«بغداد السينمائي» يراهن على دعم المخرجين الشباب

حفل افتتاح دورته الأولى شهد حضوراً عربياً لافتاً

فنانون عرب على «الرد كاربت» في حفل الافتتاح (بغداد السينمائي)
فنانون عرب على «الرد كاربت» في حفل الافتتاح (بغداد السينمائي)
TT

«بغداد السينمائي» يراهن على دعم المخرجين الشباب

فنانون عرب على «الرد كاربت» في حفل الافتتاح (بغداد السينمائي)
فنانون عرب على «الرد كاربت» في حفل الافتتاح (بغداد السينمائي)

انطلقت فعاليات الدورة الأولى من مهرجان بغداد السينمائي مساء السبت، وسط حضور فنانين ومخرجين عرب.

المهرجان الذي تقيمه نقابة الفنانين العراقيين برئاسة جبار جودي وبالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار، ودائرة السينما والمسرح، يحظى بدعم الدولة، حيث يقام تحت رعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

نقيب الفنانين العراقيين جبار جودي يتوسط أعضاء لجنة التحكيم في حفل الافتتاح (بغداد السينمائي)

وأقيم حفل الافتتاح بسينما «المنصور» بحضور أحمد فكاك البدراني وزير الثقافة والسياحة والآثار، الذي أكد عبر كلمته على أهمية الفنون، والسينما بشكل خاص، قائلاً إن كثيراً من الأحداث كادت لتضيع وتذهب أدراج الرياح لولا تسجيل صناع الأفلام لها، مشيراً إلى أن السينما تاريخ وعلم وفن وجمال، وأن احتضان بغداد لهذا المهرجان بمنزلة «تأكيد على اهتمام العراق برعاية الإبداع باختلاف صوره».

الفنان الكويتي محمد المنصور يوجه تحية للحضور (بغداد السينمائي)

كما أشار جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين والمدير العام لدائرة السينما والمسرح إلى أن مهرجان بغداد السينمائي لم يكن ليقام لولا الدعم السخي الذي حصل عليه من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مشدداً على أهمية هذه الدورة التي تعد باكورة لانطلاق عجلة السينما العراقية وفرصة كبيرة لتسترد السينما العراقية عافيتها.

وأضاف جودي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «راهنّا في هذه الدورة على الدفع بعشرة مخرجين عراقيين من الشباب، حيث قام المهرجان بإنتاج أفلامهم القصيرة بميزانية قاربت الـ200 ألف دولار،»، عادَّاً أن «أهم نقطة مضيئة بالمهرجان هي توجيه قدر من ميزانيته للإنتاج السينمائي».

وذكر أنه «يطمح أن يتوسع المهرجان ليكون دولياً يليق بالعراق، بمشاركة أفلام من مختلف جنسيات العالم إلى جانب السينما العربية».

المخرج العراقي محمد شكري جميل يتوج بجائزة إنجاز العمر (بغداد السينمائي)

وشهد حفل الافتتاح تكريم ثلاثة من كبار السينمائيين العراقيين بمنحهم جائزة «إنجاز العمر» يتقدمهم المخرج محمد شكري جميل، الذي تحمل الدورة الأولى اسمه، ويعد جميل «عَراب السينما العراقية»، ومن أهم أفلامه «المسألة الكبرى»، و«الظامئون»، و«المهمة المستمرة»، الذي يعد أول فيلم عراقي يتناول الحرب مع إيران، وقد حازت أفلامه اهتمام وتقدير الجمهور العراقي.

وعرض المهرجان في إطار تكريمه خلال الافتتاح فيلماً وثائقياً عنه بعنوان «الإخراج قضية» للمخرج عبد الله محمد العاني سجل فيه رؤيته في إخراج أفلامه، مستعرضاً ملامح رحلته، ومشاهد من أفلامه، ومتضمناً شهادات لفنانين عراقيين على بصمته في السينما العراقية.

كما منح المهرجان تكريماً مماثلاً للفنان العراقي قاسم الملاك، الذي حققت أفلامه جماهيرية كبيرة، وكذلك الفنان سامي قفطان لعطائه الكبير كممثل.

وذكر الناقد العراقي مهدي عباس عضو اللجنة التحضيرية بالمهرجان ورئيس لجنة اختيار الأفلام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف من إقامة «بغداد السينمائي» هو أن يكون هناك مهرجان كبير يليق باسم بغداد على غرار القاهرة وقرطاج، «لا سيما وأن المهرجانات الحالية بالعراق صغيرة وتستهدف الأفلام القصيرة فقط».

تكريم الفنان قاسم الملاك بجائزة إنجاز العمر (بغداد السينمائي)

وأكد عباس أن المهرجان حظي بميزانية بلغت نحو مليون وربع المليون دولار واستقبل نحو 160 ضيفاً عربياً، وأنه يستهدف تحريك عجلة الإنتاج بدعم أفلام مجموعة من المخرجين الجدد كل عام، تم اختيار مشروعاتهم عبر مسابقة للسيناريو تقدم لها 160 فيلماً، وتدعم منح ميزانية تتراوح بين 20 و25 ألف دولار للفيلم الواحد.

وحول وجود بعض أفلام بالمسابقة سبق عرضها بكثير من المهرجانات العربية يقول عباس: «كنا سنقيم المهرجان في العام الماضي لكنه تأجل لظروف عديدة، ولدينا أفلام في عرضها الأول، لكننا سنعمل من الدورة المقبلة على أن ننفرد بشكل أكبر بعروض أولى».

الفنانة المصرية إلهام شاهين في حفل افتتاح المهرجان (بغداد السينمائي)

وافتتح الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» عروض مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي تشهد مشاركة العراق بـ3 أفلام هي «آخر السعاة»، «عروس المطر»، «ميسي بغداد»، إلى جانب أفلام «المرهقون» (اليمن)، «رحلة يوسف» (سوريا)، «طرف الخيط» (مصر) «حمى البحر المتوسط» (فلسطين)، «مطلقات الدار البيضاء» (المغرب)، «الشرنقة» (الكويت)، «إن شاء الله ولد» (الأردن)، «بنات ألفة» (تونس)، فيما تشهد مسابقة الأفلام الروائية القصيرة مشاركة 16فيلماً، ومسابقة الأفلام الوثائقية 10 أفلام ومثلهم بمسابقة أفلام التحريك (الأنيميشن)، وتضم لجان التحكيم نقاداً وصناع أفلام من العراق ومختلف الدول العربية.


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».