«نيكوس» نكهة الدجاج البرتغالي في مصر

يُطهى على حطب أشجار البرتقال

يتم تسوية الدجاج بتتبيلة برتغالية على حطب أشجار البرتقال في نيكوس (الشرق الأوسط)
يتم تسوية الدجاج بتتبيلة برتغالية على حطب أشجار البرتقال في نيكوس (الشرق الأوسط)
TT

«نيكوس» نكهة الدجاج البرتغالي في مصر

يتم تسوية الدجاج بتتبيلة برتغالية على حطب أشجار البرتقال في نيكوس (الشرق الأوسط)
يتم تسوية الدجاج بتتبيلة برتغالية على حطب أشجار البرتقال في نيكوس (الشرق الأوسط)

حين بدأ رجل الأعمال المصري أحمد توفيق التخطيط لإطلاق سلسلة مطاعم تحمل مفهوماً مختلفاً بالنسبة للمصريين رأى في المطبخ البرتغالي التقليدي الخيار المثالي، الذي يستلهم منه الأطباق التي سيقدمها لزبائنه.

داخل المطعم الذي يحمل اسم نيكوس NICOS تستطيع أن تستمتع بالنكهات والنباتات العطرية البرتغالية المختلفة من خلال تناول الدجاج الذي يتم شويه على حطب أشجار البرتقال أمامك، كما يقدم في أجواء مريحة للغاية قائمة أطباقه الواسعة، حيث يوفر أنواعاً مختلفة لما تحمله لائحة المطاعم المصرية المعتادة، فبالإضافة إلى الدجاج على الطريقة البرتغالية تشمل القائمة أيضاً تشكيلة من الأرز والسلطات والحساء والبرغر والشطائر والباستا ومجموعة من الأطباق النباتية، ورغم أن الطابع الأساسي والعام له هو الطعام الصحي فإنه يلبي أيضاً رغبات الأفراد الذين يتطلعون إلى تجربة طعام دسمة.

السلطات تحتل مساحة كبيرة في منيو المطعم (الشرق الأوسط)

«يأخذ المطبخ البرتغالي عن موطنه تأثيرات الطبيعة الساحرة حيث الروائح والنكهات والألوان التي لا نهاية لها، إنه بحق مطبخ ينبض بثراء المكونات والتوابل والأعشاب الطازجة»، بحسب وصف توفيق، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «عندما فكرت في إقامة مشروع خاص اتجهت إلى مجال المطاعم، وكانت الفكرة الأولى هي (تشيكن فرايد) باعتبار أنه يجتذب الكثيرين، لكن حين قرأت عنه اكتشفت الأضرار البالغة لهذا النوع من الطعام على وجه الخصوص بسبب الزيوت وطريقة الطهي».

الخضروات المشوية بالأعشاب مع الدجاج المدخن (الشرق الأوسط)

ودفعت هذه الأضرار توفيق إلى الاتجاه إلى طعام مفيد وصحي؛ وتطورت الفكرة إلى أن وصلت إلى الاستلهام من أحد المطاعم البرتغالية فكرة الدجاج المشوي على الحطب.

يقوم المفهوم الرئيسي للمطعم على تقديم الدجاج المشوي المدخن بالتتبيلة البرتغالية، والذي تتم تسويته لمدة نحو 4 ساعات على حطب شجر البرتقال، وهي وفق وصف توفيق «طريقة صحية للغاية؛ لاعتمادها على مكونات ذات قيمة غذائية مرتفعة مثل الفلفل الألوان، وبعض الأعشاب التي من شأنها أن تكسبه مزيداً من الفائدة والمذاق الغني، كما أنها تعمل على تحسين الهضم والمزاج؛ مما يساهم في تغيير الرؤية الخاطئة لدى البعض تجاه الأكل الصحي، من حيث إنه غير لذيذ أو تنعدم فيه النكهة القوية التي لا تقاوم».

ومما يساهم في جعل الأطباق التي نقدمها صحية للغاية كذلك؛ هو أنه يتم الاعتماد على الدجاج؛ لأن الدجاج العادي ترتفع فيه نسبة الدهون وتغذيتها ليست جيدة، فضلاً عن أنه بالنسبة للتوصيل يتم استخدام علب «فيرست هاند»، أي لم تخضع لإعادة التدوير؛ وحرصت على ذلك لأنها لا تتفاعل مع الطعام؛ ومن ثم تكون صحية للغاية.

يقدم مجموعة متنوعة من السلطات بمكونات ذات قيمة غذائية مرتفعة (الشرق الأوسط)

ويتم شوي الدجاج على حطب الشجر؛ وليس الفحم كما هو سائد في معظم المطاعم؛ ذلك لأن الحطب يخرج الزيوت الطبيعية. وفق صاحب المطعم.

وعن سبب اختياره حطب شجر البرتقال على وجه التحديد؛ فيبرر ذلك قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لأنه الأكثر فاعلية في إظهار نكهة مميزة للدجاج، فإذا كان الزيتون وثيق الصلة باللحوم، فإن البرتقال هو الأكثر تماشياً وتناغماً مع الدجاج، والدليل على ذلك تنوع الوصفات التي تعتمد على إضافة البرتقال إلى تتبيلة الدجاج».

دجاج بصوص الليمون من نيكوس (الشرق الأوسط)

مشدداً على أن ذلك «لا يمثل أي مساس بالبيئة؛ لأننا نعتمد على نتاج تقليم أشجار البرتقال في الحقول المصرية، الذي يأخذه التجار في الغالب لاستخدامه في صنع الفحم، وبدلاً من ذلك نستخدمه في أمر مفيد».

قائمة طويلة من الطعام يمكنك الاختيار من بينها في «نيكوس» تستمتع خلالها بالمذاق البرتغالي المفعم باللمسات المصرية، وأحياناً العالمية، ومن ذلك أطباق الدجاج بصلصة الليمون وصوص الكاري، وستيك لحم النعام، وبيف ستروغانوف وكفتة نيكوس المشوية، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الباستا مثل سباغيتي بولونيز وسباغيتي مع كرات اللحم «ميت بولز» وباستا ألفريدو.

تشيك تشيكن ( صدور الدجاج المحشية موتزريلا ومشروم) (الشرق الأوسط)

كما تضم أطباقاً جانبية، ومنها خضراوات مشوية بالأعشاب وسبانخ بالدجاج والأعشاب ومقبلات مثل «سموكد سبرينغ رولز» و«تشيلي تشيز فرايز»، و«سموكد تشيكن بوتاتو»، أما السلطات فتكتشف مذاقات متنوعة مثل «روكا سالاد» مع الفراولة وعين الجمل والمشروم وخل البالسامك، وسموكد تشيكن أفوكادو بالدجاج والأفوكادو والخيار والطماطم وبنجر بالبرتقال والسويت كورن والخس، وأما «نيكوس فروت آند تشيكن» فتتكون من الخس والتفاح والكيوي والدجاج وجبن «الروكفور» وهناك أيضاً سلطة الكينوا بالرمان والنعناع والبصل الأخضر والخس.

أطباق متنوعة ترضي مختلف الأذواق (الشرق الأوسط)

ويوجد للمطعم فرعان أحدهما في منطقة الرحاب والأخرى في الشروق (شرق القاهرة) ويستعد توفيق لافتتاح مزيد من الفروع في أنحاء مختلفة بمصر: «لم يكن لي أي خبرة في الطهي أو مجال إدارة المطاعم، لكن أدت الدراسة المتعمقة والجادة المسبقة للمشروع إلى نجاحه».

ويرى توفيق أنه استفاد من خبرته في العمل مديراً للتخطيط في أحد المصانع الكبرى بمصر: «تأكدت أن التخلص من المخاوف والاعتقادات المسبقة ضروري للنجاح».

ويوضح: «كان هناك تخوف من عدم إقبال المصريين على الغذاء الصحي بتكلفته المرتفعة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية، إلا أن العكس تماماً هو ما اكتشفته، فقد أصبح هناك وعي لديهم وثقافة تجاه هذا النوع من الطعام».


مقالات ذات صلة

«ييفو» مطعم يعتمد على مبدأ «من المزرعة إلى الطاولة»

مذاقات منظر رائع لغروب الشمس من شرفة «ييفو» ميكونوس (الشرق الأوسط)

«ييفو» مطعم يعتمد على مبدأ «من المزرعة إلى الطاولة»

ميكونوس جزيرة يونانية حفرت لنفسها مكاناً على خريطة السياحة من خلال الطعام والمطابخ المتوفرة فيها. فهي تضم المطاعم العالمية التي تجدها في عواصم، مثل لندن وباريس.

جوسلين إيليا (ميكونوس)
مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات «آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

«آر إتش» عنوان يمزج بين الأكل والأثاث في حضن الريف الإنجليزي

سحر الريف الإنجليزي لا يقاوم، وذلك بشهادة كل من زار القرى الجميلة في إنجلترا. قد لا تكون بريطانيا شهيرة بمطبخها ولكنها غنية بالمطاعم العالمية فيها

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات طبق الكشري المصري (شاترستوك)

مبارزة «سوشيالية» على لقب أفضل طبق كشري في مصر

يبدو أن انتشار وشهرة محلات الكشري المصرية، وافتتاح فروع لها في دول عربية، زادا حدة التنافس بينها على لقب «أفضل طبق كشري».

محمد الكفراوي (القاهرة )
مذاقات مطعم "مافرو" المطل على البحر والبقايا البركانية (الشرق الاوسط)

«مافرو»... رسالة حب إلى جمال المناظر الطبيعية البركانية في سانتوريني

توجد في جزيرة سانتوريني اليونانية عناوين لا تُحصى ولا تُعدّ من المطاعم اليونانية، ولكن هناك مطعم لا يشبه غيره

جوسلين إيليا (سانتوريني- اليونان)

«Badguèr» يُرفق الأطباق بأنشطة ثقافية تُحيي التقاليد

أيدي الأرمنيات تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه (صور أربي منكاساريان)
أيدي الأرمنيات تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه (صور أربي منكاساريان)
TT

«Badguèr» يُرفق الأطباق بأنشطة ثقافية تُحيي التقاليد

أيدي الأرمنيات تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه (صور أربي منكاساريان)
أيدي الأرمنيات تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه (صور أربي منكاساريان)

تُكثِر المهندسة المعمارية، أربي منكاساريان، سرد حكايات الماضي لسبب قد لا يفهمه مَن يظنّ أنه يقصد مطعمها «Badguèr» في منطقة برج حمّود، مدينة الأرمن في لبنان، لمجرّد تناوُل الطعام. الآتي، سيسمع. لا بدّ أن يلمح في عينَي الأرمنيات المنكبّات على إعداد الأطباق، بريقاً على شكل مرايا تعكس الصور. جميعهنّ لا يعددن الأكل لملء البطون، بل لإحياء الإرث والتباهي به. الأكل تذكيرٌ بأنّ النجاة تشكّل تمريناً على الحبّ، وإن عذَّبت أحمال الذاكرة وأثقلت المسار.

أبعد من مجرّد تناوُل طعام (صور أربي منكاساريان)

يتجاوز المطعم التذوُّق إلى مُراكمة التجربة. مبناه من طبقتين: الأرضية تفترشها الطاولات والكراسي، وفي أرجائها يُلمح انهماك النساء الأرمنيات من أجل تحضير القوائم اللذيذة. وفي الطبقة الأولى، مساحة ثقافية تشكّل متنفّساً لحرفيين وفنانين لعرض ما يُنجزون. تقول أربي منكاساريان لـ«الشرق الأوسط» إنّ المشهد بأسره يمثّل الحاجة إلى نشر الحبّ. فما تبتكره الأنامل من أحذية، وحقائب، ومجوهرات، وسائر الحِرف التي يشتهر بها الأرمن ويُجيدونها، مردُّه شغف التميُّز والإبقاء على الإحساس بجدوى الحياة. تلك الحياة المسلوبة من أسلافهم، فقرّروا مَنْحها بعظمة الحبّ على هزيمة الموت.

من اليمين... أربي منكاساريان وضيوف المطعم (حسابها الشخصي)

كبُرت أربي منكاساريان وهي تسمع الحكايات وتمتلئ بها. وبين القصة والأخرى، تحدُث استراحة مع الرقص والموسيقى. فالمكان حيث نشأت وأقامت ألِفَ النغمات وأحبَّها وجعلها بعض عاداته. «تهجَّر الأرمن، وتهجَّر معهم تاريخهم وثقافتهم. منذ الطفولة وأنا أتأمّل هذه المعادلة. سمعتُ ورأيتُ، ونشأتُ على وَقْع السرد. حفظتُ الحكايات وسجَّلتها ذاكرتي. رسّختُها لرفضي النسيان».

وُلد المطعم عام 2010 من دون تخطيط مسبق، ليصبح جامع الناس على الأكل الأرمني. اشترت منكاساريان عقاراً صدَفَ أنه عُرض للبيع، أملاً في إيجاد مساحة لهو لوالدها التسعيني المولع بلعب الطاولة واللَّمة مع الأصدقاء. ثم وجد المكان نفسه يتحوّل إلى مساحة حكواتية. كل طبق يُخبر قصة. وكل يد تجبل الإرث الغذائي بشغف السعي إلى صونه والتعريف به. تقول المؤسِّسة إنّ الوافدين إليها بغالبيتهم أرمن، لكنّ ذلك لا يمنع الآخرين من تذوُّق ما هو أبعد من طعم. إنها مشاركة التجربة والنبش في الذاكرة. «حتى غير الأرمن تلفحهم رائحة التراث، ويكرّرون الزيارة. يجدون في المكان حكاية أجيال تجترح الإرادة من الاضطهاد والإصرار من الإبادة. ما تُقدّمه مُعدَّات الطعام ليس شكله وطعمه فحسب، بل الأهم روح أرمينيا».

يتجاوز المطعم التذوُّق إلى مُراكمة التجربة (صور أربي منكاساريان)

تروي تاريخ أسلافها، وتُبحر في التفاصيل. عن الأم المثقفة والجدّات مُتكبّدات المرارة. وعن الأحياء والناجين رغم قسوة ما حصل. الذاكرة مُحمَّلة بما قد يزن جبلاً. بمَن أُرغموا على ترك الأحبّة في منتصف الطريق نحو النجاة، ووجدوا أنّ الالتفات إلى الخلف مُكلف، وقد يدفعون ثمنه حيواتهم، فأكملوا السير. تتحدّث وتتحدّث وتتحدّث. تبدو كمَن يُقلّب صفحات كتاب. وكمَن يسرح أمام فيلم يُخبر الحكاية من البداية.

الأطباق بمثابة حكواتي ينتظر مَن يجتمع حوله ليحدُث البوح. «المائدة أرمنية، وعلى الإرث أن يبقى حياً». خلاصة حكايات أربي منكاساريان تصبح على هذا النحو: «خسرنا الأرواح والفرص والأرض. بعض أفراد العائلة لم يتعرّفوا إلى بعضهم الآخر. فرّقتهم السنوات. طعم المرارة الإنسانية جرّاء الحروب والانفصال والموت، يعلَقُ في الحناجر. حين تتعاظم الخسائر ينمو الحبّ. مَن رحلوا علّمونا الحبّ الكبير».

الطعام لإحياء الإرث والتباهي به (صور أربي منكاساريان)

هذه فلسفة «Badguèr» (يعني باللغة الأرمنية «صورة»)، وروحه المتداخلة بروائح البهار والوصفة الخاصة. «كما أحبّونا ورحلوا، نريد للحبّ أن يبقى. جعلونا نحبّ الأرض والموسيقى والفن والثقافة. لذا انقسم المكان إلى مساحة لحفظ الإرث الغذائي، وأخرى لحفظ الإرث الثقافي والحِرفي. جميع مَن أعمل معهم لديهم حكاية. أمي وعائلتها، وأبي وعائلته، وأنا».

مساحة ثقافية تشكّل متنفّساً لحرفيين وفنانين (صور أربي منكاساريان)

راقبت الأرمن وهم يحوّلون العادي إلى ابتكار. والدها رسام، عمل في سكة الحديد قبل التقاعُد. ووالدتها مولعة بالفنون. «من المهارات التي نشأتُ عليها، أردتُ جزءاً من المكان أن يتحوّل إلى فضاء للإبداع». مع الأكل، تُقام حفلات موسيقية وأنشطة ثقافية واجتماعية: «بالموسيقى نُحيي الحبّ العظيم. وبكل حقيبة أو قطعة مجوهرات أو حذاء يُصنَع. حفظُ الإرث الأرمني الغذائي والحِرفي هو ما يُبقي المطعم حياً طوال هذه السنوات».

المشهد بأسره يمثّل الحاجة إلى نشر الحبّ (صور أربي منكاساريان)

تنظر في عيون الآتين من أجل ذلك البريق الذي أمضت العمر تبحث عنه وتتوق إلى إيجاده وسط كل ما فُقِد: «أسمّيها الحرارة، وأراقب الوجوه من أجل أن أحظى بها. خليط ثقافتي الأرمنية وعلاقتي الفريدة بلبنان يمنحان الحبّ في داخلي قيمته. أحتكُّ بالإنسان لأتبادل معه مكنوناتي. الأرواح التي خسرناها علّمتنا أن نستعيدها في كل طبق، ومقطوعة تُعزَف، وصوت يغنّي، ويد حِرفيّ أرمنيّ تحوّل المادة إلى مهارة».