وسام حنا... 12 ساعة من بثّ الحب

نضجُه منبعُه إيقاظ حرب غزة الطفلَ المُعذَّب في داخله

وسام حنا رافق اللبنانيين لأكثر من 12 ساعة يوم رأس السنة (حسابه الشخصي)
وسام حنا رافق اللبنانيين لأكثر من 12 ساعة يوم رأس السنة (حسابه الشخصي)
TT

وسام حنا... 12 ساعة من بثّ الحب

وسام حنا رافق اللبنانيين لأكثر من 12 ساعة يوم رأس السنة (حسابه الشخصي)
وسام حنا رافق اللبنانيين لأكثر من 12 ساعة يوم رأس السنة (حسابه الشخصي)

عوامل، يُضاف إليها «التوفيق من الله»، خلف نجاح وسام حنا في البثّ المباشر المتواصل لأكثر من 12 ساعة يوم رأس السنة. ورغم أنه عوَّد الناس على حضوره الثابت في وداعهم عامهم المتساقِط، يطلّ هذه المرة بلمعة نضج مصدرها مصالحة الألم. لساعات، مازح، وأضحكَ، وربَّح جوائز، وتشارك مع المشاهدين خلاصة الحب. يُخبر «الشرق الأوسط» أنّ حرب غزة أيقظت أوجاعه وجعلته يُعطي بحجم التلقّي المُشتهى.

أُلقي أقصى الجهد على اليوم الطويل هذا العام، بعنوان «عيِّد معنا» عبر شاشة «إل بي سي آي». قبل يومين من 31 ديسمبر (كانون الأول)، تمكّن الضغط النفسي تماماً من وسام حنا، فلاحت له فكرة الانسحاب من كل شيء: «المسؤولية كبيرة، والمنافسة بين المحطات في رأس السنة تبلغ الذروة. الجميع كان مستعداً. ونحن أيضاً. تأهّبت جميع الأقسام بما فيها الأخبار، وصُبَّت الجهود لليوم الاستثنائي. لم يكن أمامي سوى إسعاد الناس».

وسام حنا لا يتعلّم من الحروب بل يراها مراياه (حسابه الشخصي)

محقٌ بالقول إنّ المذيع يتدرّب على الإلقاء ويُحسِّن مخارج الحروف ليُتقن صنعته، أما مقدّم برامج التسلية، فلا مفرّ من تحلّيه بالبساطة: «إنها السرّ، والتحضير في المرتبة الثانية. البساطة نِعمة السماء، يملكها المرء ولا يكتسبها».

لم يعلم أنه يتحلّى بها، وحامت حوله صورة نمطية مفادها أنه جامد، لا يتفاعل، ولا يُحدِث الوَقْع المُحبَّب. بعد برنامج «حسابك عنا»، أثبت العكس. منحته مديرة البرامج في المحطة جوسلين بلال فرصة، ومن الباب فُتِحت أبواب. اليوم، هو وجه الشاشة المُنتَظر يوم رأس السنة، من صباحه حتى ليله؛ يراكم الثقة محاولةً بعد أخرى، ونجاحاً تلو النجاح.

هذه مقدّمة، فعمق الموضوع يحمل جانباً يمسّ الجوهر. إنه قلب الإنسان وروحه التي تعصرها المواجع. وإنْ يتساءل بعضٌ عما يدفع وسام حنا للانغماس تماماً في الحرب على غزة وآلام أطفالها والنزف الكبير، فالجواب هو عذابات داخلية قلّما تُنبَش، تجعله يسعى إلى الحب فيُعطيه ليناله من جديد، وتتحقّق البلسمة.

النضج يجعل أداء وسام حنا أكثر تماسكاً وعفوية (حسابه الشخصي)

يستوقفه أنّ صاحبة السطور لمحت نضجاً في أدائه هذا العام، وفي تماسُك الساعات الطويلة، وعفوية إسعاد الناس: «هذا انعكاس أسى الحرب. ترددتُ قبل قراري خوضَ يوم رأس السنة، فالجَلْد مرير، والانتقادات، وقسوة الوضع العام. توصّلت اجتماعاتي مع رئيس مجلس إدارة (إل بي سي آي) بيار الضاهر إلى ضرورة إعلان الأمل. أردنا إتاحة مساحة للتنفُّس، فلا يعمّ الاختناق. الناس يستحقون الفرحة وسط اشتداد الظلمة».

ليس تعاطفاً ما يحمله المقدّم والممثل اللبناني لفلسطين: «التعاطف شيء آخر. قد أرى فقيراً في الشارع، فأتعاطف وأُكمل الطريق. الحرب على غزة لم تُعلّمني. لستُ أستقي دروساً من المجازر. لقد شكّلت مرآة لآلامي، وأيقظت أوجاعاً عتيقة. شعرتُ أنني قد أخسر مَن أحب. وقد أخسر نفسي أيضاً. كل ذلك قد يحصل في لحظة».

كلما تألّم طفل وارتجفت أطرافه، أصاب الألم الطفل المقيم في وسام حنا، ومسّت الرجفة روحه المُحمَّلة بالندوب: «أرى نفسي في الصغار المرتجفين. أجدني ذبيحاً مثلهم!». بعضنا يستعجل الحكم على الظاهر، ويظنّ أن لا وجود لما يُخفَى. الحقيقة، أنه شديد السطوع، وإن تستَّر أو توارى أو أُحيل إلى التمويه. يقول: «خلف القوة، تكمن هشاشة الإنسان. من غزة إلى جنوب لبنان، فدول العالم؛ يتشابه الحزن ويتوحّد الضعف البشري».

وسام حنا يعلن الأمل ويتمسك بالرجاء (حسابه الشخصي)

صمَّم على تعميم الفرح وشقَّ له طريقاً نحو القلوب: «لم يكن الهدف توزيع الجوائز فقط. أردنا الإضاءة على النِعم. في يوم رأس السنة، اعترتني رغبة في تصديق أنّ الجميع سعيد. مَن يستطيعون مساعدة الآخرين، لا يفعلون ذلك من أجل تأمين دواء أو تسديد فاتورة فحسب، بل ليحظوا بفرصة الشُكر. إصراري الكبير كان جَعْل المُقتدِر يُقدِّر صحّته وماله وسائر النِعم. علينا أن نرى الأشياء بوضوح. فما نمتلكه، ثمة مَن يقاتل للحصول عليه».

الإحساس الداخلي بالضعف يحرّك حلاوة العطاء. من الشجاعة الاعتراف بأنّ الصميم هشّ ومحطَّم، فيحاول حنا مداواة الجرح المشترك بين جميع البشر بتحويل الحزن إلى حب: «قلما تنجو طفولتنا من التعثّر. هناك الخدوش وما يُعلِّم عميقاً. الجرح إنساني يسكننا جميعاً، وعبثاً نتحايل عليه بادّعاء الصلابة والضحك في وجه الحياة. نحن أقوياء؟ نعم. لكنّنا في الأعماق أطفال».

نضجُ الأداء وتماسكه، تولّدهما مراجعة النفس بعد الحرب: «أعيد حساباتي المتعلّقة بالعمل والآخرين والعلاقات. يتبيّن لي أنّ الحب يداوي. أتحايل على الداخل بإرادة الضحكة وتحدّي الاستمرار. رسالةُ الحب هذه هي ميزةُ أدائي هذا العام. أُعطيه فيعود إليّ. انعكاساته تفترش ملامحي وتسيطر على نبرتي، فيشعر الناس بالطاقة. مَن ماتوا لن يعودوا، ومَن بُترت أطرافهم لن يستعيدوا ما فات. الحب يُبلسم ويمنح السكينة».

استيقظَ في اليوم التالي لرأس السنة مغموراً بسلام نفسي بعد بلوغ القلق أقصاه. اليوم يستريح. يسمّيها «استراحة محارب»، بعد صخب التحدّيات والأسئلة. تناقَش وزميلته جويل فضّول في خطاب ختام العام ووداع مَن تابعوه لساعات. قرأ بتأثّر معنى الرهان على الأمل، وإبقاء الرجاء منارة الحقيقة الصافية.


مقالات ذات صلة

لبنان يُغنّي في النسخة الـ23 لـ«عيد الموسيقى»

يوميات الشرق بيروت تحتفل بـ«عيد الموسيقى» طوال يومين (المركز الثقافي الفرنسي)

لبنان يُغنّي في النسخة الـ23 لـ«عيد الموسيقى»

لبنان بجميع مناطقه يُغنّي في النسخة الـ23 لـ«عيد الموسيقى» الذي يحلّ في 21 يونيو من كل عام. فاللبنانيون اعتادوا الاحتفال به منذ انطلاقته عام 2001.

فيفيان حداد (بيروت)
العالم العربي عدد من الأضاحي قبل ذبحها في المجازر المعتمدة (مجلس الوزراء)

«عجول نزقة» تجلب مشاهد مصارعة الثيران إلى مصر

حظيت مقاطع فيديو مصورة لمَشاهد «هروب» عجول الأضحية في مصر، بانتشار واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محققة مشاهدات كبيرة، وتشبيه مدونين لها بـ«مصارعة الثيران»

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

خادم الحرمين: نسأل الله أن يديم الأمن والاستقرار على وطننا والأمتين العربية والإسلامية

هنّأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، المواطنين والمقيمين والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق رسمت فرحة العيد البهجة والسرور على وجوه الكبار والصغار في مختلف مناطق السعودية (تصوير: سعد الدوسري)

العيد في السعودية... كرنفال للفرح والبهجة

رسمت فرحة العيد البهجة والسرور على وجوه الكبار والصغار في مختلف مناطق السعودية، الذين توافدوا مع ساعات الصباح الأولى على ساحات المساجد والمتنزهات.

إبراهيم أبو زايد (الرياض)
الخليج «طواف الإفاضة» الركن الثالث من أركان الحج (واس)

الحجاج يؤدون «طواف الإفاضة» وسط منظومة من الخدمات المتكاملة

بدأ الحجاج اليوم أداء «طواف الإفاضة» الركن الثالث من أركان الحج في المسجد الحرام مع فجر عيد الأضحى المبارك وسط منظومة من الخدمات والتنظيمات المكثفة

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
TT

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية، بجوائز بلغت قيمتها 1.6 مليون ريال، ونال كل فائز بكل فرع 200 ألف ريال، وذلك برعاية وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس أمناء المجمع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان.

وتشمل فروع الجائزة تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها، وحوسبة اللُّغة وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللُّغة ودراساتها العلميَّة، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة.

ومُنحت جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنَّشر من المملكة العربيَّة السُّعوديَّة في فئة المؤسسات، فيما مُنحت في فرع «حوسبة اللُّغة العربيَّة وخدمتها بالتقنيات الحديثة»، لعبد المحسن الثبيتي من المملكة في فئة الأفراد، وللهيئة السُّعوديَّة للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في فئة المؤسسات.

جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد (واس)

وفي فرع «أبحاث اللُّغة العربيَّة ودراساتها العلمية»، مُنحَت الجائزة لعبد الله الرشيد من المملكة في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربيَّة من مصر في فئة المؤسسات، فيما مُنحت جائزة فرع «نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة» لصالح بلعيد من الجزائر في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات في فئة المؤسسات.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُويَّة اللُّغويَّة، وترسيخ الثَّقافة العربيَّة، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبلٍ زاهرٍ للُّغة العربيَّة، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمَّنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشُّمولية وسعة الانتشار، والفاعليَّة والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيميَّة للجان.

وأكد الأمين العام للمجمع عبد الله الوشمي أن أعمال المجمع تنطلق في 4 مسارات، وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، وتتوافق مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

تمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع لخدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

وتُمثِّل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللُّغة العربيَّة، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030».