«شيء آخر»... احتفاء بتراث قلعة صلاح الدين «شديد الثراء والتعقيد»

معرض قاهري بمشاركة فنانين من 34 دولة

حكايات تصويرية تخلق مساحتها داخل مسطحات قلعة صلاح الدين (إدارة المعرض)
حكايات تصويرية تخلق مساحتها داخل مسطحات قلعة صلاح الدين (إدارة المعرض)
TT

«شيء آخر»... احتفاء بتراث قلعة صلاح الدين «شديد الثراء والتعقيد»

حكايات تصويرية تخلق مساحتها داخل مسطحات قلعة صلاح الدين (إدارة المعرض)
حكايات تصويرية تخلق مساحتها داخل مسطحات قلعة صلاح الدين (إدارة المعرض)

استضافت قلعة صلاح الدين التاريخية، في قلب القاهرة، معرضاً بعنوان «شيء آخر»، يشارك فيه فنانون معاصرون من 34 دولة، يقدّمون ألواناً متنوّعة من الأعمال والعروض البصرية، مستفيدين من التراث المعماري والقيمة الأثرية للقلعة؛ وذلك حتى 23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وتتيح فعالية «شيء آخر» للمشاركين حرية التفاعل مع القلعة مكاناً للتحاور مع أفكارهم وتنفيذ أعمالهم، فالجدران، والدرج، والأسوار، والبوابات، والسراديب، والأسطح المفتوحة، وغيرها من مفردات المكان القديم، متاحة للتفاعل معها فنياً بوسائط مختلفة، بداية من فنون طي الورق «الأوريجامي» التي تفاعلت مع أسوار القلعة عبر مجسّمات لطائرات من الورق الأزرق المُقوّى، مروراً بفنون التصوير التي استفادت من العمر الزمني للجدران، لإضافة عنصر بصري جمالي؛ إلى فنون النحت والخزف المتنوعة، و«الفيديو آرت» الذي يتّخذ من الجدران شاشات عرض، علاوة على العالم الواسع لمشروعات «التجهيز في الفراغ»، والاستفادة من عناصر البيئة في بناء عوالم مبتكرة.

من الأعمال التصويرية في قلعة صلاح الدين (إدارة المعرض)

«عادة ما تقتصر علاقة الزائرين بالقلعة على تفقُّد الأثر التاريخي، رغم افتتاح جامع (سارية الجبل) فيها بعد ترميمه، علاوة على وجود فناء يعود إلى العصر المملوكي، لكن الناس غالباً لا يعلمون كثيراً عن الطبقات التاريخية الغنية للقلعة حتى الآن»، وفق الفنان التشكيلي المصري معتز نصر، مُؤسّس المعرض والفعالية ومنظّمها.

أقيمت هذه الفعالية برعاية وزارة السياحة والآثار المصرية، و«الهيئة المصرية العامة لتنشيط السياحة»، وتضمّ، إلى المعرض، ندوات تناقش علاقة الفن بتنمية المجتمعات، ونشر الوعي الجمالي والتراثي، وغيرها، يطرح فيها المشاركون تجاربهم من واقع ثقافة بلدانهم المختلفة.

يوضح نصر فكرة المعرض والفعالية، لـ«الشرق الوسط»: «بحثنا في الجمع بين التاريخ والفن المعاصر، فكل حجر وسرداب في القلعة يروي حكايات تمتد لنحو 1000 عام»، واصفاً المكان بـ«شديد الثراء والتعقيد، ويمثل تحدّياً كبيراً للفنانين لعرض أعمالهم به». ويضيف: «ممتع أن يخلق كل فنان حضوره الفني بنفسه وسط هذا التاريخ، ويتفاعل مع طاقة المكان القوية».

خامات مُهملة يعاد تشكيلها فنياً وجمالياً (إدارة المعرض)

وشيّد صلاح الدين الأيوبي، مؤسِّس الدولة الأيوبية في مصر، هذه القلعة فوق جبل المقطم في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، في موضع كان يُعرف بقبة الهواء. وتشير المصادر إلى أنه لم يُنهِ بناءها في حياته، فأتمّها السلطان الكامل بن العادل نحو عام 1207، وكان أول مَن سكنها واتّخذها مقراً للحكم. ظلّت كذلك حتى عهد الخديوي إسماعيل، فقرّر نقل مقر الحكم إلى قصر عابدين في منتصف القرن التاسع عشر، وفق «الهيئة المصرية العامة للاستعلامات»، بينما ظلّت القلعة أثراً تاريخياً يضمّ كثيراً من المتاحف.

وإذ يشير نصر إلى مشاركة 34 دولة من العالم في الفعالية، يتابع: «بسبب النجاح اللافت وإقبال مشاركين من دول عدّة، قررنا جعل هذا الحدث سنوياً، فالفن المعاصر لغة متجدّدة ومشتركة بين الشعوب وجميع الفنانين»، علماً بأنّ الفعالية اختارت اسم الفنان التشكيلي والأكاديمي المصري أحمد نوار ضيف شرف.

الحجارة سطح فني خلال المعرض (إدارة المعرض)

تفاعل فنانون مع قصة القلعة وأبعادها المعمارية، فوظّفوا الأحجار سطحاً للطباعة والتصوير، واكتشاف كُتل فنية جديدة، واستفاد البعض الآخر من مفردات حضارية قديمة، وعناصر محلية مثل الصناديق الفارغة، والكراسي الخشبية المميزة لمقاهي القاهرة بكل عفويتها في تصميم أعمال مركّبة تستدعي التجريب، كما استعانوا بخامات مُهملة مثل بقايا الخردة وحاويات المياه الغازية المعدنية البالية في تركيبات فنية معاصرة، واتجهوا لتقديم معالجات فنية جديدة لخامات مثل الفخار والخزف في مساحات استفادت من الخلفيات التاريخية لمعالم القلعة، بوصفها بعداً درامياً وتشكيلياً للأفكار والرؤى المعاصرة.


مقالات ذات صلة

توافق مصري - نرويجي على «حل الدولتين» ووقف إطلاق النار بغزة

شمال افريقيا استقبال رئيس وزراء النرويج للرئيس المصري في أوسلو  (الرئاسة المصرية)

توافق مصري - نرويجي على «حل الدولتين» ووقف إطلاق النار بغزة

أعربت مصر والنرويج عن «قلقهما البالغ إزاء الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك المعاناة الهائلة للمدنيين والاحتياجات الإنسانية الماسة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا محادثات بدر عبد العاطي في تشاد (الخارجية المصرية)

مصر تؤكد دعمها تشاد في مكافحة «الإرهاب والتطرف»

أكدت مصر حرصها على دعم تشاد في مكافحة «الإرهاب» والتطرف

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

«الجامعة العربية» تحذر من «إشعال الفتنة» في سوريا

حذرت جامعة الدول العربية، الخميس، من «إشعال فتنة» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مع عدد من المستثمرين (مجلس الوزراء)

تحويلات المصريين بالخارج تصل إلى أعلى مستوياتها

شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «ارتفاعاً قياسياً» أخيراً، وسط تأكيدات مسؤولين مصريين أن ذلك جاء في ظل «تحرير» سعر صرف الجنيه.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مطار الغردقة الدولي (موقع وزارة الطيران المدني المصرية)

مصر تعوّل على القطاع الخاص في تحسين الخدمات بالمطارات

تُعوّل الحكومة المصرية على «القطاع الخاص» لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، سعياً لـ«تحسين جودة الخدمات» الجوية في حركة النقل الجوي.

أحمد إمبابي (القاهرة)

تمديد عرض مسرحية «الباشا» بعد نجاحها في موسم الرياض

الفنان كريم عبد العزيز يقدم شخصية أبو المعاطي الباشا (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)
الفنان كريم عبد العزيز يقدم شخصية أبو المعاطي الباشا (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)
TT

تمديد عرض مسرحية «الباشا» بعد نجاحها في موسم الرياض

الفنان كريم عبد العزيز يقدم شخصية أبو المعاطي الباشا (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)
الفنان كريم عبد العزيز يقدم شخصية أبو المعاطي الباشا (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

حظي العرض المسرحي «الباشا»، بطولة الفنان المصري كريم عبد العزيز بتفاعل «لافت»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر «الترند» على منصة «إكس»، الجمعة، بعد بدء عرضه على مسرح بكر الشدي، بالعاصمة السعودية الرياض منذ 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه بالسعودية، عبر منشور بصفحته الرسمية على منصة «فيسبوك» عن تمديد عرض المسرحية لأيام إضافية، وكتب: «نظراً للنجاح الكبير لمسرحية (الباشا) للنجم كريم عبد العزيز، وإخراج العزيز رامي إمام، سيتم تمديد العروض»، وسبق ذلك المنشور إشادته بالمسرحية، مؤكداً أنها «من أنجح المسرحيات في موسم الرياض».

وترصد مسرحية «الباشا»، التي تعرض برعاية الهيئة العامة للترفيه بالسعودية، تحديات الترابط العائلي في إطار اجتماعي كوميدي، كما تُعد المسرحية هي الثالثة في مشوار كريم عبد العزيز، والثانية له في فعاليات «موسم الرياض»، بعد مسرحية «السندباد» التي تم عرضها لأول مرة أواخر عام 2023، وأعادته للوقوف على خشبة المسرح بعد غياب ما يقرب من 22 عاماً منذ تقديمه مسرحية «حكيم عيون».

الملصق الترويجي لمسرحية «الباشا» (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

وتدور أحداث مسرحية «الباشا» في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي حول شخصية «أبو المعاطي الباشا»، وأسرته البسيطة؛ حيث يقيمون في غرفة متواضعة على سطح مبنى قديم، لكن حياتهم تتحول لشكل آخر بعد الانتقال للعيش في فيلا المليارديرة «ليلى الصياد»؛ حيث مظاهر الرفاهية.

ويشارك في بطولة المسرحية نخبة من النجوم، من بينهم هنا الزاهد، وويزو، وهيدي كرم، وحاتم صلاح، والطفل جان رامز، ومن تأليف أحمد سعد والي، وعلاء حسن، ومحمد صلاح خطاب، وإبراهيم صابر، وإخراج رامي إمام، وإنتاج آلاء الغزالي.

من جانبه، كشف المؤلف أحمد سعد والي، أحد المشاركين في كتابة نص المسرحية، عن كواليس اختيار الفكرة من قبل الفنان كريم عبد العزيز، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن المشروع بدأ من جانب المنتجة آلاء الغزالي، التي تواصلت معهم لكتابة معالجة لعرض مسرحي من بطولة كريم عبد العزيز، والذي يبحث منذ فترة كبيرة عن مشروع لافت بعد قراءته أفكاراً ومعالجات عدة، إلا أنها لم تنل إعجابه.

فريق مسرحية «الباشا» في لقطة من البرومو الترويجي للعرض (حساب المستشار تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

ويضيف والي أن «العمل مع كريم عبد العزيز تحدٍّ في حد ذاته»، موضحاً أنه «فنان يقرأ الفكرة ويبلورها في مخيلته، ويحكم عليها سواء بالسلب أو الإيجاب سريعاً، فقد أعجب بفكر (الباشا) فور عرضها عليه، واجتمع مع فريق الكتابة بحضور المخرج رامي إمام».

وعن صعوبات العرض، قال والي إن «العمل لم يكن به صعوبات بقدر ما كان يحمل في طياته كثيراً من التحديات لتقديم عمل يليق باسم كريم عبد العزيز ورامي إمام، لذلك اجتهدنا لتقديم سيناريو مختلف استحوذ على كثير من الوقت في الكتابة؛ للتركيز على التفاصيل ونحت الشخصيات المحيطة بشخصية (أبو المعاطي الباشا) بدقة عالية حتى لا تتشابه الشخصيات، خصوصاً أن الفكرة لا تدور حول (النجم الأوحد) فقط، بل العرض يضم نخبة من النجوم».

كريم عبد العزيز وهنا الزاهد في لقطة من مسرحية «الباشا» (إنستغرام)

وحرص فريق الكتابة على أن يأخذ كل دور وضعه ومساحته وتنوعه، لأن كل شخصية لها طريقتها في إضحاك الجمهور من منطق مختلف، حسب قول والي، الذي نوّه بأن ردود الفعل الإيجابية والإقبال الجماهيري وتصدر المسرحية (الترند) على مواقع التواصل وتمديد العرض يعكس نجاحاً، وهو «شعور يتملكهم منذ البدء في الكتابة بدقة وإتقان»، وفق قوله.