في ليلة رمضانية يلتقي فيها أجيال متعاقبة، انجذبت أسر مصرية لعرض جديد لأوبريت «الليلة الكبيرة» في دار الأوبرا المصرية، لتعريف أطفالهم على جزء من تراث المسرح الشعبي المصري، فضلاً عن استعادة جزء من ذكرياتهم تجاه العرض الذي مر على عرضه 63 عاماً.
وتشهد دار الأوبرا المصرية إعادة إحياء لعرض أوبريت «الليلة الكبيرة» ضمن فاعليات برنامج «هلّ هلالك» في نسخته الثامنة، الذي تقيمه وزارة الثقافة المصرية في ساحة مسرح الهناجر في دار الأوبرا، وسط القاهرة.
ويحظى الأوبريت بإقبال جماهيري لافت، يبدو في تناغم جمهور الحاضرين مع أول دقات للطبلة في الأوبريت الذي ألفه الشاعر صلاح جاهين، ولحنه سيد مكاوي، وأخرجه صلاح السقا، بينما أبدع عرائسه الفنان ناجي شاكر.
وقبل بداية العرض، رصدت «الشرق الأوسط» انجذاب الأطفال إلى العرائس خلف الكواليس، فضولاً لمعرفة هويتها، والتقاط الصور معها، بينما يحفظ الكبار من الحضور مقاطع الأوبريت ويرددونها في حب، ويتمايلون مع عرائسها بالرقص والتصفيق.
وتلمس محركة العرائس نادية الشويخ انبهار الأطفال في كل مرة خلال عروض «الليلة الكبيرة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن السعادة ترتسم على وجوه الأطفال، بينما يظهر ذلك واضحاً في ذهابهم بعد العرض خلف المسرح لمعرفة من يحرك العرائس وكيف يتم ذلك. وتتابع نادية الشويخ أنها تلاحظ خلال العرض حفظ الحاضرين من الكبار مقاطع من الأغاني المصاحبة للأوبريت.
ويعبر الفنان بمسرح العرائس المشارك في عرض «الليلة الكبيرة» عماد أبو سريع عن الإقبال على الأوبريت في عرضه الحالي بأنه «توفيق من ربنا»، ويفسر: «الثلاثي صلاح جاهين وسيد مكاوي وصلاح السقا قدموا عروضاً مسرحية أخرى بخلاف (الليلة الكبيرة)، مثل (الشاطر حسن) وغيرها، لكنها لم تلقَ نفس النجاح والاستمرارية والبقاء في ذهن الجمهور كل هذه السنوات مثل (الليلة الكبيرة)».
ويردف أبو سريع: «الليلة الكبيرة أسطورة غنائية شعبية تمثل أطيافاً مختلفة من الشعب المصري رآها صلاح جاهين»، وأضاف: «هنا تأتي الأجيال الكبيرة لكي تسمح للأطفال وحتى المراهقين للاطلاع على جزء من ذكريات المصريين».
ويستلهم «الليلة الكبيرة» الطقوس التراثية من الفلكلور الشعبي لدى الشعب وجلبها لهم على المسرح للاستمتاع بها، مثل بيع الحمص، واستعراض لعالم الفتوات.
وعزا كل من الشويخ وأبو سريع إقبال الأطفال والكبار على المسرح في عروضه خلال شهر رمضان كونه عرضاً يقدم بشكل مجاني ويهدف للتثقيف بالعرض الشعبي البارز في العروض المسرحية.
وبدعوة من صديقة، انجذبت هالة محمد إبراهيم لحضور العرض مع أولادها حمزة وسجى، لحضور الحفل مع صديقاتها إيناس وندا، وعبرت هالة أن أغلب الأطفال لا يعرفون عرض أوبريت «الليلة الكبيرة»، وهي فرصة لمعرفتها والتعرف على فن العرائس المتحركة بوجه عام. وأضافت ندا لـ«الشرق الأوسط» أنها تحافظ على حضور العرض في كل شهر رمضان منذ عام 2018، وتجد فيه متعة وتسلية. بينما عبرت إيناس أن «كل منا ترك ما يفعله بعد الإفطار للاستمتاع بعرض يداعب الذكريات».
وكانت وزارة الثقافة المصرية أعلنت انطلاق برنامج السهرات الرمضاني «هلّ هلالك» الخميس الماضي، الذي يتضمن فقرات غنائية أخرى مثل فقرات فرقة المولوية المصرية بقيادة المنشد عامر التوني، ووجود تخت شرقي، بجانب أنشطة للرسم للأطفال بجانب عرض «الليلة الكبيرة». ومن المقرر أن يختتم البرنامج سهراته يوم 22 رمضان الحالي.