الغضب... لماذا يُعدّ الشعور مفيداً؟ وكيف تتعامل معه؟

الغضب أداة مهمة يجب أن نتعلم كيفية استخدامها بطريقة صحية ومثمرة (رويترز)
الغضب أداة مهمة يجب أن نتعلم كيفية استخدامها بطريقة صحية ومثمرة (رويترز)
TT

الغضب... لماذا يُعدّ الشعور مفيداً؟ وكيف تتعامل معه؟

الغضب أداة مهمة يجب أن نتعلم كيفية استخدامها بطريقة صحية ومثمرة (رويترز)
الغضب أداة مهمة يجب أن نتعلم كيفية استخدامها بطريقة صحية ومثمرة (رويترز)

مَن منا لا يشعر بالغضب أو الإرهاق العاطفي من حين لآخر؟ ورغم أن معظمنا يظن أن هذه المشاعر سلبية إلى أقصى حد، فإنها قد تكون مفيدة نوعاً ما.

قالت الدكتورة بريت فورد، الأستاذة المشاركة في علم النفس بجامعة تورونتو، إن الغضب نوع معين من الحالة العاطفية التي يمكن أن تتلقى كثيراً من الأحكام من أنفسنا ومن الآخرين. وأضافت: «قد تكون تجربة هذه المشاعر مزعجة، وقد تكون محبطة ثقافياً، لكننا نحتاج إلى الغضب»، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

وتوضح خايمي ماهلر، المعالجة واختصاصية الصدمات النفسية المقيمة في نيويورك: «أعتقد أن التجربة الفعلية لاعتبار الغضب سيئاً هي في الواقع واحدة من أكبر العوائق أمام معالجتنا العاطفية... إنك تتعامل مع مشاعر مفيدة جداً، وتسحقها وتقمعها، وتقول إنها لا تهم».

وقالت فورد إن الأدلة تشير إلى أن الأقليات والنساء يواجهن ضغوطاً ثقافية خاصة لإخماد غضبهن.

وأشارت إلى أن العواطف تميل إلى أن تكون لها توقعات أو نصوص اجتماعية. وأضافت فورد: «والغضب يميل إلى أن يكون له نصوص وأعراف قوية للغاية ومحظورة».

في حين أن كثيراً من الناس قد يشعرون بالحاجة إلى مقاومة غضبهم أو إخفائه، فإن خبراء الصحة العقلية يحثون على العكس، ويقولون إن الغضب أداة مهمة يجب أن نتعلم كيفية استخدامها بطريقة لطيفة وصحية ومثمرة.

وقالت ديبورا أشواي، مستشارة الصحة العقلية السريرية المرخصة ومقرها في نيو برن بولاية نورث كارولينا، إنه رغم أن هذا الشعور غير سار، فإن عواقب إنكاره قد تكون أسوأ.

تابعت أشواي: «إذا كبرت وتعلمت أنه من غير المسموح لك بالتعبير عن الغضب، فبعد فترة، ينقلب الأمر على نفسه... وهذا يتحول إلى الشعور بالذنب».

الغضب يمكن أن يعلمك ويحميك

الغضب ليس كله عذاباً وكآبة، وفق ما تقوله أشواي، وتوضح أن «عواطفنا هي أعلى توجيهات لدينا، كما تعلمون، وهي متاحة لنا... الغضب يأتي تحذيراً بأن هناك شيئاً ما يحدث».

وأضافت أن تدفق الغضب هذا يمكن أن ينبهنا إلى انتهاك قيمنا، أو الشعور بالخطر، أو بالإهمال.

و«الغضب عاطفة وقائية»، كما تقول ماهلر، مؤلفة كتاب «تعافي العلاقات السامة: دليلك لتحديد الشركاء السامين وترك الديناميكيات غير الصحية وعلاج الجروح العاطفية بعد الانفصال».

وقالت أشواي إنه عند التعبير عن الغضب بطريقة بنّاءة، يمكن أن يدفع ذلك الناس إلى الدفاع عن احتياجاتهم وآرائهم للتأكد من الاهتمام بهم.

وأفادت: «يساعدنا الأمر على وضع الحدود والحفاظ على الذات. إنه يساعدنا على أن نكون حازمين وندافع عن أنفسنا... كما أنه يساهم في حل النزاعات، إذا تمت إدارته بشكل مناسب».

وأكدت فورد أن هذا الشعور يمكن أن يدفعنا أيضاً إلى اتخاذ إجراءات بشأن الأشياء التي نغضب منها، سواء كان ذلك إجراء محادثة صعبة مع صديق أو اتخاذ خطوة سياسية. وتابعت: «إذا كان هناك شيء ما يعيق طريقنا ونحتاج إلى التغلب على نوع ما من العوائق، فإن الغضب قد يساعدنا في توفير الدافع للقيام بذلك».

كيف تعالج غضبك؟

تشرح فورد أن هناك أدلّة على أن الغضب المزمن والمكثف يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة البدنية والعقلية. وهذا يعني أن اجترار الغضب أو تركه يتفاقم يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية.

وهذه العواطف في الواقع ليس المقصود منها أن تدوم طويلاً. وقالت: «تهدف إلى مساعدتنا في إدارة لحظة معينة في بيئتنا».

وأشارت فورد إلى إن هذا هو السبب وراء أهمية البقاء مع هذا الشعور ومعالجته بشكل كامل.

وقالت ماهلر: «لا يمكنك حقاً تبرير شعور شخص ما بالذعر، كل ما عليك فعله هو تهدئة جسده... نفس الشيء مع الغضب. عليك فقط تهدئة الجسد وإيصال نفسك إلى حالة وعي أفضل. ومن هناك، يمكنك البدء في معالجة المشاعر».

تشرح أشواي: «ابدأ بالسماح له بالدخول والجلوس معك... بدلاً من السماح له بالضغط عليك... تعرف على مشاعرك دون إصدار أحكام وراقبها. حتى لو كان ذلك يعني ضبط 5 دقائق لهذه الفترة، فسوف تسمح لنفسك بالشعور بالغضب. المرحلة التالية هي محاولة فهم سبب ظهور الغضب في هذا الموقف بالذات... ما الذي قد يعيق طاقتك أو أفكارك؟ ما الذي تحمي نفسك منه؟ ما الذي تحتاج إليه ولم تتم تلبيته؟».

وتابعت: «بمجرد أن تدرك ذلك، يمكنك التحكم فيه...لم يعد الأمر يسيطر عليك الآن»، مضيفة أن هذا هو المكان الذي يمكنك من خلاله أن تقرر كيفية المضي قدماً.


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
TT

الذكاء الاصطناعي يعزز فرص الحمل

الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)
الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين نتائج التلقيح الصناعي (جامعة إمبريال كوليدج لندن)

توصلت دراسة من جامعة إمبريال كوليدج لندن في بريطانيا إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز فرص الحمل لدى السيدات الخاضعات للتلقيح الصناعي.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج العلاج وتقديم رعاية أكثر دقة للمريضات، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية (Nature Communications).

ويذكر أن التلقيح الصناعي إجراء طبي يساعد الأزواج الذين يعانون من مشاكل في الإنجاب على تحقيق الحمل. وفي هذا الإجراء، يتم استخراج البويضات من المبايض لدى السيدات بعد تحفيزها بواسطة أدوية هرمونية، ثم يتم تخصيبها بالحيوانات المنوية للرجال في المختبر. وبعد التخصيب، يتم مراقبة نمو الأجنة في المختبر، ثم يتم اختيار أفضل الأجنة لنقلها إلى رحم المرأة في أمل حدوث الحمل.

وتمر العملية بخطوات أولها تحفيز المبايض باستخدام أدوية هرمونية لزيادة إنتاج البويضات، ثم مراقبة نمو الحويصلات التي تحتوي على البويضات عبر جهاز الموجات فوق الصوتية. وعند نضوج البويضات، تُجمع بواسطة إبرة دقيقة وتُخصّب في المختبر. وبعد بضعة أيام، تنُقل الأجنة المتطورة إلى الرحم لتحقيق الحمل.

ويُعد توقيت إعطاء حقنة الهرمون أمراً حاسماً في نجاح العملية، حيث يستخدم الأطباء فحوصات الموجات فوق الصوتية لقياس حجم الحويصلات، لكن تحديد التوقيت المناسب يعد تحدياً.

وفي هذه الدراسة، استخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات أكثر من 19 ألف سيدة خضعن للعلاج. ووجدوا أن إعطاء حقنة الهرمون عندما يتراوح حجم الحويصلات بين 13 و18 ملم كان مرتبطاً بزيادة عدد البويضات الناضجة المسترجعة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في معدلات الحمل.

وبينما يعتمد الأطباء حالياً على قياس الحويصلات الأكبر فقط (أكثر من 17-18 ملم) لتحديد توقيت الحقن، أظهرت الدراسة أن الحويصلات المتوسطة الحجم قد تكون أكثر ارتباطاً بتحقيق نتائج إيجابية في العلاج.

كما أظهرت النتائج أن تحفيز المبايض لفترات طويلة قد يؤدي لارتفاع مستويات هرمون البروجستيرون، مما يؤثر سلباً على نمو بطانة الرحم ويقلل من فرص نجاح الحمل.

وأشار الفريق إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتيح للأطباء اتخاذ قرارات أكثر دقة في توقيت هذا الإجراء، مع الأخذ في الاعتبار أحجام الحويصلات المختلفة، وهو ما يتجاوز الطرق التقليدية التي تعتمد فقط على قياس الحويصلات الكبرى.

وأعرب الباحثون عن أهمية هذه النتائج في تحسين فعالية التلقيح الصناعي وزيادة نسب النجاح، مشيرين إلى أن هذه التقنية تقدم أداة قوية لدعم الأطباء في تخصيص العلاج وفقاً لاحتياجات كل مريضة بشكل فردي.

كما يخطط الفريق لتطوير أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التفاعل مع الأطباء لتقديم توصيات دقيقة خلال مراحل العلاج؛ ما سيمكنهم من تحسين فرص نجاح العلاج وتحقيق نتائج أفضل.