«الاستجواب السقراطي»... حيلتك الفعالة للتصدي للأفكار السلبية

الأفكار السلبية والمزعجة قد تسيطر على عقولنا لتصيبنا بنوبات من القلق والهلع (رويترز)
الأفكار السلبية والمزعجة قد تسيطر على عقولنا لتصيبنا بنوبات من القلق والهلع (رويترز)
TT

«الاستجواب السقراطي»... حيلتك الفعالة للتصدي للأفكار السلبية

الأفكار السلبية والمزعجة قد تسيطر على عقولنا لتصيبنا بنوبات من القلق والهلع (رويترز)
الأفكار السلبية والمزعجة قد تسيطر على عقولنا لتصيبنا بنوبات من القلق والهلع (رويترز)

في كثير من الأحيان، تسيطر الأفكار السلبية والمزعجة على عقولنا لتصيبنا بنوبات من القلق والهلع قد تتطور فيما بعد لتصل إلى الاكتئاب.

وحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد أشارت مجموعة من الخبراء إلى أن هناك حيلة فعالة للتصدي لهذه الأفكار المزعجة وتسهم في تهدئة الأعصاب، تُعرف باسم «الاستجواب السقراطي».

فما الاستجواب السقراطي؟

سُميت هذه الحيلة على اسم سقراط، الفيلسوف اليوناني المؤثر المعروف بطرح الأسئلة على الآخرين لمساعدتهم على تحسين تفكيرهم والوصول إلى الحقيقة بشكل أفضل.

وكثيراً ما استخدم الأطباء والمعالجون النفسيون هذه التقنية مع المرضى في العلاج السلوكي المعرفي، وهو شكل من أشكال العلاج النفسي يركز على كيفية تأثير أفكار المريض ومعتقداته في مشاعره وسلوكياته وأفعاله.

ويشمل الاستجواب السقراطي الأسئلة التالية:

● هل هذا الفكر الذي يشغل عقلي مبنيّ على حقائق وأدلة أم مشاعر؟

● هل هناك أدلة مضادة لهذا الفكر؟

● هل فكرت في كل النتائج المتوقعة أم لجأت إلى السيناريو الأسوأ؟

● هل أسيء تفسير الأدلة؟ هل أقوم بافتراضات قد لا تكون حقيقية؟

● إذا نظرت إلى هذا الوضع بشكل أكثر إيجابية، كيف سيختلف؟

● هل سيكون هذا الأمر مهماً بعد عام من الآن؟ وبعد خمس سنوات؟

● هل يمكن أن يكون لدى الآخرين تفسيرات مختلفة لهذا الموقف؟

وقال د.دانييل آر سترونك، أستاذ علم النفس بجامعة ولاية أوهايو إن «الاستجواب السقراطي يساعد على إعادة هيكلة عقليتك، وهو أمر مهم لأن التأثير القوي لأفكارك في عواطفك يرجع إلى أنك تصدق الأفكار، وليس لأنها صحيحة بالضرورة».

من جهته، يقول د.جيمس أوفرهولسر، عالم النفس في جامعة «كيس ويسترن ريزيرف» في كليفلاند، إنه على الرغم من أن الاستجواب السقراطي هو أداة تُستخدم في العلاج السلوكي المعرفي، فإنه ليس من الضروري أن يكون لديك معالج لممارستها والاستفادة منها بل يمكنك الاعتماد على نفسك في هذا الأمر عن طريق طرح هذه الأسئلة على نفسك والإجابة عنها كتابةً.

ولفت العالمان إلى أن القيام بهذه الممارسة باستمرار يساعد الأشخاص على أن يصبحوا أكثر وعياً وهدوءاً وأقل عُرضة للإصابة بالاكتئاب.


مقالات ذات صلة

اكتشافُ «الولد الكبير»... عنكبوتٌ قاتل أكثر سُمّية

يوميات الشرق سُمّه أكثر فتكاً (رويترز)

اكتشافُ «الولد الكبير»... عنكبوتٌ قاتل أكثر سُمّية

اكتشف علماء أستراليون نوعاً جديداً من العنكبوت القمعي القاتل يتميّز بحجمه الأكبر وسُمّيته الأخطر مقارنةً بباقي أفراد عائلته، وأطلقوا عليه اسم «الولد الكبير».

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق فوجئ بالشعور الجيّد بعد الجراحة (موقع الروبوت)

روبوت يُجري جراحة لمريض سرطان

ابتكر علماء روبوتاً جديداً قادراً على إجراء جراحات لمرضى السرطان يُستخدم حالياً في نورفولك بشرق إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إعادة فتح «متحف مصرف لبنان» ابتداء من 1 فبراير المقبل (موقع المتحف)

«متحف مصرف لبنان» يفتح أبوابه بعد غياب

يُعدّ «متحف مصرف لبنان» من المتاحف اللبنانية المختلفة عن غيرها... محتواه من عملات نقدية وورقية يطّلع من خلاله زائره على تاريخ لبنان عبر العملات.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هانكوك مُمسكاً بالعود على الطريقة السعودية ومتحدّثاً لجمهور حفل الرياض (الشرق الأوسط)

أسطورة الجاز هانكوك ومُلهمة الملايين سيغل: السعودية مستقبلٌ واعد للموسيقى

لبَّى هيربي هانكوك الدعوة لتعزيز التبادل الثقافي بين المملكة وأميركا، تأكيداً على قدرة الموسيقى في مدّ جسور التواصل بين الشعوب.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق له شروطه ومزاجه (الجمعية الملكية لحماية الحيوان)

القطّ «مصاص الدماء» يبحث عن منزل جديد

يبحث قطٌّ أسود ذو أنياب تُشبه مصاصي الدماء عن شخص يتقبّل هيئته المُخيفة بعدما أمضى 4 أشهر في ملجأ للحيوانات ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة

المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)
المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)
TT

رحيل ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة

المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)
المخرج العالمي ديفيد لينش (أ.ف.ب)

قبل نحو أسبوع من وفاته، اضطر المخرج ديڤيد لينش إلى مغادرة منزله الواقع على أحد مشارف «هوليوود هيلز» في لوس أنجليس. أُمِر، كآخرين، بمغادرة منزله قبل وصول النيران إليها التي ما أن وصلت حتى حرقت الأثاث والحاجيات و... الذاكرة.

هل مات حسرة على ما احترق من أرشيفات وأفلام ولوحات ونوتات موسيقية كتبها؟ أم أن جسمه لم يتحمّل معاناة الحياة بسبب تعرضه لـ«كورونا» قبل سنوات، ويُقال إنها تركت آثارها عليه؟ ربما الناحيتان، لكن بالتأكيد لم يكن سعيداً وهو يهجر بيتاً هادئاً معبّق بأعماله ويقع وسط غابة من الأشجار العالية اعتاد لينش أن يجول فيها حباً بالطبيعة.

ديڤيد لينش (آي أم دي بي)

انتقل لينش إلى جبال هوليوود هيلز قبل نحو 20 سنة عندما قرر أنه يريد العزلة عن مدينة لوس أنجليس الصاخبة. لم يكن من المخرجين الذين ينتقلون من استديو إلى آخر ليقبل ما يعرض عليه ولا بحثاً عن عمل. أفلامه في هذا الزمن المليء بأفلام الفصول والأجزاء لم تعد مقبولة ولا كان في وارد البحث عمن ينتجها له. ليس إنه الوحيد بين المخرجين المستقلين الفعليين الذين أنجزوا أعمالهم البديعة في فترة سابقة كانت أكثر ترحيباً بأعمالهم، لكنه من أكثرهم انفراداً فنياً وكأسلوب كتابة وعمل.

تبرهن أفلامه على ذلك منذ أول عمل له وهو «إرازرهَد» (Eraserhead) في 1977 وحتى آخر فيلم طويل له وهو «إمبراطورية داخلية» (Inland Empire) في 2006. ما بينهما ثمانية أفلام أخرى فقط عكست موهبة نادرة ورؤية فنية خاصة.

رحلات

وُلد لينش في بلدة في ولاية مونتانا اسمها ميسولا سنة 1946، لكنه ترعرع حيثما استقر والداه للعمل. عاش في ولايات فرجينيا وأيداهو ونورث كارولاينا وواشنطن قبل أن ينتقل للعمل والعيش في لوس أنجليس سنة 1970.

في عام 1967 أنجز فيلمه القصير الأول Six Men Getting Sick. ذلك الفيلم، لمن تتاح له مشاهدته اليوم، فيه كل بذور وجذور الأسلوب الفني للمخرج لينش. تبع ذلك بعدد كبير من الأفلام القصيرة وصولاً، سنة 1977، إلى أول فيلم طويل له وهو Eraserhead.

«إرازرهَد» (أميركان فيلم إنستتيوت)

هذا الفيلم وضعه، ولو بعد سنوات من عروضه الأولى، على قائمة أهم المواهب الجديدة في تلك الفترة. دراما من الهواجس التي تحمل سمة أفلام الرعب، لكنها تنحو إلى ما وراءها. إلى التجريب من ناحية وإنتاج عمل غير سهل التوصيف من ناحية أخرى من حيث إنه يحمل هاجساً هائماً من الصعب التعبير عنه. ‫«إرازرهَد»: شخص يعمل في منطقة صناعية ملوّثة ويؤم بيت صديقته القشيب وهي أم طفل يصرخ، بلا توقف، من ألم مبرح أو حاجة غير معروفة. من المحتمل أن يكون هذا الطفل وُلد مشوّهاً أو ربما هو ليس بشراً في الأصل. تنتقل الأم مع طفلها إلى منزل صديقها، لكنها ستغادره بسبب غرابة تصرّفاته وهواجسه.

في الواقع كل شيء في هذا الفيلم الذي صوّره بالأبيض والأسود عبارة عن هواجس وكوابيس في رحلة رجل ربما كان يبحث عن معنى لحياته التي تشابه الأماكن المعتمة والفقيرة الحالكة التي نراه فيها. هذا فيلم رعب في الأساس مع مشاهد سوريالية. لكن لينش يمتنع عن اختيار مشاهد دون أخرى لإحداث صدمة. على العكس يحقق هذا الفيلم صدمة واحدة طويلة. التصوير بالأبيض والأسود يتناغم مع كل معطيات الفيلم وغاياته مساهماً في خلق صورة موحشة. على ذلك هناك فن في كل ما نراه. إنه ليس مجرد فيلم قاتم وكابوسي لأجل أن يكون كذلك، بل هو تفعيل خاص لرؤية سوريالية كما قد يعمد إليها رسّام ينتمي لعصر ما بعد الحداثة.

تكلّف الفيلم 100 ألف دولار وجلب من عروضه الليلية (إذ لم يتم اعتباره عملاً يستقطب جمهور الحفلات العادية) 7 ملايين دولار. السمعة التي ساعدت انتشاره هي غرابته، لكن هذه الغرابة لم تقنع كثيرين من نقاد ذلك الحين بأنها تشاهد فيلماً يعلن ولادة موهبة.

كتبت عنه صحيفة «النيويورك تايمز» (بعد ثلاث سنوات من عرضه!) بأنه ليس فيلم رعب، بل «فيلم مُطوّل». مجلة «ڤارايتي» وجدته «تجربة ذات ذوق مريض». لعل ناقد «ذَ هوليوود ريبورتر» جوردَن مينتزر أصاب الهدف قبل يومين عندما كتب في رثاء لينش: «إنه كما لو أن لينش لمس شيئاً أراد الجمهور مشاهدته بما فيه من غرائب».

المؤكد، والذي فات معظم النقاد حينها، أنه لم يعمد إلى منوال قصّة يستطيع كثيرون استخدامها لشرح الفيلم.

موعد مع النجاح

لم تعترف هوليوود بنجاح «إرازرهَد» ولم تكترث لإيراد تصرفه في أسبوع تصوير واحد لأحد أفلامها المتوسطة الحجم. ما أنقذ وضعه هو أن أحد منتجي شركة «مل بروكس» المستقلة، واسمه ستيوَرت كورنفلد كان شاهد «‫إرازرهَد» وخرج منه متيّماً. عُرض على لينش بضعة مشاريع اختار المخرج منها «رجل الفيل» (The Elephant Man) الذي تناول حكاية حقيقية وقعت في لندن عند مطلع القرن التاسع عشر مفادها حالة رجل مشوّه الوجه بفم يتدلى منه ما يشبه خرطوماً صغيراً اسمه ميريك (جون هْرْت). وجده جرّاح شاب (أنطوني هوبكنز) في إعلان نشره سيرك يدعو الناس لمشاهدة «الرجل الفيل». يأخذ الجراح ذلك الرجل ويضعه في مستشفى خاص لمعالجته، لكن أحد الممرضين يجد طريقة لجني بعض المال عن طريق عرض المريض على من يدفع مقابل زيارته. هذا يسيء حالة المريض فيهرب من المستشفى إلى السيرك، حيث يتحول أحد أنجح استعراضاته.

«الرجل الفيل» (بروكسفيلم)

نال «رجل الفيل» ترشيحاً لأوسكار أفضل فيلم ونال لينش ترشيحاً آخر كأفضل مخرج وحظي الممثل البريطاني جون هَرْت بالترشح أفضل ممثل (ذهبت جائزة أفضل فيلم إلى «أناس عاديون» لروبرت ردفورد الذي نال كذلك أوسكار أفضل مخرج، بينما استلم روبرت دِ نيرو أوسكار أفضل ممثل عن «ثور هائج»، Raging Bull).

خط مستقيم

تغيّر الوضع بالنسبة للينش فأسندت هوليوود إليه تحقيق Dune عن رواية فرانك هربرت الضخمة سنة 1984. لكن قبل ذلك اقترح جورج لوكاس على لينش إخراج الجزء الثالث من «ستار وورز»، لكن لينش اعتذر.

كان هذا أوج تعامل لينش مع المؤسسة الهوليوودية. ليس إنها لم تعمد لتوزيع بعض أفلامه اللاحقة، إلا أن «كثبان» انتمى (كالسلسلة الحالية) إلى الإنتاجات الضخمة ولو بأسلوب وطريقة تنفيذ لينش.

كان من المفترض أن ينجز لينش جزءاً ثانياً من هذا الفيلم، لكن ذلك لم يتحقق لأن الفيلم لم يحقق نجاحاً. عوض ذلك أمّ لينش أحد أعماله التي تنتمي إلى عالمه بشكل كامل وهو فيلم «مخمل أزرق» (Blue Velvet): هناك عنف وقسوة في مشاهد هذا الفيلم، لكن ضمن معالجة لحكاية تسيطر عليها الشخصيات المتناقضة. قام بالبطولة كايل مكلاكلن (الذي ظهر في أفلام لينش السابقة) ودنيس هوبر ولورا ديرن وإيزابيللا روسيلليني.

ناوومي ووتس في «مولهولاند درايڤ» (ألان ساردي فيلمز)

مع هذا الفيلم لم يعد هناك من نقد معارض بالحجم السابق. من تلك النقطة وما بعد سبحت أعماله في مياه عذبة واعتبر النقاد حول العالم لينش أحد أفضل عباقرة السينما في الثمانينات وما بعد.

لم يتخلّف لينش عن تحقيق المزيد من الانتصارات الفنية، فأخرج «متوحش في القلب» (Wild At Heart) و«توين بيكس: النار امشي بجانبي» Me)و«الطريق المفقودة» و«حكايةسترايت» ثم «مولهولاند درايف» Mulholand Drive (2001) وهو أحد أهم إنجازاته. حكاية لغزية أخرى تقع أحداثها ليس بعيداً عن تلال هوليوود التي عاش فيها من بطولة ناوومي ووتس ولورا هارينغ في تعارف غير متوقع ورحلتين مختلفتين.

أفلام لينش ليست لمحبي السرد السريع أو التقليدي. لجانب ما يتخلل حكاياتها من مفارقات غير متوقعة وما تتضمنه من شخصيات غريبة، هناك الرؤية الخاصة به التي يمارسها كما يرغب وهو الذي يؤمن بأن على المخرج تحقيق ما في ذاته من رؤى وأفكار بالطريقة التي يشعر بها.

«قصة سترايت» (بوانا ڤيزتا)

فيلم واحد له خرج من هذا التقليد، لكن من دون أن يتخلى لينش عن رؤاه وهو «قصة سترايت» (The Straight Story) بطل الفيلم (العجوز ربتشارد فارنسوورث) الذي يركب «تراكتور» زراعياً لينقله من ولاية إلى أخرى لزيارة شقيقه المريض. المسافة تبلغ 300 كلم متر وسرعة التراكتور 2 كلم في الساعة.

الرجل اسمه سترايت، لكن الكلمة تعني أيضاً «مستقيم» و«أمين» والفيلم كذلك يُشاهد مثل كحكاية مستقيمة بلا اعوجاج، لكنها تنتمي «بأمانة» إلى فن مخرجها.