«البليلة العدسية» تغذي متضرري الحرب في السودان عبر مبادرات شبابية

طبق شعبي تحوّل بفعل الحرب إلى وجبة السودانيين الوحيدة

«البليلة العدسية» تُطهى على الفحم بالماء والملح فقط
«البليلة العدسية» تُطهى على الفحم بالماء والملح فقط
TT

«البليلة العدسية» تغذي متضرري الحرب في السودان عبر مبادرات شبابية

«البليلة العدسية» تُطهى على الفحم بالماء والملح فقط
«البليلة العدسية» تُطهى على الفحم بالماء والملح فقط

وسط مصاعب معيشية ولمواجهة شحّ الغذاء بسبب الحرب الدائرة في السودان، تحركت مجموعات شبابية لسد فجوة الغذاء عن طريق مبادرات إطعام تعتمد على ما يعرف بـ«البليلة العدسية»، وهي وجبة تقدم مجاناً ويزداد الإقبال عليها كلّما ضاق الحال.

وحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة، يعاني أكثر من 20.3 مليون شخص في السودان، أي نحو 42 في المائة على الأقل من عدد السكان، من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في ظل استمرار الصراع والتدهور الاقتصادي.

والولايات الأكثر تضرراً هي التي يشتد فيها الصراع، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، وجنوب كردفان وغربها، بالإضافة إلى وسط وشرق وجنوب وغرب دارفور، وولاية ود مدني التي اجتاحتها قوات الدعم السريع مؤخراَ.

«البليلة العدسية» باتت غذاء السودانيين اليومي بسبب الحرب الدائرة

تُعدّ البليلة وجبة شعبية يكثر استهلاكها في شهر رمضان، لكنها بفعل الحرب تحوّلت إلى وجبة وحيدة يتناولها السودانيون مرّة واحدة في اليوم بسبب شح الطعام. تُطهى على مواقد الحطب بالماء والملح فقط، ويمكن تناولها باليد من دون ملاعق أو مع الخبز إن توفّر. ويحصل السودانيون على هذا الطبق المشبع بالفيتامينات، مجاناً، بعد الوقوف في صفوف طويلة تمتد لأمتار، ولساعات من الانتظار. وتُوزّع بعد طهوها في أوانٍ يجلبها المنتظرون من منازلهم.

يقول مصطفى محمد، أحد متطوعي المبادرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيارهم وقع على (البليلة) لاعتبارات عدّة، كونها وجبة شعبية معروفة، علاوة على أن الأطباء ينصحون بها في حالات علاج فقر الدم والملاريا، مضيفاً أن مبادرات «وجبة بليلة» تقوم بها مجموعات شبابية، وتابع: «أصبح معظم الناس يعتمدون اعتماداً رئيسياً على هذه المساعدات البسيطة».

وحسب الطيب سيد أحمد، أحد سكان مدينة أمدرمان الحارة 75، فإن سكان العاصمة الخرطوم استفادوا من هذه المبادرات المجتمعية؛ وعنها يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها أسهمت في تخفيف حدة الجوع وتفاقم المرض، ويتابع: «في زمن الحرب اضطررنا لتقاسم اللقمة».

مجموعة من الشبان والشابات يتطوعون يومياً لإعداد وجبات البليلة بكميات كبيرة

أما فاطمة محمد، إحدى المشاركات في «وجبات بليلة»، فتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن مجموعة من الشبان والشابات يتطوعون يومياً لإعداد وجبات البليلة بكميات كبيرة، موضحة أن دورهم لا يقتصر على الصناعة فقط، بل يبحثون عن متبرعين من الداخل والخارج، وأن الأمر يتم عن طريق لجنة متخصصة في ذلك.

وعن العقبات التي تواجه المبادرة تقول فاطمة، إن ارتفاع أسعار المواد في الأسواق وندرتها بسبب الحرب، يدفع التجار إلى تقليل الكميات أحياناً، وتتابع: «لا يمكننا التوقف عن إطعام متضرري الحرب، فنحن وغيرنا مضطرون للشراء بأي سعر، حتى بعد أن بلغ سعر الكيلو الواحد 23 ألف جنيه سوداني أي أقل من دولار».

وعن إدراج بعض المكونات الأخرى مثل العدس والفول المصري لمبادرات إطعام متضرري الحرب، ترى فاطمة أن القيمة الغذائية للبليلة العدسية تميزها عن باقي البقوليات، رغم ارتفاع أسعارها.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.