توالت هذا الأسبوع الإعلانات عن الأرقام القياسية العالمية لدرجات الحرارة اليومية، استناداً إلى أدوات توفّر بيانات أولية، لكنّ خبراء المناخ يشددون على ضرورة توخي الحذر في البناء عليها، رغم كونها تشكّل تنبيهاً مبكراً إلى موجات من الحر الشديد، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية».
من يُنتج هذه البيانات؟
أنشأت جامعة «مين» في الولايات المتحدة موقع «كلايمت ريأنالايزر» الإلكتروني الذي يتيح رؤية منحنى لمتوسط درجة الحرارة عالمياً لكل يوم من أيام السنة منذ عام 1979.
ووصل هذا المنحنى (الاثنين) 3 يوليو (تموز) إلى أعلى مستوى له عند 17.01 درجة مئوية، ثم جرى تجاوز هذا الرقم (الثلاثاء) مع تسجيل 17.18 درجة مئوية، ثم (الخميس) مع 17.23 درجة مئوية.
وأكد البرنامج الأوروبي لرصد الأرض «كوبرنيكوس» الذي لديه أداة مماثلة، هذه الأرقام التي سُجلت (الاثنين)، ثم الثلاثاء، مع اختلافات بسيطة (16.88 درجة مئوية، و17.03 درجة مئوية).
Developed by Maine state climatologist and assistant professor Sean Birkel, the Climate Reanalyzer is a powerful tool that provides real-time climate data and analysis. Check it out for yourself at https://t.co/jp8IejgK3n
— University of Maine (@UMaine) July 6, 2023
على ماذا تستند؟
وتتولّى أدوات «إعادة التحليل» الإفادة بهذه الأرقام التقديرية، من خلال الجمع بين قياسات درجات الحرارة المرصودة (عبر محطات للأرصاد الجوية وأقمار اصطناعية...)، وتفسيرها عبر نموذج حاسوبي.
وتوفّر كل النماذج المستخدمة تفسيرات عن الاختلافات في الأرقام التي يتم الحصول عليها.
وتستند جامعة «مين» على بيانات عامة من الوكالة الأميركية لرصد المحيطات والغلاف الجوي، إلا أنّ الوكالة التي أقرّت بأن درجات حرارة قياسية كثيرة سُجلت محلياً في جميع أنحاء العالم، نأت بنفسها عن نتائج الجامعة، قائلة إنها لا تستطيع «التحقق من المنهجية أو الاستنتاجات» الخاصة بالجامعة، وإنها تفضل التركيز على الأرقام الشهرية والسنوية.
وفي حديث إلى وكالة «الصحافة الفرنسية»، يقول عالم المناخ في منظمة «بيركلي إيرث» زيك هاوسفاذر، إن توفير «كوبرنيكوس» نتائج مماثلة يظهر أنّ البيانات المنشورة يمكن «التعامل معها بجدية».
وأشار إلى أنّ الأداة الأوروبية المسماة «إي آر أيه 5» (ERA5) يعدها العلماء من أكثر الأدوات التي تنطوي على موثوقية.
لماذا التعامل مع الأرقام القياسية بحذر؟
يؤكّد مطوّر موقع «كلايمت ريأنالايزر» شان بيركل، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أنّ هذه الأرقام هي مجرد تقديرات لا «بيانات رسمية».
ويضيف الباحث في جامعة «مين»: «أعتقد أن التركيز ينبغي أن يكون على الأرقام المُسجّلة سنوياً وشهرياً» والتي يتم التحقق منها بدقة؛ إذ إنّ عمليات تحقق مماثلة غير ممكنة لبيانات تُرصَد في الوقت الفعلي تقريباً بسبب ضيق الوقت.
وأصدر برنامج «كوبرنيكوس» (الخميس) بشكل منفصل تحليله للشهر الماضي، مشيراً إلى أنّ هذا الشهر هو أكثر يونيو (حزيران) حرّاً على الإطلاق. ومن المتوقع أن تُصدر الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تحليلاً شهرياً مماثلاً خلال الأسبوع المقبل.
ويوضح هاوسفاذر أن هذه التقارير تستند «فقط إلى ملاحظات ميدانية كمياتها أكبر بكثير» من تلك التي يتم إدخالها إلى أدوات إعادة التحليل.
وكقاعدة عامة، يفضّل خبراء المناخ التركيز على الاتجاهات والتغيّرات على المدى البعيد، من أجل تبديد الاختلافات المرتبطة بالأحوال الجوية.
كذلك، يعد متوسط درجة الحرارة العالمية معلومات «مجردة» لا تحمل أهمية كبيرة للرأي العام، على قول هاوسفاذر. ويقول: «لا أحد يعيش ضمن المعدل العالمي».
ما منفعة البيانات اليومية؟
يؤكد بيركل أنّ البيانات اليومية تتيح رغم كل شيء «البدء بتحديد ظواهر جوية حادة» يمكن أن «تنطوي على أهمية مناخية».
ويمكن بعد ذلك التحقق من البيانات الأولية المرصودة باستخدام قواعد بيانات أخرى، وإطلاق عملية التحقق من العوامل المسببة للارتفاع في درجات الحرارة.
ويشير عمر بدّور من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في بيان، إلى أنّ «هذه البيانات المؤقتة تمثل دليلاً إضافياً على ما تشهده اتجاهات المناخ العالمي من تحوّلات بسبب التغير المناخي وظاهرة (النينو)».
ويلفت هاوسفاذر إلى أنّ هذه الأرقام هي «مؤشرات على أننا نتجه نحو فترة شديدة الحرّ»، مضيفاً: «بهذه الوتيرة، يزداد احتمال أن يصبح 2023 العام الأكثر حرّاً منذ رصد أول البيانات المرتبطة بدرجات الحرارة عام 1880».