مع انتشار ثقافة الرياضة أكثر فأكثر في مجتمعاتنا العربية، يحاول كثير من الأشخاص الالتزام بممارسة التمارين يومياً، حتى خلال شهر رمضان، وعدم الخلل بالجدول الخاص بهم رغم الصيام، وما قد يترتب عن ذلك من تعب وإرهاق.
وهناك بعض الأشخاص في المقابل الذين تنتابهم الحيرة حول ما إذا كان من الأمان بالنسبة لهم ممارسة التمارين بكل أنواعها، أو أنه من الأفضل اللجوء إلى نشاطات محددة قد تكون مناسبة أكثر خلال هذه الفترة.
ومن المعروف أن ممارسة الرياضة تظل ذات أهمية مرتفعة حتى خلال الصوم، حيث إن النشاطات البدنية يُنصح بها بشكل واسع، ولكن مع بعض التعديلات المهمة.
وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يقول الخبير الرياضي والمدرّب المُعتمد كريم بورسلان، إنه يمكننا ممارسة كل أنواع الرياضة خلال الشهر الفضيل، ولكن بأسلوب أكثر اعتدالاً.
يشرح بورسلان: «ممارسة الرياضة تظل ضرورية خلال شهر رمضان، لكل الأشخاص، العاديين والرياضيين المحترفين، لكن علينا التخفيف من حدّة التمارين فقط».
ما التمارين التي يجب الابتعاد عنها خلال هذا الشهر؟
يجيب الخبير بورسلان: «من المحبذ الابتعاد عن التمارين القاسية، أي تلك التي تُعد ذات كثافة عالية- أو high intensity training- وذلك بسبب ارتباطها بشكل أكبر بالإصابات التي قد تتطلب معالجة طبية وفيزيائية، مما قد يحرم الناس من إكمال الشهر الكريم بشكل طبيعي».
وأضاف: «التمارين ذات الكثافة العالية قد تتسبب أيضاً بجفاف الجسم، فيجب ممارسة الرياضة بطريقة معتدلة (moderate) لتفادي أي آثار جانبية سلبية».
ويشير الخبير إلى أنه من المحبذ الابتعاد عن تمارين «الكارديو» القوية والمتعبة جداً، لتفادي إرهاق الجسم أو التسبب بجفافه وحرمانه من السوائل مع مرور الوقت.
وينصح بورسلان أيضاً بالابتعاد عن الرياضات التي قد تتطلب الجلوس لوقت طويل في الخارج، تحت أشعة الشمس مباشرة، لأنها ترتبط أيضاً بالجفاف، وقد تتسبب بإصابات من الأفضل تفاديها، خاصة خلال هذا الشهر. ومن بين هذه الأنشطة مثلاً الجري لمسافات طويلة.
ويقول الخبير الرياضي أيضاً إنه من الأفضل الابتعاد عن رياضات مثل كرة القدم، وكرة السلة، والملاكمة (النشاطات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي-contact sports) بسبب الإصابات المحتملة أيضاً، حيث إنها تُعد «عالية الخطورة»، وقد ينجم عنها حوادث عدة مؤلمة وتحتاج لوقت طويل للتعافي، ولتدخلات علاجية معقدة ولنظام غذائي محدد قبل العودة إلى ممارسة الرياضة عن جديد.
أما فيما يتعلق بالتمارين التي من الأمان ممارستها خلال رمضان فهي؛ بحسب بورسلان:
-اليوغا على أنواعها.
-المشي العادي أو السريع.
-السباحة.
-ركوب الدراجات الهوائية.
-رفع الأوزان بطريقة معتدلة ومدروسة.
-تمارين التمدد stretching.
ولمحبي رياضة كمال الأجسام، لا يرى بورسلان أي مانع في ممارستها خلال الصوم، لكنه يشدد على ضرورة عدم وضع ضغط قوي على العضلات، ويقول: «من الأساسي تنظيم جدول طعام بعد الإفطار يتناسب مع هذا النوع من التمارين، لإعطاء الجسم الوقت الكافي للتعافي والغذاء المناسب لصقل العضلات بالطريقة السليمة والصحية».
ما أفضل وقت لممارسة الرياضة خلال اليوم الرمضاني؟
يوضح بورسلان أن ممارسة التمارين الرياضية في أي وقت من اليوم تعد مفيدة للجسم، وأفضل من ألا نتحرك أبداً، ولكنه يشير إلى أن أفضل أوقات الرياضة تأتي بعد الإفطار بساعة أو ساعتين. ويشرح المدرب المُعتمد: «بعد الإفطار بساعة أو اثنتين، يكون الجسم قد اكتسب كل الطاقة اللازمة للعمل بشكل أفضل، فتكون جلسة التدريب فعالة وذات إنتاجية».
والسبب الثاني يرتبط بمرحلة ما بعد التمارين، والتي تعد مهمة جداً لتعافي الجسم، وقال: «التمارين بعد الإفطار بساعة تُعطي الشخص الوقت الكافي لاحقاً لشرب كميات كبيرة من المياه، وتناول الطعام الصحي المليء بالبروتين، مما يؤثر بدوره على النتيجة المرجوة من التمرين، ويمنع جفاف الجسم».
وعند التحدث عن مدة التمارين، يشير الخبير إلى إنه من الأفضل عدم تجاوز أي نشاط بدني مدة 40 دقيقة (أي الالتزام بفترة تتراوح من 30 و40 دقيقة يومياً).
ولا يمكن ألا نربط بين التمارين الآمنة في هذا الشهر الفضيل، وبين النظام الغذائي الذي يجب اتباعه أيضاً خلال هذه المدة، حيث ينصح بورسلان بالابتعاد عن هذه الأطعمة المحددة، معلّلاً السبب لكل منها:
-الأطعمة الغنية بالسكر: تؤدي هذه المأكولات إلى رفع نسبة السكر في الدم بشكل سريع جداً، وبعد فترة من الوقت، يواجه جسمنا ما يُعرف بـcrash أي التحطم، مما يشعرنا بالتعب والإرهاق الفوري.
-الأطعمة الدهنية وتلك المقلية مثلاً لأنها تسبب عدم الراحة وصعوبة في الهضم.
-الأطعمة الحارة والمُصنّعة التي قد تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي، وما يُعرف بحرقة المعدة.
وبالطبع، ينصح بورسلان بشرب كثير من المياه خلال الفترة بين الإفطار والسحور، والابتعاد قدر الإمكان عن المشروبات الغنية بالكافيين، للحفاظ على جسم رطب وصحي، ولتفادي الشعور بالعطش والتعب خلال النهار.