يُعدّ شهر رمضان المبارك في العالم الإسلامي فترة من العبادة والتضامن والعطاء. ومن بين التقاليد الجميلة التي تميّز هذا الشهر المبارك اهتمام المسلمين بتبادل الهدايا، وأكثرها شيوعاً ومحبة إلى القلوب هي التمور. فهذه الثمار اللذيذة والغنية بالفوائد تُعدّ رمزاً للسخاء والترحيب في شهر رمضان.
عادة إهداء التمور تشتهر في المجتمع السعودي خلال الشهر الفضيل، ورغم تطور العالم وتغير العادات والتقاليد، فإن هذا التقليد مستمر ومحبوب. فالتمور لا تزال تحتل مكانة خاصة في قلوب الناس.
ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية يتم تبادل التمور بوصفها هدايا أيضاً، عبر الإنترنت والتوصيل المنزلي، ممّا يوفر راحة أكبر للأشخاص في اختيار التمور وإرسالها هدايا. كما يوفر أيضاً زيادة في توفر تشكيلة متنوعة من التمور المغلفة والمجهزة بطريقة إبداعية، ممّا يضيف لمسة جمالية وتقديرية إلى هذه الهدية.
وتحرص شركات ومؤسسات كثيرة في السعودية إلى جانب الأفراد، على إهداء التمور لعملائهم المميّزين وأقاربهم وأصدقائهم، واتخذوا منها عادة سنوية يتقدمون من خلالها بالتهنئة بمناسبة قدوم شهر رمضان، يقول رجل الأعمال شادي خوندنة لـ«الشرق الأوسط»: «أحرص كل عام على إهداء التمور لمعارفي وأصدقائي. إنه تقليد سنويّ يعزّز الترابط الاجتماعي. وقد اخترت التمور تحديداً، لأن تقديمها في رمضان تقليدٌ قديمٌ، إذ لطالما كانت تُقدم بوصفها عربون ترحيب وكرم. كما أن تقديم هذه الثمرة الطيبة وإهداءها يحمل معاني كثيرة في الثقافة الإسلامية».
ونظراً للإقبال الشديد على شراء التمور في موسم رمضان، تشهد أسواقها في مدن المملكة ومحافظاتها المختلفة، حركة عرضٍ نشطة خلال موسم شهر رمضان المبارك. فالتمور هي إحدى الأطعمة الأساسية التي يتناولها الصائمون خلال وجبة الإفطار في رمضان. وبالتالي فإن الطلب عليها يرتفع بشكل ملحوظ خلال الشهر الكريم.
وتُعدّ المملكة من أبرز المنتجين والمصدرين لها عالمياً، والتمر بأنواعه أهم مكونات مائدة الإفطار، ولا ينحصر في كونه مصدراً للقيمة الغذائية فقط، بل لارتباطه بقيم وعادات وتقاليد اجتماعية متوارثة عبر الأجيال، وكذلك ارتباط المائدة الرمضانية بوجوده عليها اقتداء بالسّنة النبوية الشريفة.
وحسبما أوضح صالح الدخيل، المتحدث الرّسمي لوزارة البيئة والمياه والزراعة لـ«الشرق الأوسط»: فإن «عدد الأراضي الزراعية الخاصة بالنخيل في المملكة يُقدّر بنحو 123 ألف حيازة زراعية بمساحة تبلغ نحو 164 ألف هكتار، وتشتهر المملكة بإنتاج أصناف متعددة من التمور منها (الخلاص، والسكري، والبرني، والصفاوي، والحلوة، والبرحي).
وتبادل التمور هدية في رمضان ليس مجرد تقليد، بل هو رمز للسّخاء والتّرحيب وروح التضامن في المجتمع الإسلامي، كما أنه يعكس العناية والاهتمام بالآخرين ويعزّز العلاقات الاجتماعية، وهذه الهدية المفيدة والمغذية في رمضان، تمدّ الصائمين أيضاً بالطاقة اللازمة لصيامهم».