دخلت التحضريات لشهر رمضان في منطقتنا وبالكثير من الدول حول العالم مرحلتها الرئيسية والأخيرة، حيث ننتظر بدء الصوم عبر تجهيز الأطباق والمأكولات التي يمكننا حفظها في الثلاجات، وشراء الفوانيس والديكورات المنزلية التي تضيف رونقاً مميزاً، وتضفي أجواء روحانية تُدخِل البهجة إلى قلوب العائلات المجتمعة على موائد السحور والإفطار.
وفي طريقنا لتخزين المؤن قبل بداية الشهر، من الأرز والمعلبات إلى اللحوم والأسماك والمرطبات وغيرها، علينا ألاّ ننسى أننا كأشخاص في حاجة أيضاً إلى تحضير أجسامنا للصوم؛ كي لا يتسبب ذلك بأي صدمة لأجسادنا، ولنتفادى أي ردود فعل سلبية مثل الجفاف أو النعس المستمر أو العطش، وغيرها من التأثيرات.
لذلك؛ تنصح خبيرة التغذية أنطونا ماريا مطران، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، الناس باتباع نظام غذائي دقيق قبل بداية الشهر الفضيل، بنحو أسبوع أو أيام معدودة حتى.
وهناك خطوات أساسية عدّة تنصحك مطران باتباعها والالتزام بها في مرحلة الاستعداد للصوم:
التخفيف من كمية الطعام المتناولة
تشرح مطران: «على الناس البدء بتقليل كميات الطعام المعتادة وتقليص السعرات الحرارية المتناولة؛ وذلك بهدف تعويد الجسم على الفترات الطويلة من الصوم». وتابعت: «إذا أوقفنا تناول الطعام لساعات عدة بشكل مفاجئ، فالأمر سيؤثر سلباً على الجسم؛ لذلك علينا تحضير أمعائنا عبر تخفيف كميات الطعام التي نتناولها قبل البدء بالصوم، لنصل إلى الشهر الكريم معتادين على حصص أقل من المأكولات؛ الأمر الذي يخفف بالتالي من الشعور بالجوع».
الالتزام بوجبة الفطور
تقول خبيرة التغذية إن تناول الفطور صباحاً يُعد من أهم خطوات تجهيز جسمنا للصوم؛ وذلك لارتباطه بوجبة السحور لاحقاً، وتشرح: «هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يفضلون تناول الطعام صباحاً، وهذا بدوره يرتبط بعدم تناول وجبة السحور لاحقاً خلال رمضان؛ مما يعرّض الصائمين للتعب والإرهاق والجوع خلال اليوم... أما إذا بدأنا الاعتياد على تناول الأطعمة ولو الخفيفة صباحاً، سنعتاد تلقائياً على الحصول على وجبة السحور؛ مما يساعدنا في اجتياز يوم الصوم بطريقة صحية وسليمة».
التخفيف من شرب القهوة
تُعدّ القهوة جزءاً أساسياً من بداية أي يوم بالنسبة للكثير من الأشخاص حول العالم، ولكن، عند التجهيز للصيام، تؤكد مطران أنه يجب علينا تخفيف الكميات التي نستهلكها، خاصة صباحاً، قبل نحو أسبوع أو حتى أكثر، وتقول: «من المستحسن التخفيف من كميات الكافيين التي نتناولها؛ لعدم إخضاع الجسم لصدمة إيقافها فجأة، ومواجهة ما يترتب عن ذلك من تأثيرات، مثل الصداع القوي، والنعاس المستمر، وقلة النشاط، وغيرها...».
وتنصح أنطونا عشاق القهوة باستبدال المستحضرات التي تحتوي على كافيين بمنتجات تُعرف بـ«دي كاف»، أي تلك التي لا تحتوي على الكافيين، قبل فترة من حلول الشهر المبارك، لتجهيز نظامنا ودماغنا بالشكل المناسب.
الإكثار من شرب المياه
من المعروف أن شرب المياه يُعدّ قاعدة لا غنى عنها في حياتنا اليومية، مهما كان النظام الغذائي الذي نتبعه، أو في أي مرحلة من المراحل التي نمر بها. ولكن، للإكثار من شرب المياه فوائد أساسية عند تجهيز الجسم لفترة الصيام. تقول خبيرة التغذية: «من الضروري بالفعل شرب كميات كبيرة من المياه في الأسبوع الذي يسبق شهر رمضان؛ وذلك لإعطاء جسمنا دفعة قوية من الترطيب، وحمايته من الجفاف لاحقاً».
وتنصح أنطونا بزيادة كمية المياه المتناولة تدريجياً خلال اليوم.
التخطيط للوجبات مسبقاً...والابتعاد عن الوجبات الخفيفة
تعدّ زيادة الوزن أمراً شائعاً خلال شهر رمضان. فساعات تناول الطعام غير المنتظمة، والميل إلى الإفراط في تناول الوجبات الخفيفة خلال الليل، والطبيعة غير الصحية للعديد من الأطباق، كلها عوامل تساهم في السمنة. ويمكنك التعامل مع ذلك عبر التخطيط لوجباتك مسبقاً. ومن خلال تحديد الأطباق التي ترغب في تحضيرها كل يوم، يمكنك تقليل الكمية التي يتم طهيها لتتناسب معك، وتقديم مأكولات صحية أو طرق طهي سليمة. ويحميك ذلك بدوره من اللجوء إلى خيارات غير صحية مثل الأطعمة الجاهزة والسريعة.
وتعيد أنطونا تأكيد أهمية التقليل من تناول الوجبات الثانوية أو الخفيفة، وخاصة تلك الغنية بالسكر، لتقليص الطلب عليها لاحقاً خلال فترات الصيام. فتناول هذه الوجبات يكوّن عادات غير صحية لدينا، علينا العمل على التخلص منها قدر الإمكان قبل بدء رمضان.
التقليل من تناول الملح والسكر
عليك في البداية التعرف على الأطعمة التي تتناولها بانتظام والتي تحتوي على مستويات عالية من الملح والسكر. حاول تقليل استهلاكها بمقدار ملعقة كبيرة من الملح والسكر يومياً. في المقابل، سيسهل ذلك أيضاً محاربة الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالملح والسكر، ليس فقط خلال شهر رمضان، لكن أيضاً خلال المراحل المقبلة من حياتك.
ماذا عن المكملات الغذائية؟
عند سؤالها عن أهمية المكملات الغذائية في مرحلة ما قبل الصوم، وحتى خلالها، شرحت أنطونا أنه لا داعي لتناولها ما دام أننا نأكل وجبات غذائية متوازنة، غنية بالمعادن والفيتامينات التي نحتاج إليها، وأوضحت: «لا مانع من تناول (مالتي فايتامينز) أو المكملات الغذائية المتكاملة أثناء التحضير للصوم، وحتى خلال أيام شهر رمضان، ولكنها ليست بنفس أهمية اتباع نظام صحي متجانس، والإكثار من المأكولات الصحية والخضراوات والفاكهة، والابتعاد عن الأطعمة المقلية أو الغنية بالسعرات الحرارية والدهون».
وهنا، تنصح الخبيرة بضرورة الإكثار من تناول السلطات، والابتعاد عن المشروبات الغازية واستبدالها بالأعشاب والحساء، لحماية المعدة وعدم تعريضها لأي تلف أو أوجاع غير مُستحبة.
وفيما يلي، تعطينا خبيرة التغذية أنطونا لمحة على نظام غذائي متوازن يمكن اتباعه في الأيام المتبقية قبل بداية رمضان:
وجبة الفطور
تضم وجبة الفطور الصحية قبل الصوم مأكولات ترتكز على الكربوهيدرات المعقدة (complex carbs)، مثل القمحة الكاملة، الشوفان، النخالة، مع مصدر من البروتين مثل الأجبان والألبان أو البيض أيضاً. ولا مانع من إضافة مصدر يحتوي على الألياف، مثل حصة من الخضراوات أو الفاكهة لتعزيز الفوائد.
وتشدد أنطونا على ضرورة الابتعاد عن تناول الأطعمة الغنية بالسكريات صباحاً، مثل الشوكولاتة أو البسكويت أو الكعك؛ لأن الجسم يدمن عليها بسهولة، وينمي الرغبة الشديدة في تناولها لاحقاً مع الوقت.
وجبة الغداء
من المهم أن نبدأ في تعويد أنفسنا على تناول الحساء قبل الطبق الرئيسي، وتقول أنطونا: «لا يتناول الكثير منا الحساء في العادة ضمن وجبة الغداء؛ لذلك من الهم تجهيز جسمنا على ذلك، وتنظيم الوجبات عبر إضافة هذا الطبق المهم».
وتحبّذ أنطونا تناول وجبات غداء متكاملة تحتوي على: البروتين، الألياف، النشويات، والدهون الصحية. مثال على ذلك: طبق أرز مع نوع من الحبوب كالفاصولياء أو البازيلا، مع كمية مناسبة من اللحم أو الدجاج على الجانب - أو طبق من الدجاج أو اللحم إلى جانب السلطات والخضراوات المشوية، والبطاطس، والأفوكادو الذي يُعد مصدراً مهماً للدهون الصحية.
العشاء
ترى أنطونا أن الوجبة الأخيرة من اليوم قد تكون عبارة عن سلطة متعددة المكونات، مثل الخضراوات مع التونة أو قطع الدجاج المشوية. ويمكن استبدال السلطات بشطيرة من الخبز الخالي من السكر مثلاً، مع الجبن الأبيض أو حتى مع أنواعنا المفضلة من اللحوم والدجاج أو السمك أيضاً.