بيروت تستضيف «ويل بيينغ» أول مؤتمر من نوعه في لبنان

يسلط الضوء على الطب الوقائي بمشاركة نحو 200 عارض

خلال المؤتمر الذي عُقد في غرفة التجارة والصناعة (الشرق الأوسط)
خلال المؤتمر الذي عُقد في غرفة التجارة والصناعة (الشرق الأوسط)
TT

بيروت تستضيف «ويل بيينغ» أول مؤتمر من نوعه في لبنان

خلال المؤتمر الذي عُقد في غرفة التجارة والصناعة (الشرق الأوسط)
خلال المؤتمر الذي عُقد في غرفة التجارة والصناعة (الشرق الأوسط)

يأتي منتدى «ويل بيينغ» للجمال والصحة النفسية والجسدية ليعزز عند اللبنانيين فكرة الاعتناء بالنفس، ويسلط الضوء على الطب الوقائي، وكذلك على نشاطات تتوفر لهم ليتخلصوا من الشعور الدائم بالقلق. ولدت الفكرة على يد هنادي داغر التي تعمل في مجال العلاقات العامة والإعلام. فبعد تعرضها لجلطة دموية في أثناء الجائحة أدركت أن مقولة «العقل السليم في الجسم السليم» هي حقيقة، وأن الاعتناء بصحتنا على جميع الأصعدة ضرورة وحاجة. كما أن الجمال الخارجي ينبع من جمال داخلي ينتج عن صحة سليمة، فقررت تنظيم المؤتمر مع شركاء أساسيين، يتقدّمهم طبيب الحنجرة والأذن دكتور جاد نعمة، ومديحة رسلان رئيسة جمعية السيدات القياديات التي تنتمي إليها داغر.

ينطلق المنتدى من 18 حتى 21 أبريل (نيسان) في مركز «فوروم دي بيروت». ويشارك فيه نحو 200 عارض تصبّ اهتماماتهم في موضوعات التجميل والطب والرياضة والصحة النفسية. وأُعلن عن هذا المؤتمر الذي يُنظّم لأول مرة في بيروت، ضمن مؤتمر صحافي عُقد في غرفة الصناعة والتجارة، برعاية وزارتي الإعلام والاقتصاد.

ولدت فكرة المؤتمر على يد هنادي داغر إثر تجربة صحية شخصية (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» تؤكد هنادي داغر، مؤسسة المنتدى، أن لبنان يستحق منّا التنويه بقدراته على جميع الأصعدة. فهو يزخر بأصحاب اختصاصات طبية ينافسون الأشهر في العالم. وكذلك يملك أفضل المراكز الترفيهية والرياضية والجمالية. ومن خلال منتدى «ويل بيينغ» سيُسلط الضوء على الطب الوقائي وعلى علاجات شتّى يؤمنها لبنان في مجالات الصحة النفسية والجسدية والجمالية.

وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن تعرضت لحادثة صحية ومن خلال لقاءاتي المتكرّرة مع طبيبي دكتور جاد نعمة لمعت في رأسي الفكرة. فاللبناني اليوم بأمسّ الحاجة إلى راحة نفسية تنعكس إيجاباً على أسلوب حياته وتزوده بمناعة ضد الأمراض على أنواعها. فكل ما يصيبنا من أمراض داخلية ينبع من صحتنا النفسية. كما أن لجمالنا الخارجي الحق علينا للاهتمام به. فبدوره يزودنا بالطاقة وبحب الحياة؛ إذ يضفي علينا بريقاً نحتاجه لتجديد نمطنا اليومي».

تقول داغر إن المنتدى الذي تنظمه هدفه الأساسي الاعتناء بالروح والجسد. وبدل الالتهاء بقشور الحياة السطحية من تناول طعام وتمضية السهرات لا بدّ من الالتفات إلى ما يغذّي الروح. وتضيف: «يمكننا أن نسرح في مناطق لبنان ونمارس سياحة داخلية نتنشق خلالها هواء نظيفاً. كما يمكننا ارتياد الجبال لممارسة رياضة الـ(هايكينغ)، ونتوجه نحو الشواطئ للسباحة وممارسة رياضة الـ(سيرفينغ) وغيرها. وجميع هذه النشاطات تنعكس علينا جمالاً داخلياً وصحة جيدة. ولا حاجة للبنانيين للسفر للقيام بعلاجات جمالية ونفسية وجسدية، فجميعها متوفرة في لبنان، وهو ما يسمح لنا بدعوة السائحين للاستفادة من هذه العلاجات».

هنادي داغر ود. نعمة الشريكان المؤسسان للمؤتمر (الشرق الأوسط)

أطباء تجميل واختصاصيون في مجالات مختلفة يحضرون في منتدى «ويل بيينغ». وستدور على هامش فعالياته لقاءات حوارية معهم، فيعرّفون اللبنانيين على كيفية إعادة تشكيل نمط حياتهم. كما سيحضر فيه مؤثرون وإعلاميون وشخصيات لبنانية ناجحة ووجوه معروفة في عالم الإبداع.

حضر المؤتمر محمد شقير، الصحافي والوزير السابق ورئيس غرفة التجارة والصناعة، وكذلك دكتور جاد نعمة الشريك المؤسس لمنتدى «ويل بيينغ»، إضافة إلى مديحة رسلان وهنادي داغر ونقيب الأطباء يوسف بخاش.

ورأى الأخير أن هذا المنتدى هو جزء من عملية تعافي لبنان. ويشرح لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم عندما نلقي نظرة على قطاعنا الخاص في لبنان نلاحظ بأنه تعافى. فمؤسساته ومراكزه ومستشفياته تسير على الخط المطلوب. ولا بدّ هنا من التذكير بأن مشكلة هجرة الجسم الطبي التي واجهها لبنان في الأعوام الثلاثة الماضية بدأت بالتراجع. ففي عام 2023 عاد 50 في المائة من الأطباء الذين هاجروا. وهي نقطة إيجابية لا بدّ من التنويه بها. ويأتي هذا المنتدي في الوقت المناسب لتسليط الضوء على الوجه الحضاري للبنان، كما يجمع تحت سقفه كل ما يرتبط بالتطور العلمي والتقني الذي نضعه في خدمة المجتمع اللبناني، ونحن بذلك نساهم في بناء لبنان الجديد، ومقتنعون بأنه قريباً سيعود منارة الشرق».


مقالات ذات صلة


هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.