كلمة مكتوبة بسعف النخيل تنقذ 3 بحّارة عالقين في جزيرة نائية

طائرة البحرية الأميركية التقطت صورة كلمة «النجدة» مكتوبة بسعف النخيل (خفر السواحل الأميركي)
طائرة البحرية الأميركية التقطت صورة كلمة «النجدة» مكتوبة بسعف النخيل (خفر السواحل الأميركي)
TT

كلمة مكتوبة بسعف النخيل تنقذ 3 بحّارة عالقين في جزيرة نائية

طائرة البحرية الأميركية التقطت صورة كلمة «النجدة» مكتوبة بسعف النخيل (خفر السواحل الأميركي)
طائرة البحرية الأميركية التقطت صورة كلمة «النجدة» مكتوبة بسعف النخيل (خفر السواحل الأميركي)

نجح 3 بحّارة ظلوا عالقين على جزيرة نائية في المحيط الهادئ في لفت الانتباه لوجودهم بعد أن رصد فريق البحث والإنقاذ بالبحرية الأميركية لافتة عملاقة تحمل عبارة «النجدة»، كان الرجال قد شيّدوها من سعف النخيل على الشاطئ، بحسب ما ذكر موقع صحيفة «الإندبندنت» أمس.

وتعود قصة البحّارة، الذين تمّ التعرف عليهم بأنهم 3 رجال في الأربعينات من عمرهم يتمتعون بخبرة في الإبحار، من بولوات أتول، جنوب شرقي غوام، إلى 31 مارس (آذار). وقد تعرّض قاربهم، وهو عبارة عن زورق شراعي يبلغ طوله 20 قدماً، وفيه محرك خارجي لأضرار، وتقطعت السبل بالرجال في جزيرة بيكيلوت أتول.

وبعد أسبوع تقريباً، في 6 أبريل (نيسان)، تلقى مركز الإنقاذ الأميركي المشترك الفرعي في غوام نداء استغاثة من أحد أقارب البحّارة، قائلاً إنهم لم يعودوا من بيكيلوت. دفع هذا النداء المسؤولين الأميركيين إلى بدء عملية إنقاذ تمتد على مساحة تزيد على 78 ألف ميل بحري.

وفي اليوم التالي، رصدت طائرة «بوسيدون» تابعة للبحرية الأميركية كانت تنطلق من قاعدة كادينا الجوية في اليابان البحّارة، إلى جانب مأوى بدائي كانوا قد أقاموه على الشاطئ، ثم أسقطوا عليهم أطقم النجاة.

في 8 أبريل، حلقت طائرة تابعة لسلاح خفر السواحل الأميركي من طراز «هيركوليز» فوق الرجال العالقين، وزوّدتهم بجهاز لاسلكي. ورد الرجال عبر اللاسلكي بأنهم «بصحة جيدة» وأنهم «تمكنوا من الحصول على الطعام والماء»، وفقاً لخفر السواحل، حيث كان الرجال على قيد الحياة بفضل تناول جوز الهند.

في اليوم التالي، نجحت سفينة خفر السواحل «أوليفر هنري»، التي تم تحويلها عن مسارها الأصلي للانضمام إلى عملية الإنقاذ، في إنقاذ البحّارة. وفي تطور آخر، كان أحد أفراد خفر السواحل، المشارِك في عملية الإنقاذ، وهو ضابط الصف يوجين هاليشيليوس، على صلة قرابة بالرجال المفقودين. «كنت أستطيع أن أرى وجوههم... يا إلهي! مَن هذا الرجل الذي نسحبه لأعلى ويمكنه أن يتحدث لغتنا؟». وأضاف: «إنه عالم مجنون، اكتشفت في الواقع أنني مرتبط بهم!»، واصفاً الرجال المفقودين بأنهم أبناء عمومة من الدرجتين الثالثة والرابعة.

وقد أعيد الرجال بسلام إلى نقطة مغادرتهم في بولوات أتول.

كانت الجزيرة المرجانية النائية موقعاً لعملية إنقاذ مماثلة في عام 2020، عندما جرفت الأمواج مجموعة أخرى من 3 أشخاص إلى بيكيلوت بعدما نفد الوقود من قاربهم.



أنار مدرسة بالقاهرة القديمة... مصباح نادر من العصر المملوكي للبيع في لندن

مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)
مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)
TT

أنار مدرسة بالقاهرة القديمة... مصباح نادر من العصر المملوكي للبيع في لندن

مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)
مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)

عرف عصر المماليك في مصر صراعات دامية ونزاعات مريرة، ولكن في عالم التحف والآثار تتسم القطع الباقية من ذلك العصر بالجمال والأناقة والصنعة رفيعة المستوى بدءاً من النحاس إلى الزجاج وصولاً للمخطوطات.

نتوقف عند الزجاج الذي برع الصناع في ذلك العصر في نفخه وتشكيله وزخرفته، وتجلى ذلك في مصابيح المساجد المزخرفة بالمينا بكتابات بديعة التشكيل من آيات القرآن الكريم. لا يخلو متحف عالمي به قسم للفن الإسلامي من نسخة من تلك المصابيح سواء كانت صُنعت في عهد المماليك أو صنعت بالطراز نفسه لاحقاً في أوروبا، ويمكن القول إنَّه لا توجد قطع مماثلة خارج المتاحف حتى الآن. ولكن السوق الفنية ملأى بالمفاجآت، إذا تعرض «دار بونامز» في لندن في مزادها القادم مصباحاً أثرياً من ذلك العهد؛ فهو يحمل نَسباً تاريخياً يعود للأمير المملوكي سيف الدين صرغتمش الناصري، وهو أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون. ما نعرفه عن تاريخ انتقال ملكية المصباح قليل، ولكن المعلومة الرئيسية هي أنه كان بحوزة عائلة نوبار باشا، أول رئيس وزراء لمصر في العصر الحديث، وظل مع العائلة حتى يومنا هذا.

جماليات تعكس صناعة وحِرفة باهرة (بونامز)

نستكشف قصة المصباح مع نيما ساغارتشي، رئيس قسم الفن الإسلامي والشرق الأوسط بـ«دار بونامز»، الذي يبدأ حديثه بالتأكيد على ندرة المصابيح المملوكية في السوق «في القرن الحالي لم تظهر سوى ثلاثة مصابيح مملوكية في الأسواق، فهو أمر نادر الحدوث لسبب بسيط، وهو أن غالبيتها تقبع في المتاحف مثل متحف الفن الإسلامي في القاهرة الذي يضم عدداً كبيراً منها». وإلى جانب عامل الندرة، هناك عامل آخر تحرص عليه دور المزادات، ويمنح القطع المعروضة أهمية مزدوجة، وهو وجود تاريخ وثيق من الملاك السابقين، وهو ما يتحدث عنه ساغراتشي.

تنقلات المصباح

لا نعرف الكثير عن المصباح وتنقلاته في السوق قبل القرن التاسع عشر؛ لهذا ستبدأ حكايته عند وصوله إلى يد دبلوماسي وجامع فنون فرنسي يُدْعَى تشارلز شيفر نشأ في باريس، ودرس العربية والتركية والفارسية. عُيّن شيفر مترجماً في وزارة الخارجية الفرنسية في 1843، وحتى 1857، وتنقل في أماكن مختلفة في أرجاء الإمبراطورية العثمانية، وفي مصر، ويعتقد أنه ابتاع المصباح في تلك الفترة، وأخذه معه إلى باريس. بعد ذلك وفي عام 1906 انتقل المصباح لمجموعة بوغوص باشا، وهو ابن أول رئيس وزراء في مصر نوبار باشا 1825-1899) وظل المصباح مع العائلة منذ ذلك الوقت.

بوغوص باشا ابن أول رئيس وزراء في مصر نوبار باشا 1825 - 1899)

يشير ساراغتشي إلى أن عائلة نوبار باشا الأرمينية الأصل كانت تقيم بين القاهرة وباريس، واستقرت في باريس بعد ثورة 1952. وتنقل المصباح مع العائلة حتى استقر في شقة بجنيف، «لم يكن أحدهم يعرف عن أهمية المصباح، ولا تاريخه ولا ندرته». بعد خروجه من مصر في القرن التاسع عشر ظل المصباح في أوروبا وبعد وفاة بوغوص باشا، ولم ينل المصباح اهتمام العائلة، وظل قابعاً في شقتهم في جنيف. من الملاحظ أن المصباح بحالة جيدة، ويرجع الخبير ذلك إلى أنه ظل في حوزة مالك واحد وعائلته «بشكل ما وجوده في مكان واحد ربما على مدى 100 عام حافظ على حالته، رغم ذلك يجب أن أقول إنه من النادر جداً أن نجد مصباحاً بهذه الحالة، لا يوجد به شروخ وحالة الزخارف جيدة والكتابات ما زالت معظمها موجودة». الأصل في عرض المصابيح الزجاجية القديمة كان تعليقها بواسطة حبال تتدلى من أسقف المساجد وقبابه، وهو أمر لا يمكن تخيل حدوثه اليوم، خصوصاً وأن المصابيح المتبقية من ذلك العصر قيّمة جداً، وفي حالة مصباح صرغتمش فسعره يقارب مليون جنيه إسترليني، بحسب الخبير.

جماليات وزخارف

هناك الكثير مما يميز المصابيح الزجاجية إلى جانب تاريخها وقصصها؛ فالجماليات فيها تعكس صناعة وحِرفة باهرة «الشيء الخاص جداً والمميز في المصابيح من هذا النوع هو صعوبة تنفيذ الزخارف والكتابات بالمينا على الزجاج. عندما ننظر إلى النماذج المصنوعة في أوروبا في الفترة نفسها نجد أن الصناعة كانت فقيرة وبدائية. ولهذا أن تكون هناك القدرة في القرن الرابع عشر على تنفيذ مثل هذه الكتابات متعددة الألوان والمزينة بالزخارف والأزهار مباشرة على الزجاج فهذا أمر مدهش، وقد برع فيه الصانع والحرفي المملوكي، واختفى بعد ذلك».

مدرسة الأمير صرغتمش في حي السيدة زينب بالقاهرة (بونامز)

الحديث عن الزخارف والألوان يأخذنا لحرفة عتيقة ومدهشة في آن واحد، أسأله عن الألوان المستخدمة التي حافظت على لمعانها وثباتها عبر القرون، يقول: «فعلاً، فهي من نوعية عالية الجودة، وكان الحرفي يكتب، ويلوّن على الزجاج في أثناء تشكيله مباشرة، فبينما كان الزجاج يتشكل بالنفخ كان الحرفي يضيف الألوان التي تكونت في العادة من الأحمر والذهبي والأزرق، وما نعرفه الآن أن كل لون كان يوضع في درجة حرارة معينة مناسبة له، كان أمراً صعباً، وليس بسهولة الرسم على القماش على سبيل المثال الذي يمكن تصحيحه».

زخارف وكتابات بالمينا على الزجاج (بونامز)

نرى على الجزء العلوي من المصباح الآية الكريمة «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» من سورة النور، كما تحمل اسم الأمير صرغتمش وشعاره واسم السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وكانت معلقة في مدرسة صرغتمش بالقاهرة. يقول ساراغتشي إن الأمير صرغتمش وهو أحد أمراء السلطان المملوكي البحري الناصر محمد بن قلاوون أسس مدرسة باسمه في حي السيدة زينب عام 757هـ/ 1356م، قد أمر بصنع المصباح ليضعه فيها. يعرض المصباح في «مزاد بونامز» للفن الإسلامي والهندي في لندن يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) بسعر تقديري يتراوح ما بين 600 ألف ومليون جنيه إسترليني.