«إفطار المطرية» يتحول إلى كرنفال سنوي ينثر البهجة في مصر

صور الحفل شهدت انتشاراً واسعاً بين الجمهور

إفطار المطرية صار «برانداً» (النائب وائل الطحان)
إفطار المطرية صار «برانداً» (النائب وائل الطحان)
TT

«إفطار المطرية» يتحول إلى كرنفال سنوي ينثر البهجة في مصر

إفطار المطرية صار «برانداً» (النائب وائل الطحان)
إفطار المطرية صار «برانداً» (النائب وائل الطحان)

بعد مرور 10 سنوات على تنظيم أول مائدة إفطار جماعي بحي المطرية شرق القاهرة، بات اسم الحي مقروناً بحفل الإفطار الذي يحظى بشهرة لافتة في مصر، لدرجة أنه أصبح «برانداً» وفق وصف متابعين، ومحط إعجاب كثيرين.

ورغم بساطة عزبة حمادة في المطرية التي تشبه جميع المناطق الشعبية المصرية، فإنّ الإفطار الجماعي الذي ينظمه مجموعة من الشباب سنوياً يوم 15 رمضان، تحوّل من مجرد حفل إفطار شعبي إلى كرنفال سنوي ينثر البهجة في مصر.

جدران المطرية تتزين في ليالي رمضان (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وتصدر «إفطار المطرية» الترند على «إكس» الثلاثاء، بعد انتشار الصور وتفاصيل الحفل بشكل واسع بين جمهور «السوشيال ميديا».

وخلال الإفطار الذي ضمّ نحو 10 آلاف صائم، وفق منظميه، حرص الأهالي على تزيين الشوارع بعدد من الجداريات، كتبوا عليها: «كل القلوب الخير فيها»، و«اصحى يا نايم»، و«لمة العيلة»، و«الأكل من جوا البيت»، و«وحوي يا وحوي»، وغيرها من الثيمات الرمضانية الشهيرة.

وشهدت المائدة الأخيرة التي أُقيمت مساء الاثنين، حضوراً كبيراً للشخصيات العامة ونواب مجلسَي الشعب والشيوخ بالإضافة إلى عدد من المؤثرين في «السوشيال ميديا».

جانب من حفل الإفطار (النائب وائل الطحان)

وكتبت صفحات على «إكس» إن أهل المطرية استعدوا بـ1500 كيلوغرام من الفراخ لإفطار 10 آلاف صائم في أكبر مائدة رمضانية في مصر، التي ينظمها شباب وأهالي عزبة حمادة بالمطرية للسنة العاشرة تحت شعار «للسنة العاشرة... جيرة وعشرة».

وشهد الإفطار مشاركة عدد من المسؤولين والوزراء والشخصيات العامة، من بينهم وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج السفيرة سها جندي، ووزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، ووزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم، بالإضافة إلى د.أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية.

وأعربت وزيرة الهجرة سها جندي، عن سعادتها بحضور الإفطار الرمضاني الذي يشارك فيه نحو 10 آلاف صائم، ووصفت هذا الحدث بأنه «رسالة للدفء الاجتماعي والتضامن والتضافر والفرحة التي ينشرها شهر رمضان الكريم».

زحام شديد في الإفطار الجماعي بالمطرية (وزارة الهجرة المصرية)

بدوره، وجّه وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي الشكر لشباب وأهالي المطرية على الدعوة التي وجهوها له لمشاركتهم الإفطار، وأثنى على مجهودات الشباب في خدمة المجتمع، والعمل على إحياء القيم الإيجابية والترابط المجتمعي من خلال هذا الحدث السنوي المهم، وفق قوله في بيان للوزارة.

ونشرت الإعلامية رانيا بدوي، على صفحتها بـ«إكس» صوراً ومقاطع فيديو لحفل الإفطار وكتبت منشوراً مطولاً جاء فيه: «نحن حقاً نتحدث عن عمل ضخم وحدث كبير يحضره آلاف المواطنين، مسلمين ومسيحيين، أغنياء وفقراء، أتوا من كل حدب وصوب ليتنفسوا عبق الأصالة ويعيشوا أجواء الأخوة ويستمتعوا بنفحات الشهر الكريم».

إفطار المطرية صار «برانداً» (النائب وائل الطحان)

وذكر حساب باسم «الهدى نور» على «إكس» أن من الأشياء الجميلة التي يحققها إفطار المطرية أنه «يجعل التايم لاين مبهجاً».

فيما أبرز بعض مستخدمي وسائل التواصل هتافات للمشاركين في الإفطار دعماً للقضية الفلسطينية ولقطاع غزة الذي يتعرض لمأساة إنسانية.

في حين نشر المدون والمؤثر الإماراتي إبراهيم بهزاد صوراً ولقطات فيديو له وسط التحضيرات للإفطار الجماعي بالمطرية وكتب الأغنية الشهيرة «رمضان في مصر حاجة تانية والسر في التفاصيل... رمضان في مصر غير الدنيا طعمه بطعم النيل».

وقال عضو مجلس النواب المصري عن دائرة المطرية، وائل الطحان، إن هذا الإفطار يقام للسنة العاشرة بجهود شباب المنطقة، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التقليد بدأ تنظيمه نحو 12 شاباً ثم وصل عددهم الآن لنحو 600 شاب، وكل هذا بالجهود الذاتية من دون تدخل من أحد، لا جمعيات أهلية أو شخصيات عامة أو رجال أعمال، كل المائدة تقام بجهود الشباب والأهالي».

جانب من إفطار المطرية (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وأشار النائب إلى أن «الجو العام به ترابط»، مضيفاً: «المنطقة دائرة شعبية، وعلى الرغم من ذلك فلا مشكلات أبداً بها، ولو حدثت مشكلة لا تستمر أكثر من دقائق قليلة، إذ يتدخل الشباب والأهالي بحكمة وود وروح إيجابية لإنهائها»، ولفت إلى أن «بيوت المنطقة كلها تشبه البيت الواحد، كأن كل أهالي العزبة أسرة كبيرة».

وانتشرت في مصر خلال الآونة الأخيرة موائد إفطار جماعي على مستوى الأحياء والقرى وسط أجواء مفعمة بالبهجة، وهو ما عدّه متابعون «تقليداً حميداً» لما بدأه سكان عزبة حمادة في المطرية.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».