رسمُ لانا خياط حوار مرئي يحاكي استمرار التجربة الإنسانية

تستميلها الطبيعة والتراث البدوي... وتعرض حالياً في أبوظبي

الطبيعة والتراث البدوي يلهمان التشكيلية اللبنانية لانا خياط (صور الفنانة)
الطبيعة والتراث البدوي يلهمان التشكيلية اللبنانية لانا خياط (صور الفنانة)
TT

رسمُ لانا خياط حوار مرئي يحاكي استمرار التجربة الإنسانية

الطبيعة والتراث البدوي يلهمان التشكيلية اللبنانية لانا خياط (صور الفنانة)
الطبيعة والتراث البدوي يلهمان التشكيلية اللبنانية لانا خياط (صور الفنانة)

تمتدّ أعمال الفنانة التشكيلية اللبنانية لانا خياط عبر ثقافات ومراحل، من القديم إلى الحديث. ترسم ما يُظهر محاكاة لرابط عميق بالتاريخ الغنيّ لبلاد ما بين النهرين؛ مهد الحضارة. وتستمد إلهامها من الطبيعة العربية الساحرة والأساطير الثقافية، مع إضافة لمسة معاصرة تقرّب اللوحة من المتلقّي الغارق في زمنه المتسارع.

تنهمك بإقامة معرضها الذي تستضيفه «غاليري حافظ» ضمن النسخة الـ15 من «معرض فن أبوظبي» السنوي، المُقام هذا العام من 22 إلى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في منارة السعديات بالعاصمة الإماراتية، وفيه تشارك صالات عرض من العالم أعمال فنانيها ومَن يزيّنون بلوحاتهم الجدران والذائقة.

تستضيف «غاليري حافظ» معرضها ضمن النسخة الـ15 من «معرض فن أبوظبي» (صور الفنانة)

يمكن النظر إلى أعمالها على أنها حوار مرئي يتناول استمرار التجربة الإنسانية. ومن خلال دمج عناصر مستمدَّة من اختلاف الثقافات، تخلق حكايات تعكس روابط التاريخ المشترك والأهمية الفنية للزخارف الثقافية عبر الزمن. فهذه الأعمال التشكيلية تستلهم طبيعة العالم العربي، وتطبع رحلة بانورامية تتناغم مع جوهر ثقافة المنطقة. تصوغ لانا خياط النسيج المعقّد من الألوان، وترسم مساراً من الكثبان الذهبية تمتد من العصور القديمة إلى ظلال الحاضر، فتدمجها في لوحة قماشية تقول إنها تجسّد روح الحضارات. تطوّر عملها ليمثل إشادة بليغة بالتحولات التاريخية المتدفّقة عبر نسيج كثبان الصحراء العربية، وتسرد تلك القصص التي تعود إلى عمق الحضارات القديمة، لتقدّم شهادة حول الدور المحوري للمنطقة على مفترق طرق البشرية.

تمتدّ أعمال التشكيلية اللبنانية لانا خياط عبر ثقافات ومراحل (صور الفنانة)

تُخبر «الشرق الأوسط» بأنّ شغفها بالفن اشتعل منذ الطفولة. فهي ولدت عام 1983 في بيروت، وبدأت الرسم والتلوين باكراً. تفتّحت أمامها الدنيا على شكل لوحة هائلة. وحين لمست الوالدة موهبة الابنة، شجّعت مساعيها الفنية. إظهارها قدرة على التقاط العالم من حولها، حفَّز ولادة أساليب تصفها بـ«المبتكرة والمتنوّعة»: «أطمح إلى بلورة جوهر الهوية العربية، فهي تصوغ فسيفساء مفعمة بالحيوية، تحتفي بأصالة الجذور، وتحتضن آفاق المستقبل غير المحدود. أرسم ذلك الدمج العذب للتراث البدوي والأصداء الرنانة للثقافة الإسلامية، والإيقاع المتناغم للوجود المعاصر، فأدمج في كل لمسة جوانب الهوية العربية ضمن مجموعة معقّدة من التأثيرات، أصوغ منها كياناً فنياً متعدّد الوجوه».

أعمال لانا خياط حوار مرئي يتناول استمرار التجربة الإنسانية (صور الفنانة)

تُبلور جوهر نتاجها الفني من خلال مفهوم «الاحتفال البصري»، فأعمالها تجسيد لتفاعل ساحر بين الألوان والأشكال، تتشابك وتنسج قصصاً تراها «تتجاوز حدود الزمن». صياغتها لروايات جديدة للمنطقة، تضفي على التاريخ حيوية متجدّدة، وتمكّن الحاضر من الانخراط في حوارات عميقة مع الماضي. يدفع هذا التبادل الدائم، المنطقة، إلى الأمام، ويثري الروايات المعاصرة بحكمة الأجيال وتجاربها.

تتحدّث عن تأثّرها بالطبيعة: «دورها محوري في أعمالي. سعيتُ إلى التقاط تأثيرات الضوء والجوّ في المَشاهد الخارجية، وقادني الافتتان بها إلى الرسم في الهواء الطلق، مباشرة من الموضوع في الضوء الطبيعي. ألهمتني الفصول المتغيّرة، والمناظر الطبيعية، وتمايُل الضوء على الماء. جميعها تتجلّى في أعمالي. ظلّت الطبيعة مصدر وحي دائم، وشكّلت الأسلوب المتطوّر لتعبيراتي الفنية».

تضيء أيضاً على العالم العربي، لا كمنطقة جغرافية فحسب، بل شهادة نابضة بالحياة لروح الصمود الإنساني العصية على القهر: «أريد لفنّي أن يؤكد على حتمية الاعتزاز بتراثنا الثقافي الغنيّ، وربطه بسلاسة مع الحاضر، وإثراء مستقبلنا المتنوّع الواعد».

من خلال دمج عناصر مستمدَّة من اختلاف الثقافات تخلق لانا خياط الحكايات (صور الفنانة)

في لندن، صقلت رحلتها الفنية. فالوقت الذي أمضته مع «دار كريستيز» ساهم في تشكيل أعمالها. تقول: «تركتْ تجارب لا تُقدَّر بثمن في التعامل مع معلّمين يتحلّون بمعرفة كبيرة، والانغماس في المناقشات، وتلقّي تعليمات حول الفن الإسلامي، علامة لا تُمحى على عمليتي الإبداعية». وخلال وجودها في البندقية، قابلت جامعي أعمال فنية إيطاليين تقول إنهم أبدوا ولعاً بأعمالها، ونسجت علاقات مع معارض تعدُّها محورية للمضي قدماً. أما السعودية، فلها مكانة في داخلها: «قضيتُ مؤخراً بعض الوقت في العلا، ورسمتُ بوحي من ألوان الصحراء والتشكيلات الجيولوجية. التقطتُ الألوان النابضة بالحياة للمناظر الطبيعية الصحراوية، باستخدام درجات الألوان الأرضية الدافئة والألوان الغنية الدقيقة التي تتوافق مع جوهر الثقافة البدوية». استخدام لانا خياط للألوان ليس مجرّد تعبير بصري فحسب، بل انعكاس للأهمية الثقافية والتاريخية لأسلوب الحياة البدوي. في عملها الجديد الذي بدأته في العلا، أضافت إحساساً بهيبة المملكة ومحافظتها، وأضاءت على تأثيرها في تراث المنطقة.


مقالات ذات صلة

الرياض تحتضن معرض «جواهر العالم»

عالم الاعمال الرياض تحتضن معرض «جواهر العالم»

الرياض تحتضن معرض «جواهر العالم»

افتُتح رسمياً معرض «جواهر العالم» في فندق ماندارين أورينتال الفيصلية بالعاصمة السعودية.

يوميات الشرق «قمصان فارغة... طفولة ضائعة» (جامعة بريستول)

القميص المدرسي يتحوَّل صرخة فنّية في بريستول

يُقام معرض فنّي يضم قمصاناً مدرسية تحمل رسائل مناهضة لجرائم السكاكين، وذلك ضمن فعاليات أسبوع التوعية بجرائم السكاكين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قطع تاريخية من حقبة الآرت ديكو ولا تزال تُلهم لحد الآن (خاص)

«GemGenève»... من التهميش إلى العالمية

رغم أنها صُممت في حقب قديمة بتقنيات تقليدية فإن الزمن لم ينل من بريقها، بل بالعكس لا تزال تُلهم الحاضر والمستقبل.

جميلة حلفيشي (جنيف)
يوميات الشرق نبيل نحاس (تصوير: فرزاد أورانغ)

لبنان يشارك في «بينالي البندقية 2026» مع الفنان نبيل نحّاس

يمثّل الفنانُ اللبناني - الأميركي نبيل نحّاس لبنانَ في الدورة الـ61 من «بينالي البندقية 2026»، بإشراف ندى غندور، في مشاركة ثالثة على التوالي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق يُحمِّل الأشجار رمزية ويمنحها صوتاً لتقول ما يشاء قوله (محمد شرف)

محمد شرف في «ذكريات أشجار بعلبك»: الفنّ ضد الأسمنت واليباس

في لوحات محمد شرف، لا تنمو الأشجار فقط على الوسيط الفنّي، فهي تمتدّ مثل جذور في ضمير المكان، كأنها تحاول أن تستعيد هواءها، وأن تنهض من ركام الذاكرة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

«الشرق» تُتوَّج عالمياً بجائزة «تيلي» لشركة العام في مجال الإعلام

تميزت «شبكة الشرق» بين أكثر من 13 ألف مشاركة من 5 قارات محققةً إنجازاً استثنائياً في جوائز «تيلي»... (الشرق الأوسط)
تميزت «شبكة الشرق» بين أكثر من 13 ألف مشاركة من 5 قارات محققةً إنجازاً استثنائياً في جوائز «تيلي»... (الشرق الأوسط)
TT

«الشرق» تُتوَّج عالمياً بجائزة «تيلي» لشركة العام في مجال الإعلام

تميزت «شبكة الشرق» بين أكثر من 13 ألف مشاركة من 5 قارات محققةً إنجازاً استثنائياً في جوائز «تيلي»... (الشرق الأوسط)
تميزت «شبكة الشرق» بين أكثر من 13 ألف مشاركة من 5 قارات محققةً إنجازاً استثنائياً في جوائز «تيلي»... (الشرق الأوسط)

فازت «شبكة الشرق»، الشبكة متعددة المنصات الرائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جوائز «تيلي» المرموقة، بلقب «شركة الإعلام للعام»، للعام الثاني على التوالي، مما يُبرز استمرار تميز الشبكة في إنتاج محتوى مؤثر وعالي الجودة. وحصلت «شبكة الشرق» على إجمالي 160 جائزة في مختلف الفئات، بما في ذلك 25 ذهبية، و76 فضية، و59 برونزية.

في عام 2025، تميزت «شبكة الشرق» بين أكثر من 13 ألف مشاركة من خمس قارات، محققةً إنجازاً استثنائياً في جوائز «تيلي»، و شمل المحتوى الفائز أعمالاً من جميع منصات الشبكة، بما في ذلك «الشرق للأخبار»، و«اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، و«الشرق الوثائقية»، و«الشرق ديسكفري».

وقال الدكتور نبيل الخطيب، المدير العام لـ«الشرق للأخبار»: «نحن فخورون بفوزنا بهذا التكريم العالمي للعام الثاني على التوالي، حيث يعكس هذا الإنجاز العمل الجاد والإبداع والشغف الذي يتمتع به فريقنا بأسره، الذي يواصل دفع حدود الابتكار والسرد الإخباري والتغطية الإعلامية المميزة»، وأضاف: «يعزز التكريم التزامنا بتقديم محتوى متطور وجذاب، يلبي احتياجات جمهورنا في العالم العربي».

ومن جانبه، قال محمد اليوسي، مدير عام قناتي «الشرق الوثائقية» و«الشرق ديسكفري»: «يؤكد هذا الفوز التزام فريقنا الثابت بالتميز والابتكار. يُحفزنا هذا التقدير العالمي على مواصلة تقديم محتوى يتناغم مع تطلعات الجمهور وإحداث تأثير ملموس في صناعة المحتوى».

وكرّمت «تيلي» شبكة «الشرق» على تميزها في السرد القصصي وجودة الإنتاج عبر الكثير من الفئات. وشملت أبرز الجوائز التي حصلت عليها «الشرق للأخبار» و«اقتصاد الشرق مع بلومبرغ» تغطية «حملة الانتخابات الأمريكية»، والقصة التفاعلية بتقنية الواقع الافتراضي «تدمير غزة»، وبرومو «نهاية العام 2024»، وبرومو «نربط النقاط» المبتكر.

كما تم تكريم «الشرق الوثائقية» عن سلسلتها الوثائقية الاستثنائية «وجوه»، إلى جانب الأفلام الوثائقية الأصلية مثل: «تحت الأنقاض»، و«ما وراء صيدنايا»، و«معتز عزايزة»، و«تحت رحمة الخيام»، و«مخابئ يوم القيامة».

وفازت «الشرق ديسكفري» عن سلسلة «عقول مظلمة» المثيرة، والغرافيكس الخاص ببرنامج «أسبوع القرش»، مما أظهر تنوع الإبداع الذي تتمتع به الشبكة وحرصها على إثراء المحتوى.

من جانبه قال ستيفن شيك، مدير الخدمات الإبداعية والعلامة التجارية في «الشرق للأخبار»: «إن الفوز بجوائز (تيلي) مرة أخرى يُعد إنجازاً ضخماً لفريقنا، فيحفزنا هذا التنافس بين علامات تجارية مرموقة على الاستمرار في رفع معايير تقديم المحتوى. وأنا أرى أنه من الملهم رؤية أعمالنا تحظى بالاعتراف عالمياً، حيث يُغذي هذا التقدير شغفنا للاستمرار في الابتكار».

وتُعد جوائز «تيلي» التي أُسِّست في الولايات المتحدة عام 1979، من أعرق الجوائز العالمية المخُصصة للاحتفاء بالتميز في مجال الفيديو والتلفزيون. وتغطي هذه الجوائز مجموعة واسعة من الفئات، بدءاً من الإعلانات التلفزيونية التقليدية وصولاً إلى المحتوى الرقمي المتقدم. وتتنافس فيها علامات تجارية مرموقة مثل «سي إن إن»، و«فوكس نيوز»، و«إتش بي أو»، و«تايم وارنر»، مما يُبرز إنجازات «شبكة الشرق» على مستوى عالمي.