«كتب لي»... حديقة الاكتشافات النبيلة

مشروع طموح يقوده متطوّعون يوصلون الكتاب بعيداً

«كتب لي»... منصة لاكتشاف الكتب العربية تحلم بالتوسّع (صفحة المشروع)
«كتب لي»... منصة لاكتشاف الكتب العربية تحلم بالتوسّع (صفحة المشروع)
TT

«كتب لي»... حديقة الاكتشافات النبيلة

«كتب لي»... منصة لاكتشاف الكتب العربية تحلم بالتوسّع (صفحة المشروع)
«كتب لي»... منصة لاكتشاف الكتب العربية تحلم بالتوسّع (صفحة المشروع)

وُلدت الفكرة من حاجة شخصية لإيجاد كتب باللغة العربية وأخرى تحاكي تاريخ المنطقة. لمست شابة من لبنان تدعى يارا المر صعوبة اكتشاف الإصدارات الجديدة بواسطة الإنترنت، وحين طلبت من «غوغل» تزويدها بكتب توثّق التاريخ اللبناني، من دون مساعدته بمزيد من المعلومات، كانت النتيجة لائحة كتب مولودة في الغرب، يتصدّرها روبرت فيسك وتوماس فريدمان. من فكرة «معاكسة الواقع الرقمي»، وُلدت مبادرة «كتب لي» للإضاءة على دُور نشر متواضعة وكتّاب لم يُذَع صيتهم.

ناقشت الفكرة مع شريكها عمر فرحات في 2021. لعام، طال النقاش في الأدوات وكيفية سدّ ثغر اكتشاف الكتب عبر الإنترنت. استقرّ المشروع على 4 مؤسّسين هم: المر وسلام جبور المكلّفتان تطوير المحتوى؛ وفرحات مع مازن صالح المكلّفان مهمّات البرمجة. «أطلقنا الموقع الإلكتروني في مارس (آذار) 2022؛ وإلى اليوم، نعمل بشكل تطوّعي»، تتحدّث المر لـ«الشرق الأوسط» عن منصة لاكتشاف الكتب العربية، تحلم بالتوسّع نحو الخليج وشمال أفريقيا ودول المغرب العربي، فلا يقتصر الجهد على الإحاطة بالكتب الصادرة في لبنان وسوريا وفلسطين فقط.

الفكرة نبيلة، تردّ الاعتبار إلى كتب تعاني فقر الدعاية وإلى كتّاب جدد (صفحة المشروع)

المشروع نبيل في زمن متقلّب. يردّ الاعتبار إلى كتب تعاني فقر الدعاية، وإلى كتّاب جدد، ودُور نشر ينهكها الظرف. اقتضت الخطوة الأولى بناء قاعدة بيانات تتضمّن معلومات عن الكتب المقصودة، و«الأمر صعب، فالبيانات مفقودة بإطارها المُنظَّم والمُفهرَس عبر الإنترنت». لتفكيك الصعوبة، تَواصل الشركاء مع دُور النشر طالبين العون. «وإذا بنا نصطدم بعقبة أخرى: بعض هذه الدُور يفتقد المعرفة التقنية بإدارة المواقع الإلكترونية، وسط نقص الموارد المالية والبشرية. كان لا بدّ من اجتراح حلول».

وُلد قسم «دليل الناشرين»، فأتاح للدُور تزويد «كتب لي» بمحتوى إصداراتها الجديدة، مقابل حيّز مجاني لها على الإنترنت. تُكمل المر حديثها عن طرق اكتشاف الكتب: «الموقع باللغتين العربية والإنجليزية، والطرق تتعدّد؛ من خلال النوع: روايات، شعر، كتب أطفال، كتب أكاديمية، بحوث... ووفق الجغرافيا: خليج، مشرق، مغرب... وأيضاً الموضوعات: سياسة، كتب نسوية، فلسفة، تاريخ... نسهّل الأدوات لنصل».

يضمّ «كتب لي» قوائم قراءة، تتمهّل المر للحديث عنها: «نختار موضوعاً مثيراً، مثل الحرب الأهلية من منظور النساء، أو أدب الحرب... وما قد يستميل أشخاصاً يتطوّعون لوضع القوائم ضمن اختصاصهم. منفتحون على الاقتراحات».

طموح «كتب لي» ضمّ جميع الموضوعات والأنواع (صفحة المشروع)

تتواصل المرّ وجبور مع دُور النشر والكتّاب والمجلات الأدبية، وتُشاركان المحتوى عبر مواقع التواصل. لفرحات وصالح مهمّات البرمجة الرقمية بمساندة فريق تطوّعي قوامه طاقات خلّاقة. ولكن، ما معيار اختيار الكتب، وهل تُستَبعد أصناف؟ تردّ يارا المر: «طموحنا ضمّ جميع الموضوعات والأنواع، لكنْ، لافتقار قاعدة البيانات المُفهرَسة للمنشورات العربية، تتباطأ العملية. نتعمّد عدم حصر الكتب بالأنواع الشائعة، وفتح المجال لأنواع جديدة وتجريبية. نشاء محاكاة أذواق القراء من خلال التنوّع. الصنف الوحيد المرفوض هو المُروِّج للكراهية».

تُعدّد التحدّيات: «تعذُّر تأمين معلومات تشمل جميع الإصدارات العربية، لا سيما مع أفول دُور نشر أو نفاد نسخة من كتاب. الصعوبة في إيجاد هذه المعلومات بشكل رقمي، مما يضطرنا لزيارة الدار وتصوير أغلفة كتبها لعرض نبذة عن جديدها. هذا يُضاف إلى هموم دُور النشر في الأزمة، وانعكاساتها على التواصل. يبقى تحدّي الاستمرارية في الصدارة، فالبحث دائم عن خطة تمويلية تتيحها».

المشروع ينشد التطوُّر، منه تتفرّع مشاريع حالمة منها إنشاء نادٍ للكتاب. والتواصل قائم بين «كتب لي» ودُور النشر للتحسين والتعلُّم من الخطأ. المؤسِّسون متطوِّعون، مع إشارة يارا المر إلى داعمين يتبرّعون بما يتيح الصمود. وهذا العام، قدّم «المورد الثقافي» منحة لقسم «دليل الناشرين»، فغطّت بعض التكاليف.

يتعمّد «كتب لي» عدم حصر الكتب في الأنواع الشائعة بفتح المجال لأنواع تجريبية (صفحة المشروع)

الشغف، يحرّك الفريق. ورغم ساعات يمضونها في وظائف تؤمن كرامة عيشهم، ينكبّون على العمل في «كتب لي» لثقتهم بجدوى المشروع. تصف المر التفاعل بالإيجابي، «فالدُور تجد خدمة فُقِدت في عالم النشر. أما القراء، فتسعدنا رسائلهم. يشكروننا على اللوائح وعلى إيجاد موضوعات تلامس اهتماماتهم. هم دافعُ الاستمرار».

مغامرة؟ «بالطبع! العالم الرقمي واسع وسريع ودائم التغيُّر، وعلينا المواكبة. صحيح أننا شغوفون بالكتاب، لكنّ المؤسّسين هم مبرمجون ومتخصّصون في الأدب، ولا يملكون مهارة إنشاء موقع. لدينا الرؤية، منها انطلقنا نحو هذه المغامرة الممتعة».

وإنْ تولّت يارا المر الحديث باسم المؤسّسين الأربعة، فإنّ سلام جبور، وهي خرّيجة الأدب الإنجليزي من «الجامعة الأميركية في بيروت» والمتخصّصة بعلم النفس؛ تشاء التأكيد بأنّ المشروع «ليس مغامرة بقدر ما هو رحلة خاصة». تُخبر «الشرق الأوسط» عن اكتشافها ذاتها وعلاقتها المستجدّة والمختلفة مع اللغة العربية: «(كتب لي) جعل التقارب بين العربية والإنجليزية ممكناً بالنسبة إليّ. أصبحتُ أفكر أيضاً بالعربية، وأُدخلها حياتي».


مقالات ذات صلة

«كايرو كوميكس»... أحلام الشباب تُجسِّدها القصص المصوَّرة

يوميات الشرق مشهد من معرض «من قتل أسمهان» (الشرق الأوسط)

«كايرو كوميكس»... أحلام الشباب تُجسِّدها القصص المصوَّرة

يقدّم المهرجان - الذي اختار أيقونة مجلة «ماجد» الإماراتية «كسلان جداً»، للفنان المصري مصطفى رحمة، شخصية هذا العام - أعمال فنانين من الأردن وسويسرا والأرجنتين.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق وائل مرقص وعلاقة حب مع الخطّ العربي (صور الفنان)

وائل مرقص لـ«الشرق الأوسط»: الخطّ العربي مفتاح الهوية العربية الواحدة

حقّق وائل مرقص شهرته من خلال علاقته بالخطّ العربي. إقامته في أميركا منذ نحو 12 عاماً زادت من توطيدها. فالغربة، كما يقول، «توقظ عندنا مشاعر الحنين لأوطاننا».

فيفيان حداد (بيروت)
شمال افريقيا شبان تونسيون يتظاهرون في تونس العاصمة يوم 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

شباب محبط من السياسة في تونس يرى الحلّ في الهجرة

بحسب دراسة أجراها «الباروميتر العربي» صدرت قبل أكثر من شهر، فإن 7 من كل 10 شباب تونسيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما يريدون الهجرة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
رياضة سعودية تزايد عدد المستخدمين للألعاب الإلكترونية في المنطقة يتطلب استراتيجية مثالية لتلبية رغباتهم (الشرق الأوسط)

«الاتحاد السعودي» و«نيكو بارتنرز» يقودان استراتيجية توطين الألعاب بالمنطقة

تعاونت شركة «نيكو بارتنرز» مع الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية لمساعدة الشركات على فهم خصوصية منطقة الشرق الأوسط في مجال توطين الألعاب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب

«بيلبورد عربية» تطلق 4 قوائم جديدة وتحتفي باللهجات

أعلنت «بيلبورد عربية» عن إطلاقها 4 قوائم جديدة خاصة باللهجات الخليجية، والمصرية، والشامية، والمغاربية، للإضاءة على تنوّع اللغة العربية.


مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.