«الفاجعة بين الآداب والفنون»... ندوة وشِعر من وحي زلزال المغرب

الفنون بكونها درساً في مديح الاستمرارية

أمام الفاجعة وتحدّي الموت يغدو الفن «شكلاً من أشكال المواجهة» (دار الشعر)
أمام الفاجعة وتحدّي الموت يغدو الفن «شكلاً من أشكال المواجهة» (دار الشعر)
TT

«الفاجعة بين الآداب والفنون»... ندوة وشِعر من وحي زلزال المغرب

أمام الفاجعة وتحدّي الموت يغدو الفن «شكلاً من أشكال المواجهة» (دار الشعر)
أمام الفاجعة وتحدّي الموت يغدو الفن «شكلاً من أشكال المواجهة» (دار الشعر)

تنظّم «دار الشعر» في تطوان (السبت) ندوة عنوانها «الفاجعة بين الآداب والفنون»، بمشاركة الباحث عبد الإله الخليفي والناقد والمترجم عز الدين الشنتوف والناقد والمترجم محمد آيت لعميم؛ مع قراءات شعرية تتناول فاجعة الزلزال، بمشاركة إدريس الملياني ولطيفة تقني ومحمد بشكار.

يُفتتح اللقاء بحديث الشنتوف، مترجم «كتاب الفاجعة» لموريس بلانشو، عن شعرية الفاجعة، متوقفاً عند ارتباط الكتابة بالمآسي وممارستها بوصفها شكلاً من أشكال التفجّع، مستعرضاً مختلف المقاربات الفكرية والتمثيلات الشعرية للألم الإنساني.

ويقترح عبد الإله الخليفي، المتخصّص في الآداب الأوروبية والرواية المغربية المكتوبة بالفرنسية، رحلة لتفقُّد آثار الفواجع والكوارث بين الفنون السردية والبصرية، قبل توقّفه عند رواية «أكادير» لمحمد خير الدين التي استلهمت زلزال أكادير بمطلع الستينات لتكشف آثار الدمار على الإنسان وكتابته ما دامت الكتابة أكثر أشكال الإبداع تعبيراً عن ضمير العالم.

وفي مداخلة بعنوان «الكتابة والخراب... هشاشة الكائن ورعب النهاية»، يستحضر آيت لعميم سرديات الخراب وشعرياته، في الأعمال الروائية والفنون التشكيلية والمسرح والسينما؛ مع تقديم قراءة في قصائد مغربية كُتِبت في زمن الفاجعة الراهنة، بوصفها منعطفات فارقة في تاريخ الشعر المغربي المعاصر.

وتمثّل الفاجعة، وفق المنظّمين، الباعث الأول على تأليف الأعمال الأدبية والشعرية، بدليل أنّ «الإلياذة» جاءت في مواجهة الطاعون و«الأوديسة» أعقبت حرب طروادة، كما أعقبت ملحمة «أتراخاسيس» القحط في بلاد ما بين النهرين، فيما ينطلق النصّ المؤسِّس للشعرية، كتاب «فن الشعر» لأرسطو، من الفاجعة، حيث يرى المعلّم الأول في المسرحية الشعرية «أوديب ملكاً» النموذج الأمثل لكتابة التراجيديا، علماً أنّ هذه التراجيديا المرجعية تستمد تفوقها الجمالي من موضوعها الذي هو الطاعون، ومن التفسير الشعري الذي تقترحه لفهم المصير الإنساني، ما دام الشعر مرتبطاً بسؤال الوجود، وفق بيان.

أما في أوروبا، فلا تزال قصيدة «الأرض الخراب» لـِ ت. إس. إليوت النص المرجعي للشعر الغربي الحديث؛ تلك التي تبني شاعريتها بمخلفات الحرب العالمية الأولى، على غرار «غرنيكا» بيكاسو، التي استلهمها الفنان الإسباني من قصف قرية غرنيكا عام 1937، لتخلق منعطفاً تشكيلياً بارزاً في تاريخ الفن الحديث، بمناسبة تقديمها في معرض باريس الدولي في ذلك العام؛ إلى لوحة «ما بعد الزلزال» التعبيرية لصوفي أندرسون، في نهاية القرن التاسع عشر.

وقبل رائعة بيكاسو وفاجعته بسنة، افتتحت السينما العالمية روائع الأفلام التي صوّرت الزلزال، مع فيلم «سان فرانسيسكو» الذي يستحضر زلزال فرانسيسكو عام 1906، وصولاً إلى الأفلام الجديدة التي استلهمت فاجعة الزلزال، مثل «سان أندرياس» لبراد بايتون و«المستحيل» لخوان أنطونيو بايونا، وعدد من أفلام الحركة، في صدارتها «الزلزال» لمارك روبسون.

ومن مكتبة الرواية العالمية، يستحضر بيان «دار الشعر» في تطوان، روايات «سد على الباسيفيك» لمارغريت دوراس، و«رومبو» للكاتبة الألمانية إيستر كينسكي، و«زلزال في تشيلي» لهينريش فون كليست، و«ما بعد الزلزال» لهاروكي موراكامي، و«صيف في المدينة» لإليف شفاق، و«أغادير» لمحمد خير الدين، بما أوتيت من شاعرية وجمالية شذرية تضاهي آثار الزلزال على الإنسان والوجدان.

في هذا السياق، يضيف المنظمون: «لا ننسى فيلم (الذاكرة) للمغربي أحمد بيدو عام 2009، الذي يستلهم فاجعة زلزال أكادير. السيناريو الذي كتبه الراحل محمد عريوس يصوّر لنا مشهدية الفاجعة وأثرها في المغاربة. ثم تحضر القصائد، منها النصوص الشعرية الأخيرة التي واجهت الموت في ما عُرف بـ(زلزال الحوز) في 8 سبتمبر (أيلول)».

ويرى المنظمون، أنه أمام الفاجعة وتحدّي الموت، يغدو الشعر، ومعه باقي الفنون، «شكلاً من أشكال المواجهة، وصيغة من صيغ المقاومة. فلا هو يسعى إلى فعل التواصل، ولا هو يحرص على التمثيل والتماثل»، من منطلق أنه «لا يمثّل الواقع ويكرّسه، بل يتجاوزه لاستئناف الوجود الإنساني، حين يقدّم لنا درساً في مديح الاستمرارية».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 6.7 درجة يضرب جزيرة مينداناو في الفلبين

آسيا صورة عامة للعاصمة مانيلا (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 6.7 درجة يضرب جزيرة مينداناو في الفلبين

ذكر المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض أن زلزالاً بقوة 6.7 درجة ضرب مينداناو بالفلبين اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
علوم كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)

هل يصبح يومنا أقصر بسبب دوران لُب الأرض؟

داخل كوكب الأرض كرة من الحديد، تدور بشكل مستقل عن دوران كوكبنا حول نفسه، هذه الكرة لطالما شغلت الباحثين.

شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام، بعد الزلزال الذي ضرب مدینة كاشمر في شمال شرق إيران (إيسنا)

قتلى وعشرات الجرحى في زلزال هزّ شمال شرق إيران

زلزال بقوة 4.9 درجات يضرب مدينة كاشمر في مقاطعة رضوي خراسان شمال شرقي إيران؛ ما أسفر عن سقوط 4 قتلى وعشرات المصابين

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا رسم بياني لزلزال (رويترز - أرشيفية)

زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب وسط اليابان

ضرب زلزال قوي بلغت شدته 5.9 درجات وسط اليابان، صباح اليوم (الاثنين)، من دون أن يتسبب في إطلاق تحذير من تسونامي، حسبما ذكرت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
أوروبا مواطنون يتجمعون في منطقة آمنة بالشارع على الواجهة البحرية بين نابولي وبوزولي بعد وقوع زلزال (د.ب.أ)

لم تحدث منذ 40 عاماً... هزات أرضية تثير الذعر جنوب إيطاليا

سجّلت عشرات الهزات الأرضية بدرجات غير مسبوقة منذ 40 عاماً في كامبي فليغري قرب نابولي بجنوب إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)

مارسيل خليفة يضيء مسرح الساحة الرئيسية في جرش

مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)
مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)
TT

مارسيل خليفة يضيء مسرح الساحة الرئيسية في جرش

مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)
مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)

استعاد مهرجان جرش روح درويش في أمسية فنية تألق بها الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة، وسط حضور جماهيريّ كبير، ليكون حفلاً لكل محب للفن الأصيل بصوت خليفة، وللشعر الجميل بقصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

وفي ثالث ليالي مهرجان جرش في نسخته الـ38، عاش الجمهور على خشبة مسرح الساحة الرئيسية ليلةً مع الفن الملتزم والكلمة المعبِّرة، التي قدمها الموسيقار مارسيل خليفة واسترجع بها ذكرياته مع كلمات الشاعر محمود درويش والشاعر سميح القاسم والشاعر علي فودة، وغيرهم من شعراء المقاومة والشعراء الذين كتبوا للوطن.

حضرت الحفل رئيسة اللجنة العليا لمهرجان جرش وزيرة الثقافة هيفاء النجار، والمدير التنفيذي لمهرجان جرش أيمن سماوي والشاعر اللبناني زاهي وهبي.

ووسط تفاعل كبير قدَّم خليفة نخبة من أجمل ما غنى، منها: «أيها المارون» وردَّد الأبيات الأولى من القصيدة قبل أن ينشدها بصوته العذب، و«منتصب القامة أمشي» للشاعر الفلسطيني سميح القاسم التي تعالت معها أصوات الجمهور ليشاركه الغناء.

واستكمل خليفة أمسيته الفنية بغناء «إني اخترتك يا وطني» للشاعر الفلسطيني علي فودة، و«تانغو لعيون حبيبتي»، وختم أمسيته الفنية بتوجيه رسالة صمود لشعب غزة بأغنية «شدو الهمة الهمة قوية».