مما لا شك فيه أن الكثير من الحيوانات يعاني من سن البلوغ (سلسلة من التغيرات الهرمونية والفسيولوجية). لكن الباحثين مثل الدكتورة باربرا ناترسون هورويتز أخصائية أمراض القلب عالمة الأحياء التطورية بجامعة كاليفورنيا ولوس أنجليس وجامعة هارفارد، يجادلون بأن معظم الحيوانات، إن لم يكن كلها يمر بفترة المراهقة أيضًا؛ ما تسميها ناترسون «الوحشية»؛ والتي تشمل أيضًا التحولات الاجتماعية لدى الصغار أثناء انتقالها إلى مرحلة البلوغ.
ولفترة طويلة، كان يُعتقد أن المراهقة مقتصرة على البشر «لكن كلما تعمقت أكثر وجدت أن هناك جوانب معينة من المراهقة فريدة من نوعها، وإن تلك الفترة الانتقالية التي تبدأ مع بداية سن البلوغ وتنتهي عند الوصول اليها أمر عام». مضيفة «ربما ليس من المستغرب، في الأنواع الأكثر ارتباطًا بنا، مثل الشمبانزي (Pan troglodytes)، يمكن التعرف على بعض هذه التغييرات»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي.
وفي هذا الاطار، نشر آرون ساندل عالم الأنثروبولوجيا عالم الرئيسيات بجامعة تكساس في أوستن ورقة توضح أن صغار الشمبانزي يعانون من طفرة في النمو تجعلهم خارقين أثناء تكيفهم مع أجسادهم الجديدة. وانه خلال فترة المراهقة، يتعلم طائر القطرس الصغير (Phoebastria immutabilis) سلوكيات التودد المعقدة من خلال مشاهدة البالغين ذوي الخبرة ثم التدرب مع أقرانها.
وتبين ناترسون أنه «في الوقت نفسه، يتعلم هؤلاء الأحداث الاندماج في مجتمع الكبار. فتبدأ بقضاء وقت أقل مع والديها ومزيد من الوقت مع أقرانها، بما في ذلك أفراد الجنس الآخر. كما ان ذكور الشمبانزي الشابة ليست عدوانية خلال هذا الوقت وهي تفضل بدلاً من ذلك توجيهات الشمبانزي البالغة الأكبر سنًا التي تعمل كموجهة فتعلمها الإشارات الاجتماعية... إنها فترة تكون فيها منتبهة حقًا لما سيمنحها المكانة كما أنها مهتمة حقًا بما يعنيه أن تكون بالغًة».
لكن هل تمتد هذه الخصائص إلى ما وراء أقرب أقربائنا؟ في الواقع، قام العلماء بتوثيق أشكال المراهقة عبر المملكة الحيوانية التي تسلط الضوء على مدى شيوع هذه الفترة. فوجدت كريستين ريبيك عالمة بيئة المناظر الطبيعية بجامعة ويسكونسن ماديسون، أن طيور المراعي الصغيرة تقاوم النوم للحصول على دودة وتنام بدلاً من ذلك في وقت متأخر من اليوم حيث تنتظر الطعام من والديها لأطول فترة ممكنة حتى ان بعض الفراخ لا تكتفي ذاتيا.
كما لاحظ باحثون آخرون أنه في السنوات الصعبة، تعود طيور البطريق Gentoo (Pygoscelis papua) الشابة إلى والديها للحصول على المساعدة وسط قلة الطعام.
وفي هذا الاطار، أظهرت التجارب على الحيوانات أيضًا كيف يصبح الأحداث أكثر تحملاً للمخاطر. فالفئران الصغيرة التي تمت تربيتها على نفس النظام الغذائي المغذي الذي ستختاره أمهاتها عمدًا تناولت أطعمة أقل طعمًا، أو حتى تلك التي تسبب لها المرض، لتتناسب مع مجموعة من الأقران.