مَن سيربح جوائز «غولدن غلوب»؟

نفضت عن نفسها مشكلات الماضي ووُلدت من جديد

فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

مَن سيربح جوائز «غولدن غلوب»؟

فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
فيلما «باربي» و«أوبنهايمر» المرشحان لجائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

استقبل الإعلام الأميركي ترشيحات «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» (Hollywood Foreign Press Association) لجوائز «غولدن غلوب» بترحاب كبير معتبرين أنها بمثابة ولادة جديدة للجمعية العريقة.

بالنظر إلى نوعية الترشيحات من أفلام وممثلين وبوجود جوائز إضافية لم تكن معتمدة في السنوات السابقة، فإن الترحاب في مكانه، باستثناء المشكلة التي باتت أكثر تعقيداً مما كانت عليه من قبل.

وقائع وخلفيات

بعد ما نُشر عن الجمعية من سلبيات خلال السنوات الأربع الماضية من حيث غياب المقترعين الأفرو – أميركيين، والحفلات المخصصة لها من الاستديوهات التي عُدّت (عن غير حق) نوعاً من الرشوة، نُفضت الجمعية من أساسها فعمَّمت مبدأ التصويت ليس على أعضائها فقط، بل فتحت الباب لكل المعنيين بالكتابة النقدية والصحافية السينمائية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

بيد أنها خسرت في المقابل ملكية جوائز «غولدن غلوب» التي أنشأتها منذ الأربعينات (سنة 1943 تحديداً). هذه اشترتها شركة «Eldridge Industries» التي تُشرف الآن عليها كاملة. دور «ذي هوليوود فورين برس أسوسييشن» بذلك يتوقف على إجراء الاستفتاءات السنوية بين نحو 400 عضو رسمي ومُنتخب عوض ما كان عليه الوضع سابقاً حين كان التصويت حكراً على أعضاء الجمعية.

ترشيحات «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» لجوائز «غولدن غلوب» (أ.ب)

السنوات القريبة الماضية كانت قاسية، فخلالها وجّهت الجمعية بامتناع الاستديوهات وممثليها عن التعامل معها، وتوقفت إمكانية إجراء المقابلات، لا بل أعاد بعض الممثلين جوائزها إليها (أشهرهم توم كروز).

الـ«غولدن غلوب» الجديدة هي بالفعل ولادة مفصلية جديدة. تحوّلت في الواقع إلى «بزنس فوق أي اعتبار» من دون أن تخسر بهجتها كما تُدل مقالات الترحيب التي سادت السوشيال ميديا بأنواعها.

هذا الوضع بات أفضل تلقائياً مما كانت عليه جوائز «غولدن غلوب» في الأعوام الأخيرة، لكنه يُماثل المستوى الحِرفي الذي سادها في أواخر التسعينات حتى عام 2020. ما يأمل مالكو الجائزة الجدد تحقيقه هو رفع الهالة التي تتمتع بها الجائزة أكثر مما كانت عليه، وتعدد الأصوات هو اتجاه صحيح في ذلك، بالإضافة إلى اختيار محطة بث جديدة (CBS) عوض تلك السابقة (NBC) ضمن ما قيل إنها نقلة أفضل تبعاً لصفقة سخية بين الطرفين.

جائزتان مضافتان

علاوة على ذلك استُنبطت جائزتان إضافيّتان على الجوائز المتعددة السابقة، واحدة تلفزيونية باسم «أفضل ستاند - أب كوميدي» والثانية سينمائية باسم «أفضل إنجاز سينماتِك آند بوكس أوفيس». هذه الأخيرة هي الأهم كتفعيل لدور «غولدن غلوب» لأنها ستُتيح لها التعامل مع مستوى أعلى من المعتاد كون الجائزة معنية لا بالنواحي الفنية وحدها بل بمستوى نجاحها. الأفلام المرشّحة في هذا القسم الجديد شرطها واحد: أن تكون إيراداتها تجاوزت الـ150 مليون دولار. بعد ذلك يأتي دور المصوّتين ليختاروا بين الأفلام المرشّحة ما سيفوز بهذه الجائزة بناءً على الجانب الفني والتقني.

لقطة من فيلم «أوبنهايمر» (أ.ب)

الأفلام المرشّحة بالتالي، في هذا النطاق ثمانية حققت جميعها ذلك الشرط وبعضها، مثل «باربي» و«أوبنهايمر» و«مهمة: مستحيلة اعتقاد مميت- الجزء الأول) حققت أضعاف ذلك الحد الأدنى من النجاح.

إلى جانب الأفلام الثلاثة المذكورة هناك:

•«سبايدرمان: أكروس ذا سبايدر-فيرس» Spider Man‪: Across the Spider Verse

•«جون ويك: فصل 4» John Wick‪: Chapter 4

•«غارديانز أوف ذا غالكسي» Guardians of the Galaxy Vol. 3

•«سوبر ماريو بروس، الفيلم» The Super Mario Bros‪. Movie

•«تايلور سويفت: جولة العصور» Taylor Swift‪: The Eras Tour

الجائزة الكبرى هنا ستكون من نصيب «باربي»، إن لم تكن، فالتوقع التالي هو «أوبنهايمر».

«سبايدرمان: أكروس ذا سبايدر-فيرس» (أ.ب)

مسابقة الفيلم الدرامي تنبري لها 5 أفلام هي:

• «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall)، فيلم فرنسي لجوستين ترييه خرج قبل أيام قليلة بجائزة «الاتحاد الأوروبي» الأولى.

• «قتلة فلاور مون» (Killers of the Flower Moon). أخرجه مارتن سكورسيزي وفاز قبل نحو 10 أيام بجائزة مؤسسة National Board of Review العريقة.

مشهد من «قتلة فلاور مون» (أ.ب)

• «مايسترو»، قصة حب بين الموسيقار ليونارد بيرستاين والمرأة التي وقع في غرامها أخرجها وقام ببطولتها برادلي كوبر.

• «حيوات سابقة» (Past Lives) لسيلين سونغ، دراما عائلية لها حسناتها وبعض السلبيات شبه القاضية.

• «منطقة الاهتمام» (The Zone of Interest)، دراما عن عائلة مسيحية تسكن قريباً من أحد معسكرات الأوشفيتز.

• «أوبنهايمر» لكريستوفر نولان عن سيرة حياة أبو الذرة النووية جون روبرت أوبنهايمر.

توقعات الناقد هنا موزّعة بين منح «أوبنهايمر» الجائزة التي يستحقها بلا ريب، وتفضيل فيلم «تشريح سقوط». «قتلة فلاور مون» يأتي ثالثاً.

مسابقة الكوميديا والموسيقى

لا يوجد فيلم موسيقي في هذه القائمة لأنه لم يُنتج في العام الماضي فيلم جيد من هذا النوع باستثناء «الحورية الصغيرة» (The Little Mermaid) الذي ينتمي في الواقع لسينما الأنيميشن (وهو غير مرشّح حتى في ذلك السباق). لذا فإن كل الأفلام المذكورة هنا هي كوميدية... أو حاولت أن تكون:

• «هواء» (Air) علاقة هذا الفيلم الجديد لبن أفليك بالكوميديا مثل علاقة حرف الألف بعمود الكهرباء. فيلم جيد في غير مكانه.

• «رواية أميركية» (American Fiction) من إخراج كورد جيفرسون وبطولة جيفري رايت في أفضل أداء له منذ حين.

غريتا غرويغ ومارغوت روبي (أ.ب)

• «باربي» لغريتا غرويغ من تلك التي تشبه «البوب كورن»: تفرقع كثيراً وتبقى خالية من الحسنات.

• «المستمرون» (The Holdovers) أفضل كوميدي بين الأعمال المتسابقة في هذا النطاق مع بول جياماتي في دور أستاذ يجد نفسه معزولاً في مكان ناءٍ مع بعض تلامذته.

• «ماي ديسمبر» May December ميلودراما مع جوليان مور ونتالي بورتمان.

• «أشياء فقيرة» Poor Things فيلم آخر للمخرج اليوناني الذي يعتمد على منحاه السوريالي مع ويليم دافو ورامي يوسف في عداد الممثلين.

الترشيح الخاص هو لفيلم «المستمرون» لألكسندر باين ولو أن ذلك يبدو احتمالاً محدوداً إزاء «ماي ديسمبر» و«باربي».

مارغوت روبي بطلة فيلم «باربي» (أ.ب)

مسابقات أخرى

• في نطاق سباق أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية هناك مجموعة مثيرة للاهتمام.

يطل مجدداً الفيلم الفرنسي «تشريح سقوط» والفيلم الكوري «حيوات سابقة» والفيلم الأميركي الناطق بالبولندية «منطقة الاهتمام». هناك ثلاثة أفلام أخرى في هذا السباق أفضلها جميعاً «الأوراق المتساقطة» للفنلندي آكي كيورسماكي. الفيلمان الآخران هما «إلكابيتانو» (إيطاليا) و«جمعية الثلج» (إسبانيا).

الترجيحات تميل مجدداً لفيلم «تشريح سقوط» والتفضيل الشخصي لفيلم «الأوراق المتساقطة».

• على صعيد المخرجين، هناك 6 متنافسين هم: برادلي كوبر («مايسترو»)، وغريتا غرويغ («باربي»)، ويورغاس لانتيموس («أشياء فقيرة»)، وكريستوفر نولان («أوبنهايمر»)، ومارتن سكورسيزي («قتلة فلاور مون»)، وسيلين سونغ («حيوات سابقة»).

المعركة ستكون بين مخرجين مهمّين هما سكورسيزي ونولان، أو هكذا يجب أن تكون بالنظر إلى أن الأفلام الأخرى ليست بالمستوى الفني نفسه لفيلم «قتلة فلاور مون» و«أوبنهايمر». لكن المجال هنا مفتوح لمفاجآت غير متوقعة أسوؤها فوز غريتا غرويغ بهذا المنصب أيضاً.


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
TT

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

ضمن مشروع الأفلام الذي يعدّه «مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري» في «مكتبة الإسكندرية» بعنوان «عارف»، يروي فيلم الأقصر التسجيلي الوثائقي تاريخ واحدة من أقوى العواصم في تاريخ الحضارات القديمة، ويستدعي ما تمثّله هذه المدينة من كنز حضاري منذ أن كانت عاصمة مصر في عهد الدولة الوسطى.

في هذا السياق، قال مدير المركز التابع لـ«مكتبة الإسكندرية»، الدكتور أيمن سليمان، إنّ «سلسلة أفلام (عارف) تقدّم القصص التاريخية عن الأماكن والمدن والمعالم المهمة في مصر، بصورة أفلام قصيرة تُصدّرها المكتبة»، موضحاً أنه «صدر من هذه السلسلة عدد من الأفلام ضمن منظور غير تقليدي هدفه توعية النشء والشباب بأسلوب سهل ومبسَّط؛ ولا تتعدى الفترة الزمنية لكل فيلم 3 دقائق، وهو متاح باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فيلم (الأقصر) يتناول قصة واحدة من أقوى عواصم العالم القديم، عاصمة الإمبراطورية المصرية. طيبة أو (واست) العصية كما عُرفت في مصر القديمة، التي استمدت قوتها من حصونها الطبيعية. فقد احتضنتها الهضاب والجبال الشاهقة من الشرق والغرب، مثل راحتَي يد تلتقيان عند مجرى نهر النيل. وكانت رمز الأقصر عصا الحكم في يد حاكمها الذي سيطر على خيرات الأرض، فقد منَّ الله عليها بنعمة سهولة الزراعة، كما وصفها الإغريق».

«بوستر» الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

ولم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة. فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد كلما عانت التفكك والانقسام. ومن أبنائها، خرج محاربون عظماء، مثل منتُوحتب الثاني الذي أعاد توحيد الدولة المصرية وجعل الأقصر عاصمةً لها، وأحمس الذي صدَّ عدوان الغزاة، وفق ما يشير الفيلم.

وأوضح سليمان أنه «مع استقرار البلاد، تهيّأت الظروف لازدهار الثقافة والحضارة التي تحترم الإنسان وقدراته، رجالاً ونساءً. فقد تركت حتشبسوت نماذج فريدة في العمارة والفنون والثقافة والاستكشاف. وفي ساحات معابد الكرنك، اجتمع الأمراء والطلاب للعلم والعبادة معاً، مُشكّلين بذلك طابعاً خاصاً للشخصية المصرية. وسجّل تحتمس الثالث الحياة اليومية في الإمبراطورية المصرية، جنباً إلى جنب مع الحملات العسكرية، على جدران معبد الكرنك، في حين شيّد أمنحتب الثالث نماذج معمارية مهيبة شرق النيل وغربه».

جانب من الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

وتابع: «الأقصر تحتفظ بدورها الثائر ضدّ المحتل عبر عصور الاضطراب والغزو، مثل حائط صدّ ثقافي حافظ على الهوية المصرية. ودفع هذا الإسكندر والبطالمة والأباطرة الرومان إلى تصوير أنفسهم بالهيئة المصرية القديمة على جدران المعابد، إجلالاً واحتراماً. وقد احتضنت معابد الأقصر الكنائس والمساجد في وحدة فريدة صاغتها الثقافة المصرية، لتشكّل جسراً جديداً من جسور التراث والفكر».

ولفت إلى أنّ «شامبليون طاف بها 6 أشهر كاملةً ليملأ عينيه بجمال آثارها. فهي قبلة الباحثين من شتى أنحاء العالم، الذين يأتون إليها آملين أن تبوح لهم أرضها بأسرار تاريخ البشر، وأن تكشف لهم مزيداً من كنوز الفنون والآداب والعلوم».

وتهدف سلسلة «عارف» إلى تقديم نحو 100 فيلم وثائقي، وأصدرت أيضاً أفلام «توت عنخ آمون»، و«بورتريهات الفيوم»، و«هيباتيا»، و«سرابيوم الإسكندرية»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«القاهرة التاريخية».