هل سبق أن تذوّقت عصير قصب السكر مع القهوة أو البطيخ، أو مع العسل والشاي، ومع جوز الهند، وبالحامض والنعناع؟ إنها نكهات جديدة، تخرج عن مألوف العصائر التي يحلو تناولها عادةً في رمضان.
استطاع هذا العصير حجز مكانة لا يُستهان بها بين العصائر الرائجة في هذا الشهر، وصار الطلب عليه ملحوظاً، أسوةً بالتمر الهندي، والجلّاب، والجزر...
في بيروت كما طرابلس وصيدا، لعصير قصب السكر مكانته في محال البيع. وهو لم يزدهر في الأعوام الماضية، ولكن نظراً إلى فوائده الصحّية وطعمه اللذيذ، استطاع استقطاب الناس في الشهر الفضيل.
ووفق محمد، أحد أصحاب المحال التي أولت أهمية لبيع عصير قصب السكر، فإنه يدخل اليوم لائحة العصائر الرمضانية من بابها العريض.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ الطفولة، أحببتُ هذا العصير. وعندما أصبحتُ صاحب محل عصائر، قرّرتُ إدخاله على اللائحة. مع الوقت، طوّرتُ في نكهاته وخلطاته ليجري تناوله مع القهوة والنسكافيه، كما مع عصير فواكه أخرى مثل الفراولة والكرز».
في مناطق بيروتية، مثل قصقص، والطريق الجديدة، والصنائع، يقف محبّو هذا العصير في صفوف طويلة لشرائه.
ويوضح حسين، العامل في محل عصائر بمنطقة الصنائع، أنّ هذا العصير ورغم تاريخه القديم، لم يُسجّل رواجاً كما في العامين الأخيرين. ويتابع: «ربما لأنه يناسب مكوّنات وخلطات عدّة. طعمه الحلو يليق مع الحوامض، كما السكّريات».
ويشير إلى أنّ غالبية الزبائن تحبّ تناوله مع كثير من الثلج وقليل من الحامض: «بهذه الطريقة يأخذ طعم «الليموناضة» الشهيرة في بلادنا. فيكون طعم السكر في الكوب ناتجاً عن عصير قصب السكر بدل المسحوق الحلو الاصطناعي المُستَخدم عادةً. كما يُنصَح به لمرضى السكري، لأنّ الجسم لا يخزّنه كما السكر المُصنَّع».
كثيرةٌ خلطات عصير قصب السكر مع فاكهة أو منكّهات تُضفي إليه مذاقاً مختلفاً. فكما مع الرمان والزنجبيل، يُخلَط مع الشمندر، أو الجزر، والبطيخ. ويوضح حسين لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع يتعلّق بالمذاق الذي يفضّله الزبون على سواه. فهو يختار المكوّنات لتُزوّده بخلطة لا تشبه غيرها».
والمعروف أنّ زراعة قصب السكر تشتهر في مناطق لبنان الساحلية؛ فإضافة إلى صيدا وصور، يُزرَع على الساحل الشمالي أيضاً. ومع ذلك، فإنّ حجم المستورد منه، خصوصاً من سوريا، هو الغالب على كمياته الموجودة في الأسواق.
يتابع حسين: «في الماضي، عُرِف قصب السكر بطوله الذي يتجاوز الـ10 أمتار. أما اليوم، فبات لا يتجاوز المتر، ومرات يُقطَّع إلى أحجام أصغر لا تتعدّى السنتيمترات، مما يُسهّل عملية عصره وتخزينه في المحال».
ويُحصَد قصب السكر بعد زراعته بنحو 150 يوماً. وبمجرّد زراعته، يمكن قطفه أكثر من مرة في العام. وفي كل مرة تنمو سيقانه الطويلة وتعيد إنتاج نفسها، ولكنّ هذه الوتيرة تخفّ مع الوقت ليصغر موسم الحصاد.
من فوائده أنه يحتوي على نسبة عالية من البوتاسيوم، مما يفيد الدورة الدموية وينشّط وظائف الدماغ والعضلات، كما يحمي من التشنّجات العضلية. ويحتوي أيضاً على نسبة جيدة من الماغنسيوم والكالسيوم، ويترك أثره الإيجابي ذات المنفعة الكبيرة على العظام والنشاط الجسدي، للتخلُّص من الكسل.
بدوره، يروي يحيى، وهو أحد هواة هذا العصير، الذي يتناوله يومياً في رمضان، أنه ومنذ تذوّقه، استغنى عن عصائر أخرى تشتهر في الشهر الكريم: «اليوم أشتريه في (القناني)، لا سيما أنّ سعره ليس مُكلفاً، ولا يختلف كثيراً عن أسعار عصائر المانجو والبرتقال والجزر. تُحبّ عائلتي تناوله عند السحور، لأنه يترك لديهم الشعور بالشبع مدّة طويلة».