في روما... الفخامة في مواجهة البؤس

خطة لتغيير وضع المدينة ليس فقط متحفاً مفتوحاً للماضي بل مدينة للمستقبل

غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)
غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)
TT

في روما... الفخامة في مواجهة البؤس

غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)
غرفة الطعام في فندق «بالاتزو فيلون» بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)

في مساء أحد أيام شهر يونيو (حزيران) تناول نزلاء في قاعة الطعام المهيبة في فندق «بالاتزو فيلون» عشاءً يحمل طابع عصر الباروك وسط مرايا تعود إلى قرون طويلة مضت مزينة بصور أطفال بأجنحة ملائكية، وأرضيات رخامية مطعّمة، وسقف مغرق في البذخ، وكانت الطاولات ذات أسطح عاكسة من أجل الاستمتاع بالرسوم الجصّية. ورفع المصمم الداخلي نخب الفندق الجديد، واصفاً إياه بـ«معبد الخصوصية والخبرة».

يقع «بالاتزو فيلون»، وهو بالأساس ملحق فاخر لفندق فخم موجود بالفعل في حديقة خاصة هو فندق «فيلون»، على حافة قصر «بالاتسو بورغيزي» الذي يتخذ شكل البيانو القيثاري، ويمتد بشكل منحنٍ بين نهر التيبر وشارع فيا ديل كورسو. ويوجد في الفندق حوض سباحة، وملهى ليلي خاص، وغرف معيشة فاخرة تحمل أسماء آلهة رومانية. وتم تصور غرف النوم الثلاثة الباهرة، التي توجد إحداها في موقع كنيسة صغيرة سابقة أسفل سطح مقبب، كملجأ روماني للمليونيرات المشاهير مثل هاري وميغان ونجوم هوليوود.

غرفة بفندق بالاتزو فيلون في روما (ماسيمو بيروتي- نيويورك تايمز)

مع ذلك عندما حاول الممثل البريطاني دانيال كريغ، وزوجته الممثلة ريتشل وايز، الإقامة هنا خلال زيارة ممتدة مؤخراً، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق «شيدير»، التي تدير «بالاتسو فيلون»، إن السعر المطلوب مرتفع للغاية، وليس في متناول يد النجم الذي أدى دور العميل «007». وأوضح قائلاً: «لم يعرض ما يكفي من المال».

وتبلغ تكلفة المكان بأكمله في المتوسط 25 ألف يورو، أي ما يعادل نحو 27 ألف دولار، لليلة الواحدة. ورفضت لورا سايمونز، مسؤولة الدعاية لدى كريغ، التعليق على الأمر.

وليس ذلك السعر هو الأعلى على القائمة، ففي شارع فيا دي ريبيتا، في قلب روما، يوجد داخل فندق «بولغري هوتيل روما»، الذي تم افتتاحه مؤخراً، والذي يتضمن مداخل وأروقة تزخر بالجواهر، جناح مكون من غرفة نوم رئيسية تطل على ضريح أغسطس، وتبلغ تكلفة الإقامة به 38 ألف يورو، أي ما يعادل نحو 41 ألف دولار، لليلة الواحدة.

لطالما كانت روما، المدينة الزاخرة بالعصور المختلفة والتناقضات، مزيجاً من الطبقات العليا والدنيا، والأباطرة والعبيد، والنبلاء واللصوص المسلحين، والكسالى الفاسدين المنحلّين والأشخاص العاديين المجدّين في العمل. مع ذلك هناك شيء ما ذو طابع سوريالي يتعلق باللحظة الحالية عندما تصبح المدينة مغمورة بشكل متزايد بخيارات متعددة من الفنادق حتى وإن شعرت بقبضة ما يطلق عليه الرومان الانحلال، أي انحدار يمتد لأكثر من 15 عاماً نحو حالة قديمة ولاذعة من التخلي والهجران.

مدينة «مهجورة قليلاً»

يتساءل الكثير من أهل روما عما إذا كان المستثمرون في تلك المشروعات الجديدة شديدة الفخامة، مثل «ذا سيكس سينسيز» و«ذا فور سيزونس» و«روزوود» و«نوبو» و«إيديشين» و«هوتيل فيلون» وغيرها من الفنادق، يرتدون نظارات وردية، أم أن الجميع قد فقدوا حاسة الشم والعقل؟ يقول روبرتو غوالتيري، عمدة روما، إن أصحاب الفنادق يتمتعون بعقل سليم وحكمة، ويعلمون الأمر المستقبلي الناجح حين يرونه. ويشير إلى وجود مطاعم أفضل، ومتاحف تم ترميمها حديثاً، ومتاحف قيد الإنشاء. ولقد عدَّ السائحون بعد الوباء روما وجهة أساسية. كذلك يتخيل غوالتيري مدينة نظيفة حديثة عصرية تمتع بالكفاءة يتم دعمها بالمليارات من الاتحاد الأوروبي، ومئات الملايين من الاحتفال المقبل بيوبيل الكنيسة في 2025، وسياسات التجديد الحضري التي يتبناها، بما في ذلك بناء محرقة قمامة، وإصلاح طرق روما، وإبرام عقود إعادة تشغيل من أجل قطع العشب في المدينة بشكل فعلي، ومدّ خط قطار أنفاق. وأشار إلى أن الفنادق الفاخرة تستطيع أن تشهد فيما حولها عصراً جديداً للنهضة الرومانية.

في أحد الشوارع المجاورة لفندق بولغري بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)

قال جان كريستوف بابين، الرئيس التنفيذي لـ«بولغري»، في حانة «بولغري»، التي تقع أعلى مدخل مزدان بتمثال قديم أصلي للإمبراطور أغسطس: «لقد كانت روما تفتقد بشكل كبير مستوى الضيافة الموجود في مدينة مثل باريس». وأوضح أن تدفق الفخامة سوف يساعد على «إعادة وضع المدينة، ليس فقط متحفاً مفتوحاً للماضي، بل مدينة للمستقبل». ويشير اندفاع المشروعات الفخمة إلى أن أصحاب الفنادق يرون روما مدينة يمكن الحصول على أرباح بها، وأن ظروفها وأحوالها، باستثناء القمامة والازدحام المروري وشخصية سكانها الضجرة من الحياة، قد أصبحت فجأة لصالحهم.

وقال سيكيريللي، من مجموعة «شيدير»، إن أهم الفنادق تتوق إلى الوجود في البلاد منذ عصور، لكن المصالح المحلية ساعدت في منع وجود الفنادق الجديدة، التي تحتوي على أكثر من 30 غرفة، مما أبعد وأقصى سلاسل الفنادق الفخمة الضخمة. وذكر مكتب العمدة أن قانوناً صدر عام 2008 قد منع تحويل أي قصر يعود إلى العصور الوسطى أو عصر النهضة إلى فنادق تستضيف أكثر من 60 شخصاً، وهو ما يعني نحو 30 غرفة تقريباً، لكن منحت المدينة إعفاءات لجذب فنادق ذات مستوى أرقى يمكن للأثرياء إنفاق مبالغ أكبر من المال بها. وقد رسّخت العديد من الفنادق الجديدة أقدامها بالقرب من شارع فيا فينيتو في مبانٍ أحدث غير خاضعة لقيود القانون. ويقع «بولغري»، رغم كونه في المركز القديم، داخل مبنى حكومي محوّل يعود إلى الحقبة الفاشية.

حمام السباحة الداخلي بفندق بولغري في روما حيث تبلغ تكلفة الإقامة نحو 41 ألف دولار، لليلة الواحدة (ماسيمو بيروتي- نيويورك تايمز)

وقال بابين، الذي لاحظ أن سوق العقارات الضيقة المحدودة في روما قد بدأت أخيراً في الانفتاح، إن «العائلات الثرية الأرستقراطية الرومانية تمتلك الجزء الأكبر من المدينة». وتسفر الضرائب العقارية المنخفضة بشكل كبير، التي تعبّر عن قيم تسجيل الأراضي تعدّ منخفضة كثيراً بقيم ومعايير السوق، عن وجود «الكثير من القصور التي لن يتخلى عنها الناس أبداً حتى وإن كانت فارغة».

مع ذلك ساعدت الأوقات العصيبة، التي مرت على أصحاب الأراضي والملاك من النبلاء، في تحرير بعض تلك العقارات. ويعني تحول روما إلى مدينة «مهجورة قليلاً»، «خفض قيمة الأصول»، على حد قول العمدة غوالتيري، مما يجذب مستثمرين ينقضّون على المدينة لأنها رخيصة كثيراً مقارنة بغيرها من العواصم الأوروبية الثقافية. مع ذلك يشك بعض مصممي الفنادق الفاخرة في قدرة الفنادق الجديدة على تحويل مدينة قديمة، يتحدث سكانها كثيراً عن التغيير وكأنه حلم ساذج قيد التنفيذ والانتظار، ويتعاملون مع البدع والصرعات والتوجهات الجديدة باعتبارها جيوشاً غازية عليها الانتظار.

تمثال محاط بسياج أثناء عمليات ترميم في حديقة بالاتزو بورغيزي بروما (ماسيمو بيروتي - نيويورك تايمز)

وقال جيامبيرو بانيبينتو، المعماري الذي رفع نخب فندق «بالاتسو فيلون»: «تكمن المشكلة في أهل روما». وتباهى مارياني، في عشية الافتتاح الرسمي للفندق، باللمسات التي تم إضفاؤها على الجناح الذي يبلغ سعر الإقامة فيه لليلة واحدة 38 ألف يورو، وقال إنه «تم تصميمه ليمنح النزيل الشعور بأنه إمبراطور لليلة واحدة».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

شمال افريقيا ناجون من غرق المركب في مقهى بمرسى علم أمس (أ.ب)

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

عملت فرق الإنقاذ المصرية، على مدار الساعة، على إنقاذ العدد الأكبر من 45 شخصاً كانوا على متن «لنش» سياحي، تعرض للغرق بمنطقة سطايح شمال مدينة «مرسى علم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

في حدث يجمع المتعة والإثارة، سيكون زوار موسم الرياض 2024 على موعد لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة «هاري بوتر: موسم الرياض».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
سفر وسياحة قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات وفاقت شهرتها حدود البلاد

محمد عجم (القاهرة)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».