هل تتوقف دقّات أجراس الأبقار في الريف السويسري؟

بعد رفع شكوى مطلع العام بسبب «ضجيج» ليلي

المزارع رولف رورباخ يحمل أجراس الأبقار في قرية أرفانغن (أ.ف.ب)
المزارع رولف رورباخ يحمل أجراس الأبقار في قرية أرفانغن (أ.ف.ب)
TT

هل تتوقف دقّات أجراس الأبقار في الريف السويسري؟

المزارع رولف رورباخ يحمل أجراس الأبقار في قرية أرفانغن (أ.ف.ب)
المزارع رولف رورباخ يحمل أجراس الأبقار في قرية أرفانغن (أ.ف.ب)

تدقّ أجراس الأبقار كلّما تحرّكت هذه الحيوانات ببطء لترعى العشب الأخضر، التي تشكل أحد أبرز التقاليد في سويسرا، ومشهداً شائعاً فيها، لكنّ هذه الأصوات الناجمة عنه لا تروق لجميع السويسريين.

وفي مدينة أرفانغن الواقعة وسط جبال الألب، رُفعت شكوى في مطلع العام بسبب «ضجيج» ليلي يحدثه قطيع من نحو 15 بقرة تقضي لياليها في حقل مجاور لمنطقة سكنية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وكان قد طلب سكان شقتين مجاورتين للحقل من السلطات التدخل ودفع المزارع لإزالة الأجراس عن أبقاره خلال الليل.

ويقول رئيس بلدية البلدة الصغيرة البالغ عدد سكانها 4800 نسمة نيكلاوس لوندسغارد - هانسن المقيم في جوار الحقل المعني: «دُهشت عندما علمت بأنّ شكوى قد رُفعت في هذا الخصوص»، مضيفاً: «لم أكن أُدرك أنّ الأبقار تحدث ضجة كبيرة، لكنّني لاحظت أنها قد تزعج السكان».

وتم جمع 1099 توقيعاً مؤيداً للتقليد، أي أقل من ربع عدد السكان الإجمالي. وقال لوندسغارد - هانسن إنّ هذا الرقم «ضخم». وستُطرح المبادرة رسمياً أمام الناخبين خلال اجتماع مرتقب الاثنين للبلدية، ومن المقرر إجراء تصويت شعبي عليها في يونيو (حزيران) المقبل.

وبينما كانت الأجراس تُستخدم سابقاً لتتبّع الحيوانات في المراعي الجبلية، تقلّصت أهميتها مع ظهور أجهزة التتبع بنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس). لكنها بقيت من أبرز مؤشرات الحياة الريفية في سويسرا. وفي الأسبوع الفائت، أدرجت منظمة اليونيسكو هجرة القطعان في المراعي الجبلية السويسرية ضمن التراث غير المادي للإنسانية.

لكنّ هذا التقليد يشهد تراجعاً أحياناً تزامناً مع انتقال عدد كبير من سكّان المدن إلى الأرياف بحثاً عن السكينة. وخلال السنوات الأخيرة، شهدت بلدة أرفانغن عدداً متزايداً من الشكاوى ضد أجراس الأبقار وضد الأجراس التي تقرع كل ربع ساعة في مناطق سويسرية عدة. وتحمل هذه الشكاوى مخاوف من احتمال أن تخسر سويسرا التي يشكل الأجانب ربع سكانها هويتها.

ويقول أندرياس باومان، وهو طبيب أعصاب مُدافع عن الأجراس، عبر وكالة الصحافة الفرنسية: «إنها من تقاليدنا». ويضيف: «هل نريد المحافظة على ما ابتكره أجدادنا أم نضعه ببساطة في المتاحف؟»، مؤكداً أنّ «الأجراس جزء من الحمض النووي للسويسريين»، ويقول: «هنا في أرفانغن، نرغب في المحافظة عليها». وراهناً، تضمّ المنطقة التي تبعد 30 دقيقة فقط بالسيارة من العاصمة برن وساعة من زيورخ وبازل، 19 مزرعة نشطة.

ويوضح رئيس البلدية أنّ رجلاً وزوجته هما أحد الطرفين المتقدمين بالشكوى قررا سحبها، بينما يعتزم الثنائي الآخر مغادرة القرية. ومهما أتت نتيجة الاستفتاء الشعبي، فقد تُزال أجراس الأبقار ليلاً في حال رأت السلطات أنها تتجاوز مستويات الضجيج المقبولة.

ومن المتوقع صدور قرار قضائي في هذا الخصوص قريباً. ويبدي رولف رورباخ الذي يدير مزرعة مجاورة لتربية المواشي، تعلّقه بهذا التقليد. ويقول: «عندما أنام، أحب سماع صوت الأجراس»، مضيفاً: «أدرك من خلال ذلك أنّ أبقاري في موقعها».


مقالات ذات صلة

معركة ثمانينية مع تمساح في فلوريدا: هجم مثل «طوربيد»

يوميات الشرق معركة الدفاع عن الحياة (مكتب مأمور مقاطعة «لي»)

معركة ثمانينية مع تمساح في فلوريدا: هجم مثل «طوربيد»

أنقذت امرأة تبلغ 84 عاماً في ولاية فلوريدا الأميركية، حياتها، بعدما لكمت تمساحاً عدوانياً في وجهه... فماذا جرى؟

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
يوميات الشرق غرابة الريش (مواقع التواصل)

حمامة زرقاء تُحيِّر سكان باركشير البريطانية

أثار ظهور حمامة زرقاء تُحلّق فوق شوارع مدينة بريطانية حيرة سكانها... فما القصة؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حارسة البطاريق جيس راي تزن طيور البطريق «هومبولت» خلال الجلسة السنوية للوزن في حديقة حيوان لندن (أ.ف.ب)

لماذا تزن حديقة لندن حيواناتها كل عام؟ (صور)

تخضع حيوانات حديقة حيوانات لندن لعملية تدقيق سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سمُّها قاتل (د.ب.أ)

عالم برازيلي يدوس على الثعابين السامّة لفهم دوافعها للعضّ

استخدم عالم أحياء برازيلي طريقة جديدة لدراسة السلوك الذي يدفع الثعابين السامّة للعضّ؛ وهي دراسة تُسهم في إنقاذ أرواح البشر الذين يتعرّضون للدغاتها.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
يوميات الشرق السعودية تواصل جهودها المكثّفة للحفاظ على الفهد الصياد من خلال توظيف البحث العلمي (الشرق الأوسط)

«الحياة الفطرية السعودية» تعلن ولادة 4 أشبال للفهد الصياد

أعلنت السعودية إحراز تقدم في برنامج إعادة توطين الفهد، بولادة أربعة أشبال من الفهد الصياد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما أفضل طريقة للتحدث مع طفل يعاني من الألم؟

ذكريات الطفولة الإيجابية عن إدارة الألم يمكن أن تقلّل من مقدار الألم الذي يشعر به الشخص فعلياً في حياة البالغين (رويترز)
ذكريات الطفولة الإيجابية عن إدارة الألم يمكن أن تقلّل من مقدار الألم الذي يشعر به الشخص فعلياً في حياة البالغين (رويترز)
TT

ما أفضل طريقة للتحدث مع طفل يعاني من الألم؟

ذكريات الطفولة الإيجابية عن إدارة الألم يمكن أن تقلّل من مقدار الألم الذي يشعر به الشخص فعلياً في حياة البالغين (رويترز)
ذكريات الطفولة الإيجابية عن إدارة الألم يمكن أن تقلّل من مقدار الألم الذي يشعر به الشخص فعلياً في حياة البالغين (رويترز)

إن ما نختبره بوصنا أطفالاً له تأثير عميق على صحتنا الجسدية والعقلية بالغين، وغالباً ما تركز الأبحاث على الآثار الضارّة لتجارب الطفولة السلبية التي تزيد من خطر إصابة الشخص لاحقاً بالاكتئاب والقلق، واضطرابات النوم، وأمراض القلب، وحتى الألم المزمن.

ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أيضاً أن التجارب الإيجابية في مرحلة الطفولة يمكن أن يكون لها نفس الفوائد على المدى الطويل، وتشير دراسة جديدة نُشرت في دورية «Pain» الطبية إلى أن رَدّ فعلك عندما يأتي إليك طفل يتألم يُمكن أن يشكّل كيفية استجابته لهذا الإحساس في وقت لاحق من الحياة، وأن تصديقك لصحة مشاعر الطفل في هذه اللحظة قد يساعد في منعه من الإصابة بالألم المزمن في المستقبل.

فكيف تُظهر هذا التصديق؟

التصديق يعني التواصل مع الشخص من خلال كلماتك وأفعالك، بأن وجهة نظره مُهمة ومعقولة ومشروعة، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعنيّ بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

وبالنسبة لطفل يعاني من الألم (أو طفل يخشى أن يعاني من الألم)، يمكن أن تُظهر التصديق كما يلي:

الاستماع الفعال الذي يبني ثقة الطفل بك.

تسمية المشاعر، مما قد يساعد الطفل على تحديد ما يشعر به (أن تقول على سبيل المثال: «يبدو أنك خائف»).

إضفاء الشرعية على تجربتهم، مما ينمّي ثقة الطفل بنفسه (كأن تقول: «من المنطقي أنك خائف»).

الإشادة بالسلوكيات التكيُّفية التي تعزّز قدرة الطفل على تنظيم انفعالاته (كقول: «أنا معجب بشجاعتك في القدوم إلى العيادة اليوم على الرغم من أنك كنت خائفاً»).

إشراك الطفل في استراتيجية تأقلم صحية، تُعلّمه أنه قادر على اتخاذ خطوات إيجابية من أجل صحته، حتى عندما يكون ذلك صعباً (على سبيل المثال: «لماذا لا نلعب لعبة معاً لإلهائك عن الألم؟»).

كيف يمكن أن يمنع التصديق الألم المستقبلي؟

قد يكون من المُغري تَجاهُل شكاوى الطفل بشأن الإصابات الصغيرة، مثل الخدوش أو الكدمات أو الحقن، فمع تقدُّمنا ​​في السن ومعاناتنا من مستويات أعلى من الألم، يتجاهل معظمنا ما يبدو لنا آلاماً وأوجاعاً بسيطة، وقد يبدو من المعقول محاولة تعليم الطفل أن يفعل الشيء نفسه، لكن بينما لا يزال الأطفال يتعلمون عن الألم، فإن التصديق المستمر لألمهم يبني ثقة الأطفال في تجاربهم الداخلية، ويسمح لهم بتجربة استراتيجيات التكيف الصحية.

ووفق «سيكولوجي توداي»، فعندما يصدق أحد الوالدين أو الطبيب تجارب الطفل «بطريقة تتناسب مع نقاط ضعفه الواضحة»، فإن ذلك يساعد الطفل على الشعور بالقبول، وبناء الاتصال والثقة، وقد يساعد الطفل على تطوير المهارات الأساسية في تنظيم عواطفه.

وبما أن مدى شدة شعورنا بالألم يتأثر جزئياً بتجاربنا السابقة، فإن ذكريات الطفولة الإيجابية عن إدارة الألم يمكن أن تقلّل من مقدار الألم الذي يشعر به الشخص فعلياً في حياة البالغين.