ذات صباح من عام 2001، وبينما كانت الشابة سارة مارش تنتظر بدء محاضرتها الجامعية، شعرت بيد على كتفها. التفتت، فوجدت امرأة تبتسم لها. عرفت فوراً مَن هي. فقبل أسبوع، تبادلت الشابتان رسائل عبر البريد الإلكتروني، وأخبرتها أنها ستجلس في الصفّ الأمامي. لطالما جلست بمفردها في المقدّمة. بالنسبة إلى الطلاب الآخرين، ربما كانت تبدو متحمّسة ومجتهدة. لكن السبب الحقيقي هو إصابتها بالصمم، وحاجتها إلى قراءة شفاه المُحاضِر. قالت لها الشابة: «أنا روزي»، مُلاحظةً سماعات أذنيها. وبينما كانتا تتحدّثان، شعرت سارة بالارتباك والخجل. معاناتها الصمم الوراثي، جعلت تلك السماعات جزءاً من حياتها، بعدما تلقّت الزوج الأول منه عندما كنت طفلة.
تُشارك سارة صحيفة «الغارديان» البريطانية قصتها، وتقول إنه كان على أمها وخالاتها اللواتي لا يسمعن أيضاً ارتداء أجهزة كبيرة تُشبه الصندوق في الخمسينات والستينات. تتابع: «لم نتعلّم لغة الإشارة البريطانية. في مدرستي، كنتُ الشخص الوحيد الذي يرتدي سماعات. لذلك كنتُ مذهولة ومندهشةً لرؤية روزي ترتديها. لقد ربطت شَعرها إلى الخلف، ولم تحاول إخفاءها كما فعلتُ». جلستا معاً بغرض تدوين المحاضرات، ولهذا كانتا على اتصال. بعد المحاضرة، واصلت سارة وروزي الحديث. شعرت أنه مختلف تماماً عن حوارات تُجريها مع معظم الناس. فمع روزي، تذكرت أن تنظر نحوها عندما تتكلّمان. وُلد بينهما وعي غريزي حول جَعْل التواصل واضحاً ومرئياً. ورغم خجل سارة، شعرت بفضول لمعرفة المزيد عنها. تقول: «كبرتُ وأنا أعتقد أنّ الصمم الذي أعانينه كان عيباً. روزي، الذكية والحكيمة والمرحة، صماء. فأين العيب في ذلك؟». صارحتها أنها تحبّ الجامعة، لكن محاولة قراءة الشفاه في المحاضرات أمر مرهق. ابتسمت سارة. فذلك الهاجس راودها ولم تُخبر به أحداً. افترض كثيرون أنّ قراءتها الشفاه منحتها قدرة سحرية على فهم ما يُقال، ولكن كان عليها أن تُخفي الإرهاق الذي تُسبّبه. اعتراف روزي بأنها تشعر بالإحساس نفسه، فتح لسارة نافذة على تجربتها، وشكّل مصدر فرح يتمثّل بالقدرة على التحدُّث بصراحة. بعد الجامعة، أخذتهما حياتهما المهنية في اتجاهين مختلفين. لا تزالان تجدان الوقت للقاء وممارسة اليوغا وارتياد المسرح. تتابع: «بدأتُ تعلُّم لغة الإشارة البريطانية، وليتني فعلتُ ذلك في وقت مبكر. روزي شجعتني». كان دفاع الشابة الصمّاء عن النفس أمراً عسيراً. فالرسائل التي استوعبتها منذ طفولتها - ومفادها أنّ السرد الإيجابي الوحيد الذي يرغب فيه المجتمع حيال الصمم والإعاقة هو الطريقة «الملهمة»، التي «يتم بها التغلُّب عليها» - كانت راسخة بعمق. روزي أكثر استنارة، ومدافعة شرسة عن نفسها والآخرين. كانت مرآة لتجربة خاصة وقدوة.