نافذة فريدة تجمع الأصالة والإبداع، وترسم لوحة جديدة من الالتزام السعودي في العناية بالقيم الإسلامية والثقافة العربية، تتجلّى في ملتقى تعقده دارة الملك عبد العزيز بمدينة الرياض سنوياً، لتكوين جيل من الخطاطين والخطاطات، وتمكينهم من تطوير المهارات العالية في كتابة خط الوحيين الشريفين.
الملتقى السنوي يعكس أهمية الخط العربي بوصفه واحداً من الفنون البصرية الإبداعية، ويوفّر فرصة للخطاطين والخطاطات لتطوير مهاراتهم. سنوياً، يحظى كل واحد منهم بفرصة كتابة جزء من القرآن أو مجموعة من الأحاديث النبوية، تشكّل إضافة مهمة في رصيدهم وتجربتهم بمجال الخط العربي، الذي يشهد عصراً ذهبياً في السعودية والمنطقة، منذ اختارته المنظومة الثقافية في المملكة ركيزة جهودها ومبادراتها لتنميته عربياً ودعمه دولياً.
4 أعوام من تخريج المبدعين
في هذا السياق، قال الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز إنّ «الملتقى يمثّل مساهمة مهمّة في العناية بالخط العربي، وحدثاً ثقافياً يُعقَد سنوياً لتعزيز الهوية الإسلامية والعربية، والحفاظ على جماليات الخط العربي وأصالته، والعناية بتوثيق الوحيين الشريفين»، منوّهاً بدعم حكومة الملك سلمان وولي العهد للدارة، وعنايتها بجميع الأنشطة والفعاليات الثقافية التي تمكّنها من تعزيز دورها في خدمة تراث السعودية.
وانطلقت، الأربعاء، النسخة الرابعة من الملتقى الذي تنظّمه الدارة سنوياً خلال رمضان، لتحفيز طاقات المبدعين والمبدعات في نسخ الخط العربي لكتابة القرآن والحديث النبوي.
وأضاء معرض تدوين الوحيين الشريفين المُقام على هامش الملتقى، على أعمال الخطاطين المشاركين خلال نسخ الملتقى السابقة، ممن نالوا الدعم لإطلاق العنان لمواهبهم وقدراتهم في رسم الحرف العربي بطريقة إبداعية تدمج الفنّ بروح الثقافة العربية، التي احتفظ الحرف العربي تاريخياً برونقها، وانعكس ذلك على دقة الجمال في رسمه، وقيمة التراث الرصين في تاريخ تطوّره.
تعزيز الاحتفاء السعودي بالحرف العربي
يلتحق الخطاطون والخطاطات في السعودية بهذا التجمّع لاكتساب فرصة كتابة أجزاء من الوحيين الشريفين، وتطوير مهاراتهم في الخط العربي. وأثمر اللقاء لوحات جمالية تزينت بآيات من القرآن والأحاديث، رسمها الخطاطون بعناية وبخطوط متّسقة.
وقال الخطاط عبد الله قحطان المُشارِك في 3 دورات من الملتقى إنه سعيد بكتابة جزء كامل من القرآن، والمشاركة في التجمّع، بينما أكد الخطاط عطا الله الصاعدي أنّ كتابته لجزء من القرآن في الملتقى شكّلت إضافة لرصيده، وتُوّجت مشاركته بفوز لوحته بالمركز الأول في مسابقة السنَّة النبوية في خط النَّسخ.
وتابع الصاعدي أنّ الدورات التي قُدِّمت خلال الملتقى كانت مهمّة لكل خطاط لتعلُّم كيفية الرسم والضبط المصحفيّ نظرياً وعملياً. أما الخطاطة تسنيم إسماعيل، فأشارت إلى أنّ نَسْخ المصاحف له ضوابطه وقواعده، والمُشاركة في الملتقى تُمكّن الخطاط والخطاطة من فهم هذه التفاصيل المرتبطة بخط الوحيين الشريفين.
وتحتفي السعودية برمزية الخط العربي منذ نجحت مبادرة قادتها بالتعاون مع 15 دولة ناطقة باللغة العربية، في إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو». وقبل ذلك بعام، اختارت المملكة أن يكون 2021 عاماً مميزاً للخط العربي، تحتفي فيه وزارة الثقافة برمز من رموز هوية السعودية، وبمصدر ألهم فنانين ومعماريين محلياً وعالمياً.
وشهد ذلك العام مبادرات نوعية عزَّزت حضور هذا الخط في القطاعات الحكومية والخاصة وبين الأفراد، إلى حضوره في المحافل والمؤتمرات المحلية والعالمية، وتعزيز الدور المعرفي والتثقيفي الذي تتبناه الوزارة في نشاطاتها. وفتحت المبادرة آفاقاً جديدة في التعامل مع الخط العربي عبر نقله من مصدرٍ معرفي إلى أيقونة تمثّل الهوية السعودية، والفنّ المتجدِّد، والإرث الحضاري.