من كرة القدم والجري إلى اليوغا... ما التمارين الآمنة في رمضان وتلك التي يُنصح بتجنُّبها؟

أشخاص يمارسون رياضة اليوغا (رويترز)
أشخاص يمارسون رياضة اليوغا (رويترز)
TT

من كرة القدم والجري إلى اليوغا... ما التمارين الآمنة في رمضان وتلك التي يُنصح بتجنُّبها؟

أشخاص يمارسون رياضة اليوغا (رويترز)
أشخاص يمارسون رياضة اليوغا (رويترز)

مع انتشار ثقافة الرياضة أكثر فأكثر في مجتمعاتنا العربية، يحاول كثير من الأشخاص الالتزام بممارسة التمارين يومياً، حتى خلال شهر رمضان، وعدم الخلل بالجدول الخاص بهم رغم الصيام، وما قد يترتب عن ذلك من تعب وإرهاق.

وهناك بعض الأشخاص في المقابل الذين تنتابهم الحيرة حول ما إذا كان من الأمان بالنسبة لهم ممارسة التمارين بكل أنواعها، أو أنه من الأفضل اللجوء إلى نشاطات محددة قد تكون مناسبة أكثر خلال هذه الفترة.

ومن المعروف أن ممارسة الرياضة تظل ذات أهمية مرتفعة حتى خلال الصوم، حيث إن النشاطات البدنية يُنصح بها بشكل واسع، ولكن مع بعض التعديلات المهمة.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يقول الخبير الرياضي والمدرّب المُعتمد كريم بورسلان، إنه يمكننا ممارسة كل أنواع الرياضة خلال الشهر الفضيل، ولكن بأسلوب أكثر اعتدالاً.

يشرح بورسلان: «ممارسة الرياضة تظل ضرورية خلال شهر رمضان، لكل الأشخاص، العاديين والرياضيين المحترفين، لكن علينا التخفيف من حدّة التمارين فقط».

رجل يمارس رياضة الجري (رويترز)

ما التمارين التي يجب الابتعاد عنها خلال هذا الشهر؟

يجيب الخبير بورسلان: «من المحبذ الابتعاد عن التمارين القاسية، أي تلك التي تُعد ذات كثافة عالية- أو high intensity training- وذلك بسبب ارتباطها بشكل أكبر بالإصابات التي قد تتطلب معالجة طبية وفيزيائية، مما قد يحرم الناس من إكمال الشهر الكريم بشكل طبيعي».

وأضاف: «التمارين ذات الكثافة العالية قد تتسبب أيضاً بجفاف الجسم، فيجب ممارسة الرياضة بطريقة معتدلة (moderate) لتفادي أي آثار جانبية سلبية».

ويشير الخبير إلى أنه من المحبذ الابتعاد عن تمارين «الكارديو» القوية والمتعبة جداً، لتفادي إرهاق الجسم أو التسبب بجفافه وحرمانه من السوائل مع مرور الوقت.

وينصح بورسلان أيضاً بالابتعاد عن الرياضات التي قد تتطلب الجلوس لوقت طويل في الخارج، تحت أشعة الشمس مباشرة، لأنها ترتبط أيضاً بالجفاف، وقد تتسبب بإصابات من الأفضل تفاديها، خاصة خلال هذا الشهر. ومن بين هذه الأنشطة مثلاً الجري لمسافات طويلة.

ويقول الخبير الرياضي أيضاً إنه من الأفضل الابتعاد عن رياضات مثل كرة القدم، وكرة السلة، والملاكمة (النشاطات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي-contact sports) بسبب الإصابات المحتملة أيضاً، حيث إنها تُعد «عالية الخطورة»، وقد ينجم عنها حوادث عدة مؤلمة وتحتاج لوقت طويل للتعافي، ولتدخلات علاجية معقدة ولنظام غذائي محدد قبل العودة إلى ممارسة الرياضة عن جديد.

رجل يرفع الأثقال داخل صالة ألعاب رياضية (رويترز)

أما فيما يتعلق بالتمارين التي من الأمان ممارستها خلال رمضان فهي؛ بحسب بورسلان:

-اليوغا على أنواعها.

-المشي العادي أو السريع.

-السباحة.

-ركوب الدراجات الهوائية.

شخصان يركبان دراجتين هوائيتين في باريس (رويترز)

-رفع الأوزان بطريقة معتدلة ومدروسة.

-تمارين التمدد stretching.

ولمحبي رياضة كمال الأجسام، لا يرى بورسلان أي مانع في ممارستها خلال الصوم، لكنه يشدد على ضرورة عدم وضع ضغط قوي على العضلات، ويقول: «من الأساسي تنظيم جدول طعام بعد الإفطار يتناسب مع هذا النوع من التمارين، لإعطاء الجسم الوقت الكافي للتعافي والغذاء المناسب لصقل العضلات بالطريقة السليمة والصحية».

سيدات يمارسن رياضة المشي في الهواء الطلق (رويترز)

ما أفضل وقت لممارسة الرياضة خلال اليوم الرمضاني؟

يوضح بورسلان أن ممارسة التمارين الرياضية في أي وقت من اليوم تعد مفيدة للجسم، وأفضل من ألا نتحرك أبداً، ولكنه يشير إلى أن أفضل أوقات الرياضة تأتي بعد الإفطار بساعة أو ساعتين. ويشرح المدرب المُعتمد: «بعد الإفطار بساعة أو اثنتين، يكون الجسم قد اكتسب كل الطاقة اللازمة للعمل بشكل أفضل، فتكون جلسة التدريب فعالة وذات إنتاجية».

والسبب الثاني يرتبط بمرحلة ما بعد التمارين، والتي تعد مهمة جداً لتعافي الجسم، وقال: «التمارين بعد الإفطار بساعة تُعطي الشخص الوقت الكافي لاحقاً لشرب كميات كبيرة من المياه، وتناول الطعام الصحي المليء بالبروتين، مما يؤثر بدوره على النتيجة المرجوة من التمرين، ويمنع جفاف الجسم».

وعند التحدث عن مدة التمارين، يشير الخبير إلى إنه من الأفضل عدم تجاوز أي نشاط بدني مدة 40 دقيقة (أي الالتزام بفترة تتراوح من 30 و40 دقيقة يومياً).

أشخاص يسيرون على جهاز المشي داخل صالة الألعاب الرياضية (رويترز)

ولا يمكن ألا نربط بين التمارين الآمنة في هذا الشهر الفضيل، وبين النظام الغذائي الذي يجب اتباعه أيضاً خلال هذه المدة، حيث ينصح بورسلان بالابتعاد عن هذه الأطعمة المحددة، معلّلاً السبب لكل منها:

-الأطعمة الغنية بالسكر: تؤدي هذه المأكولات إلى رفع نسبة السكر في الدم بشكل سريع جداً، وبعد فترة من الوقت، يواجه جسمنا ما يُعرف بـcrash أي التحطم، مما يشعرنا بالتعب والإرهاق الفوري.

-الأطعمة الدهنية وتلك المقلية مثلاً لأنها تسبب عدم الراحة وصعوبة في الهضم.

-الأطعمة الحارة والمُصنّعة التي قد تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي، وما يُعرف بحرقة المعدة.

وبالطبع، ينصح بورسلان بشرب كثير من المياه خلال الفترة بين الإفطار والسحور، والابتعاد قدر الإمكان عن المشروبات الغنية بالكافيين، للحفاظ على جسم رطب وصحي، ولتفادي الشعور بالعطش والتعب خلال النهار.


مقالات ذات صلة

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

يوميات الشرق أتقن جوان رَسْم ملامح «فجر» وقدَّم مشهديات صامتة (مشهد من «تحت سابع أرض»)

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

أتقن الممثل السوري جوان خضر رَسْم ملامح «فجر» في مسلسل «تحت سابع أرض» الرمضاني وقدَّم مشهديات صامتة أغنت الحوار. نطق بعينيه. شخصية مُركَّبة حملت أكثر من تفسير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق في فيلم «نهاد الشامي» تُجسّد جوليا قصّار شخصية الحماة المتسلّطة (إنستغرام)

جوليا قصّار لـ«الشرق الأوسط»: الكيمياء بين ممثل وآخر منبعُها سخاء العطاء

ترى جوليا قصّار أنّ مشاركة باقة من الممثلين في المسلسل أغنت القصّة، ونجحت نادين جابر في إعطاء كل شخصية خطّاً يميّزها عن غيرها، مما ضاعف حماسة فريق العمل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حسن عسيري خلال استضافته المطرب إيهاب توفيق (الشرق الأوسط)

حسن عسيري يستحضر حسَّه الكوميدي في برنامجه «بروود كاست»

في حواره مع «الشرق الأوسط» تحدّث الفنان والمنتج السعودي حسن عسيري عن كواليس برنامجه «بروود كاست».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

من مصر إلى لبنان وسوريا مروراً بالخليج، جولة على أكثر أغاني المسلسلات جماهيريةً واستماعاً.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق العمل أهلٌ بتصنيفه بين الأفضل (البوستر الرسمي)

«بالدم»... مخاطرةٌ رابحة مع ملاحظات ضرورية

العمل لم ينل التنويه لمجرّد عواطف وطنية، فذلك مُعرَّض لأنْ تفضحه ثغر ويدحضه افتعال. أهليته للإشادة به مردُّها أنه أقنع بكثير من أحداثه، ومنح شخصيات قدرة تأثير.

فاطمة عبد الله (بيروت)

مصر: «الباعة الجائلون» يستخدمون «حناجرهم» ببراعة رغم هيمنة التكنولوجيا

أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)
أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)
TT

مصر: «الباعة الجائلون» يستخدمون «حناجرهم» ببراعة رغم هيمنة التكنولوجيا

أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)
أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)

من شرفة منزل متواضع بمنطقة شعبية في ضاحية الهرم (محافظة الجيزة)، خرجت سيدة ثلاثينية بمجرد أن سمعت النداء: «اللبن... يلاااا اللبن»، بينما ينزل أولادها الثلاثة إلى الشارع بسعادة، يستقبلون البائع المتجول، ليختاروا ما يشتهون، في مشهد يوحي بـ«المكافأة اليومية».

الأول اختار حلوى «الأرز باللبن»، والأخرى «الجُبن»، وثالثهم «اللبن»، والأم تدير حواراً مع البائع وأولادها من شرفتها. كان ذلك في الفترة بين صلاتي المغرب والعشاء، حين يكون الأربعيني هاني محمد، في منتصف رحلته اليومية لبيع منتجاته، وهو يقطع طريقه ببطء، متفحصاً النوافذ؛ لعل أحداً يطلّ.

يتجول هاني، بدراجة هوائية، يحمل على جانبيها قِدر الألبان وفي وسطها صندوق لحمل الجُبن والأرز باللبن، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يعمل بائعاً متجولاً منذ 25 عاماً، ومن دخل هذا العمل ربّى أولاده.

بائع الألبان المتجول واحد ضمن عشرات الباعة ممن يجوبون المنطقة ليل نهار، بعضهم يبيع الخضروات والفاكهة، مطلقين نداءات مثل «مجنونة يا أوطة (طماطم)»، أو يتغزلون في فاكهتهم: «يا بلح ولا تين ولا عنب زيك». وآخرون يبيعون المثلجات و«غزل البنات»، بخلاف «البليلة»، وهي وجبة تُعدّ من القمح، سجل أحد الباعة أغنية للدعاية لها، ونسخها الباقون.

@shroukagag

شاب مصري عامل اغنية للبليلة #بليلة #kenzysala @Shroukagag

♬ الصوت الأصلي - Shroukagag

نوع آخر من المتجولين، هم المنادون على «الروبابيكيا» و«الزيوت المستعملة»، ممن يشترونها مقابل بيعها فيما بعد لآخرين.

اللافت استمرار ظاهرة الباعة المتجولين الذين يعتمدون على النداء المباشر بأصواتهم الجهورية، رغم التطور التكنولوجي وما أحدثه من تغيرات في حركة البيع والشراء، حتى جاوز حجم التجارة عبر الإنترنت في مصر عام 2022 نحو 121 مليار جنيه (الدولار يساوي 49.5 جنيه)، بزيادة 30 في المائة عن عام 2021، وفق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.

ويرجع الباحث في الإنثروبولوجيا، وليد محمود، استمرار هذه الظاهرة إلى «طبيعة زبائنهم»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «زبائنهم لا يتحملون دفع 50 جنيهاً (نحو دولار) لتوصيل السلع».

ربما حمل ذلك مبرراً لوجودهم بكثرة في المناطق «الشعبية» و«الريفية» أو بعض «المدن الجديدة»، لكنهم يتمددون أيضاً إلى مناطق مرفهة. ففي منطقة المهندسين (تبعد نحو 5 كيلو مترات عن وسط القاهرة)، يتجول باعة باستمرار، معلنين عن بضاعتهم بحناجرهم القوية، مزاحمين كبار المحال التجارية صاحبة «البرندات».

تداخل إنساني

فسر الباحث في علم الاجتماع والإنثروبولوجي، عصام فوزي، أسباب توغل الباعة الجائلين بـ«العلاقة الإنسانية التي تنشأ بينهم وبين أهالي المناطق التي يتجولون فيها»، ووصفها بـ«العلاقة الملتبسة، أحياناً ينزعجون منهم ومن أصواتهم العالية، وأخرى يمازحونهم ويشترون منهم وينتظرونهم».

بعدما اختار أبناء سيدة الشرفة ما يشتهونه، تفاجأت الأم بأن طلبات أبنائها جاوزت الـ100 جنيه التي أعطتها لهم، فطلبت من البائع أن تدفع الباقي في اليوم التالي عند مروره، ووافق دون تردد.

ويرجع البائع موقفه إلى «العلاقة الإنسانية» بينه وبين زبائنه، قائلاً: «لا بد أن أشعر بالناس، فأنا أبيع اللبن منذ كان سعره 180 قرشاً للكيلو، والآن أصبح بـ40 جنيهاً».

باعة في منطقة العتبة لا يتجولون لكن لا يستقرون في محال تجارية أيضاً (الشرق الأوسط)

اللحن المميز

يسود الصمت عادةً في منطقة حدائق أكتوبر (تبعد نحو 36 كيلومتراً عن وسط القاهرة) إلا من أصوات الباعة الجائلين، مرة يبيعون أسطوانات الغاز، وأداتهم النقر على الأسطوانة، أو الفواكه مستخدمين عبارات مبتكرة.

والأكثر وجوداً من بينهم في هذه المنطقة هم جامعو «الروبابيكيا»؛ يطلق أحدهم الكلمة «بيكيااااااا»، والآخر «روبابيكيا بيكياااا» ثم يزيد «أيّ كراكيب قديمة... أيّ كتب مدارس... أيّ تلاجات أيّ غسلات»، مستخدمين مكبرات صوت، لينفذ نداؤهم إلى الأدوار المرتفعة، وبعضهم يستخدم تسجيلاً.

ويرى فوزي أن «دخول هذه الأدوات على عمل الباعة انعكاس لتغليب الجوانب النفعية على الفنية»، موضحاً: «في الماضي كانت الجوانب الفنية أكثر وضوحاً حتى أن سيد درويش استلهم بعض ألحانه وأغنياته منهم».

جامع روبابيكيا يستخدم عجلة بصندوق فيما آخرون يستخدمون سيارات نصف نقل (الشرق الأوسط)

يسرح الباحث الاجتماعي الذي جاوز الستين عاماً بذاكرته في زمن طفولته، في مدينة الزقازيق، حين كان يمر بائع «العرقسوس» (مشروب مُثلج) مردداً مقطعاً غنائياً للترويج لمشروبه، والأطفال من حوله يرقصون على نغم الأغنية، مع الصاجات التي يستخدمها هؤلاء أداة إضافية للتنبيه، فضلاً عن ملابس خاصة تميزهم.

حسين الصياد، بائع المثلجات واحد ممن استبدل النداءات المسجلة بصوته، فقبل سنوات كان يتجول في شوارع منطقة العمرانية (جنوب العاصمة) منغماً كلمة «الطبيييييعي»، ويقصد أنه يصنع مثلجاته من فواكه طبيعية. الآن يتجول مع جهاز تسجيل ومكبر صوت يردد «بولة بولة» (وحدة تعبئته). يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «أكثر راحة له، يحافظ على جذب الانتباه وفي الوقت نفسه لا يكلف حنجرته عبء النداء».

ذاكرة للمدن وسلوكها

لا يحمل الباعة الجائلون فقط بضائعهم، لكنهم يحملون معها «ذاكرة المدن وسلوكيات قاطنيها»، وفق فوزي، قائلاً: «كل منهم قادر على رصد تفاصيلها بدقة، ويتغيرون فيعكسون تغير تلك المدن».

كان بائع الألبان هاني محمد يتجول حاملاً «زُمارة» لتنبيه زبائنه بقدومه، لكن «بسبب الأطفال الذين يتندرون عليّ، لم أعد أستخدمها، وأضطر للنداء الذي يرهق حنجرتي، خصوصاً أنني لا أستخدم مكبر صوت، حتى لا أزعج السكان». ويضيف بأسى: «الأخلاق لم تعد متوفرة مثلما كانت قديماً».

تغيُّر آخر يتمثل في حالة «الركود» التي يرصدها هاني، وكذلك بائع الخضروات شعبان رجب (30 عاماً) الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يبدأ عمله في الصباح بالتمركز في نقطة معينة، لكن مع تقدم اليوم، وركود البيع يتجول بحثاً عن الرزق».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية منذ عام 2016، دفعت الحكومة إلى تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار أكثر من مرة، وكذلك اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي. وانعكس ذلك على مستوى معيشة الكثيرين وسط ارتفاع لنسبة التضخم، التي سجلت في مايو (أيار) الماضي، على مستوى سنوي 13.1 في المائة.

بائع الألبان هاني محمد خلال جولته بإحدى ضواحي الهرم (الشرق الأوسط)

ويقول بائع الألبان: «كنت أتجول ببضاعة 3 أضعاف الحالية، وتُباع في وقت أقل، الآن أحتاج إلى 6 ساعات حتى أتمكن من بيع بضاعتي رغم قلتها».

ويعدُّ فوزي أن «الباعة الجائلين ظاهرة تتجاوز الزمن»، إذ إنهم «موجودون منذ قرون، منذ كانوا ينادون (شكوكو بإزازة) فهؤلاء من أوائل الباعة الجائلين، كانوا يعدون لعبة بلاستيكية بسيطة على شكل الفنان الكوميدي محمود شكوكو (1912-1985)، حتى يشجعوا الأطفال على تقديم ما لديهم من زجاجات فارغة، تستخدم في عمليات إعادة التدوير».

ولا يبدي الباحث في الإنثروبولوجي وليد محمود التقدير ذاته لهم، إذ يذهب ذهنه إلى «باعة المترو ووسائل النقل» الذين وفق قوله «يبيعون بضائع غير مطابقة للمواصفات»، ويضيف: «بعضهم يمارس الشحاتة (التسول) تحت ستار البيع».

أما المتجولون في الأحياء الشعبية فيرى أنهم «يتهربون من الضرائب، ويزعجون السكان بنداءاتهم المتكررة»، على حد تعبيره.