحدّيات عدّة تُواجه صنّاع الأفلام في الخليج، يُحاول «المهرجان السينمائي الخليجي»، المقام حالياً في الرياض، الإضاءة عليها ضمن برنامجه الثقافي الذي يتناول «تحدّيات إنتاج الأفلام المقتبسة من الرواية»، وذلك في ندوة بحثت سُبل ردم المسافة ما بين الرواية والفيلم، خصوصاً مع ما تظهره إحصائية عُرضت خلال الفعالية مفادها أنّ نحو 85 في المائة من الأفلام الحائزة جوائز هي مقتبسة من روايات.
«غواصو الأحقاف»
رئيسة «جمعية السينما» الكاتبة والمخرجة السعودية هناء العمير، العاملة حالياً على فيلم عن رواية «غواصو الأحقاف» للروائية أمل الفاران، تحدّثت عن تجربتها: «منذ بداية قراءتي للرواية، لمحتُ مَشاهد منها في خيالي. شكَّل هذا التواصل الأول بيني وبين العمل، كما شعرتُ بالتماهي الكبير مع إحدى الشخصيات، لذا راودتني الرغبة في رؤيتها على الشاشة. تواصلتُ مع الكاتبة للحصول على موافقتها، فعبَّرت عن سعادتها واستحسانها للفكرة».
وأشارت إلى أنّ الإشكالية التي تخوّفت منها كمنت في كيفية رؤية الروائي لموضوع تحويل سرده إلى فيلم: «يتطلّب العمل إنجازه بمنطق سينمائي بحت، ولحُسن الحظ أنّ لدى أمل الفاران تجربة في كتابة السيناريو فاستوعبت ذلك، وأعلنت تفهّمها بأنّ الموضوع سيكون مختلفاً»، وهو ما تراه دليل وعي كبير، مضيفة: «في النهاية سيكون عملاً آخر». وتابعت: «يظلّ هناك قلق من أنّ المُشاهدين سيأتون وفي أذهانهم الرواية. هذا واقع لا أعرف كيفية التعامل معه، لكني أتمنّى التمكُّن من تقديم قصة تُمتعهم إلى حدّ يجعلهم يتفهّمون التضحية ببعض الجوانب التي قرأوها وأحبّوها».
تحدّي الاطّلاع
من جهته، أوضح الناقد السينمائي طارق خواجي، في مداخلته، أنّ ثمة كثيراً من الأعمال المقتبسة من روايات، لكن الجمهور لم يدرك ذلك إلا لاحقاً، كما في فيلمَي (إصلاحية شاوشانك)، و(فورست غامب)». وتابع: «أحد التحدّيات الكبيرة أمام المواهب الشابة اليوم هي أهمية الاطّلاع على عدد من الأعمال الإبداعية، لأنّ المعرفة بالإبداع تُغني جوانب المعالجة».
أما المخرج والكاتب المغربي حكيم بلعباس، فرأى أنّ «المشكلة الكبرى تكمن في أنّ الشباب اليوم لا يقرأون، بل تستغرق شبكات التواصل الاجتماعي معظم أوقاتهم؛ حتى وإنْ قرأوا، فلا يتجاوز ذلك الدقائق، بمعنى أن لا مجال لديهم للتأمّل»، مشدّداً على ضرورة «فرض قراءة الأعمال العالمية على الطلاب للخروج من هذا المأزق».
وفرة المهرجانات
وفي ندوة تناولت «مهرجانات الأفلام في دول الخليج»، بيَّن مدير «مهرجان أفلام السعودية» ومؤسِّسه أحمد الملا، أنّ «ثمة حاجة إلى المهرجانات في مناطق لديها صناعة سينمائية، بعكس الدول التي لا مكان فيها لهذه الصناعة»، مؤكداً أنّ «دور هذه المهرجانات لا يقتصر فقط على عرض الأفلام، بل يمتدّ إلى التمكين وخلق المناخ السينمائي».
وبالسؤال عن وفرة المهرجانات السينمائية في الخليج، أكد أنّ «عدد جميع المهرجانات الخليجية لا يساوي عدد المهرجانات السينمائية في مدينة واحدة في دولة أوروبية، وهناك حاجة ماسَّة إلى مهرجانات أخرى»، متوقّفاً عند «ضرورة أن تتعاون هذه المهرجانات معاً»، ومستشهداً بتجربة «مهرجان أفلام السعودية» في هذا السياق.
الدعم والميزانيات
ويواصل «المهرجان السينمائي الخليجي» فعالياته بندوات أخرى بعنوان «صناديق الدعم والتمويل المشترك»، و«الأفلام المستقلّة والميزانيات الصغيرة»، و«تجربة منصّات العرض في الشرق الأوسط»، والتي تجمع مهتمّين بالصناعة على مدى اليومين المقبلين؛ إلى تقديم خبراء السينما الخليجيين لمحات من خبراتهم عبر عدد من الورش التدريبية التخصّصية للزوّار، منها ورشة «كيف تصنع فيلماً وثائقياً مؤثراً؟»، من تقديم السينمائي عبد الرحمن صندقجي، وورشة «علاقة المؤلّف الموسيقي بالمخرج السينمائي»، من تقديم محمد حداد، وورشة «فن وكتابة وتطوير السيناريو» التي يقدّمها الكاتب محمد حسن أحمد.