جدّات مصريات يرفعن شعار «التقاعد يشعل جذوة الحياة»

حصلن على جوائز وشهادات وميداليات رياضية

البطلة المصرية سهير العطار في بطولة العالم للألعاب المائية في قطر (الشرق الأوسط)
البطلة المصرية سهير العطار في بطولة العالم للألعاب المائية في قطر (الشرق الأوسط)
TT

جدّات مصريات يرفعن شعار «التقاعد يشعل جذوة الحياة»

البطلة المصرية سهير العطار في بطولة العالم للألعاب المائية في قطر (الشرق الأوسط)
البطلة المصرية سهير العطار في بطولة العالم للألعاب المائية في قطر (الشرق الأوسط)

بينما ترى بعض السيدات أن الحياة قاربت على النهاية مع الوصول إلى سن التقاعد وتزويج الأبناء والحصول على لقب «جدة»، فإن مصريات اكتشفن أنفسهن عقب الوصول إلى سن المعاش والتفرغ لحياتهن بعيداً عن ضغوط الحياة الروتينية.

واستطاعت مسنّات مصريات في الآونة الأخيرة حصد الجوائز وشهادات التكريم والميداليات الرياضية بعد الثمانين بفعل الحركة والعزيمة والإرادة،؛ ما دفع جمهور «السوشيال ميديا» ووسائل الإعلام المحلية والعربية إلى الاحتفاء بمشوارهن ونجاحهن اللافت.

وكانت أحدث هذه النماذج السبّاحة المصرية نجوى غراب (81 عاماً)، التي حصدت الميدالية الفضية لسباق 50 متراً للأساتذة (الماسترز) في بطولة العالم للألعاب المائية، التي أقيمت بقطر قبل أيام، ولتفوقها وإصرارها على ممارسة الرياضة؛ اختارتها منظمة الصحة العالمية (WHO) سفيرة للنوايا الحسنة في منطقة الشرق الأوسط.

السباحة المصرية نجوى غراب تحصد الميدالية الفضية في بطولة العالم للألعاب المائية بقطر 2024 (الشرق الأوسط)

تقول نجوى غراب لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئت باختياري سفيرة لمنظمة الصحة العالمية في سن الثمانين، وحين اتصلوا بي اعتقدت أنهم يبيعون سلعة ما، وقلت لهم لا أريد أن أشتري شيئاً، وحين خاطبوني على (واتساب) وأخبروني باختياري سفيرة لهم بكيت».

رفضت السباحة المصرية أن تكون السن عائقة أمام الشخص لممارسة الرياضة، ووجهت نصيحة لكل من يتقدم به العمر: «لا تتوقفوا عن الحركة والنشاط، فهما سر الصحة ومفتاح الحياة».

وشهد مجال السباحة تألق السباحة المصرية سهير العطار (79 عاماً) والتي حصدت 5 ميداليات في بطولة العالم للألعاب المائية بقطر في سباق مائة متر ظهر للأساتذة (الماسترز).

وقررت العطار التي عملت طبيبة طوال عمرها ووصلت إلى وظيفة رئيس قسم في الجامعة، العودة إلى الشيء الذي أحبته وهو الرياضة.

ورأت سهير أن «السن مجرد رقم، وما دُمتُ قادرة على فعل الشيء لا أضع السن عائقة»، مؤكدة أهمية «امتلاك العزيمة والإرادة وتنظيم الوقت للوصول إلى ما نريده ونتمناه».

البطلة المصرية سهير العطار في بطولة العالم للألعاب المائية في قطر (الشرق الأوسط)

النصيحة التي قدمتها البطلة العالمية لكل شخص هي أن «يبحث عن شيء يحبه وأن يكرّس وقته ليعمله. فأي شيء إذا كنت تحبه ستقوم به على الوجه الأمثل».

ويبلغ عدد النساء في مصر نحو 48.5 مليون نسمة من إجمالي 104 ملايين نسمة هو عدد السكان بنسبة 106 ذكر لكل 100 أنثى، بحسب إحصاءات رسمية صدرت في مارس (آذار) 2023، ووصلت نسبة حصول النساء على المناصب الوزارية إلى 24 في المائة عام 2021.

ومن الرياضة إلى الأدب، حيث قدمت الإعلامية عفاف طُبالة، أول رئيسة لقناة «النيل للدراما»، نموذجاً ملهماً بعد التقاعد من عملها بالتليفزيون المصري عام 2001؛ إذ اتجهت للكتابة للأطفال.

ربما كانت البداية بقصص تحكيها لأحفادها، إلا أن القصة الأولى التي كتبتها حصدت جوائز كبرى وتنويه من معرض «بولونيا لأدب الطفل»، كما حصدت 7 جوائز كبرى في هذا المجال على مستوى الوطن العربي، وترشحت أكثر من مرة لجائزة «هانس أندرسون» العالمية في أدب الطفل.

بدأت طُبالة كتابة الرواية في سن 81 عاماً، لتقدم أول أعمالها الروائية للكبار بعنوان «دمعة على الموت الأول»، وعن هذه التجربة تقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الكتابة بالصدفة، وكنت أحلم أن يصبح هناك 5 كتب تحمل اسمي، لكنني الآن لدى 21 كتاباً للأطفال، بالإضافة إلى مجموعة قصصية ورواية للكبار».

الكاتبة عفاف طبالة وروايتها «دمعة على الموت الأول» (صفحة الكاتبة على فيسبوك)

وتشير إلى المعوقات التي يمكن أن تواجهها موضحة: «رغم أن اتّقاد الذهن يتراجع مع التقدم في العمر، فإنني أستمتع بالكتابة، وأجد نفسي فيما أكتب».

اللافت، أن آخر قصة كتبتها طُبالة للأطفال كانت في أغسطس (آب) 2023، عنوانها «صورتان»، عن علاقة مصر بفلسطين على مر التاريخ، وتنوه: «بعدها بشهرين جاءت معركة (طوفان الأقصى) وأصبح الكتاب في الواجهة بكل معارض الكتب».

وفي العام الماضي شغلت السيدة آمال إسماعيل (81 عاماً) الجدّة التي تعيش في المنصورة (دلتا مصر)، الرأي العام في مصر بعدما قررت أن تستكمل تعليمها، وأن تحصل على شهادة الماجستير في علم الاجتماع، وهي في عمر الثمانين، وكرّمتها قرينة الرئيس المصري، بوصفها من «السيدات المُلهمات».

وأصدر المجلس القومي للمرأة في مصر خطة استراتيجية لتمكين المرأة في 2030، وذلك في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذكرت منظمة الأمم المتحدة أن مصر هي الدولة الأولى في العالم التي تطلق استراتيجية وطنية في هذا الإطار، بحسب موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات.

الإعلامية والكاتبة عفاف طُبالة (منتدى الكتاب العربي)

ومن النماذج المصرية الملهمة أيضاً، مكة عبد اللاه عبد المولى، أقدم رائدة ريفية في مصر. والتي ذكرت أنها «كانت تعمل في حياكة وتفصيل الملابس، حتى اختارها أهل بلدتها لتقوم على مشروع للخدمة العامة» وانخرطت في خدمة المجتمع بأسوان (جنوب مصر) منذ عام 1984.

«الحاجة مكة» هو اللقب الذي اشتهرت به، عمرها الآن يتجاوز السبعين عاماً، واستطاعت أن تبرز كواحدة من النماذج التي لا يقف السن حائلاً دون نشاطهن، فهي تجوب القرى والنجوع وتقدم الخدمات وتنظم المشاريع لأهل أسوان.

وتم اختيارها لعضوية المجلس القومي للمرأة (المؤسسة الرسمية الحكومية المعنية بشؤون وقضايا المرأة في مصر)، وكرّمها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي عام 2022.


مقالات ذات صلة

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))
الولايات المتحدة​ صورة للصحافية الأميركية - الإيرانية مسيح علي نجاد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (صفحتها على موقع «إكس»)

واشنطن تتهم مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لاغتيال صحافية في نيويورك

وجّهت الولايات المتحدة اتهامات جديدة إلى مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وآخرين بمحاولة خطف صحافية أميركية من أصل إيراني في نيويورك واغتيالها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».