أسبوع الموضة في باريس… بدايات مثيرة لبيوت أزياء كبيرة

من عرض غابرييلا هيرست لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
من عرض غابرييلا هيرست لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
TT

أسبوع الموضة في باريس… بدايات مثيرة لبيوت أزياء كبيرة

من عرض غابرييلا هيرست لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
من عرض غابرييلا هيرست لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

هناك الكثير مما يجعل أسبوع باريس لربيع وصيف 2026 مختلفاً ومتميزاً هذا الموسم. ففي الوقت الذي اختتم فيه أسبوع ميلانو فعالياته يوم الخميس الماضي، حاملات نهايات بارزة، بدءاً من آخر عرض أشرف عليه جورجيو أرماني قبل رحيله، إلى تنحي سيلفيا فندي عن دورها مصممةً إبداعيةً بعد عقود من العمل في الدار التي أسستها جدتها في بداية القرن الماضي، بدا أسبوع باريس وكأنه يُعلن عن بدايات جديدة.

جوناثان أندرسون نجح في مزج إرث دار «ديور» بلمساته الخاصة (أ.ف.ب)

برنامج حافل

بمشاركة أكثر من 110 دور أزياء و74 عرضاً مُجدولاً حتى 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يعكس موسم ربيع وصيف 2026 فترة انتقالات غير مسبوقة للمديرين الفنيين في دور أزياء مهمة، مثل «شانيل» و«ديور» و«لويفي» وغيرها. سيقدم كل واحد من المصممين الجدد رؤيته الخاصة، مشكّلاً بذلك صورة ستبقى معنى لسنوات طويلة مقبلة. إلى جانب الإثارة والحماس اللذين تلمسانهما في الأسبوع الباريسي، فإن هذه التنقلات، أو بالأحرى البدايات، هي أكثر ما يحتاج إليه هذا القطاع منذ فترة، لتعيد صناعة الموضة ابتكار نفسها وتعزيز نمو شهد تباطؤاً مقلقاً في ظل التحديات الاقتصادية والتجارية الأخيرة.

ماتيو بلازي

من بين هؤلاء نذكر المصمم البلجيكي ماتيو بلازي، الذي سيقدم أول عرض له في دار «شانيل». للعلم، فإن بلازي ليس جديداً على الساحة، حيث سبق له العمل في دار «بوتيغا فينيتا» التابعة لمجموعة «كيرينغ»، وحقق فيها نجاحات لفتت الانتباه إليه بصفته مبدعاً يفهم متطلبات السوق. ومع ذلك، فإن مهمته لن تكون سهلة في دار «شانيل» نظراً لإرثها الغني أولاً، ولكونها لا تزال تحت تأثير المصمم الراحل كارل لاغرفيلد ثانياً. فهذا الأخير أدارها على مدى ثلاثة عقود وشكَّل صورتها بشكل تغلغل في الوجدان وأصبح من الخيال الجماعي. رغم أنه توفي في عام 2019، فإن حضوره لا يزال ملموساً في الكثير من الجوانب. هذا الأمر يضع أي مصمم يأتي من بعده في مقارنات صعبة. حتى المصممة فيرجيني فيار، التي كانت ذراعه اليمنى لأكثر من 25 عاماً، لم تنجح في مهمتها خليفةً له؛ ما أدى إلى مغادرتها الدار في عام 2024.

لكن بلازي مختلف حسب المتابعين؛ نظراً لخبرته الطويلة والمتنوعة. فقد سبق له العمل في دار «مارتن مارجيلا» التي تشرّب فيها الأسلوب التجريبي. ثم عمل في دار «بوتيغا فينيتا» المعروفة بحرفيتها الإيطالية وتقنياتها الفريدة في نسج الجلود يدوياً. نجح في بيع هذه التقنية من خلال حقائب بأحجام صغيرة وألوان متوهجة، مثل الأخضر الذي أصبح مرادفاً للدار.

جوناثان أندرسون

كان عرض «ديور» شاملاً يخاطب كل الأذواق وفي الوقت ذاته يُرضي ذوق المصمم جوناثان أندرسون (أ.ف.ب)

«التغيير حقيقة لا مفرّ منها» هذا ما كتبته دار «ديور» في بيانها الصحافي، وما جسَّده جوناثان أندرسون، مصممها الجديد، الذي التحق بها بعد خروج الإيطالية ماريا غراتزيا كيوري، في تشكيلته لربيع وصيف 2026. كان عرضاً ترقَّبه الجميع بلهفة، ولم يخيّب فيه الآمال؛ إذ حقق المعادلة في مزج إرث الدار وجيناتها ببصمته الخاصة.

كان واضحاً أنه فهم لغة Dior سريعاً. «لغة تجمع بين الألفة والدهشة وتعِد بالحلم الكبير بتحويل تفاصيل الحياة اليومية عالماً خيالياً رحباً»، وفق الدار، مضيفة أن ما قدمه مصممها كان «حواراً حيّاً بين الماضي والحاضر، بين الجرأة والسكينة، بين الفخامة والبساطة».

نجح المصمم أن يخلق حواراً شيقاً بين الماضي والحاضر من خلال إرث «ديور» وبصماته الخاصة (أ.ف.ب)

ما تجدر الإشارة إليه أن ابن آيرلندا الشمالية، لم يأتِ من فراغ. فهو آتٍ إليها من دار «لويفي» الإسبانية التي تدين له بنجاحات عدة وشهرة واسعة. فقد جعلها في غضون سنوات قليلة من العلامات التي تُقبل عليها أنيقات العالم من جيل الشباب، ويحسب لها ألف حساب، فنياً وتجارياً. كان عرضه في بداية أسبوع باريس مزيجاً من جاكيتات «البار» والفساتين المنسدلة وأخرى منحوتة بهندسية مدروسة، إلى جانب تنورات من الدينم قصيرة جداً، خاطب بها جيل زد، وأخرى استعرض فيها خصوبة خياله. قد لا يكون كل ما قدمه في المجموعة موفقاً، إلا أنه كان برؤية شاملة تحترم الماضي من دون أن تُقدِّسه أو تتقيد بتفاصيله.

بدايات أخرى

أيضاً، سيشهد الأسبوع أول عرض للمصمم الإيطالي بييرباولو بيتشيولي بعد توليه الإدارة الفنية لدار «بالنسياغا»، خلفاً لديمنا المثير للجدل، وعرض دوران لانتينك، أو مديراً فنياً دائماً لدى دار «جون بول غوتييه» منذ تقاعد المؤسس عام 2020. ولا شك أن عرض «بالنسياغا» سيكون من بين الأكثر إثارةً وجمالاً بالنظر إلى تاريخ بيتشيولي في دار «فالنتينو». كما يشهد الأسبوع انطلاقة جاك ماكولو ولازارو هيرنانديز لدى «لويفي»، وميغيل كاسترو فريتاس في «موغلر»، ومارك توماس في «كارفن».

من اقتراحات مصمم دار «دريز فان نوتن» الجديد... ألوان مشعة وتطريزات فنية (أ.ف.ب)

من اقتراحات نيكولا غيسكيير مصمم «لوي فويتون» لربيع وصيف 2026 (رويترز)

بالإضافة إلى هؤلاء الوافدين الجدد، شهد الأسبوع منذ أول أيامه، حضوراً قوياً لعلامات تجارية معروفة، مثل «لوي فويتون» و«هيرميس»، وعودة علامات غائبة منذ فترة طويلة مثل «سيلين» و«توم براون». بينما سيقدم البعض مجموعاتهم الثانية، ومنهم سارة بيرتون لدار «جيفنشي»، وغلين مارتنز لدار «ميزون مارجيلا»، وحيدر أكرمان لدار «توم فورد».

ومن بين الوافدين الجدد، البلجيكية جولي كيغلز التي تشارك لأول مرة في الأسبوع الباريسي، وكذلك مواطنتها ميريل روغ. وتختتم الفائزة بجائزة «أندام» 2025 والمديرة الإبداعية المعينة حديثاً لدار «مارني»، هذا الأسبوع الباريسي، الذي يجمع الكل بأنه «أسبوع تاريخي في عالم الموضة».


مقالات ذات صلة

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

لمسات الموضة كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

راما منذ الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات. صرحت دار الأزياء الفرنسية…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلتان هدى المفتي وسلمى أبو ضيف خلال حفل الافتتاح ومجوهرات من عزة فهمي (إنستغرام)

مجوهرات الفيروز والذهب... زواج يتجدد بلغة العصر

افتتاح المتحف المصري الكبير الذي تابعنا فعالياته مؤخراً أعاد لنا ذلك الافتتان لدرجة الهوس بكل ما هو مصري في مجالات فنية وإبداعية متنوعة. كما أعاد وهج حضارة…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تمت ترجمت الفكرة في مجوهرات ناعمة بأحجار كريمة (أختين)

علامة «أختين» المصرية تنقش من الحناء مجوهرات عصرية

لم تكن نقوش الحناء يوماً مجرد زينة. كانت ولا تزال أيضاً لغة بصرية تجسد البركة التي تشهد على كل الاحتفالات، وتُنقش بلغة فنية تُعبر عن الهوية والانتماء، وأحياناً…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قلادة «سويتر برستيج» من «شانيل» الفائزة بالجائزة الأولى (شانيل)

«شانيل» تفوز بالجائزة الكبرى للمجوهرات الرفيعة في إمارة موناكو

حدث جديد شهدته إمارة موناكو وسينضم إلى روزنامتها الحافلة بالفعاليات العالمية المهمة، مثل سباق «فورمولا 1» ومعرض اليخوت، والأمسية الخيرية Bal De La Rose. …

«الشرق الأوسط» (لندن)

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
TT

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)

بتصميمات فريدة جمعت بين الابتكار والأناقة، يستعرض معرض «صالون المجوهرات 2025»، المُقام في «إيه إن بي أرينا»، ضمن «موسم الرياض»، لزوّاره، أحدث تصميمات المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات والمقتنيات النادرة والثمينة.

وتُشارك فيه أكثر من 600 علامة تجارية فاخرة من 50 دولة، وسط أجواء تعكس الفخامة وتنوُّع المعروضات، إذ تتنافس الدُّور المُشاركة على تقديم تصميمات استثنائية تبرز دقّة الصنعة وفنّ التكوين، وسط حضور لافت يشهده المعرض مع انطلاقته في العاصمة السعودية، ضمن الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

يشهد المعرض مشاركة دُور مجوهرات عالمية تمتد جذورها لأكثر من قرنين (موسم الرياض)

كما يشهد مشاركة دُور مجوهرات عالمية عريقة تمتد جذورها لأكثر من قرنين، من بينها «دار بريجيه»، التي انطلقت في القرن الثامن عشر، وكذلك «شوبار»، و«فرنك مولر»، إلى جانب «الفردان للمجوهرات»، و«جوهان»، و«ليدا دايموند آند جولري».

وهو يُعدّ وجهة عالمية تجمع المُصمّمين والمُوزّعين والمُهتمين في تجربة حسّية متكاملة تمتزج فيها الإضاءة الفنّية والموسيقى الهادئة، ويعرض قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً.

المعرض وجهة عالمية يتيح تجربة حسّية متكاملة (موسم الرياض)

وحضرت هيئة المواصفات السعودية «تقييس»، لتعريف الزوّار بأهمية موثوقية موازين المجوهرات والذهب، في الوقت الذي يُقدّم فيه الحدث تصميمات استثنائية راقية.

وشهدت نُسخ المعرض السابقة تسجيل مبيعات تجاوزت 53.3 مليون دولار (200 مليون ريال سعودي)، وقِطعاً استثنائية أثارت اهتمام خبراء المجوهرات، من بينها قناع مُرصّع بأكثر من 3600 ألماسة بلغت قيمته نحو مليون ونصف مليون دولار.

قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً (موسم الرياض)

المعرض يستمر حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مُقدّماً تجربة فريدة لعشّاق المجوهرات والجمال الراقي، ومُحتفياً بتنوّع الذوق السعودي وقدرته على مواكبة أحدث اتجاهات التصميم العالمية.


راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
TT

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

صورة عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني، وزوجته، راما دواجي، تبدو لأول وهلة جديدة على المشهد السياسي الأميركي... ثنائي شاب من أصول مسلمة، ينتمي إلى جيل «زد» ويتحدث لغته بفصاحة وشجاعة لم ترَ لها نيويورك مثيلاً. فهما لم يتنازلا في أي مرحلة من مراحل الرحلة الانتخابية عن مبادئهما الإنسانية والسياسية والفكرية الداعمة للأقليات والضعفاء.

لكن من الناحية البصرية، لا تبدو هذه الصورة جديدة تماماً. تُذكّر بالرئيس الأميركي الراحل جون كيندي وزوجته جاكي... ثنائي لا يقل كاريزما وتأثيراً على جيل كامل كان يحلم وينتظر التغيير للأفضل. فضل كبير في تجميل صورة جون كيندي يعود إلى جاكي؛ السيدة الأولى التي وظّفت الجمال والأناقة سلاحاً ناعماً ومؤثراً في الوقت ذاته.

ملكت راما بجمالها ونعومتها وثقافتها قلوب ناخبي نيويورك (رويترز)

وكما شكّلت جاكي كيندي في ستينات القرن الماضي مرآة جيل آمَن بالحلم الأميركي، تبدو راما دواجي اليوم امتداداً لذلك الإرث وأكثر... فهي تنقله إلى مرحلة أعمق وعياً وصدقاً يمكن أن تتحول فيها الموضة صوتاً للإنسانية والأقليات.

راما من الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها. مثل جاكي؛ تتمتع راما بكاريزما وجمال فريد من نوعه، ومثلها أثرت على جيل كامل من الناخبين في زمنها؛ أي من جيل «زد»، وفق تصريح من زوجها، الذي استقطب المؤثرين في حملته الانتخابية للوصول إلى هذه الشريحة.

لم يكن لأصول راما العربية والمسلمة، فهي من والدين سوريين ووُلدت في الولايات الأميركية، تأثير سلبي على الناخبين. على العكس؛ ملكت قلوبهم بصدق مواقفها أولاً، وجمالها وأناقتها ثانياً.

وقفت راما إلى جانب زوجها تنظر إليه بصمت... لكن كل ما فيها كان يتكلم... من نظرات العيون إلى الأزياء (أ.ف.ب)

الصورة التي ستبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ، وهي تظهر إلى جانب زوجها زهران ممداني بصفته أول مسلم وأصغر عمدة يتولى هذا المنصب منذ عام 1892، جذبت اهتمام الولايات المتحدة، كما شدّت أنفاس العالم بأسره... كان فيها تصالح مع الماضي واستقبال للحاضر... وقفت فيها راما، ذات الـ28 عاماً، إلى جانبه صامتة، تنظر إليه بين الفينة والأخرى بنظرات إعجاب، شبّهها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بنظرات الأميرة الراحلة ديانا.

بلاغة الصمت

صمتها لم يَشفِ غليل البعض؛ لأنهم لم يجدوا فيه سمات الصورة النمطية للزوجة المسلمة التابعة لزوجها من دون أن يكون لها كيان خاص أو استقلالية... فراما فنانة لها وجود وتأثير على الساحة الفنية، وقالت بصمتها كل ما يلزم قوله عن هذه الاستقلالية، إضافة إلى انتمائها الثقافي والسياسي. فما ارتدته لم يكن مجرد اختيار عادي يليق بمناسبة يفترض فيها أن تكون بكامل أناقتها، بل كان بياناً سياسياً وإنسانياً وفنياً لا يعتذر عن أفكارها ورؤيتها ودعمها القضية الفلسطينية. إطلالتها أكدت أن الجيل الذي تنتمي إليه أعلى شجاعة من الجيل الذي سبقه في صدق تعبيره عن القضايا السياسية ونبل المشاعر الإنسانية.

عبّرت راما عن ثنائية انتمائها باختيار إطلالتها من مصمم فلسطيني - أردني ومصممة نيويوركية (رويترز)

قد تبدو إطلالتها بسيطة أول وهلة، لا سيما أنها بالأسود؛ «اللون الذي لا يخيب» وتلجأ إليه المرأة عندما تكون خائفة وتريد أن تلعب على المضمون، إلا إن بساطتها كانت خادعة وعميقة في آن؛ لأنها كانت محملة بالأفكار. اختارت «بلوزة» دون أكمام من الدينم الأسود، مطرزة بتخريمات منفذة بالليزر، من تصميم الفلسطيني - الأردني زيد حجازي، الذي أبرز فيها تفاصيل التطريز الفلسطيني التراثي وزخارف القرى الفلسطينية. زيد حجازي، الذي تخرج في معهد «سنترال سان مارتينيز» بلندن، يصف علامته بأنها «استكشاف لـ(الثقافات القديمة والمعاصرة)».

نسّقت دواجي «البلوزة» مع تنورة من المخمل والدانتيل، أيضاً بالأسود، من تصميم إيلا جونسون، وهي مصممة نيويوركية تشتهر بأسلوبها الرومانسي والحرفي، الذي يستهوي النخب الفنية والبوهيمية في بروكلين. الجمع بين مصمم فلسطيني ومصممة نيويوركية يشير إلى جذورها وانتمائها إلى ثقافتين: العربية والأميركية، ويقول إن الموضة ليست مجرد مظهر أنيق وأداة جذب أو قناع واقٍ، بل هي مواقف وأفعال، وترمز أيضاً إلى جيل من المهاجرين لم يعد يكتفي بالاندماج، بل يحلم بالتأثير والمشاركة في رسم ملامح الواقع الذي يعيشه.

ما أسلوب راما دواجي؟

تتميز راما بأسلوبها الخاص وإن كانت تميل إلى الأسود في المناسبات الرسمية (أ.ف.ب)

إلى جانب أنها فنانة ورسامة ومصممة رسوم متحركة، فهي تتمتع بأسلوب بوهيمي تعبر من خلاله عن شخصية مستقلة ومتحررة فكرياً، فهي تنتمي إلى جيل الإنترنت، والـ«تيك توك» وغيرها من المنصات الشبابية. هذا الجيل يراقب العالم بعين ناقدة... يُحلله ويحلم بتغييره للأفضل، بما في ذلك صناعة الموضة، التي يفهمها ويعشقها، لكنه في الوقت ذاته يريد إخراجها من قوالبها النخبوية والتقليدية. يبدو أن دواجي توافقهم الرأي، وإذا كانت إطلالتها ليلة النصر هي المقياس، فإن المتوقع منها طيلة فترة عمدية زوجها أن تتعامل مع الموضة بوعي إنساني بوصفها جسراً تلتقي عليه الحضارات والثقافات بصدق وشفافية.


أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
TT

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات.

صرحت دار الأزياء الفرنسية في بيان أصدرته بالمناسبة بأنها «تُعرب عن امتنانها العميق لأوليفييه على كتابته فصلاً مهماً من تاريخها».

من جهته، أعرب روستينغ عن مشاعره قائلاً في بيانه الخاص: «أنا ممتن لفريقي الاستثنائي في (بالمان)، كانوا عائلتي التي اخترتها في مكان كان بمثابة بيتي طوال الـ14 سنة الماضية... سأظل دائماً أحتفظ بهذه التجربة الثمينة في قلبي».

أوليفييه روستينغ يودع دار «بالمان» بعد 14 عاماً (أ.ف.ب)

لم يكن تعيين «بالمان» لروستينغ «تقليدياً» في عام 2011. كان في الرابعة والعشرين من عمره، أي كان أصغر مدير إبداعي في باريس منذ إيف سان لوران، وأول مدير إبداعي من أصول أفريقية في دار أزياء أوروبية.

صغر سنه ساهم في إدخال الدار العالم الرقمي، حيث أطلقت في عهده أحد أول «فلاتر سناب تشات» الخاصة بالعلامات التجارية، وتطبيق خاص بها، وشراكة مبكرة مع «إنستغرام» للتسوق في عام 2019، من دون أن ننسى أنه أعاد إحياء خط الأزياء الراقية في «بالمان» بعد انقطاع دام 16 عاماً.

من تصاميمه لدار «بالمان» (غيتي)

من بين إنجازاتها الكثيرة أنه نشر ثقافتها لجيل كامل وقع تحت سحر جرأته الفنية، وإن كان البعض يرى أن السحر يكمن في تعاوناته مع نجمات عالميات، نذكر منهن كيم كارداشيان وجيجي حديد وكندال جينر وبيونسي وغيرهن.

روستينغ في عرضه الأخير لخريف وشتاء 2025 مع عارضاته (غيتي)

ولد أوليفييه في مدينة بوردو الفرنسية لأبوين أفريقيين تخليا عنه ليتم تبنيه في سن مبكرة من قبل زوجين فرنسيين. على المستوى المهني، درس في معهد «إسمود» في باريس قبل أن ينضم إلى دار «روبرتو كافالي» بعد التخرج، حيث تولى في نهاية المطاف قيادة قسم الأزياء النسائية. في عام 2009، التحق بدار «بالمان» ليعمل تحت إشراف المصمم كريستوف ديكارنين، وبعد عامين خلفه بصفته مديراً إبداعياً، وفي عام 2016، قاد الدار بسلاسة خلال عملية استحواذ مجموعة «مايهولا» القطرية عليها.

رغم أن صورة وجه المصمم وإطلالاته الاستعراضية ستبقى محفورة في الذاكرة، فإن تصاميمه المبتكرة هي أكثر ما يميزه في انتظار الفصل التالي من مسيرته.