لماذا كان يُفضل فريد شوقي لقب «ملك الترسو»؟

احتفاء بمسيرته الممتدة نحو نصف قرن في الذكرى الـ25 لرحيله

شوقي مع رشدي أباظة وأحمد مظهر في لقطة من أحد الأفلام (أرشيفية)
شوقي مع رشدي أباظة وأحمد مظهر في لقطة من أحد الأفلام (أرشيفية)
TT
20

لماذا كان يُفضل فريد شوقي لقب «ملك الترسو»؟

شوقي مع رشدي أباظة وأحمد مظهر في لقطة من أحد الأفلام (أرشيفية)
شوقي مع رشدي أباظة وأحمد مظهر في لقطة من أحد الأفلام (أرشيفية)

لم يحظَ فنان عربي بعدد كبير من الألقاب كالتي حظي بها الفنان فريد شوقي، صاحب المسيرة الفنية التي تجاوزت 50 عاماً، وصاحب أكبر عدد من الأفلام التي تصدر بطولتها، فإذا كان قد بدأ مشواره في أربعينات القرن الماضي بأدوار مساعدة، فقد بقي بطلاً حتى النهاية، وهو ما يؤكد شعبيته الجارفة وتماسه فناناً مع الجمهور الذي ظل مخلصاً له سواء على شاشة السينما أو بعدما اتجه للدراما التلفزيونية، أو حتى في عروضه المسرحية.

فريد شوقي الذي يجمع شهر يوليو (تموز) بين ذكرى ميلاده ورحيله ولد في 30 يوليو 1920 وتوفي 27 يوليو 1998، ولا يزال بعد مضي ربع قرن على رحيله حاضراً بقوة، عبر أفلامه التي تجاوزت 400 فيلم، وفي حكايات عديدة تتردّد أصداؤها نموذجاً للفنان الذي أمسك بتلابيب موهبته وقادها إلى حيث يجب أن تكون، لا سيما أنّه استطاع بعد سنوات قليلة من بداية مشواره أن يكتب أفلاماً يلعب بطولتها ومن ثمّ اتجه للإنتاج ليصبح مؤسسة فنية جامعة بين الكتابة والتمثيل والإنتاج.

فريد شوقي حاز ألقابا عدة (أرشيفية)
فريد شوقي حاز ألقابا عدة (أرشيفية)

حاز فريد شوقي ألقاباً عديدة، بعضها أطلقها عليه الجمهور وبعضها أطلقها النقاد، من بينها «وحش الشاشة»، و«ملك الترسو»، و«الملك»، و«أبو البنات»، لكن لقب «ملك الترسو» كان الأحب إلى قلبه لأنه يعكس مكانته لدى جمهور البسطاء الذين كانوا يجدون فيه نموذجا للبطل الشعبي عبر أفلامه التي اقتربت من عوالمهم وبدت صادقة في تناول ملامح حياتهم.

وتؤكد أرملته السيدة سهير ترك والدة ابنتيه رانيا وعبير، أن فريد شوقي لم يطلق لقباً على نفسه في أي وقت، قائلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن لقب «ملك الترسو» كان من أحب الألقاب إليه، لأن جمهور الدرجة الثانية والثالثة في دور العرض، هم من أطلقوا عليه هذا اللقب، وكانوا يتزاحمون ليشاهدوا أفلامه، لدرجة أن الأفلام الأخرى كانت تنسق عروضها مع عرض أفلامه حتى تستفيد من الجمهور الكبير الذي يحضر لأجله.

وأشارت إلى أن لقب «الملك» أطلقه النقاد عليه بعد فيلم «شياطين الليل»، وأنه كان يحب لقب «أبو البنات»، وكانت لديه قدرة فريدة على التعامل مع بناته وبنات العائلة بحنان بالغ، فيبيحون له بأسرارهن.

وأضافت أرملته أنهم في العائلة يحرصون في ذكرى وفاته على زيارة قبره، مؤكدة أن مرور السنوات لم يخفف من وطأة غيابه، لكنه يظل موجوداً بأعماله التي تعرض في جميع القنوات، أما هي فلا تغيب روحه عنها، فهو موجود حسبما تقول، لا سيما أنها احتفظت بكل مقتنياته، أملاً في إقامة متحف يحويها ليتمكن جمهوره من رؤيتها فهي تروي سيرته بطلاً شعبياً لم يتكرر. على حد تعبيرها.

"ملك الترسو" مع هند رستم (أرشيفية)
"ملك الترسو" مع هند رستم (أرشيفية)

وتم اختيار 14 فيلماً من أفلام فريد شوقي ضمن استفتاء أفضل مائة فيلم مصري من بينها «باب الحديد»، و«بداية ونهاية»، و«الفتوة»، و«صراع في الوادي»، و«جعلوني مجرماً»، و«ريا وسكينة»، و«السقا مات»، و«خرج ولم يعد».

وحسب الناقد السينمائي سامح فتحي، فإن ألقاب فريد شوقي التي حازها كانت متجددة مع كل مرحلة فنية، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، فقد حاز لقب «وحش الشاشة» بعد نجاح فيلم «حميدو»، كما أطلق عليه لقب «النجم المحبوب» بعد فيلم «دماء على النيل» مثلما جاء في مقدمة الفيلم، كما لقب بـ«الملك» بعد فيلم «شياطين الليل»، أما «ملك الترسو» فهو اللقب الذي حازه من الجمهور تمييزاً له عن سائر الفنانين وقد تأكد هذا اللقب بعد أن نشرت الناقدة إيريس نظمي في مجلة «آخر ساعة» مذكراته الشخصية التي كتبتها تحت عنوان «ملك الترسو» الذي يعكس قربه من جمهور الدرجة الثالثة.

ويلفت سامح الذي ألف كتاب «بطل حتى النهاية» في مناسبة مئوية ميلاد فريد شوقي إلى أن الفنان الراحل يظل بعد ربع قرن على رحيله أكثر نجم لعب أدوار البطولة، بدءاً من أوائل الخمسينات مع فيلم «خارج عن القانون» 1951، وحتى آخر أفلامه «الغاضبون» 1996، الذي صوره قبل رحيله بعامين ليصبح أكبر ممثل حاز أدوار البطولة في السينما المصرية.


مقالات ذات صلة

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

يوميات الشرق من «فرانكنشتاين» لغييرمو ديل تورو (نتفليكس)

فيلمان جديدان عن أعتى الوحوش... فرانكنشتاين يعود في الخريف والربيع

فرانكنشتاين ووحشه عائدان بقوّة، والصرخة التي أيقظت هوليوود نتج عنها فيلمَان جديدَان سيُطلقان خلال الأشهر المقبلة.

محمد رُضا (لندن)
سينما من «قرار تنفيذي» (ناشيونال جنرال بيكتشرز)

أفلام عن جون كيندي تناولت اغتياله

استجابة لأمرٍ تنفيذيٍّ أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رُفعت السرية عن الوثائق المتعلّقة باغتيال ثلاثة من السياسيين الأميركيين وهم جون كيندي وشقيقه روبرت....

محمد رُضا (لندن)
سينما «عندما يومض البرق فوق البحر» (مهرجان برلين)

شاشة الناقد: فيلمان في «مهرجان برلين»

«عندما يومض البرق فوق البحر» مأخوذ من عبارة لصبي ترد قبل نهاية الفيلم، يصف بها أحلامه في بلدة أوديسا غير البعيدة عن لهيب الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الدشاش» شهد عودة محمد سعد إلى السينما بعد سنوات (الشركة المنتجة)

إيرادات هزيلة للسينما المصرية خلال موسم رمضان

طقوس موسم رمضان واجتذاب المسلسلات للناس وراء هذا الانخفاض الملحوظ في الإيرادات السينمائية، والذي يُتوقّع استمراره حتى موسم عيد الفطر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق محمد سامي (فيسبوك)

المخرج المصري محمد سامي يعلن اعتزاله... ومطالبات بتراجعه

أعلن المخرج المصري محمد سامي، اليوم (الخميس) اعتزاله الإخراج التلفزيوني بعد رحلة استمرت نحو 15 عاماً، قدم خلالها العديد من الأعمال الفنية الدرامية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: إشادة رسمية بدراما رمضانية تُناقش قضايا جريئة

الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (وزارة التضامن الاجتماعي)
الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (وزارة التضامن الاجتماعي)
TT
20

مصر: إشادة رسمية بدراما رمضانية تُناقش قضايا جريئة

الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (وزارة التضامن الاجتماعي)
الملصق الترويجي لمسلسل «لام شمسية» (وزارة التضامن الاجتماعي)

في حين أثارت الدراما الرمضانية جدلاً واسعاً أدى إلى توجيه توصيات «رسمية» في شأنها لصُّناع الدراما لتتوافق الأعمال المقدمة للجمهور مع فكرة «المسؤولية المجتمعية»، أو تعكس المجتمع المصري بمصداقية، ظهرت إشادات رسمية ببعض الأعمال الدرامية في الموسم الرمضاني الحالي.

فإلى جانب الجدل الذي أثاره مسلسل «لام شمسية» على «السوشيال ميديا»، والحماس الذي أبداه متابعون كثر في تعليقاتهم لمعالجة قضية شائكة مثل «التحرش بالأطفال» في عمل درامي خلال رمضان، حصد المسلسل إشادةً من وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، الدكتورة مايا مرسي، التي وصفته بـ«الجرأة والشجاعة».

وكتبت الوزيرة منشوراً على صفحتها في «فيسبوك» تضمَّن تحية لصُّناع العمل بدءاً من «الشركة المتحدة» المنتجة للمسلسل، مروراً بالمؤلفة مريم نعوم، والمخرج كريم الشناوي، وصولاً إلى الممثلين.

وجاء في المنشور أن «مسلسل (لام شمسية) عمل درامي احترافي من قلب مهرة محترفين يخافون على جيل يربِّي وجيل يتربَّى ويكبر»، كما وصفت العمل بأنه «دراما بأنامل جراح يحاذر من جرح المشاهد، كما أنه يخاف على مصداقية المشهد». وعدّت الوزيرة «الدراما أقصر طريق للتوعية، وأنها ستكون فارقة مع المجتمع أسرع من الندوات والحملات والمؤتمرات».

وقدمت الشكر لصُّناع العمل «على الجرأة والشجاعة في طرق باب مغلق، وعلى الفكرة ودعمها من منتج لم يفكِّر في التوزيع بقدر ما فكر في الفائدة للمجتمع»، مشيدةً بأداء فريق الممثلين خصوصاً الطفل الذي يلعب دور البطولة.

ويتناول مسلسل «لام شمسية» قضية التحرش ضد الأطفال في عمل درامي - اجتماعي، من بطولة أمينة خليل، وأحمد السعدني، ويسرا اللوزي، ومحمد شاهين، والطفل علي البيلي؛ وكتابة ورشة سرد لمريم نعوم، وإخراج كريم الشناوي وإنتاج «سعدي - جوهر».

لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «لام شمسية» (الشركة المنتجة)

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن «مسلسل (لام شمسية) لم يتمتع فقط بالجرأة الفكرية إنما بالجرأة الإبداعية أيضاً، التي قدمها المخرج كريم الشناوي بقيادته للممثلين»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كل شيء في هذا المسلسل محسوب بدقة، وربما هذا ما أدى إلى إشادة وزيرة التضامن بالأمر»، وتابع أن «الإشادة الرسمية ببعض المسلسلات الرمضانية تُعطي أملاً للدراما الجادة في أن تجد من يؤازرها، وأرى أيضاً أن العمل حقّق دائرة جماهيرية واسعة، وهو ما يُحسب له، ويؤكد أنه نجح في توصيل رسالته للمجتمع».

وعقب انتهاء مسلسل «ولاد الشمس»، الذي عُرض في النصف الأول من رمضان، كرّمت وزيرة التضامن الاجتماعي أبطال العمل، وشكرتهم على ما قدَّموه من صورة إيجابية لأطفال دور الرعاية «الملاجئ»، وسط حضور لعدد من نُزلاء دور الرعاية التابعة لوزارة التضامن.

المسلسل من بطولة طه دسوقي، وأحمد مالك، ومحمود حميدة، ومن تأليف مهاب طارق، وإخراج شادي عبد السلام.

وزيرة التضامن أثناء تكريم صناع عمل «ولاد الشمس» (وزارة التضامن الاجتماعي)
وزيرة التضامن أثناء تكريم صناع عمل «ولاد الشمس» (وزارة التضامن الاجتماعي)

ويرى الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن أن الإشادة الرسمية بمسلسل «لام شمسية»، تعود إلى أنه حقق المعادلة الصعبة في الجمع بين اللغة الفنية المتقنة والراقية، وتناوُل قضية اجتماعية من فئة «المسكوت عنه» بجرأة.

ويضيف عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «ظهور المسلسل بهذا القدر من الجودة، يعود للأبحاث المتخصصة والطويلة التي تُجريها مريم نعوم وورشة سرد للكتابة قبل أي عمل، وللأداء الذي يتطوَّر باستمرار للمخرج كريم الشناوي، وكذلك لأداء الممثلين الذي جاء متقناً». ورأى أن العمل «سينافس بقوة على لقب الأفضل في الموسم الرمضاني الحالي».

وتعرضت الدراما الرمضانية لانتقادات شتَّى من جمهور على «السوشيال ميديا»، وتطرَّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقضية الدراما مُطالباً صُّناعها بتقديم النماذج التي تعكس المجتمع وتفيد الوعي وتنمِّيه.

من جانبه، وجَّه رئيس الوزراء الجهات المعنية بـ«ضبط الأداء الدرامي»، واتخذت مؤسسات مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، ووزارة الثقافة، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، خطوات لتحقيق هذا الهدف.

وعدّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين «(لام شمسية) يستحق كل الإشادة من الجهات الرسمية، وهو ما فعلته وزيرة التضامن، كما نال إعجاب وإشادة الجمهور ومعظم النقاد الذين يُعدُّونه من أفضل الأعمال في هذا الموسم الرمضاني».

وأضاف سعد الدين لـ«الشرق الأوسط»: «الجيد في العمل أنه طرح قضية التحرش في الأطفال بنعومة، ومن دون فجاجة، ووجَّه رسالة للمجتمع ولكل أسرة لتُحافظ على أطفالها وتحملها وتراقب درجة قرب الآخرين منهم، فهذه المشكلة تحيطها الضبابية، والطفل نفسه حين يتعرض للتحرش يخاف ولا يتحدَّث. وقد عالج المسلسل هذه القضية بقدر كبير من الحرفية». وتابع أن «الدراما تحتاج إلى أعمال كثيرة على هذا النحو، تتناول قضايا (مسكوت عنها) بطريقة فنية حرفية عالية».