اختراعات كبرى أبصرت النور في «إكسبو الدولي»... ومعالم سياحية عالمية

من التلغراف إلى التلفون فالبث التلفزيوني المباشر... وتمثال الحرية وبرج إيفل

عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

اختراعات كبرى أبصرت النور في «إكسبو الدولي»... ومعالم سياحية عالمية

عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
عرض ضوئي باستخدام مسيّرات بعد فوز الرياض بحق استضافة معرض «إكسبو العالمي 2030» في مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة السعودية الرياض في 28 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

إنّه معرض «إكسبو»... المهرجان العالمي للتكنولوجيا والثقافة والصناعة... ملتقى تتشارك فيه الدول آخر ما توصلت إليه منجزات الحضارة الإنسانية. اختراعات كبرى ومعالم تاريخية أبصرت فيه النور. قلّة من المدن فازت باستضافة هذا الحدث العالمي. الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، التي تحتضن «إكسبو 2030» في آخر إطلالة مرتقبة لهذا المحفل العلمي والتراثي العالمي، هي إحدى أبرز المدن المستضيفة للحدث الكبير، حيث تتطلّع فيه المملكة لتنظيم نسخة استثنائية.

اختراعات كبرى عرفها العالم، وُلدت في «المعرض الدولي» المعروف اليوم باسم «إكسبو». هو «مسقط رأس» التلغراف والتليفون والبث التلفزيوني المباشر وآلاف الإبداعات الأخرى التي غيّرت سُبل الحياة وطوّرتها نحو الأفضل. ولأجل المعرض، شُيّدت مشاريع منها ما أصبح رمزاً وطنياً، ومَعْلَماً سياحياً عالمياً، وجعلت البلد المستضيف وجهة عالمية للسياحة تستقطب ملايين الزائرين.

«مسقط رأس» اختراعات كبرى

عرفت معارض «إكسبو» الدولية ولادة اختراعات كبرى شهدتها البشرية، من الفاكس إلى التليفون، فالنقل التلفزيوني المباشر، فالهاتف الجوال، وغيرها الكثير من الاختراعات التي شاهدها العالم وتعرّف عليها للمرة الأولى في عروض «إكسبو».

منظر عام من طريق نايتسبريدغ لمعرض كريستال بالاس في حديقة هايد بارك في العاصمة البريطانية لندن خلال استضافته «المعرض الكبير» لعام 1851... شهد الحدث العالمي أوّل عرض لنسخة أولية من التلغراف أو الفاكس (أرشيفية-متداولة)

الفاكس: تم الكشف عن نسخة أولية لجهاز الفاكس في «إكسبو 1851» (المعرض الكبير) في لندن.

وعُرفت الآلة آنذاك باسم «تلغراف الصورة»، اخترعها الفيزيائي الإنجليزي فريدريك بايكويل، الذي بنى على مفهوم نظري طوره الميكانيكي الأسكوتلندي ألكسندر باين قبل 10 سنوات، حسب شبكة «سي إن إن».

أُبهر الجمهور بالعروض الحية لآلة الفاكس في معرض «إكسبو 1851»، واستُغرق بعد ذلك حتى عام 1863 لإنتاج أول نموذج تجاري لجهاز الفاكس.

صورة ملوّنة تُظهر مخترع التليفون (الهاتف) ألكسندر غراهام بيل يتحدث عبر الهاتف في نيويورك (يتصل بشيكاغو) في عام 1892 (غيتي)

التليفون: أو الهاتف، هو جهاز بدوره، أحد هذه الاختراعات الكبرى التي أبصرت النور في معارض «إكسبو» وأحدثت لاحقاً ثورة في عالم الاتصالات. فقد استعرض المخترع الأسكوتلندي ألكسندر غراهام بيل اختراعه «التليفون» للمرة الأولى في 10 مارس (آذار) 1876، وفق شبكة «سي بي إس» الأميركية، وذلك في معرض «إكسبو» بفيلادلفيا في الولايات المتحدة، بعد حصول بيل على براءة اختراع لهذه التكنولوجيا قبل بضعة أشهر فقط.

في «إكسبو»، عرض بيل نظام الاتصالات الخاص به الذي كان له طرفان: جهاز إرسال وجهاز استقبال.

وأذهل بيل الجمهور في المعرض، حيث قال أحد الشهود، وهو إمبراطور البرازيل بيدرو الثاني، مندهشاً: «يا إلهي، إنه يتحدث»، وهو يضع سماعة التليفون على أذنه، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

الرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت يفتتح معرض "إكسبو نيويورك" العالمي في 30 أبريل 1939... شهد هذا الحدث أوّل بثّ تلفزيوني مباشر في التاريخ، بثت فيه شبكة «إن بي سي» الأميركية الكلمة الافتتاحية للرئيس روزفلت (أرشيف إذاعة نيويورك العامة)

النقل التلفزيوني المباشر: في معرض «إكسبو نيويورك العالمي 1939»، أصبح فرانكلين روزفلت، أول رئيس أميركي يطلّ ببث تلفزيوني على الهواء مباشرة في 30 أبريل (نيسان) 1939. وقد صوّرت شبكة «إن بي سي» الأميركية هذا الحدث الذي أعلن فيه الرئيس روزفلت افتتاح «إكسبو».

كان الجمهور الأميركي الذي يشاهد ذلك البث المباشر في المنزل محدوداً، إذ لم يكن هناك سوى 100 جهاز تلفزيون أو نحو ذلك في مدينة نيويورك في ذلك الوقت، ولكن كان بإمكان زوار معرض «إكسبو» أيضاً مشاهدة خطاب روزفلت على أجهزة التلفزيون المنتشرة عبر موقع مخصص في حي كوينز بمدينة نيويورك.

طابع بريدي يحمل اسم «معرض نيويورك العالمي لعام 1939» (أرشيف بلدية مدينة نيويورك)

عُدّ هذا البث المباشر لإطلالة روزفلت، ولادة حقبة جديدة من وسائل الاتصال بالجماهير.

وأدى اندلاع الحرب العالمية الثانية إلى توقّف تطوير التلفزيون مؤقتاً، ومضى أكثر من عقد من الزمن على أوّل بث مباشر عام 1939، قبل أن تصبح الوسيلة الإعلامية الجديدة شائعة بين الناس.

صورة من «إكسبو أوساكا» في اليابان عام 1970 تُظهر أشخاصاً يجرّبون الهاتف اللاسلكي في الجناح الخاص له في المعرض (متداولة)

الهاتف اللاسلكي: أحد أكثر الاختراعات استخداماً في عصرنا، هو الهاتف اللاسلكي الذي عرضت «الشركة اليابانية للتلغراف والهاتف» نموذجاً له في معرض «إكسبو 70» في مدينة أوساكا اليابانية سنة 1970. هذه القطعة من التكنولوجيا ستحدث لاحقاً، ثورة تكنولوجية في المجتمع، وتُدخل العالم في عصر جديد من الاتصالات.

ففي معرض أوساكا، خُصص للزوار جناح خاص بالاتصالات الإلكترونية، حيث تمكّن الزوار من الجلوس في حجرات بلاستيكية وإجراء مكالمات إلى مناطق اليابان عبر هاتف لاسلكي كبير.

مولدُ معالم سياحية عالمية

أبنية عديدة شُيّدت خصيصاً لمعارض «إكسبو» الدولية، أو استفاد أصحاب المشاريع من الطابع العالمي للمعرض لإظهار إنجازهم الهندسي والتعريف به. برج إيفل وتمثال الحرية بناءان ظهرا للعلن في معارض «إكسبو»، وتحوّلا إلى معلمين وطنيين وعالميين.

تمثال الحرية: هو عبارة عن هيكل ضخم على جزيرة الحرية بميناء نيويورك، يقف رمزاً عالمياً للحرية منذ عام 1886.

التمثال النحاسي هدية من الشعب الفرنسي إلى الشعب الأميركي، لتخليد العلاقات التاريخية بين البلدين. وقد صممه النحات الفرنسي فريديريك أوغست بارتولدي الذي عرض جزءاً من هيكله في «إكسبو باريس» عام 1878.

تمثال الحرية في خليج مدينة نيويورك... يظهر وراءه جزء من المدينة (متداولة)

يُعد تمثال الحرية أحد أعظم الإنجازات التقنية في القرن التاسع عشر، ويُنظر إليه على أنه جسرٌ بين الفن والهندسة.

يمثل التمثال امرأة تحمل شعلة في يدها اليمنى المرفوعة، وفي يدها اليسرى لوحة تحمل تاريخ إعلان استقلال الولايات المتحدة (4 يوليو/تموز 1776).

هذا التمثال الشهير الذي أُعلن سنة 1924 نُصُباً تذكارياً وطنياً أميركياً، زاره 3.14 مليون شخص في عام 2022، وفق موقع «ستاتيستا» المتخصص بالإحصاءات.

برج إيفل: هو النصب التذكاري الباريسي الشهير. تم بناؤه خصّيصاً لمعرض «إكسبو باريس» سنة 1889.

فكرة رجل الأعمال غوستاف إيفل وفريقه من المهندسين، لقي بناء برج إيفل في البداية معارضة من قبل فنانين ومثقفين فرنسيين عدّوا بناءه «حماقة مذهلة». ومع ذلك، فقد اجتذب البرج أكثر من مليوني شخص أتوا لرؤيته خلال معرض «إكسبو» لعام 1889.

استغرق بناء هذا المعلم أكثر من عامين، ولم يكن المقصود منه قط أن يكون هيكلاً دائماً. كان من المفترض أن يبقى لمدة 20 عاماً فقط، لكن استخدام البرج مختبراً للقياسات والتجارب العلمية، ضمن بقاءه.

منظر لبرج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس 28 نوفمبر 2015 (رويترز)

فمنذ 1889، تم تركيب عدد كبير من الأجهزة العلمية من مقاييس الضغط الجوي، ومقاييس شدة الريح، ومانعات الصواعق، وغيرها. كما خصص غوستاف إيفل لنفسه مكتباً في الطابق الثالث من البرج لإجراء ملاحظات فلكية وفزيولوجية، بحسب الموقع الرسمي لبرج إيفل.

تحوّل البرج إلى رمز لفرنسا، وزاره منذ إنشائه مئات الملايين من الزوار من جميع أنحاء العالم، وله إسهام كبير في جعل فرنسا إحدى أبرز الوجهات السياحية في العالم.


مقالات ذات صلة

1.8 مليون زائر و5 جوائز عالمية في الجناح السعودي بـ«إكسبو الدوحة» للبستنة

يوميات الشرق تصميم الجناح مُستوحى من جبل طويق الذي شبه به ولي العهد همة السعوديين (واس)

1.8 مليون زائر و5 جوائز عالمية في الجناح السعودي بـ«إكسبو الدوحة» للبستنة

اختتمت السعودية مشاركتها في «إكسبو الدوحة 2023» للبستنة بحصادها 5 جوائز وأرقاماً قياسية عالمية، وتفاعل 1.8 مليون زائر للجناح السعودي الذي يُعدّ الأكبر في الحدث.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق الوزير سلمان الدوسري يتحدث خلال لقاء «سحور الإعلام» الثاني بالرياض (واس)

الدوسري: شاشة الحلم السعودي ستبث خبر المستقبل

شدّد الوزير سلمان الدوسري على أن الإعلام السعودي «سيكون لاعباً أساسياً وليس متفرج»، مؤكداً أن «الفرص الكبيرة، ولا مجال للتقاعس».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد السوق العقارية مرشحة للنمو في 2024 حتى بلوغ 100 مليار دولار في 2030 (واس)

3 أسباب أسهمت في تماسك السوق العقارية السعودية في 2023

حافظت السوق العقارية السعودية على مستوى صفقاتها السنوية في 2023 بتسجيلها قيمة إجمالية بنحو 277 مليار ريال (74 مليار دولار).

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد تتضمن حزمة الحوافز المالية الإعفاء من ضريبة الدخل (واس)

السعودية: حوافز ضريبية جديدة لجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية

قالت السعودية، يوم الثلاثاء، إنها ستقدم «حزمة حوافز ضريبية جديدة لمدة 30 سنة» لدعم برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، تتضمن الإعفاء من ضريبة الدخل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تُظهر هذه الصورة شعار «إكسبو الرياض 2030» في قصر المؤتمرات في «إيسي ليه مولينو» بضاحية باريس، في 28 نوفمبر 2023، عقب إعلان الهيئة الملكية السعودية لمدينة الرياض فوزها باستضافة «إكسبو 2030» لعام 2030، الحدث العالمي الذي يُقام كل خمس سنوات (أ.ف.ب) play-circle 01:43

172 عاماً من معرض «إكسبو الدولي»... تعرّف على الدول التي استضافت الحدث العالمي

منذ انطلاقته عام 1851 وحتى يومنا هذا، ساعد «إكسبو» البشرية على رسم مستقبل أكثر تقدماً من خلال جمع الناس والأمم تحت شعار مشترك هو التعليم والابتكار والتعاون.

شادي عبد الساتر (بيروت)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».