هناك تيار من الممثلين المعروفين في هوليوود يسجلون حضورهم الرقمي ملموساً عبر ألعاب الفيديو، وهي وسيلة كانت تعامل على أنها غير جدية، وبات يُنظر إليها بشكل متزايد على أنها منصة فريدة لسرد القصص مع القدرة على الوصول إلى جمهور كبير.
بعض الممثلين يقومون بالأداء الصوتي للألعاب مستفيدين في ذلك من مهارات صُقلت عبر مشاركتهم في أفلام الرسوم المتحركة أو البرامج التلفزيونية.
في العام الماضي، شارك الممثل كاميرون موناغان في لعبة «حرب النجوم جيدي... الناجي»، وصوّرت النجمة ميغان فوكس شخصية في لعبة «مورتال كومبات 1»، كما قدّم النجم البريطاني «إدريس إلبا» والممثل «كيانو ريفز» الشخصيات الرئيسية في لعبة «سايبربانك 2077... فانتوم ليبرتي».
وفي النسخة الحديثة هذا الشهر من لعبة الرعب «وحدي في الظلام» إنتاج 1992، تخوض كل من الممثلة «جودي كومر»، التي فازت بجائزة «إيمي» عن مسلسل «Killing Eve» (قتل حواء) وجائزة «توني» عن «بريما فاسي»، رفقة «ديفيد هاربور»، المعروف بعمله في «Stranger Things» (أغرب الأشياء)، تجربة المشاركة في ألعاب الفيديو للمرة الأولى. وقال هاربور، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «آمل أن يكون الناس لا يزالون يشاهدون أفلاماً مدتها ساعتان بعد عقود من الآن، ولكنني أعلم أنهم سوف يلعبون ألعاب الفيديو». في فيديو مصور من وراء الكواليس من قبل ناشر اللعبة، قالت كومر إن العمل على فيلم «Free Guy» (الرجل الحر)، الذي تدور أحداثه في لعبة فيديو خيالية، منحها تقديراً جديداً لهذه الصناعة. وقالت: «إنه لأمر لا يصدق أن تكون قادراً نوعاً ما على الخروج مما تفعله معتاداً وتستكشف شيئاً جديداً، وأن تتحدى نفسك بدرجة ما». في لعبة «Alone in the Dark» (وحدي في الظلام)، تستكشف شخصية كومر والمحقق الخاص الذي تستأجره، الذي يلعب دوره هاربور، في مستشفى للأمراض النفسية للكشف عن الحقيقة وراء حالة اختفاء وقعت مؤخراً.
وقال مايكل هيدبيرغ، المدير الإبداعي للعبة: «إن الجميع لديهم مستوى من العلاقة شبه الاجتماعية مع المشاهير، حيث ربما يشعرون أنهم مثل الأصدقاء».
يحدث التحول إلى ألعاب الفيديو لأسباب كثيرة، من بينها الوثبات التقنية التي قللت من الانفصال بين الحياة الحقيقية والأداء الرقمي. وتعد الراحة عاملاً آخر. قد يتطلب تصوير المشاهد الحية في فيلم مثل «Dune... Part Two» (الكثبان الرملية: الجزء الثاني) أن يمضي الممثلون أسابيع في صحاري أبوظبي. يمكن في كثير من الأحيان إتمام جلسات التقاط الحركة لألعاب الفيديو على بعد دقائق من منزل الممثل في لوس أنجليس. كما أن الاستعانة بالممثلين المعروفين تُمكّن الاستوديوهات من التعامل مع الناس الذين قد لا يهتمون بالألعاب. يقول مايكل سوريكس، مسؤول الاختيار ومخرج الصوت في اللعبة: «إذا رأيتم أن ديفيد هاربور وجودي كومر يقومان ببطولة فيلم رعب جديد بعنوان (وحدي في الظلام)، فربما ستشاهدونه». الوجود المعروف يمكن أن يزيد بشكل كبير من نطاق وصول اللعبة. وقال سوريكس: «إن وجود أحد المشاهير يرجح كفة الموازين بكل تأكيد».
شارك ممثلون من هوليوود في ألعاب الفيديو قبل هذا الاتجاه الملحوظ. ففي عام 2008، صوّر الممثل ليام نيسون والد بطل الرواية في لعبة «Fallout 3» (فول أوت 3). وقد لعب الممثل الأميركي مارتن شين دور الأداء الصوتي للرجل المخادع، وهو زعيم فضائي شبه عسكري، في لعبة «Mass Effect 2» (ماس إيفيكت 2) التي صدرت عام 2010، مع نسخة تكميلية في عام 2012.
ومع أنه أمر ممتع أن نرى اختفاء الحدود بين التمثيل لألعاب الفيديو وبين التمثيل للوسائل المعتادة، فإن ذلك يحدث في اتجاه واحد فقط، فمن السهل على الممثلين المعروفين العمل في ألعاب الفيديو، لكن الممثلين الذين يعملون في ألعاب الفيديو فقط، مثل يوري لوينثال وتروي بيكر، يكافحون من أجل الظهور في قصص الحركة الحية.
يقول لونثال، الذي لعب دور «سبايدر مان»، بالإضافة إلى شخصيات أخرى في سلسلة «Saints Row» (سينتس رو)، و«Diablo and Prince of Persia» (ديابلو و أمير فارس): «لقد كنت مشاركاً في أكبر لعبة، كما تعلمون، ظهرت العام الماضي. ولكن لن تجد طريقك للمشاركة رفقة النجوم في برنامج تلفزيوني».
يأتي هذا التحول بعد أن بدأت استوديوهات السينما وخدمات البث المباشر بالاستثمار في الألعاب. لدى «نيتفليكس» مكتبة ألعاب مجانية مدمجة في كل اشتراك، وقد نشرت شركة «أنابورنا بيكتشرز» كثيراً من الألعاب المشهورة، بما في ذلك «Kentucky Route Zero» (كنتاكي روت زيرو)، و«Outer Wilds» (أوتر وايلدز). وقد صرح المخرج جيمس غان، الذي يدير الآن عالم «دي سي كومكس» لصالح شركة «وارنر بروس»، أنه يريد اختيار الممثلين الذين يمكنهم لعب نفس الدور في التلفزيون والأفلام وألعاب الفيديو والرسوم المتحركة. وقال موناغان، الذي كان ممثلاً رئيسياً في 11 موسماً من مسلسل «Shameless» (شيمليس) قبل أن يستخدم السيوف الضوئية في لعبتين شهيرتين من سلسلة «حرب النجوم»: «عندما تحاول تبويب الفن أو تعريفه بصورة مبالغ فيها، فإنه بطبيعته محدود وممل».
يصف الممثلون تجربة التصوير على مسرح التقاط الحركة بأنها في مكان ما بين المسرح والأفلام. وفي ظل وجود ما لا يقل عن 12 كاميرا في غرفة بيضاء خاوية مع الحد الأدنى من الأشياء، يرتدي الممثلون بدلات ضيقة مغطاة بنقاط تساعد النظام على التقاط تحركاتهم. ويراقب أعضاء الطاقم من مسافة بعيدة، وغالباً ما يقدمون عروضاً في الوقت الحقيقي. وجد بعض الممثلين أن التجربة تحررهم من القيود، بما في ذلك الممثلة «شانون وودوارد»، التي كانت صديقة «إيلي» في لعبة ما بعد نهاية العالم بعنوان «The Last of Us Part II» (آخر الناجين 2). قالت وودوارد، التي بنت حياتها المهنية من خلال أعمال درامية تلفزيونية مثل «Raising Hope» (ريزينج هوب) و«Westworld» (ويستورلد): «لست قلقة إذا صور ذقني من زاوية سيئة. يمكنني التركيز بشكل كامل على كيفية تمثيل هذه القصة والوجود في هذه اللحظة».
برغم التحدي الذي يواجهه ممثلو الألعاب منذ فترة طويلة، فإن كثيراً منهم يشجع دخول مزيد من الممثلين المعروفين للمجال. وقال لونثال إنه لم يكن ليحصل على فرصة عمل صوتي في المسلسل القصير، وفيلم «أفرو ساموراي» لو لم يكن النجم صموئيل إل جاكسون وراء هذا المشروع.
* خدمة «نيويورك تايمز»