لماذا تعدّ الوحدة شعوراً مؤلماً... وكيف نقلل من هذا الألم؟

لماذا تعدّ الوحدة شعوراً مؤلماً... وكيف نقلل من هذا الألم؟
TT

لماذا تعدّ الوحدة شعوراً مؤلماً... وكيف نقلل من هذا الألم؟

لماذا تعدّ الوحدة شعوراً مؤلماً... وكيف نقلل من هذا الألم؟

في السنوات الخمسين الماضية، نجحت التكنولوجيا في تحويل عالمنا المتصل إلى عالم شديد الاتصال من خلال سلاسل التوريد العالمية، والسفر الجوي غير المكلف، والإنترنت، والهواتف المحمولة، ووسائل الإعلام الاجتماعية.

ووفقاً لموقع «سيكولوجي توداي»، فالمواطن الأميركي العادي يقضي كل يوم أكثر من سبع ساعات (40 في المائة) من يومه، كل يوم، أمام الشاشة. وأفاد الموقع بأننا مرتبطون افتراضياً على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بطرق توفر فرصاً هائلة للاتصال، والمفارقة أنه في تواصلنا المفرط يتواجد جنباً إلى جنب مع تجربة إنسانية متزايدة من العزلة والوحدة.

وأشار الموقع إلى أن لدينا وفرة من «الأصدقاء» عبر الإنترنت، ولكن، بطرق متعددة، نفتقر إلى التواصل الاجتماعي الهادف.

وأفاد الموقع بأن التأثير النفسي للوحدة عميق. إذ إن الوحدة تشعرنا بالفراغ والبرودة واليأس، كما لو كنت غير مرئي ولا تنتمي إلى شيء. وأن العالم يمر من خلالك، ولكن الشيء الوحيد الذي يبقى هو الألم الذي لا يهدأ. فالوحدة مؤلمة. عندما نكون وحيدين، نشعر بالألم.

وأقرّ الموقع حقيقة أن البشر كائنات اجتماعية بطبيعتها، حيث إننا نعتمد على الروابط الاجتماعية للحصول على الدعم العاطفي، بما في ذلك التحقق من الصحة، والتنظيم العاطفي، والتعاطف، والراحة، والشعور بالانتماء. كما أن التكامل الاجتماعي يوفر لنا الشعور بالهوية والاندماج.

ويمكن أن يؤدي الشعور بالوحدة إلى تآكل احترامنا لذاتنا ويؤدي إلى مشاعر الحزن أو العزلة أو القلق أو اليأس. كما تمثل الوحدة تهديداً تطورياً لبقائنا.

والروابط الاجتماعية ليست ترفاً؛ فهي ضرورية. تعدّ الترابطات مهمة جداً للجنس البشري، حيث يرتبط نظام الارتباط ونظام الألم الجسدي عبر آليات دماغية مشتركة.

ظواهر فسيولوجية للوحدة

تشمل المظاهر الفسيولوجية للوحدة ارتفاع هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول والنورإبينفرين)؛ ارتفاع خلايا الدم البيضاء وانخفاض الدفء الجسدي. كما يؤثر الافتقار إلى التواصل الاجتماعي على الصحة العامة والرفاهية النفسية من خلال مسارات بيولوجية محددة، بما في ذلك خلل تنظيم القلب والأوعية الدموية والغدد الصم العصبية، والمناعة، والتفاعل بين الميكروبات المعوية؛ مما يؤثر سلباً على ضغط الدم، وهرمونات التوتر المنتشرة، والالتهاب.

ويرتبط الالتهاب المزمن المرتفع المرتبط بالوحدة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري والاكتئاب ومرض ألزهايمر. وتؤدي العواقب الجسدية لهذه الضائقة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب (29 في المائة) والسكتة الدماغية (32 في المائة) والخرف (50 في المائة). ويعاني كبار السن من عبء الوحدة بقوة، حيث يشعر ما يقرب من ثلاثة من كل خمسة أفراد فوق 55 عاماً بالعزلة؛ ومع ذلك، أفاد الشباب (15 - 25) عن انخفاض التفاعل الاجتماعي مع الأصدقاء بنسبة 70 في المائة عما كان عليه قبل عقدين من الزمن ويمثلون الشريحة الأكثر وحدة، حسب العمر، في الولايات المتحدة.

حقائق

3 من كل 5 فوق 55 عاماً في أميركا يشعرون بالعزلة

موقع «سيكولوجي توداي»

ما الذي يثير مشاعر الوحدة؟

 

أن تكون وحيداً لا يعني بالضرورة الشعور بالوحدة. يشعر الكثير من الناس بالوحدة أثناء تواجدهم وسط الآخرين. يمكن أن يوفر البقاء بمفردك، أو العزلة الجسدية، فرصاً للإبداع والتجديد والتأمل الذاتي، لكن فترات العزلة الطويلة، دون تفاعلات اجتماعية ذات معنى، يمكن أن تثير مشاعر الوحدة. هذا هو جوهر الأمر: التنافر بين مستوى الاتصال المرغوب وما هو متاح بالفعل.

وتؤدي العلاقات السطحية، التي تتميز بانعدام التعاطف وانعدام الحميمية، أو الدعم العاطفي في أوقات الحاجة، إلى انخفاض الشعور بالتقدير أو «النظر» وزيادة مشاعر الوحدة. كما أن هناك أشياء أخرى تؤثر على الشعور بالوحدة، بما في ذلك التغيرات الحياتية الكبرى، وخاصة الخسارة؛ مشاكل الصحة البدنية، أو الصدمة؛ وقضايا الصحة العقلية.

وعدّ الموقع أن «الإعجابات» على وسائل التواصل الاجتماعي توفر ضربات الدوبامين ذاتية التعزيز، إلا أنها لا تؤدي إلى إطلاق الأوكسيتوسين الذي يحدث أثناء التفاعلات وجهاً لوجه. علاوة على ذلك، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في زيادة المقارنة الاجتماعية وتناقص القيمة الذاتية التي يمكن أن تسبب القلق والاكتئاب والشعور بالوحدة المزمنة.

كيف تحدّ من الشعور بالوحدة؟

 

لا أحد يحب أن يشعر بالوحدة. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن الوحدة هي شعور عالمي وجزء من كونك إنساناً. عندما تشعر بالوحدة، اعترف بهذا الشعور وحاول تطبيع الشعور بالوحدة من وقت إلى آخر. ذكّر نفسك أن هذه المشاعر لا بأس بها. وتذكر أن لديك القدرة على تحدي الأفكار السلبية والمعتقدات غير الطيبة عن نفسك أو عن الآخرين.

وينصح الموقع النفسي أن تتدرب على أن تكون وحيداً وأن تكون حاضراً بمشاعرك. احتضن إبداعك - إن صنع الفن أو مشاهدته يقلل بشكل فعال من الكورتيزول والتوتر ويزيد من هرمونات «الشعور بالسعادة» (مثل الدوبامين والإندورفين والأوكسيتوسين).

وتواصل مع الآخرين. إن الشعور بوجود أشخاص آخرين يمكن أن يقلل من الشعور بالوحدة، خاصة عندما تركز جودة تلك التفاعلات على اتصالات أعمق وموثوقة حيث تشارك أفكارك وتنخرط في الأنشطة التي تعزز الدعم المتبادل. قلل من عوامل التشتيت أثناء المحادثات لزيادة جودة الوقت الذي تقضيه معاً. بدلاً من البحث عن شبكة كبيرة من الاتصالات السطحية، أعط الأولوية للاتصالات عالية الجودة والعلاقات ذات المغزى. خذ وقتاً لتعميق العلاقات مع الأشخاص الذين تثق بهم. أخبر نفسك أنك تستحق هذا.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ما هو التفكير المُفرط

«كفأرٍ يركض على عجلة»... 15 عادة تؤدي للإفراط في التفكير

هل شعرت يوماً أن عقلك عبارة عن فأر يركض على عجلة، ولا يتوقف أبداً للراحة؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك شخص نائم  (د.ب.أ)

نصائح للاستغراق في النوم خلال الليالي الحارة

يعد النوم الجيد أمراً ضرورياً للصحة العقلية والجسدية، ولكن عندما يكون الجو حاراً يمكن أن يتأثر نومنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأدلة تزداد على أن الروائح قد تؤثر بشكل مباشر على الحالة المزاجية (رويترز)

باحثون يربطون بين حاسة الشم والاكتئاب... ما العلاقة؟

هناك ظاهرة أقل شهرة مرتبطة بالاكتئاب، وهي ضعف حاسة الشم، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تمارين تساعدك على زيادة سعة الرئة

تلعب الرئة دوراً مهماً في صحة الجهاز التنفسي واللياقة البدنية بشكل عام، وتشير سعة الرئة إلى الحد الأقصى من كمية الهواء التي يمكن أن تحتويها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيليون ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.