الملك تشارلز... 73 عاماً من الأناقة البريطانية

الملك تشارلز... 73 عاماً من الأناقة البريطانية
TT

الملك تشارلز... 73 عاماً من الأناقة البريطانية

الملك تشارلز... 73 عاماً من الأناقة البريطانية

اليوم وبعد انتظار طويل، سيُتوج تشارلز الثالث ملكاً على بريطانيا. سبعة عقود تقريباً وهو ينتظر هذا اليوم. وأخيراً أتى. مُثقلاً بالجدل والخلافات، وأيضاً اختلاف الآراء حوله، باستثناء أناقته التي لا يختلف عليها اثنان، ويطبعها أسلوب بريطاني، يعتمد فيه على البدلة الرسمية التي ابتكرها أول مرة ملك بريطاني آخر يحمل اسمه هو تشارلز الثاني.

كما يحرص فيها على كل ما هو مصنوع بحرفية عالية ومتجذر في التاريخ. فهو مثلاً يحرص على التعامل مع بيوت أزياء وإكسسوارات لا يُغيّرها مهما تغيرت الموضة وأهواؤها. عكس والدته الراحلة، الملكة إليزابيث الثانية التي كانت تميل إلى الألوان الصارخة والتفاصيل الغريبة، هو محافظ من هذه الناحية يعانق رسميته بشجاعة وأناقة. كل من يتعامل معهم من شركات وحرفيين تعود بداياتهم إلى القرن الثامن عشر، مثل «أندرسن آند شيبرد» و«كامبلز أوف بيوتي» اللتين يشتري منهما بدلاته الرسمية. الأخيرة مثلاً يعود تاريخها إلى 1858، بينما يعود تاريخ «تيرنبول آند آسر» التي تصنع قمصانه إلى 1885، و«كروكيت آند جونز» المتخصصة في الأحذية لعام 1879، وغيرها من الشركات والحرفيين الذين تعامل بعضهم مع الملكة فيكتوريا نفسها.

السبب ليس حنينه للماضي بقدر ما هو تقدير لكل ما له تاريخ وجذور. فقلما يظهر بأزياء عالمية، لأنه من جهة متحمس وداعم لكل ما «صنع في بريطانيا»، ومن جهة ثانية لأنه لا يؤمن بالموضة الموسمية وما تعنيه من تغيير وتبذير. كل قطعة بالنسبة له يجب أن تدوم طويلاً تماشياً مع فلسفته في الحياة بحماية البيئة والدفع بمفهوم الاستدامة. من الإطلالات النادرة جداً التي ظهر فيها بقطعة من دار أزياء عالمية كانت «كنزة» من دار «هيرميس» الفرنسية في مناسبة بولو. معروف عنه أيضاً اهتمامه بالتفاصيل، وهو ما يظهر جلياً في إكسسواراته، سواء كانت منديل جيب من الحرير يزين بدلة رسمية، أو أزرار أكمام لا يكف عن اللعب بها. البعض يُفسر هذه الحركة بأنها تعكس توتره وعصبيته، والمقربون منه يفسرونها بأنها للتأكد من أن كل شيء في مكانه الصحيح. وغالباً ما يكون كذلك، لأن الصورة التي يعكسها دائماً متكاملة من حيث التصميم وتناسق الألوان والإكسسوارات.

لا يتقيد بإملاءات الموضة

وفاؤه لأسلوب لا يحيد عنه سوى في المناسبات الرياضية أو في الإجازات، مثار إعجاب صناع الموضة. خياطو «سافيل رو» مثلاً يعدونه أيقونتهم ومُنقذهم في الوقت ذاته. فقد تعرضوا في فترة من الفترات لهجمة قوية من قبل بيوت أزياء عالمية سحبت منهم شرائح الشباب، وكادت أن تصيب البدلة الرسمية وإكسسواراتها في مقتل. جيريمي هاكيت، من شركة «هاكيت»، يشير إلى هذا الأمر قائلاً: «الرائع في تشارلز هو طريقته في ارتداء البدلة وتنسيق تفاصيلها. لا يتقيد بإملاءات الموضة، ومع ذلك يبدو مواكباً لها ومُرتقياً بها. فحتى عندما خاصمت الأغلبية البدلة الرسمية ظل هو وفياً لها في حركة شجاعة ساعدت إلى إنعاشها». يوافقه جون هاريسون، المصمم الفني في شركة «جيفس آند هوكس» الرأي، مضيفاً: «الملك تشارلز كان دائماً مُلهماً. فذوقه أكثر من رائع. رغم أنه لا يتغير ورسمي، ببدلته وربطة العنق ومنديل الجيب، فإنه يبدو فيها مرتاحاً ومتصالحاً مع أسلوبه، وهو ما لا يمكن أن يقال عن غيره من الشخصيات». وإذا كان هذا رأي خياطي «سافيل رو»، فإنه كان أيضاً رأي مجلة «جي كيو» التي رشحته أكثر الرجال أناقة لعام 2009. لتأتي بعدها مجلة «فوغ» وتنشر حواراً أجراه معه رئيس تحريرها، إدوارد إيننفيلد، عبّر فيه هذا الأخير عن مدى إعجابه بأسلوبه. تفاجأ الأمير تشارلز من هذا التصريح، ورد عليه مازحاً: «يُسعدني ذلك، فقد ظننت أني مثل ساعة توقفت عن العمل». وتابع: «أسلوبي يعود للموضة كل 25 عاماً». قول يُمكن اعتباره تواضعاً لأنه مؤثر وعنوان الأناقة البريطانية في أرقى حالاتها.

علاقته مع الحرفيين...

وفاء وأختام ملكية

اهتمامه بالحرفية والاستدامة جعله يحرص على التعامل مع عدد قليل من الخياطين والحرفيين البريطانيين يثق في قدراتهم. أغلبهم حاصل على الختم الملكي أو ختمه الخاص عندما كان أميراً.

- إلى جانب «أندرسون آند شيبورد» التي يختار بدلاته المفصلة منها، وتتميز تصاميمها بسترات مزدوجة وياقات واسعة مريحة، يقتني تشارلز الثالث بدلاته أيضاً من «كامبلز أوف بيوتي» التي يعود تاريخها إلى 1858، و«جونستونز أوف إيلغن» كلما أراد قطعة من التويد، و«كينلوش أندرسون» لتنوراته الأسكوتلندية (الكيلت)، و«جيفز آند هوكس» الذي حصل على الختم الملكي في 1809.

- منح الأمير ختمه للعديد من الشركات المتخصصة بالأحذية، مثل «كروكيت آند جونز» و«بانسن آند كليغ» و«تريكز» أقدم صانع أحذية في بريطانيا. لكن تبقى «كروكيت آند جونز» المفضلة لديه، وهي شركة تأسست في عام 1879. في عام 2013 قام بزيارة لمصنعها الواقع في نورثهامبتون لدعم صورتها وتأكيده على مباركته لها، علماً بأنه عُرف عنه إعجابه بشركة «جون لوب» أيضاً.

- لنزهاته الريفية، يختار ملابسه من «باربر» التي تأسست في عام 1894 ومنحها ختمه الخاص في عام 1987. تتخصص في ملابس مناسبة للهواء الطلق تناسب الطقس البريطاني المتقلب، كما تقي من المطر باستعمالها طبقة شمعية خاصة على السترات.

- القبعات من الإكسسوارات المهمة في المناسبات البريطانية. وهذه أيضاً حصلت على ختمه، مثل «لوك آند كو هاترز» التي يعود تأسيسها إلى عام 1676. تاريخ يجعلها بمثابة مؤسسة بريطانية قائمة بذاتها، إذ أنها ابتكرت عدة تصاميم أصبحت من الكلاسيكيات مثل قبعة «بيكورن» التي ارتداها لورد ويلسون في معركة ترافلغر، وقبعة «هومبورغ» التي كان يفضلها وينستون تشرشل، وقبعة «فيدورا» التي يفضلها أوسكار وايلد. الملك الحالي في المقابل يشتري منها إلى جانب قبعة «البولر»: «الكاب» الذي يُصنع غالباً من كشمير التويد الأسكوتلندي ويستعمله في نزهاته الريفية.

وفاؤه لأسلوب لا يحيذ عنه سوى في المناسبات الرياضية أو في الإجازات (إ.ب.أ)

- بينما يشتري أغلب قمصانه من «تورنبول آند آسر» الشركة التي تأسست في عام 1885، وحصلت على الختم الملكي في عام 1981، فإنه يُفضل شركة «جون سميدلي» للقطع الصوفية. يعود تاريخها إلى 1784 وتعاملت مع العائلة المالكة لقرون، لكنها مع تشارلز الثالث تتقاسم الكثير من القيم، على رأسها مفهوم الاستدامة واستعمال خامات وطرق تراعي البيئة. فهي تستعمل الصوف العضوي فقط ما جعلها تحصل على ختمه في عام 2013.

- أما إذا رأيته يوماً يستعمل قفازات من الجلد، فهي حتماً من شركة «دانتس» التي تأسست في عام 1777، وتعاملت مع الملك جورج الخامس، كما مع الملكة فيكتوريا والعديد من أفراد العائلة الملكية البريطانية. في عام 2016 منحها الأمير تشارلز (آنذاك) الختم الملكي.


مقالات ذات صلة

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

أوروبا الأمير أندرو (رويترز)

الأمير أندرو يعود إلى الواجهة... شخص مقرّب منه يشتبه في تجسسه لصالح الصين

تصدّر الأمير أندرو الذي استُبعد من المشهد العام عناوين الأخبار في وسائل الإعلام البريطانية أمس (الجمعة)، على خلفية قربه من رجل أعمال متهم بالتجسس لصالح الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية (رويترز)

الملكة إليزابيث كانت تعتقد أن كل إسرائيلي «إما إرهابي أو ابن إرهابي»

كشف الرئيس الإسرائيلي السابق، رؤوفين ريفلين، عن توتر العلاقات التي جمعت إسرائيل بالملكة إليزابيث الثانية خلال فترة حكمها الطويلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب يلتقي الأمير وليام في غرفة الصالون الأصفر بمقر إقامة سفراء المملكة المتحدة في باريس (أ.ف.ب)

ترمب: الأمير ويليام أبلغني أن الملك تشارلز «يكافح بشدة» بعد إصابته بالسرطان

صرّح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأن محادثات جرت مؤخراً مع وليام، أمير ويلز، ألقت الضوء مجدداً على صحة الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق وصول الملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا لاستقبال السلك الدبلوماسي في القصر (أ.ب)

هاري يخيب آمال تشارلز بتصريحاته عن طفليه

تحدث الأمير هاري عن تجربته في تربية طفليه، آرتشي وليلبيت، مع زوجته ميغان ماركل في الولايات المتحدة، ما يبدو أنه خيَّب آمال والده، الملك تشارلز الثالث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

الأمير هاري يسخر من إشاعات الطلاق

سخر الأمير هاري، دوق أوف ساسكس، من الإشاعات المتكررة حول حياته الشخصية وزواجه من ميغان ماركل. جاء ذلك خلال مشاركته في قمة «DealBook» السنوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)

أظهرت طريقة فحص جديدة تجمع بين التحليل بالليزر والذكاء الاصطناعي إمكانية التعرف على أولى علامات الإصابة بسرطان الثدي؛ ما قد يُسهم في تحديد الإصابة في مرحلة مبكرة جداً من المرض.

وتكشف التقنية غير الجراحية التي طوّرها فريقٌ من الباحثين من جامعة إدنبرة بالتعاون مع عددٍ من باحثي الجامعات الآيرلندية، عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من المرض، التي لا يمكن اكتشافها بالاختبارات الحالية، وفق الفريق البحثي.

وقال الدكتور آندي داونز، من كلية الهندسة في جامعة إدنبرة، الذي قاد الدراسة: «تحدث معظم الوفيات الناجمة عن السرطان بعد تشخيصٍ متأخرٍ بعد ظهور الأعراض، لذلك يمكن لاختبارٍ جديدٍ لأنواع متعدّدة من السرطان أن يكتشف هذه الحالات في مرحلة يُمكن علاجها بسهولة أكبر».

وأضاف في بيان، الجمعة، أن «التشخيص المبكّر هو مفتاح البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، وأخيراً لدينا التكنولوجيا المطلوبة. نحتاج فقط إلى تطبيقها على أنواع أخرى من السرطان وبناءِ قاعدة بيانات، قبل أن يمكن استخدامها بوصفها اختباراً لكثيرٍ من الأورام».

ويقول الباحثون إن طريقتهم الجديدة تُعدّ الأولى من نوعها، ويمكن أن تحسّن الكشف المبكر عن المرض ومراقبته وتمهد الطريق لاختبار فحص لأشكال أخرى من السرطان.

نتائجُ الدراسة التي نشرتها مجلة «بيوفوتونيكس» اعتمدت على توفير عيّنات الدم المستخدمة في الدراسة من قِبَل «بنك آيرلندا الشمالية للأنسجة» و«بنك برِيست كانسر ناو للأنسجة».

ويُمكن أن تشمل الاختبارات القياسية لسرطان الثدي الفحص البدني أو الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو تحليل عينة من أنسجة الثدي، المعروفة باسم الخزعة.

وتعتمد استراتيجيات الكشف المبكّر الحالية على فحص الأشخاص بناءً على أعمارهم أو ما إذا كانوا في مجموعات معرّضة للخطر.

باستخدام الطريقة الجديدة، تمكّن الباحثون من اكتشاف سرطان الثدي في أقرب مرحلة ممكنة من خلال تحسين تقنية التحليل بالليزر، المعروفة باسم مطيافية «رامان»، ودمجها مع تقنيات التعلّم الآلي، وهو شكلٌ من أشكال الذكاء الاصطناعي.

وقد جُرّبت طرق مماثلة لفحص أنواع أخرى من السرطان، ولكن أقرب وقت يمكن أن يُكتشف فيه المرض كان في المرحلة الثانية، كما يقول الباحثون.

وتعمل التقنية الجديدة عن طريق تسليط شعاع الليزر أولاً على بلازما الدم المأخوذة من المرضى. ومن ثَمّ تُحلّل خصائص الضوء بعد تفاعله مع الدم باستخدام جهازٍ يُسمّى مطياف «رامان» للكشف عن تغييرات طفيفة في التركيب الكيميائي للخلايا والأنسجة، التي تُعدّ مؤشرات مبكّرة للمرض. وتُستخدم بعد ذلك خوارزمية التعلم الآلي لتفسير النتائج، وتحديد السمات المتشابهة والمساعدة في تصنيف العينات.

في الدراسة التجريبية التي شملت 12 عينة من مرضى سرطان الثدي و12 فرداً آخرين ضمن المجموعة الضابطة، كانت التقنية فعّالة بنسبة 98 في المائة في تحديد سرطان الثدي في مرحلة مبكرة جداً من مراحل الإصابة به.

ويقول الباحثون إن الاختبار يمكن أن يميّز أيضاً بين كلّ من الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسة لسرطان الثدي بدقة تزيد على 90 في المائة، مما قد يُمكّن المرضى من تلقي علاج أكثر فاعلية وأكثر شخصية، بما يُناسب ظروف كل مريض على حدة.