اكتشافات أثرية مهمّة في موقع «شالة» التاريخي بالرباط

بعضها يعود إلى بداية القرن الثاني الميلادي

من الاكتشافات الأثرية المهمّة في موقع «شالة» التاريخي (وزارة الثقافة المغربية)
من الاكتشافات الأثرية المهمّة في موقع «شالة» التاريخي (وزارة الثقافة المغربية)
TT

اكتشافات أثرية مهمّة في موقع «شالة» التاريخي بالرباط

من الاكتشافات الأثرية المهمّة في موقع «شالة» التاريخي (وزارة الثقافة المغربية)
من الاكتشافات الأثرية المهمّة في موقع «شالة» التاريخي (وزارة الثقافة المغربية)

أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية عن اكتشافات أثرية مهمّة في موقع «شالة» التاريخي بالعاصمة الرباط، وذلك خلال لقاء خُصّص لعرض النتائج الأولية للبحوث الأركيولوجية المُنجزة خارج السور المريني.

وأوضح بيان للوزارة أنّ هدف البحوث التي أُجريَت في منطقة شرق وجنوب - شرق سور «شالة» المريني، هو التعرّف إلى امتداد مدينة سلا المورية - الرومانية وحدودها، وإلى نظامها الدفاعي، وتحديد مرساها القديم. وأثمرت أعمال التنقيب في 4 نطاقات، بعد عمليات واسعة مرتبطة بإزالة الأعشاب وأنقاض الأبنية الحديثة، الوصولَ إلى اكتشافات مهمّة وغير مُنتظرة.

بعض هذه الاكتشافات يعود إلى بداية القرن الثاني الميلادي (وزارة الثقافة المغربية)

في النطاق الأول، سور مدينة سلا المورية - الرومانية، خُصّصت أعمال التنظيف والتنقيب لجزء من جدار على بُعد 130 متراً تقريباً في شرق سور «شالة» المريني، ويمتدّ على مسافة أكثر من 50 متراً توازياً مع طريق «روبنسون». بمحاذاة هذا السور، جرى التعرُّف إلى جدران من التراب لا تزال محفوظة بشكل جيد، بيد أنه لم يُكشف عنها بصورة كاملة. وفي النطاق الثاني، كشف غرب السور القديم عن بقايا معمارية مهمّة تمثّل حماماً عمومياً كبيراً، شُيد في بداية القرن الثاني الميلادي، إضافة إلى تمثال بحجم طبيعي من دون رأس، يمثّل على الأرجح أحد الآلهة الرومانية، وهو الأول من نوعه الذي يُكتشف في المغرب منذ ستينات القرن الماضي.

اكتشافات مهمّة وغير مُنتظرة توصّل إليها المغرب (وزارة الثقافة)

أما في النطاق الثالث، فحُدِّدت منطقة جنائزية، أي مقبرة مورية رومانية، بفضل اكتشاف مدفن من نوع «كولومباريوم»، وهو الأول من هذا الصنف يُعثر عليه حتى الآن في محيط سلا. وفي النطاق الرابع الذي يضمّ حي الميناء، عُثر على بقايا متنوّعة على عمق مهمّ، تثبت وجود حي سكني يمتد، وفق التقديرات الأولية، على مسافة 230 متراً تقريباً من الشمال إلى الجنوب.

وقال وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد مهدي بنسعيد، في لقاء حضره مستشار الملك محمد السادس أندري أزولاي، وشخصيات مغربية وأجنبية، إنّ «لهذه الاكتشافات الكبرى وَقْعاً تاريخياً وعلمياً واقتصادياً وسياحياً لمدينة الرباط».

وأضاف: «الأمر يتعلّق بجزء جديد من التاريخ المغربي يمكن دراسته لتعميق المعرفة»، كاشفاً عن أنّ «الوزارة ستوفر لفرق البحث جميع الإمكانات الضرورية، إلى تخصيص ميزانية للبحوث في مجال الأركيولوجيا، بهدف مواصلة الحفريات، واكتشاف ثراء هذا الموقع الأثري وإظهاره».

أزولاي وبنسعيد وشخصيات بجانب صورة لتمثال أثري (وزارة الثقافة المغربية)

من جانبه، قال مدير «المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث» عبد الجليل بوزوغار إنّ «هذه الحفريات تُعدّ من الكبرى المُنجزة في المغرب»، مشيراً إلى أنّ «فريقاً من علماء الآثار والباحثين المغاربة عُبّئوا خلال عمليات البحث هذه، ما سهَّل اكتشاف مجموعة من المباني والعناصر الجديدة».

وختم: «من أهم الاكتشافات الأثرية في هذا الموقع، يحضُر حي الميناء. فهي المرة الأولى التي نكتشف فيها ميناء لمدينة مورية - رومانية، ولهذا الأمر أهمية كبرى؛ ليس للتاريخ المغربي فحسب، بل لتاريخ البحر الأبيض المتوسط».


مقالات ذات صلة

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».