أسامة الرحباني: الغناء ليس ممنوعاً لكنّ حقوق المؤلّفين في خطر

رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين اللبنانيين الفنان أسامة الرحباني متحدّثاً عن أوضاع حقوق المؤلّفين (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين اللبنانيين الفنان أسامة الرحباني متحدّثاً عن أوضاع حقوق المؤلّفين (الشرق الأوسط)
TT

أسامة الرحباني: الغناء ليس ممنوعاً لكنّ حقوق المؤلّفين في خطر

رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين اللبنانيين الفنان أسامة الرحباني متحدّثاً عن أوضاع حقوق المؤلّفين (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين اللبنانيين الفنان أسامة الرحباني متحدّثاً عن أوضاع حقوق المؤلّفين (الشرق الأوسط)

دعا المؤلّف والمنتج الموسيقي اللبناني أسامة الرحباني إلى لقاءٍ مع مجموعة من الإعلاميين، في مقرّ مجلس المؤلّفين والملحّنين اللبنانيين في بيروت، والذي يمثّل جمعيّة «الساسيم» (SACEM) في لبنان. أتى اللقاء بمثابة جرس إنذار قرعه الرحباني، وهو رئيس مجلس المؤلّفين والملحّنين، محذّراً من الظلم الذي يتعرّض له المؤلّفون الموسيقيّون من شعراء، وملحّنين، وناشري الموسيقى، وذلك بسبب عدم التزام المؤسسات الإعلامية والسياحية والثقافية بتسديد ما يتوجّب عليها من حقوق بثّ الأعمال الموسيقيّة، والتصرّف بها. وقال الرحباني موصّفاً ظروف كتّاب الأغنية، وملحّنيها، وموزّعيها: «الفنانون الذين يلوّنون سهراتكم وأفراحكم وأحزانكم وعنفوانكم من خلال موسيقاهم، أوضاعهم ليست بخير».

حضر اللقاء، إلى جانب الإعلاميين، ممثلون عن جمعيّة «الساسيم» في لبنان، وأعضاء في المجلس، وحقوقيّون مَعنيّون بالملفّ، من بينهم المحامي د. بيار خوري المتخصص في حقوق الملكيّة الفكريّة، والمحاضر في منظّمة «وايبو» (WIPO). وقد أوضح الرحباني أنّ مسؤولية ضياع الحقوق تقع على عاتق الجهات الرسميّة من جهة، والممثّلة بوزارات السياحة والثقافة والإعلام، وعلى نقابة أصحاب المطاعم من جهة ثانية.

حضر اللقاء إعلاميون وحقوقيّون وممثلون عن الساسيم وأعضاء مجلس المؤلفين والملحنين (الشرق الأوسط)

«ما فينا نكمّل هيك، والكلّ مساهم بالغلط»، أعلن الرحباني الذي لم يُخفِ أنّ جمعيّة المؤلّفين والملحّنين وناشري الموسيقى «الساسيم» غالباً ما تُبدي تذمّرها من تضاؤل إيرادات الحقوق الموسيقية الواردة من لبنان مؤخراً. مع العلم بأنّ «الساسيم» الفرنسية، ومقرُّها الرئيسي باريس، تجمع الإيرادات من حول العالم، ثم تعيد إرسالها إلى أصحابها في البلاد المُرسِلة، بعد أن تجتزئ النسَب الخاصة بها.

وإذ أصرّ الرحباني على أنّ السعي وراء حقوق المؤلّفين لا يعني منع أي شخص من أداء أغنية لسواه، قال: «ممنوع حدا يمنع حدا يغنّي أغنية». وشرح في هذا السياق أنّ المقصود هنا هو أنّ «مُطلَق إنسان يحقّ له أن يغنّي أي أغنية ضمن أداء علنيّ، أي في حفل عامّ، شرط خضوع القاعة أو منتجي الحفل لشروط الساسيم. أما إعادة التسجيل، والتصوير، واستثمار الأغنية فلا يمكن أن يحصل إلا بعد أخذ الإذن من الناشر، أو الشركة المنتجة». وأضاف الرحباني: «مَن يحاول مخالفة قوانين الساسيم الواضحة في هذا الإطار، يمكنه مغادرة الجمعيّة العالميّة، وإنشاء مؤسسة خاصة به».

وبالعودة إلى قضيّة حقوق البثّ، شرح الرحباني أنّ مجلس المؤلّفين والملحّنين في لبنان يحارب نيابةً عن «الساسيم» كي تحصل الجباية، مع العلم بأن المردود يذهب مباشرةً إلى الإدارة الفرنسية. وفي تفاصيل الجبايات، فهي تُقسم إلى 3 مصادر: أوّلاً: المطاعم، والفنادق، والملاهي الليليّة، والحانات، وهي تحت مسؤولية وزارة السياحة. ثانياً: القنوات التلفزيونية، والإذاعات، وتنضوي تحت لواء وزارة الإعلام. ثالثاً: المسارح، والمهرجانات، والمسؤولة عنها وزارتا السياحة والثقافة مجتمعتين. أما الوافد الجديد والأعلى دخلاً فهي منصّات البثّ الموسيقي، ووسائل التواصل الاجتماعي.

التشدّد في جباية حقوق المؤلّفين مسؤولية تتشاركها وزارات الإعلام والسياحة والثقافة ونقابة المطاعم (الشرق الأوسط)

على مستوى المطاعم والفنادق، لفت الرحباني إلى أنّ أبرز المشكلات تتمثّل في عدم انتساب كل المؤسسات السياحية إلى النقابة، ما يسهّل عملية التهرّب من تسديد الرسوم المتوجّبة عليها. ولفت إلى أنّ مطاعم أخرى معروفة بفواتيرها المرتفعة، وإيراداتها الخياليّة لا تخضع للقانون عندما يتعلّق الأمر بحقوق مؤلّفي الموسيقى التي تبثّ. وحمّل الرحباني المسؤولية هنا إلى وزارة السياحة، مطالباً إياها بالتشدّد أكثر مع تلك المطاعم والفنادق المخالفة.

أما بخصوص الإذاعات والتلفزيونات، فأشار الرحباني إلى أنّ «الوضع كان أفضل سابقاً، لكن بعد الأزمة الاقتصادية التي ألمّت بلبنان، فبدأ التقاعس من قِبَلها رغم إيراداتها الكبيرة». وأضاف: «كمّية الأغاني التي تُبثّ سنوياً عبر التلفزيونات والإذاعات لا تُقارَن بالمردود الهزيل الذي نتمكّن من جبايته».

وبالانتقال إلى المسارح والمهرجانات الكبرى التي تُنظّم في لبنان، فلا تشدُّدَ من قِبَل إداراتها حول القاعدة الذهبيّة: «ممنوع على أي مسرح استقبال أي فنان أو مُنتج حفل إذا لم تَكُن الإدارة حاصلة على برنامج الحفل، وعلى موافقة الساسيم، وهنا فإنّ مسؤولية تسديد الرسوم للساسيم تقع على عاتق المسؤولين عن القاعة».

أسامة الرحباني: «ممنوع حدا يمنع حدا يغنّي أغنية» (الشرق الأوسط)

أما جباية حقوق المؤلّفين من منصات بثّ الموسيقى، ومن وسائل التواصل الاجتماعيّ، فقضيّة مستجدّة أُضيفت إلى التحدّيات المتراكمة. إذ إنّ السيطرة على فوضى البثّ، واستعارة الأغاني على تلك المنصات، لا سيّما منها «تيك توك»، أمرٌ بالغ الصعوبة، وتجري معالجته عالمياً.

بعد تفنيد الأطراف التي يتوجّب عليها تسديد الحقوق، اختصر الرحباني الواقع الحاليّ بالقول إنّ «ما نعتبره نحن كفنّانين حقاً لنا، يتعامل معه الطرف الآخر كضريبة مفروضة عليه». وإلى حين تَجاوب الجهات الرسميّة من وزارات ونقابات، واتّخاذها إجراءات صارمة، دعا الناشرين إلى «حماية الأغنية، وتحصينها، ما يعود بالمردود على المؤلّف والملحّن». من جهة ثانية، تمنّى على الفنانين الذين يقدّمون حفلات في الدول العربية أن يلحظوا حقوق الكاتب والملحّن ضمن عقود حفلاتهم، معتبراً أنّ الأمر «واجب وليس حسَنة».


مقالات ذات صلة

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الوتر السادس أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها

أحمد عدلي (القاهرة)
الوتر السادس تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتمسك الفنانة تانيا قسيس بحمل لبنان الجمال والثقافة في حفلاتها الغنائية، وتصرّ على نشر رسالة فنية مفعمة بالسلام والوحدة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».