رحيل ليلى بعلبكي رائدة الرواية النسائية

صاحبة «أنا أحيا» توفيت عن 89 عاماً

رحيل ليلى بعلبكي رائدة الرواية النسائية
TT
20

رحيل ليلى بعلبكي رائدة الرواية النسائية

رحيل ليلى بعلبكي رائدة الرواية النسائية

أعلن أمس عن رحيل ليلى بعلبكي، الروائية اللبنانية الرائدة، الجمعة الماضي، في مغتربها اللندني عن 89 عاماً. عاشت الراحلة عمراً أدبياً قصيراً جداً قد لا يتجاوز السنوات العشر، ومن ثمّ غابت عن المشهد ما يقارب 50 سنة، لم تظهر خلالها إلّا لماماً وعلى استحياء. مع ذلك، بقيت نجمة في دنيا الأدب، لم ينسَ القرّاء ولا النقاد يوماً اسمها، وبقيت حكايتها تطاردها، والأجيال المتعاقبة تبحث عن كتبها، وتحاول العثور على نصوصها بأي ثمن.

هي ابنة الجنوب اللبناني، من قرية حومين التحتا في منطقة النبطية، تعلّمت في بيروت، وبدأت دراستها في جامعة القديس يوسف ولم تكملها. عملت موظفة في المجلس النيابي اللبناني لسنوات قليلة، وكتبت في عدد من الصحف والمجلات، منها «الحوادث»، و«النهار»، و«الأسبوع العربي».

صدرت روايتها الأولى «أنا أحيا» عام 1958 عن «منشورات مجلة شعر»، وهو ربما ما روّج لها وساعد في انتشارها، وأصبحت واحدة من أشهر الروايات العربية على الإطلاق، وبها يؤرخ النقاد لولادة أول رواية عربية نسائية حرّة وجريئة.

على الأثر، ورغم أن الكتاب كان حائزاً رخصة النشر بشكل قانوني، قامت السلطات اللبنانية بمصادرته من دار النشر، ومن المكتبات الموجود فيها، واحتجزت شرطة الآداب الكاتبة لمدة ثلاث ساعات، واستجوبت وأُحيلت إلى المحكمة.



قاتل في الـ13 من عمره... جرائم المراهَقة بالعين المجرّدة على «نتفليكس»

مسلسل Adolescence يحطّم أرقام المشاهدات ويحتلّ المرتبة الأولى عالمياً (نتفليكس)
مسلسل Adolescence يحطّم أرقام المشاهدات ويحتلّ المرتبة الأولى عالمياً (نتفليكس)
TT
20

قاتل في الـ13 من عمره... جرائم المراهَقة بالعين المجرّدة على «نتفليكس»

مسلسل Adolescence يحطّم أرقام المشاهدات ويحتلّ المرتبة الأولى عالمياً (نتفليكس)
مسلسل Adolescence يحطّم أرقام المشاهدات ويحتلّ المرتبة الأولى عالمياً (نتفليكس)

فيما كانت العيون شاخصة على دراما رمضان، كانَ مسلسلٌ بريطانيّ رباعيّ الحلقات يشقّ طريقه صعوداً على «نتفليكس»، ليتصدّر المشاهَدات في الدول العربية وحول العالم على حدٍ سواء، وفق أرقام المنصة.

العنوان آسِر، Adolescence (مراهَقة) وصورةُ الملصَق كذلك؛ طفلٌ تبرز منه عينُه وملؤها الغموض، فيما يتظلّل وجهَ رجلٍ بالغ. لكن ليست تلك المقبّلات وحدها التي تقف خلف الصعود الصاروخيّ للمسلسل. إذ لا بدّ أنّ مَن قرّروا مشاهدتَه سمعوا عنه الكثير، وهو حصد تقييماً غير مسبوق: 99% على «Rotten Tomatoes» و8.4 على «IMDB»، الموقعَين العالميين المتخصصين في تقييمات الأفلام والمسلسلات.

فما الذي جعل Adolescence يحلّق فوق سائر المسلسلات ويستقرّ في المرتبة الأولى لأسابيع؟

بطءٌ لا مفرّ منه؟

من الحبكة إلى التصوير مروراً بالجوّ العام، لا يبدو أي تفصيلٍ مألوفاً. هذا المسلسل طاعنٌ في الاختلاف، وسيلاحظ المُشاهد ذلك من ربع الساعة الأولى. تبدأ القصة باقتحام الشرطة منزل عائلة «ميلر» في الصباح الباكر لإلقاء القبض على مراهقٍ في الـ13. وسط صدمة الأبوين والأخت ومن دون أي شرح، يُسلخ الصبيّ المذعور «جايمي» بعنف من سريره المبلّل...

تبدأ الحكاية باقتحام الشرطة منزلاً لاعتقال طفل في الـ13 من العمر (نتفليكس)
تبدأ الحكاية باقتحام الشرطة منزلاً لاعتقال طفل في الـ13 من العمر (نتفليكس)

في الحلقة الأولى من أصل 4، يغلب انطباعٌ بأنّ المسلسل بطيء ويبالغ في عرض التفاصيل؛ من الرحلة الطويلة في سيارة الشرطة بين المنزل ومركز التوقيف، مروراً بالمعاينة الطبية، لتبلغ المماطلة ذروتها حين تؤخذ بصمات الطفل، إصبعاً إصبعاً. كل ذلك، من دون أن يكون الجمهور قد اطّلع بعد على ما ارتكب جايمي. ولا تتّضح ملامح الجريمة سوى في الدقيقة 54 من الحلقة الأولى، حيث تعرض الشرطة على الوالد فيديو يظهر فيه ابنُه وهو يطعن زميلته في المدرسة حتى الموت.

سيستلزم الأمر من المُشاهد صبراً كثيراً ونفَساً طويلاً، حتى يقرر متابعة المسلسل. فهذا الإيقاع الرتيب ليس مرغوباً في الإجمال، إلّا أنّه لم يَحُل دون جَمع Adolescence 42 مليون مشاهَدة عالمياً.

الأب وابنه في مركز التوقيف في الحلقة الأولى من Adolescence (نتفليكس)
الأب وابنه في مركز التوقيف في الحلقة الأولى من Adolescence (نتفليكس)

4 حلقات = 4 مشاهد

تتّضح أسباب البطء ما إن تلاحظ العين أنّ تقنية التصوير المعتمدة في Adolescence، هي اللقطة الواحدة (one shot). صُوّرت الحلقات الـ4 من البداية حتى النهاية بكاميرا واحدة ومن دون توقّف، فجرى التعامل مع كل حلقة على أنها مشهدٌ واحد.

في تقنيّة اللقطة الواحدة تلك، تكمن أبرز عناصر فرادة المسلسل. تعمّدَ المخرج فيليب بارانتيني اعتمادها ترجمةً لنصّ المؤلّفَين جاك ثورن وستيفن غراهام، الكثيف على بساطته. لا شعورياً، يتحوّل البطء إلى إثارة، إذ على المشاهد عيش كل اللحظات قبل أن يلقى الأجوبة على تساؤلاته، مثل «ماذا فعل جايمي؟ ما هي الجريمة التي ارتكبها؟»...

تكمن فرادة المسلسل في اعتماده التصوير بتقنية اللقطة الواحدة (نتفليكس)
تكمن فرادة المسلسل في اعتماده التصوير بتقنية اللقطة الواحدة (نتفليكس)

جريمة بمُذنبين كثُر

تتصاعد الحركة في الحلقة الثانية، حيث تنتقل الكاميرا إلى مدرسة جايمي مواكبةً للتحقيق الذي تجريه الشرطة مع زملائه. من بهو المدرسة إلى قاعات الصف والملاعب، تتنقّل العدسة بسلاسة من دون أن يُسجّل أي مونتاج. وعلى الأرجح، فإنه جرى التدريب بكثافة على تلك الحلقة بما أنّ الإعادة ممنوعة في منتصف التصوير.

هنا، في ذلك المكان الذي يعجّ بالمراهقين ذات الأمزجة والسلوكيّات المختلفة، يبدو وكأنّ جريمة جايمي ليست ذنبه وحده. من بين الأولاد مَن خبّأ سكّين الجريمة، ومنهم مَن يهرب من النافذة تجنّباً للاستجواب، وأخرى تدخل في نوبة غضب وتعتدي ضرباً على زميلها.

تدور أحداث الحلقة الثانية في مدرسة جايمي (نتفليكس)
تدور أحداث الحلقة الثانية في مدرسة جايمي (نتفليكس)

«الغضب الذكوري»

في المدرسة كذلك يتّضح الشرخ بين المراهقين والبالغين، فهؤلاء لا يعرفون شيئاً عمّا يدور في رؤوس الجيل الصاعد وحياتهم. وفي هذه الحلقة، تبدأ دوافع الجريمة بالظهور. وقع جايمي، كما كايتي، ضحيّة آفات العصر الحديث على رأسها التنمّر الإلكتروني الذي تحفّزه وسائل التواصل الاجتماعي. لكنّ مسبّبات الجريمة لا تقف عند هذا الحدّ، بل تمتدّ إلى ظاهرةٍ يعاني منها المجتمع البريطاني منذ 2020، وهي الذكوريّة السامّة وكراهية النساء.

ينطلق المسلسل إذن من أرض الواقع، وقد تحدّث المؤلّفان عن الأسباب التي دفعتهما إلى كتابته. أوضح غراهام أنّ Adolescence هو بمثابة ردّ على تزايد جرائم الطعن في بريطانيا، والتي يرتكبها شبّان ضدّ فتيات مراهقات. أما ثورن فلفت في أحد برامج «البودكاست» إلى أنّه أراد وضع عينه بعَين «الغضب الذكوري المعاصر»، وأن يراقب أثر الشخصيات الذكوريّة الكارهة للنساء أمثال الملاكم أندرو تيت، على الصِبية المراهقين. ولا يغفل المسلسل عن توجيه الاتهام المباشر إلى تيت، وتحميله وأمثاله مسؤولية مثل هذه الجرائم.

الملاكم والمؤثر أندرو تيت الذي قاد حملة كراهية النساء في بريطانيا (أ.ب)
الملاكم والمؤثر أندرو تيت الذي قاد حملة كراهية النساء في بريطانيا (أ.ب)

الحلقة الذروة

يبلغ المسلسل ذروته في الحلقة الثالثة الخاطفة للأنفاس، رغم كونها محصورة في مكان واحد هو مركز التوقيف. في قاعة مغلقة تتوسّطها طاولة، يجلس جايمي مواجهاً معالجةً نفسية. على مدى ساعة، أي مدة الحلقة كاملة، يُفرغ الصبيّ ما في داخله من تعقيدات نفسية، وأحزان دفينة، وغضب هستيريّ.

ببراعة من يملك باعاً طويلاً في التمثيل، ينتقل أوين كوبر (بشخصية جايمي) من أقصى الهدوء وبراءة الطفولة إلى أقصى الغضب. مع العلم بأنّ كوبر يخوض تجربته التمثيلية الأولى، لكن الكافية للتنبّؤ له بمستقبلٍ واعد.

الممثلان أوين كوبر وإرين دوهرتي في أقوى حلقات المسلسل (نتفليكس)
الممثلان أوين كوبر وإرين دوهرتي في أقوى حلقات المسلسل (نتفليكس)

من دون أن يغوص في تفاصيل الجريمة ودوافعها المباشرة، ومن دون أن يوفّر أجوبة لكل الأسئلة التي يطرحها، ينجح Adolescence في قرع جرس الإنذار حول أخطار ما يدور في عالم المراهقين. فكَم من وليّ أمر مثل والدَي جايمي، لا يعرف ماذا يشاهد ولدُه على شاشة الهاتف والجهاز اللوحي خلف باب غرفته الموصد.

إلى جانب أسلوبها السرديّ الفريد، وتقنياتها التصويرية المختلفة عن السائد، ونصّها الواقعيّ البسيط، تتميّز السلسلة القصيرة بفريقٍ من الممثلين البارعين. فإضافةً إلى مفاجأة أوين كوبر (15 عاماً)، يبرز ستيفن غراهام ليس ككاتب Adolescence فحسب، بل كممثّل يؤدّي شخصية «إيدي» والد جايمي.

شارك ستيفن غراهام في تأليف المسلسل وفي أداء شخصية الوالد (نتفليكس)
شارك ستيفن غراهام في تأليف المسلسل وفي أداء شخصية الوالد (نتفليكس)

يقدّم غراهام أداءً تصاعدياً يتراوح ما بين الذهول الصامت في الحلقة الأولى، والانكسار المُبكي في الحلقة الأخيرة، حيث يجلس على سرير جايمي الغائب محتضناً دميته، ومتسائلاً عمّا كان يفعل فيما كان ابنُه يتحوّل إلى قاتل صغير.