السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

الحربش لـ«الشرق الأوسط»: مستعدّون للاستثمار في عام الحِرف اليدوية 2025

من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)
من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)
TT

السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)
من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)

بعد نجاحها في تسجيل منطقة الفاو بوصفها ثامن المواقع المُلتحِقة بقائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، تسعى السعودية إلى تسجيل مواقع جديدة، ولَفْت انتباه العالم إلى قيمتها التاريخية، والإضاءة على ما تكتنزه من أهمية عالمية استثنائية.

في هذا السياق، كشف الرئيس التنفيذي لـ«هيئة التراث»، الدكتور جاسر الحربش، عن أنّ العمل قائم على تسجيل مواقع جديدة في القائمة الدولية للتراث العالمي، من أهمها دروب الحج القديمة، لا سيما درب زبيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى تشمل الأنظمة المائية التاريخية القديمة، وملف يتعلّق بالواحات العربية القديمة؛ وهي القرى والمواقع التاريخية الجامعة بين كونها مواقع تراثية ذات بُعد تاريخي ومواقع طبيعية ذات بُعد بيئي، مثل المزارع وعيون المياه.

وقال الحربش في حوار مع «الشرق الأوسط» إنّ «رؤية 2030» وضعت من بين مؤشّراتها النجاح في تسجيل 8 مواقع سعودية ضمن قائمة «اليونيسكو»، وهو ما تحقّق بشكل مبكر وفي وقت قياسي، مؤكداً استمرار العمل على الملفات المرشَّحة والمواقع المؤهَّلة للانضمام إلى القائمة.

وأضاف: «لدينا خطّة نالت المباركة لتسجيل عدد من المواقع ضمن مدّة زمنية معيّنة. أحد تلك المواقع يشهد العمل مع دولة شقيقة، وذلك ضمن مسار مُبرمج لنصل إلى عدد يتخطّى المُستهدفات المعلنة في (رؤية 2030)».

الرئيس التنفيذي لـ«هيئة التراث» في السعودية الدكتور جاسر الحربش (تصوير: تركي العقيلي)

وعن أبرز المواقع السعودية المرشَّحة للانضمام إلى قائمة التراث العالمية، أكّد الحربش أنّ العمل يجري وفق ملفات، من أهمها ملف دروب الحج القديمة، ودرب زبيدة، لكونه من أهم طرق الحج السبع في الجزيرة العربية، التي يتجاوز عمرها الـ1000 عام. بالإضافة إلى ملف الأنظمة المائية التاريخية القديمة، وآخر يتحدّث عن الواحات العربية القديمة، فضلاً عن جهد مخصَّص في ملف التراث الطبيعي الذي يقوده «مركز تنمية الحياة الفطرية»، وقد تُوِّج عمله بتسجيل «محمية عروق بني معارض» المُدرَجة في سبتمبر (أيلول) الماضي بوصفها أول موقع تراث عالمي طبيعي في السعودية.

عام الحِرف اليدوية 2025

وأقرّ مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الثلاثاء، تسمية 2025 «عام الحِرف اليدوية»، للاحتفاء بقيمتها الفريدة في الثقافة السعودية، وإبراز ما يميّزها من صناعة إبداعية، ومشغولات يدوية نوعية، وإبداعات الحِرفيين السعوديين لدى المجتمع الدولي. فثمّن الحربش موافقة المجلس على هذه التسمية، ووصفها بتتويج لاهتمام وزارة الثقافة و«هيئة التراث» بهذا القطاع المهم.

وقال: «تتعامل وزارة الثقافة مع هذا الملف باهتمام شديد، في حين أنّ (هيئة التراث) مسؤولة عن قطاع الحِرف لجهة تشغيل البيوت والمواقع التي تضمّ الحِرفيين والحِرفيات، وتطبيق نظام الحِرفيين والحِرفيات والتسجيل وغيرها، بالإضافة إلى التسويق والمبيعات والوصول بالحِرف السعودية إلى السوقَيْن المحلّية والعالمية».

وتابع الحربش: «لدى زملائنا في (المعهد الملكي للفنون التقليدية) مهارة متقدّمة في بناء القدرات والتدريب، بالإضافة إلى شركة (حِرف السعودية) التي أسَّستها وزارة الثقافة. ذلك فضلاً عن المناسبة الوطنية المُهمّة التي ستُقام للمرة الثانية في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهي (الأسبوع الدولي للحِرف اليدوية)، التي سُمِّيت تسويقياً (بنان)، بوصفها فرصة للوصول بالحِرف السعودية إلى العالم، من خلال معرض ضخم تستضيفه الرياض بحضور أكثر من 300 حِرفي وأكثر من 20 دولة».

وأكد أنّ «المنظومة الثقافية في المملكة حقّقت تكاملاً لافتاً في قطاع الحِرف اليدوية، وهو ما تُوّج بموافقة مجلس الوزراء لتسمية عام 2025 عام الحِرف اليدوية»، منوّهاً باستعداد «هيئة التراث» وجاهزيتها لاستثمار هذا العام.

وعن توافر الكوادر الوطنية لتلبية حاجة القطاع الثقافي في جميع مجالاته، الذي يتوسّع وينمو باستمرار، أجاب الحربش: «عندما تأسَّست وزارة الثقافة، وبعدها الهيئات الثقافية، من ضمنها (هيئة التراث)، كان ثمة وضوح في الاستراتيجية المُعتَمِدة على استقطاب أفضل الكفاءات المحلّية والدولية».

وأضاف: «بدعم هائل من الدولة، استقطبنا عدداً كبيراً ومميّزاً من أبنائنا السعوديين والسعوديات، مع بعض الخبراء الدوليين لإنجاز المشاريع الضخمة، من ضمنها مَهمّة التسجيل في ملفات (اليونيسكو)، وملف إدارة قطاع الحِرف، والتعامل مع مباني التراث العمراني».

وأكد الحربش اهتمامهم ببناء القدرات «من خلال التعاون مع قطاع التعليم العام والعالي، ومع المجتمعات المحلّية؛ وقد تخطّينا الألفي مستفيد على المستوى المحلّي»، متابعاً: «نقدّم تلك البرامج بالتعاون مع جامعات ومراكز دولية، مثل تلك المرتبطة بـ(اليونيسكو)، والجامعات الدولية التي تقيم برامجَ أسبوعية».

الحربش يؤكد اهتمامهم ببناء القدرات في قطاع التراث (تصوير: تركي العقيلي)

مقالات ذات صلة

40 فناناً عربياً يستكشفون في الرياض الحدود بين الإنسان والآلة

يوميات الشرق أعمال تستكشف توظيف التقنيات المعاصرة في التعبير الفني (مركز الدرعية)

40 فناناً عربياً يستكشفون في الرياض الحدود بين الإنسان والآلة

سلّط معرض ⁧فني، انطلق الاثنين، في مدينة الرياض، الضوء على فنون الوسائط الجديدة في العالم العربي.

عمر البدوي (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الهندي خلال لقائهما في نيودلهي سبتمبر 2023 (واس)

رئيس وزراء الهند: «الممر الاقتصادي» طريق الحرير للقرن الـ21

عدَّ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الممرّ الاقتصادي بين بلاده والشرق الأوسط وأوروبا بمثابة طريق الحرير الجديد للقرن الـ21.

«الشرق الأوسط» ( الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)

خادم الحرمين وولي العهد يعزيان في وفاة البابا فرنسيس

بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، برقيتي عزاء في وفاة البابا فرنسيس رئيس دولة الفاتيكان.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود مستقبلاً نظيره العراقي الفريق أول ركن عبد الأمير الشمري في جدة (واس)

لقاء سعودي - عراقي يبحث تعزيز التعاون الأمني

استعرض الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية السعودي، مع نظيره العراقي الفريق أول ركن عبد الأمير كامل الشمري، سبل تعزيز التعاون الأمني.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

يحافظ الفيلم الكوميدي السعودي «شباب البومب 2» على تصدّر شباك التذاكر السعودي، محققاً إيرادات تجاوزت 2.77 مليون ريال.

إيمان الخطاف (الدمام)

ما المهارة التي يجب أن يتعلمها الأطفال في سن مبكرة للنجاح في حياتهم؟

الخطوات الفعَّالة لتربية طفل قارئ لا تقتصر على وقت النوم (رويترز)
الخطوات الفعَّالة لتربية طفل قارئ لا تقتصر على وقت النوم (رويترز)
TT

ما المهارة التي يجب أن يتعلمها الأطفال في سن مبكرة للنجاح في حياتهم؟

الخطوات الفعَّالة لتربية طفل قارئ لا تقتصر على وقت النوم (رويترز)
الخطوات الفعَّالة لتربية طفل قارئ لا تقتصر على وقت النوم (رويترز)

عندما نفكر في تربية طفل قارئ، غالباً ما نتخيل طفلاً مسترخياً في سريره، يجلس في ضوء خافت، يستمع إلى أحد والديه وهو يقرأ قصة بصوت عالٍ.

هذا المشهد ساحر. ولكن بعد أكثر من 10 سنوات من دراسة كيف يصبح الأطفال قراءً، وإجراء مقابلات مع خبراء محو الأمية ونمو الطفل، تعلمت الكاتبة والمدافعة عن محو الأمية في مرحلة الطفولة المبكرة مايا باين سمارت، أن الخطوات الفعَّالة لتربية طفل قارئ لا تقتصر على وقت النوم.

وقالت سمارت لشبكة «سي إن بي سي»: «بدلاً من ذلك، يمكنكِ تنفيذها في أي وقت من اليوم، في لحظات صغيرة لا تُنسى، تُنسج عبر الحياة الأسرية، غالباً من دون كتاب بين يديك».

وأشارت إلى أن اغتنام فرص القراءة اليومية أمرٌ مهم؛ لأن القراءة الجيدة في المدرسة الابتدائية مؤشرٌ قوي على النجاح على المدى الطويل.

وأكدت أن الأطفال الذين يقرؤون جيداً في سن مبكرة هم أكثر عُرضة للبقاء في المدرسة فترة أطول، والحصول على وظائف أفضل، وكسب مزيد من المال.

5 عادات يمارسها آباء الأطفال المتميزين في القراءة منذ الصغر

1- يتعاملون مع ثرثرة الطفل على أنها محادثة

قبل أن يتمكن أطفالهم من الكلام، يردُّ هؤلاء الآباء على حديثهم.

وعندما يُصدر طفلهم الصغير صوتاً أو همهمة، فإنهم يستجيبون بكلمات حقيقية، وبالتواصل البصري، والابتسام، وعيش اللحظة. يُجرون «محادثات»، مُنصتين لأصوات الطفل ونظراته، ثم يُجيبون بالكلمات والتشجيع، ويتوقفون لانتظار رده.

هذا التفاعل المُحبُّ المتبادل، المعروف باسم «الخدمة والرد»، يُرسِّخ أساس نمو اللغة وبنية الدماغ السليمة، وفقاً لمركز هارفارد لنمو الطف، ويُعزِّز التعلُّم إلى جانب التواصل.

وتُظهر البحوث أن المحادثات الديناميكية والمتجاوبة في أول عامين من عمر الطفل، تُمهِّد الطريق لمهارات القراءة والكتابة في مرحلة ما قبل المدرسة، مثل المفردات التعبيرية، ومعرفة الحروف والأسماء والأصوات.

2- يطرحون كثيراً من الأسئلة وينتظرون الإجابات

يطرح هؤلاء الآباء أسئلة على أطفالهم في المنزل، وفي السيارة، وفي أثناء قضاء المهمات:

- «ما هذا؟».

- «هل ترى الكلب؟».

- «هل أنت مستعد لقلب الصفحة؟».

بسيط؟ نعم، ولكنه مؤثر. ومع نمو الأطفال، قد تصبح الأسئلة أكثر تعقيداً.

وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يطرح آباؤهم أسئلة أكثر، ويتركون مساحة للإجابات، يبنون مفردات أقوى ومعرفة أعمق في مرحلة الطفولة المبكرة. يفهمون ويستخدمون كلمات أكثر، مما يُبشر بفهم أفضل للقراءة لاحقاً.

القوة لا تكمن فقط في السؤال؛ بل في منح الأطفال فرصة للإجابة. هذا ما يدفعهم للتفكير ويحفزهم على التعلم.

3- يتحدثون عن أصوات الحروف وليس فقط عن الأسماء والأشكال

يحرص الآباء الأذكياء على التحدث عن الحروف. يكتشفونها بسهولة -على لافتات الشوارع، وفي وصفات الطعام، وعلى القمصان- ويدعون الأطفال لملاحظتها أيضاً.

يروون القصص في أثناء كتابة القوائم والملاحظات أمام أطفالهم، مشيرين إلى كيفية تشكيلهم للأحرف. ويحتفظون بمكعبات الحروف الممغنطة للعب اليومي.

إليكم الفرق الحقيقي: يتحدثون مع الأطفال عن أصوات الحروف، وليس فقط عن أشكالها وأسمائها. إذا رأوا كرتونة بيض في محل بقالة أو في المنزل، فقد يتتبعون حرف «ب» بطرف إصبعهم، ويقولون: «هذا هو الحرف (ب). حرف (ب) يُنطق (به) كما في كلمة (بيضة)».

وجدت إحدى الدراسات أن الآباء أفادوا باستخدامهم ما معدله 14 نوعاً مختلفاً من المواد لتعريف أطفالهم بالأحرف. غير أن الدراسات القائمة على الملاحظة تُبيِّن أن حتى أكثر الآباء حُسنًا في النية لا يربطون بين الحروف والأصوات في أحاديثهم اليومية بالقدر الذي يتصورونه.

ويُعد تعلم كيفية نطق الكلمات أمراً ضرورياً للقراءة. الآباء الذين يُشيرون إلى أصوات الحروف في حديثهم يُسهِمون في مساعدة أطفالهم على فهم أن الحروف ليست سوى تمثيلٍ مكتوبٍ لأصواتٍ منطوقة.

4- يلعبون بالكلمات

القوافي والأغاني وألغاز الكلمات والألعاب اللغوية ليست ممتعة فحسب؛ بل إنها تساعد الأطفال على تمييز الأصوات داخل الكلمات واللعب بها. وهذا أمر لا غنى عنه للقراءة. قبل أن يتمكن الأطفال من مطابقة الأصوات مع الحروف، عليهم سماعها بوضوح.

هذا النوع من الاستماع لا يحدث صدفة؛ بل ينمو عندما يحصل الأطفال على كثير من الفرص السهلة واليومية لملاحظة الأصوات ومقارنتها وتقسيمها ودمجها وتبادلها.

5- يستثمرون لحظات القراءة طوال اليوم

تُظهر البحوث وجود صلة واضحة بين كثرة قراءة الآباء للكتب في سن مبكرة مع أطفالهم، وبين مهاراتهم اللاحقة في المفردات والفهم.

لكن آباء وأمهات أكثر الأطفال شغفاً ونجاحاً في القراءة لا يقتصرون على وقت النوم؛ بل يشاركون الكتب والنصوص الأخرى في أثناء أوقات الوجبات، وأوقات الاستحمام، وأوقات الانتظار؛ في أي وقت.

هذا يتيح مزيداً من الساعات والفرص لتنمية مهارات اللغة والقراءة والكتابة أينما كنت. يمكن أن تكون لافتات الشوارع وقوائم الطعام وملصقات المنتجات مواد قيِّمة.

والقراءة في وقت باكر من اليوم، عندما يكون الأطفال أكثر نشاطاً، غالباً ما تُثير مزيداً من الحوار والأسئلة والتعلم.

وكلما زاد عدد مرات سماع الأطفال للكلمات ورؤيتها وتحدثهم عنها، زاد استعدادهم لقراءتها.