اليوغا والوخز بالإبر يمسحان كآبة مرضى السرطان

يتيحان إحساساً بالتحكم في المرض والسيطرة عليه

العلاجات التكاملية مهمّة لمواجهة الاكتئاب (بابليك دومين)
العلاجات التكاملية مهمّة لمواجهة الاكتئاب (بابليك دومين)
TT
20

اليوغا والوخز بالإبر يمسحان كآبة مرضى السرطان

العلاجات التكاملية مهمّة لمواجهة الاكتئاب (بابليك دومين)
العلاجات التكاملية مهمّة لمواجهة الاكتئاب (بابليك دومين)

استعرضت دراسة منشورة في مجلة «علم الأورام السريري»، فاعلية العلاجات التكاملية مثل اليوغا والاسترخاء والتنويم المغناطيسي والوخز بالإبر والعلاج بالموسيقى، في علاج أعراض القلق والاكتئاب خلال رحلة علاج السرطان وبعدها.

وكانت «جمعية علم الأورام التكاملي» (SIO) و«الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري» (ASCO)، أوصتا رسمياً بتلك التدخّلات لإدارة أعراض القلق والاكتئاب لدى مرضى السرطان.

في هذا السياق، قالت الرئيسة المشاركة للجنة إرشادات الممارسة السريرية في «جمعية علم الأورام التكاملي»، هيذر غرينلي، في بيان أمس (الثلاثاء): «ارتبطت أعراض القلق والاكتئاب بانخفاض نوعية الحياة لدى المصابين بالسرطان. والآن نعرف العلاجات التي يمكن أن يكون لها التأثير الإيجابي الأكبر».

وجاءت التوصيات بهذه التدخّلات لعلاج كل من أعراض القلق والاكتئاب لدى الخاضعين للعلاج، وفي المرحلة التي تليه، نظراً إلى ظهور أدلّة قوية على فوائدها.

أما الرئيس السابق للجنة الطب القائم على الدليل في «الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري»، سكوت تاغاوا، فقال: «بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، يُعدّ السرطان أصعب تجربة واجهوها على الإطلاق»، مضيفاً: «لا توفّر تلك التدخّلات من علاجات العقل والجسم أدوات لإدارة أعراض القلق والاكتئاب لدى المرضى فحسب، بل قد تقدّم لهم إحساساً بالتحكم في مرضهم والسيطرة عليه، وهو أمر مفيد».

وأُطلق الدليل الإرشادي من لجنة خبراء من طب الأورام التكاملي، وعلم الأورام، والعلاج بالإشعاع، وعلاج الأورام الجراحي، والطب السلوكي، وطب العقل والجسم، والتمريض، إلى ممثلي الدفاع عن المرضى.

واستعرض الفريق البحثي الأدبيات العلمية المنشورة الحالية حول العلاجات التكاملية المستخدمة لعلاج أعراض القلق والاكتئاب لدى مرضى السرطان. وعليه، قُدِّمت التوصيات بناء على قوة الأدلّة المتاحة.

ويهدف علم الأورام التكاملي إلى تحسين الصحة ونوعية الحياة والنتائج السريرية عبر سلسلة رعاية مرضى السرطان وتمكين الأشخاص من الوقاية من المرض.

من جانبه، يؤكد مدرّس الباثولوجيا الإكلينيكية في «المعهد القومي للأورام» بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد سمير عبد الحميد، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ «اقتصار العلاج على إزالة الورم فقط غير كافٍ، إذ يحتاج مريض السرطان إلى الرعاية والدعم النفسي».

وإذ يلفت إلى «ضرورة دعم المجتمعات الفقيرة لإتاحة هذه التدخّلات المعزّزة لاستكمال المريض رحلة العلاج»، يشير إلى أنّ المناجاة الدينية «ربما تكون من الأفعال الداعمة أيضاً في هذا الإطار».

كما قالت أستاذة علم الأورام في جامعة كالغاري الكندية، والرئيسة المشارك في الدراسة ليندا كارلسون، إنّ «الهدف من الإرشادات هو إعلام الأطباء والمصابين بالسرطان أين تكمن الأدلّة لدعم أفضل النتائج السريرية الممكنة»، مضيفة: «نعتقد أنّ هذا الدليل الإرشادي يحقّق ذلك لمن يعانون أعراض القلق والاكتئاب أثناء الإصابة بالسرطان».


مقالات ذات صلة

المنتجات البلاستيكية المنزلية قد تزيد خطر الوفاة بأمراض القلب

صحتك «الفثالات» توجد في المنتجات البلاستيكية المنزلية (رويترز)

المنتجات البلاستيكية المنزلية قد تزيد خطر الوفاة بأمراض القلب

أظهرت دراسة جديدة أن «الفثالات»، التي توجد في المنتجات البلاستيكية المنزلية أسهمت في أكثر من 10 % من إجمالي الوفيات العالمية الناجمة عن أمراض القلب في عام 2018.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مريضة بالسرطان (رويترز)

علماء يتوصلون إلى «بديل قوي» لعلاج السرطان التقليدي

كشف باحثون أميركيون عن أن هناك علاجاً مناعياً للسرطان قد يكون «بديلاً قوياً» للعلاج الكيميائي والجراحة والإشعاع لبعض أشكال المرض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك رغم قشرته اللذيذة فإن الكرواسون غني بالسعرات الحرارية (رويترز)

لجسم صيفي رشيق... تجنبوا هذه الأطعمة بدءاً من الربيع

متى كانت آخر مرة تناولت فيها البيتزا أو البطاطس المقلية؟ إنها تتسلل إلى نظامك الغذائي أكثر مما تظن. ثلثنا يطلب طعاماً جاهزاً أسبوعياً

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

صحة الفم... مفتاح لصناعة الرياضيين الأبطال

آلام الفم عامل معيق وخطير في بيئة رياضية تعتمد على دقة الأداء وسرعة الاستجابة

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)
صحتك يتكون «أوتزمبيك» من الشوفان وعصير الليمون والماء وأحياناً القرفة

مشروب «أوتزمبيك» يغزو مواقع التواصل... سر الرشاقة أم مجرد خرافة؟

مع تزايد شعبية أدوية أوزمبيك وغيرها من أدوية «جي إل بي – 1» لإنقاص الوزن، يغزو مشروب «أوتزمبيك» (أوزمبيك الشوفان) مواقع التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

فيضُ الذاكرة يُجابه شحَّ المطر... الفلسطينية «بنت مبارح» تُقاوم بالموسيقى

تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)
تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)
TT
20

فيضُ الذاكرة يُجابه شحَّ المطر... الفلسطينية «بنت مبارح» تُقاوم بالموسيقى

تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)
تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة يُعاش ولا يُدرَّس (صور «بنت مبارح»)

تُفضّل الفنانة الصوتية والموسيقية الفلسطينية المعروفة باسم «بنت مبارح» اعتمادَ اسمها المسرحي، والابتعاد عن ذِكْر اسمها الحقيقي. وُلِد هذا الاسم من غياب المُعلّم؛ ذاك الغياب الذي شكَّل ملامح تجربتها، ليُصبح الاسم ذاته اعتراضاً صامتاً، وتوثيقاً حيّاً لواقع فنّي نشأ خارج أسوار المعهد، حيث يغيب المرشد الموسيقي، لتتقدَّم مساحاتٌ فارغة تُملأ بالتجريب. هو اعترافٌ شفّاف يحمل في جوهره تمرّداً: «أنا غير موسيقية»، تقولها لـ«الشرق الأوسط»، وكأنها تُعلن التزامها بنسق آخر من المعرفة، يُعاش ولا يُدرَّس.

ممارسات «بنت مبارح» تنتمي إلى حقل الصوت والفعل، مُتجذِّرةً في البحوث، والتقاطُع مع التراث الشعبي الفلسطيني، حيث تُعاد قراءة الدلالات عوض استنساخها. التقيناها في فترة الاستراحة بين الجلسات الحوارية ضمن برنامج «مفكرة أبريل» التابع لبينالي الشارقة، وهناك شدَّدت على ابتعادها عن التقنية الأكاديمية. فنُّها وليد التجربة، يستغني عن المنهج؛ ووليد احتكاك دائم مع الذاكرة، والواقع. تقول: «نحاول إيجاد ديمومة للتراث الفلسطيني عبر التجريب، لا عبر التقليد. نقرأ التراث، ونحاوره، عوض أن نُعيد تمثيله فقط».

اسمها توثيق حيّ لواقع فنّي نشأ خارج أسوار المعهد (صور «بنت مبارح»)
اسمها توثيق حيّ لواقع فنّي نشأ خارج أسوار المعهد (صور «بنت مبارح»)

في عرضها، «طوفان الطقوس»، تُقدّم مقطوعات صوتية وموسيقية مُستَلهمة من الفولكلور الفلسطيني المُرتبط بالماء. عرضٌ يقف في وجه الإبادة، سواء كانت جينية، بيئية، أو معرفية. تُسائل من خلاله العلاقة الحميمة بين الصوت والماء؛ تلك الأغنيات التي رافقت مواسم المطر والاستسقاء، والتي كانت تُغنَّى تبجيلاً، وتوسّلاً، ومقاومة. عبر أغنيات البحر، وأغنيات المطر، والشهادات الحيّة، والمقاطع الأرشيفية، تتأمّل الفنانة في البُعد السياسي والشعري لهذه التقاليد، وترى في الأغنية وسيلة تعليمية مشبَّعة بالحكمة البيئية، وفي المسطحات المائية، شاهدةً حيَّة على ذاكرة جمعية.

سردية شحّ المياه في فلسطين محور أغنياتها (صور «بنت مبارح»)
سردية شحّ المياه في فلسطين محور أغنياتها (صور «بنت مبارح»)

نسألها عن ارتباطها بأغنيات الماء، فتعود إلى سردية شحّ المياه في فلسطين؛ تلك التي روَّج لها الاحتلال في إطار السردية الاستعمارية، حتى أصبحت كأنها واقعٌ غير قابل للجدل: «من خلال أغنيات الاستسقاء، نفهم أنّ الاحتلال الإسرائيلي ليس مَن يُخبرنا ماذا يحدث في أرضنا؟ ولا هو مَن يسأل، أو يُحصي نسبة المتساقطات كلّ عام. لسنا بحاجة إلى منطقه كي نعرف أرضنا. الماء هو مفتاح موسيقاي».

تفتح «بنت مبارح» أبواب الأسئلة: «هل نحن حقاً في أزمة شحّ مياه؟ أم أنّ ذلك ما يريد لنا الاحتلال أن نُصدّقه؟ كيف يكون هناك شحّ والمستوطن يسيطر على برك المياه؟ كيف يُحدِّث الناس عن الجفاف، وهو مَن ينعم بمزارع المانجو مثلاً؟».

ترفض الاستقلالية المسروقة حتى في زراعة حديقة المنزل (صور «بنت مبارح»)
ترفض الاستقلالية المسروقة حتى في زراعة حديقة المنزل (صور «بنت مبارح»)

تؤمن بأنَّ في الغناء تكمُن أشكال حوكمة فلسطينية أصلانية، تتحدَّى هذه السرديات من جذورها. وتسترجع صلاة الاستسقاء في قريتها القريبة من نابلس، الهادفة إلى إعادة التوازن في توزيع المطر، فتُشير إلى أنّ هذه الممارسات موثَّقة في الأغنيات الشعبية، وهي تحفظ ذاكرةَ الشكّ بواقع مفروض، يُقال إنه «شحّ»، لكنها تراه بنظرة أخرى. تروي: «حين زرتُ بلدات في فلسطين، وسألتُ نساءً عن أغنيات الاستسقاء، وجدتُ أنّ هذه الأغنيات ترتبط بمواقع جغرافية محدّدة جداً. يعنيني المطر، ويُشكل محور ذكرياتي، كما ظلَّ شاغلي منذ الطفولة. كبرتُ وسردية الاحتلال لا تفارقني: ممنوع تجميع الأمطار في مناطق (باء) و(جيم)، بينما في مناطق (ألف)، المحدودة فقط في الضفة الغربية، يُسمح بذلك. لقد سُرِقت استقلاليتنا، حتى في زراعة حديقة المنزل».

شغلها المطر منذ الطفولة (صور «بنت مبارح»)
شغلها المطر منذ الطفولة (صور «بنت مبارح»)

ترعرعت في فلسطين، وتقيم اليوم في لندن، لكنها تَحفُر دائماً نحو تلك المعلومات الدفينة التي لا تظهر في الوثائق الرسمية. فما تصنعه «بنت مبارح» هو «خريطة مؤدّاة»، لا تُقرأ في الكتب، ولا تُرسم على الورق، وإنما تنبض في الذاكرة، ونَفَس العيش. تقول: «هذه الخريطة كانت مفاجأتي الكبرى خلال بحثي، فقد تعلّمتُ منها كيف نُحاكي المطر، وكيف نحكم ونُطالب بالعدل في توزيع المياه. إنها خريطة نرسمها بغنائنا، بصوتنا، بجغرافيتنا التي لا تنفصل عن أجسادنا».

في فنّها، يتجسّد الموقف عبر الارتجال. ترفض التسجيلات الثابتة، وتصرُّ على الغناء المباشر، كونه نوعاً من التوثيق الحيّ، إلى درجة أن يصبح الصوت ذاته فعلاً سياسياً: «أحاولُ القول من خلال الغناء إنّ هناك إنساناً حيّاً يتقن الأداء، ويوثِّق عبر النَّفَس، لا عبر الميكروفون فقط. ما أبحث عنه هو توثيق حيّ يتجاوز الخيال التراثي. على المسرح، نُعلن وجودنا».

بصوتها، وارتجالاتها، وبإيمانها بأنّ الموسيقى يمكن أن تكون طريقة للعيش لا مجرَّد تقنية، تُعيد «بنت مبارح» تعريف المُعاصَرة الفلسطينية، حيث يتحوّل المطر إلى نغمة، والأغنية إلى مقاومة، والصوت إلى خريطة بديلة للوطن.