البُن السعودي يصبح الأجود عالميّاً

وسط مسعى لتحويل جازان إلى منصة تجارية عالمية... مزارع: «الدعم أعادنا إلى هوايتنا»

يعد البن العربي «الخولاني» الذي تشتهر مرتفعات جازان بإنتاجه من أفضل أنواع البن عالمياً (واس)
يعد البن العربي «الخولاني» الذي تشتهر مرتفعات جازان بإنتاجه من أفضل أنواع البن عالمياً (واس)
TT

البُن السعودي يصبح الأجود عالميّاً

يعد البن العربي «الخولاني» الذي تشتهر مرتفعات جازان بإنتاجه من أفضل أنواع البن عالمياً (واس)
يعد البن العربي «الخولاني» الذي تشتهر مرتفعات جازان بإنتاجه من أفضل أنواع البن عالمياً (واس)

بينما تُعدّ السعودية من أكثر 10 دول حول العالم استهلاكاً للبن بأكثر من 80 ألف طن سنوياً، وتستورد أسواقها ما بين 70 إلى 90 ألف طن من البن سنويّاً؛ وينفق مواطنوها ما معدّله أكثر من مليار ريال لإعداد القهوة، صُنف البن السعودي نفسه الأول عالميّاً من حيث الجودة، وفقاً لوزارة البيئة والمياه والزراعة.

وخلال «المعرض الدّولي للبن السعودي 2024»، و«مؤتمر جازان الدّولي الأول لأبحاث البن» في جازان جنوب السعودية، أكّد نائب وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي منصور المشيطي، أن البن السعودي شهد نقلة نوعية خلال العقد الماضي، قفزت به من النطاق المحلي إلى العالمية، وهو مصنف اليوم الأعلى جودة على مستوى العالم.

وفي دراسات لوزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، من المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 5 في المائة خلال السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طن بنهاية عام 2026، ما يتيح ويخلق فرصاً استثمارية جاذبة في القطاع.

15 محافظة لإنتاج البن

تشهد زراعة البن في السعودية نموّاً ملحوظاً، من ذلك المسعى المعلن لوزارة البيئة والمياه والزراعة إلى جعل 15 محافظة في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد مصدراً مهماً لإنتاج البن، خصوصاً «البن الخولاني» الذي يمتاز بالجودة عن بقية الأنواع، ومع ذلك فالأرقام المسجلة على صعيد الإنتاج لا تزال أقل من المستهدف وفقاً لبعض القراءات، حيث تؤكّد بيانات لـ«وزارة البيئة والمياه والزراعة» - يتم تحديثها دورياً -، أن عدد أشجار البن في جازان وحدها بلغ أكثر من 400 ألف شجرة، تخطى إنتاجها حاجز الـ1000 طن سنوياً، فيما بلغ عدد المزارع أكثر من 2000 مزرعة.

وتستهدف خطة تطوير القطاع زراعة 1.2 مليون شجرة بُن بحلول 2026، ما جعل الحكومة تعمل على رفع نسبة إنتاج البن في السعودية دعماً للاقتصاد الوطني وفق مستهدفات «رؤية 2030»، ترجمت ذلك عبر اعتماد تسمية عام 2022 عاماً للقهوة السعودية، وصدور موافقة مجلس الوزراء على انضمام البلاد إلى اتفاقية البن الدولية، بالإضافة إلى نجاح السعودية في تسجيل البُن في قائمة «اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي»، وإصدار تعميم لكل المطاعم والمقاهي في البلاد، لاعتماد اسم «القهوة السعودية» بدلاً من «القهوة العربية».

تقديرات البن السعودي

أرقام رسمية أيضاً، أظهرت أن عدد مزارع البن في جنوب البلاد وصل إلى 2535، وأكثر من 500 مزرعة بُن نموذجية، بينما يبلغ عددها في القطاع الجنوبي الغربي من البلاد 2185، ويقدّر الناتج المحلي من البن العربي في المحافظات الجبلية بمناطق جازان والباحة وعسير 1810 أطنان سنوياً، ونحو 350 طناً من البن الصافي بعد التقشير، كما بلغ عدد مزارع البن فيها 2535 مزرعة، واحتوت على ما يقارب الـ400 ألف شجرة بن، أما مزارع البن في المحافظات الجبلية بمنطقة عسير، فتنتج أكثر من 300 مزرعة تضمّ 40 ألف شجرة 200 طن من البن، و100 طن من البن الصافي بعد التقشير، ثم مزارع البن في منطقة الباحة حيث بلغ إنتاج البن 40 طناً، وكمية البن الصافي بعد التقشير 20 طناً لأكثر من 250 مزرعة للبن ضمّت 18 ألف شجرة بن.

الدعم والرعاية تعيد المزارعين

وقال حسن الهروبي أحد ملّاك المزارع المنتجة للبن في جنوب السعودية، إنه يتوقّع إقبالاً كبيراً على سوق إنتاج البن السعودي، مضيفاً أن لدى منطقة جازان والمحافظات الجبلية القريبة لها فرصة كبيرة لأن تتحول إلى منصة تجارية عالمية في المستقبل نظير المقوّمات التي تتمتّع بها.

وأشار الهروبي إلى أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجه المزارعين على صعيد المياه، والوصول، نظراً لوعورة المناطق الجبلية، بالإضافة لشحّ اليد البشرية العاملة وحاجة القطاع لمزيد من التنظيم، فإنه يعرف كثيراً من المزارعين والمهتمّين بقطاع إنتاج البن، قد عادوا لممارسة هوايتهم بعدما قلّ اهتمامهم بها خلال السنوات الماضية، معيداً السبب في ذلك إلى مستوى الاهتمام الحكومي المرتفع الذي يتمثّل بالنسبة إلى شريحة كبرى منهم في حجم الدعم الحكومي الذي وصل إلى 155 مليون ريال استفاد منه 3052 مستفيداً في قطاع البن، بالإضافة إلى التمويلات المقدّمة من صندوق التنمية الزراعية في منطقة جازان بالتحديد التي وصلت في آخر إحصائية لعام 2022 إلى 1.9 مليار ريال، وسط توقّعات بتسجيل أرقام أكبر خلال الفترة المقبلة.

وفي جلسة حوارية ضمن «المعرض الدولي للبن السعودي»، ناقشت تحويل منطقة جازان، جنوب السعودية، إلى منصة للإنتاج والتبادل التجاري العالمي في صناعة البن، أكّد الرئيس التنفيذي لمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، حسين الفاضلي، أن جازان «سلة غذاء المملكة» وإحدى أهم المناطق الزراعية التي تنتج ما يزيد على 30 نوعاً من الفاكهة، بالإضافة إلى الأصناف الزراعية التي تتصدّرها القهوة والقمح، ما يُتيح آفاقاً واسعة وفرصاً للاستثمار في الصناعات الغذائية ذات القيمة المضافة.


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القهوة غنية بمضادات الأكسدة (أ.ف.ب)

فوائد تناول البروتين مع القهوة في الصباح

يمكن للقهوة والبروتين تعزيز صحتك بطرق متنوعة، فالقهوة غنية بمضادات الأكسدة ويمكن أن تساعد في مقاومة الإجهاد التأكسدي، الذي يرتبط بالإصابة بالأمراض المزمنة.

صحتك لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

يرصد التقرير كيف يؤثر الكافيين علينا ويسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)
يوميات الشرق لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

وصل هَوَس الكاتب هونوري ده بالزاك بالقهوة حدّ تناول 50 فنجاناً منها يومياً، أما بريتني سبيرز فتشربها بالـ«غالونات». ما سر هذا المشروب الذي أدمنه المشاهير؟

كريستين حبيب (بيروت)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».